عواطف.. مقال التلفزيون نقد أم شكوى
تاريخ النشر: 27th, May 2024 GMT
زين العابدين صالح عبد الرحمن
قرأت مقالا للأستاذة عواطف محمد عبد الله من تلفزيون السودان عن اللقاء الذي كان قد أجرته الأستاذ لينا يعقوب من قناة " الحدث" مع الفريق أول ياسر العطا مساعد القائد العام و عضو مجلس السيادة، و تتحسر أن تلفزيون السودان قد سعى لإجراء مقابلات مع القيادات في كابينة القيادة و لكن لم يجد ردا بالموافقة أو الرفض، بينما وجدت قناة " الحدث" الموافقة لإجراء لقاء في القيادة العسكرية بأمدرمان.
واحدة من أخطر الثقافات البائسة التي خلفها الجنرال محمد عثمان نصر وزير الإرشاد في حكومة الرئيس " إبراهيم عبود" أنه قيد العمل الإعلامي بمركزية خانقة جدا، و هذه المركزية تبعها بمراقبة للأجهزة الإعلامية في أدائها، الأمر الذي جعل كل القيادات الإعلامية تتبع البروقراطية المكتبية في أنجاز عملها.. هذه الثقافة استمرت طويلا.. حاول تغييرها عبد الماجد أبو حسبو عندما كان وزيرا للإعلام أن يجعل للإعلامي مساحات يتحرك فيها و يتخذ فيها القرار، و حاول أن يسند على ذلك بفكرة إنشاء " معهد الموسيقى و المسرح" بهدف ثقل القدرات و التدريب للإعلاميين.. و عادت ثقافة محمد عثمان نصر مع أول وزير للإعلام في وزارة نميري عام 1969م عندما جاء للوزارة محجوب عثمان و استمرت السياسة ثلاثين عاما في عهد الإنقاذ. بل الإنقاذ لم تكتف بالوزارة و مراقبة الإجهزة حتى وضعت داخلها طائفة من رجال الأمن.. هذا التراكم للثقافة سنين عددا كان خصما على الإعلاميين و الصحافيين و أغلبية آهل الفنون.. أن الإعلامي لا يتردد في البحث عن وسائل يكسر بها تلك القيود، و بأدواته يتجاوزها و ليس بالخطابات المكتبية..
كتبت عواطف محمد عبد الله مقالا بعنوان " تلفزيون السودان يفشل و تنجح قناة العربية" تتسأل عن فشل تلفزيون السودان إجراء مقابلات مع قيادة السلطة في السودان بينما نجحت العربية في ذلك و هو تسأل مشروع، و كتبت في مقالها ( تلفزيون السودان منذ أن عاود بثه ظل يلاحق مجلس السيادة رئيسه و أعضاءه لإجراء مقابلة لمعرفة ما يدور في كابينة القيادة و لتطمين الشعب السوداني و احاطته بمآلات الحرب.. هل تصدقوا أن التلفزيون الرسمي لم يحصل على موافقة.. التلفزيون أوفد فريقا للعمل إلي أمدرمان، ظل مرابطا لأكثر من ثلاثين يوما .. فشل في إجراء مقابلة مع الفريق العطا.. عاد الوفد و بدأت مكاتبات و إجراءات ثانية لإجراء مقابلة مع العطا... أيضا فشلت و قبلها مع الكباشي و أيضا فشلت) أقول و بكل صراحة.. و أن تتحمل الأستاذ عواطف نقدي لمقالها.. أن المقال قبل أن يكون عتاب أو شكوة ضد المسؤولين في كابينة القيادة.. هو يبين ضعف المسعى للإعلاميين السودانيين، لكسر القيود التي يعملونها بأنفسهم، و يلجأون إلي أدوات مكتبية عقيمة.. التلفزيون هو الذي يجبر المسؤولين البحث عنه و ليس العكس فالمبدع هو الذي يبتكر الفكرة..
ذهب وفد التلفزيون السوداني لأم درمان للبحث عن مقابلة مع ياسر العطا و ظل يطرق بابه بالترجي و الانتظار.. إذا كان حاملي هذه الكاميرا ذهبوا في جولة في أمدرمان للتغطية على ما خربته الميليشيا، و التقت بالمواطنين، و ذهبت في جولات مع والي ولاية الخرطوم في زياراته المتعددة لمناطق أم درمان، أليس هذا مدخلا جاذبا للمواطنين و القيادات، و يعد مدخلا للإلتقاء بياسر العطا حتى على طرقات أم درمان أو في مواقع الارتكاز.. و إذا كان التلفزيون سعى لعرفة جولات القيادات في الولايات الأخرى، و أرسل الكاميرا قبل الزيارة و جعلها تنقل الحياة و تلتقى بالمسؤولين في الولايات و معسكرات الجيش و تغطي زيارة المسؤول، ألا يعد ذلك مدخلا للقيادات، أن طلب المقابلة و إجراء الحوارات مع المسؤولين يجب أن يحمله حامل الكاميرا الذي يقوم بالتغطيات، و ليس المدير الجالس في مكتبه.. أستاذة عواطف كتابة الخطابات و انتظار الموافقة هذه سياسة محمد عثمان نصر بدأت في 1958م و ماتزال مستمرة.. الإعلاميين يجب أن لا يتعاملون مع الباشكتبة، هم وحدهم قادرين على خلق ثقافة جديدة يحدثوا بها أختراقات.. تلفزيون " الحدث – العربية" قبل المقابلة عملوا تغطية عن سوق أم درمان، و كيف خربته الميليشيا، و أيضا زارت كاميرتهم أحياء أم درمان القديمة، أين أنتم في أجواء الحرب.. أستاذة عواطف الإعلامي و الإعلامية في مراسلات الحرب لا ينتظرون المنوكير و البوديكر و الديكور. يجب عليهم أن يتحولوا إلي مراسلين حربيين يعرفوا كيف ينتزعوا فرص لأجهزتهم مع المسؤولين و صناع القرار..
للأسف أستاذة عواطف أن المقال لا يشكل إدانة لكابينة القيادة، و لكنه يكشف حالة التراخي و الانتظار لتلفزيون السودان، أن عمل التلفزيون لكي يحصل على موافقة لإجراء لقاءات في الدولة، بيد العاملين فيه و من خلال جدهم و أجتهادهم و حركتهم و تغطيتهم للحدث يلفتوا أنظار القيادات، و بهذا العمل يفتحون ألف باب، و لا يحتاجوا لطرق تلك الأبواب، لأن أبواب التلفزيون هي التي سوف يتكرر عليها يوميا الطرق.. أتذكر بعد انقلاب 25 أكتوبر 2021م كان الشاذلي عبد القادر رئيس للهيئة القومية للإذاعة و التلفزيون كتبت مقالا نشر في جريدتي " إيلاف و الجريدة" طالبت الشاذلي أن لا يصر على الثقافة الإعلامية لعهد عبود التي كبلت العمل الإعلامي حتى ثورة ديمسبر التي زادت الطين بلة.. أن يخلق ثقافة جديدة أن يحرر الإعلاميين من قيود الإجراءات المكتبية، و يعطيهم مساحة حرية كافية يستطيعون من خلالها أن يطلقون العنان لإبداعتهم، لكن للأسف الشاذلي أصر على ثقافة محمد عثمان نصر، و أنتي و مدير التلفزيون الآن تصرون على بقائها.. غيروا ثقافتكم تجدوا انفسكم فاتحين كل الأبواب. نسأل الله حسن البصيرة..
zainsalih@hotmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: تلفزیون السودان أم درمان
إقرأ أيضاً:
غاري لينيكر يستمر بانتقاد الاحتلال ويعيد نشر مقال ينتقد الإبادة الجماعية في غزة
أكد نجم منتخب إنجلترا السابق غاري لينيكر، أن الرياضة قد تكون أداة غير مباشرة للتغيير الاجتماعي، وأن الوقت قد حان لاتخاذ موقف ضد الاحتلال الإسرائيلي.
وأعاد لينيكر، الذي صدر عنه العديد من المواقف المنتقدة لجرائم الاحتلال الإسرائيلي، نشر مقال لصحيفة الغارديان البريطانية عنوانه نفس النشر الذي نشره عبر حسابه الخاص على منصة "إكس" (تويتر سابقا).
This: Sport may be a blunt tool of social change, but it’s time to take a stand against Israel | Sport politics | The Guardian https://t.co/KXwm8tQtwj — Gary Lineker (@GaryLineker) November 22, 2024
وقال كاتب المقال جوناثان ليو "إننا نتمتم بأشياء ونشعر باليأس في صمت، ونراقب كلماتنا، ونلتزم الصمت، أو ننظر بعيدا، لأن القيام بخلاف ذلك يعني مواجهة سلسلة من التهديدات والتشهير والإساءة، وهو نوع من التوبيخ العلني الذي يهدف في الأساس إلى تشتيت الانتباه وتقسيم الناس وتثبيط عزيمتهم، هل المجاعة أمر سيئ؟ آه، إنها مسألة معقدة، وماذا عن قصف المستشفيات أو المناطق السكنية؟".
وأضاف ليو "يواجه ما يقرب من مليوني شخص في غزة خطر الموت جوعاً، وفي الوقت نفسه، أعلنت وزارة الصحة في غزة أن 76 فلسطينياً قتلوا في غضون 24 ساعة يوم الاثنين، ولكن لا أحد يبدو أنه يعرف من فعل ذلك، أو من كان مسؤولاً عنه، أو ما إذا كان هذا تطورا مرحبا به أم غير مرحبا به. وفي الوقت نفسه، وعد وزير الأمن القومي الإسرائيلي بالنقل الطوعي لجميع مواطني غزة".
وذكر أنه "في هذه المساحة بالذات ــ المساحة التي تلتقي فيها حكومة يمينية متطرفة عرقية قومية غير متوازنة بالأرض المتسخة التي كانت تشكل الخطاب العام في الماضي ــ لم يعد أي شيء يعني أي شيء حقاً. فالكلمات قد تشير إلى أي شيء تريده. والأفعال لا تترتب عليها عواقب، فالأمم المتحدة سيئة في واقع الأمر، والقصف هو شكل من أشكال الدفاع، والأطفال حديثي الولادة قد يكونون أضراراً جانبية، والموتى ليسوا أمواتاً، لأنك لا تستطيع أن تكون إنسانا إذا لم تكن موجودا في المقام الأول".
وتسائل "اللافتة التي تحمل عبارة "فلسطين حرة" في حديقة سلتيك أو بارك دي برينس؛ والمقاعد الستين ألفاً الفارغة في ستاد فرنسا يوم الخميس الماضي؛ وبضع كلمات تضامن قصيرة من أيقونات عالمية مثل كوكو جوف أو لويس هاملتون أو كيري إيرفينج: هل يعني هذا أي شيء؟ أبعد من ما هو عليه؟ هل يمكن أن يكون هذا أكثر من لهب متوهج في مواجهة عاصفة إبادة جماعية لا يمكن إيقافها؟".
وأكد "لا أحد يعلم.. لكننا نعرف، أو ينبغي لنا أن نعرف، الصواب من الخطأ، قتل الأطفال خطأ، والحكومة التي تعلن أن بعض البشر أكثر قيمة من غيرهم خطأ، والمجاعة خطأ، كيف يكون هذا معقداً؟ كيف يكون هذا بداية نقاش، وليس نهاية نقاش؟ كيف يمكن أن نؤطر هذا الاستعراض المروع للعنف باعتباره الخيار الحميد، والمقاومة له ــ حتى عندما تأتي من اليهود أنفسهم ــ باعتبارها نوعاً من الكراهية المتعالية، وليس أبسط عمل من أعمال الضمير؟".
وفي أيار/ مايو الماضي، أكد لينيكر أنه لن يتوقف عن التحدث علنًا عما يجري في غزة في ظل ما يتعرض له سكان القطاع من قصف وتقتيل وتجويع على يد الاحتلال الإسرائيلي.
وقال لينيكر في تصريحات نقلتها صحيفة "ديلي ميل" البريطانية حينها: "إن ما يحدث في غزة هو أسوأ شيء رأيته في حياتي، وهناك الكثير من الضغوط على الشخصيات في بريطانيا لكي يلتزموا الصمت".
وأضاف "هناك ضغوط شديدة تمارس ضد الأشخاص الذين يتحدثون علنًا ضد إسرائيل، ولكن أنا يمكنني التحدث لأنني آمن إلى حد ما ولا أستطيع الصمت".
وكان لينيكر قد استضاف برنامج كرة قدم أسبوعي منذ عام 1999 وأصبح المقدم الأعلى أجرا في هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) وحصل على أكثر من 1.35 مليون جنيه إسترليني (1.74 مليون دولار).
وبعد سنوات طويلة من العمل في الهيئة البريطانية، وعلى وقع الإبادة الجماعية التي ترتكبها دولة الاحتلال ضد الفلسطينيين في قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر العام الماضي، أعلنت "بي بي سي" أن لينيكر تنحى عن منصبه كمقدم مشارك لبرنامج "شخصية العام الرياضية"، وذلك بعد أنباء عن مغادرته برنامج "مباراة اليوم" الذي يبث لنحو ربع قرن.
قرار التنحي جاء بعد أزمة سابقة بين أسطورة كرة القدم و"بي بي سي"، بسبب تصريحاته الرافضة للإبادة الجماعية في غزة وانتقاداته ضد الحكومة البريطانية المحافظة السابقة برئاسة ريشي سوناك بخصوص الهجرة.
لكن لينيكر سيواصل أداء أدوار أخرى في هيئة الإذاعة البريطانية، حتى كأس العالم 2026 في الولايات المتحدة وكندا والمكسيك، وكأس الاتحاد الإنكليزي للموسم المقبل. وسيبث البودكاست الخاص به عبر منصة "بي بي سي ساوندز".
وإن كان تنحي لينيكر لم يربط مباشرة بخلافاته مع "بي بي سي" بسبب غزة، إلا أن القضية تعود لعام 2022، حين طلبت منه الاعتذار عن تشبيهه لغة الحكومة المحافظة برئاسة سوناك باعتبارها تشبه لغة ألمانيا في ثلاثينيات القرن العشرين، وبعد رفضه المبدئي الاعتذار انضم زملاؤه المذيعون إلى إضرابه، وأعادته "بي بي سي" لاحقا.
وتعرضت "بي بي سي" لانتقادات بسبب تحيز تغطيتها للإبادة الجماعية التي ترتكبها دولة الاحتلال ضد الفلسطينيين في غزة .