مجلة فرنسية: مستقبل أوروبا يتحدد في فلسطين
تاريخ النشر: 27th, May 2024 GMT
قالت مجلة "لوبس" الفرنسية إن تردد أوروبا فيما يتصل بالحرب في غزة سوف يعجل بخسارة نفوذها ومصداقيتها لدى العديد من دول "الجنوب العالمي"، وبالتالي عليها أن تتغلب على انقساماتها وتدافع عن القانون الدولي، لأن مستقبلها يتحدد اليوم في فلسطين.
هكذا قدمت المجلة لمقال مشترك بين النائب الأوروبي منير ساتوري والكاتب نويل بنشطريت انطلقا فيه من فكرة أن مستقبل أوروبا مربوط بما ستفعله في فلسطين، وأن الاتحاد الأوروبي إذا لم يتمكن من التغلب على الشلل والانقسامات فيه وإذا لم يستطع أن يفرض على حكومة إسرائيل وقف إطلاق النار في غزة وإنهاء العنف والاستيطان في الضفة الغربية فورا مع حل الدولتين فسيفقد مصداقيته إلى الأبد.
ومع الاعتراف بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها بعد هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول بشرط احترام القانون الدولي والقانون الإنساني فإن ما حدث هو -حسب الكاتبين- فرض حصار كامل على قطاع غزة دون السماح حتى الآن بدخول كميات كافية من المواد الغذائية والمنتجات الأساسية، مما أدى إلى حالة من المجاعة شبه المعممة، وتم القصف والأعمال القتالية دون مراعاة للمدنيين، مما أدى إلى مقتل أكثر من 35 ألف شخص، أغلبيتهم العظمى من النساء والأطفال.
كما تم تهجير أكثر من 1.7 مليون من سكان غزة قسرا، وتركوا يعيشون في ظروف محفوفة بالمخاطر، وفي الوقت نفسه تم تدمير أكثر من نصف المباني في القطاع، فضلا عن معظم البنية التحتية المدنية الأساسية وشبكات المياه والصرف الصحي والكهرباء.
كل هذا رافقته مواقف إسرائيلية معلنة لصالح طرد الفلسطينيين من غزة، وإعادة احتلال القطاع، والرغبة في جعله غير صالح للعيش، لدرجة أن محكمة العدل الدولية في لاهاي اعتبرت أن خطر الإبادة الجماعية قد يكون قائما في غزة، وفي الوقت نفسه تزايد التوسع العنيف للاستيطان غير القانوني بالضفة الغربية.
موقف أوروبي ضعيفوتساءل المقال: كيف كان رد فعل الاتحاد الأوروبي في مواجهة هذه الكارثة الإنسانية؟ ليوضح أن دول الاتحاد رغم توحدها في مواجهة الحرب العدوانية الروسية على أوكرانيا أصيبت بالشلل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بسبب انقساماتها العميقة بشأن هذا الصراع.
وفي الأيام التي تلت هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول ذهب رئيس البرلمان الأوروبي ورئيس المفوضية الأوروبية إلى إسرائيل دون أي تفويض من المؤسسات الأوروبية، لتقديم دعم "غير مشروط" لحكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وأعلن المجري أوليفر فارهيلي في المفوضية الأوروبية من جانب واحد -وبشكل غير قانوني تماما- تعليق مساعدات الاتحاد الأوروبي للسلطة الفلسطينية، دون أدنى توبيخ أو عقوبة علنية.
ونبه المقال إلى موقف ألمانيا التي دعمت بشكل غير مشروط حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة ومنعت الاتحاد من العمل للمساعدة في إنهاء المأساة الإنسانية بغزة، وكأن المحرقة النازية ما زالت تلقي بثقلها على الضمير الألماني الجماعي، مشيرا إلى أن الحكومة الألمانية بتسترها على جرائم الحرب التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية بوضوح في غزة تسببت في إلحاق ضرر كبير بالاتحاد الأوروبي.
من جانبها، لم تكن الحكومة الفرنسية -حسب الكاتبين- على مستوى التحديات والمسؤوليات التي يجب أن تتحملها، ولأسباب سياسية داخلية مرتبطة بتزايد كراهية الأجانب في الرأي العام الفرنسي فضل الرئيس إيمانويل ماكرون دعم حكومة نتنياهو لفترة طويلة وكسر التقليد الدبلوماسي الفرنسي الذي كان متوازنا ومحترما، وأضعف بذلك موقف بلاده.
ورغم تمكن الاتحاد الأوروبي أخيرا من الموافقة على المطالبة بوقف إطلاق النار في نهاية مارس/آذار الماضي فإن موقفه بدا ضعيفا لغياب دعم العديد من رؤساء الدول والحكومات، بل إن أوروبا بقيت متخلفة عن الولايات المتحدة في فرض عقوبات على المستوطنين العنيفين بالضفة الغربية والوحدات العسكرية التي تدعمهم.
رافعات قويةوإذا كانت أوروبا تبدو حتى الآن عاجزة وغير قادرة على التأثير في هذا الصراع -يقول الكاتبان- فهذا ليس لأنها لا تملك الوسائل، والدليل هو أنها أكبر ممول دولي لفلسطين على الإطلاق، كما أنها الشريكة الرئيسية لإسرائيل في مجالات التجارة والاستثمار وانتقال الأشخاص، كما تعد أيضا موردا مهما للأسلحة لإسرائيل من خلال ألمانيا، وبالتالي إذا لم تنجح أوروبا حتى الآن في ممارسة التأثير لإحلال السلام ودفع حل الدولتين فذلك لأنها لم ترغب في استخدام الأدوات القوية المتاحة لها.
ونتيجة لهذا الجبن -كما يصفه الكاتبان- فإن آلاف الأرواح مهددة في فلسطين، وقد يتعرض السلام بالمنطقة كلها للتهديد إذا استمرت حكومة نتنياهو في ارتكاب المجازر والانتهاكات، مع عواقب وخيمة محتملة على أوروبا من حيث الانقسامات داخل مجتمعاتها وتدفق المزيد من اللاجئين.
وحتى بعيدا عن الوضع الإقليمي فإن مكانة أوروبا في العالم أصبحت اليوم على المحك، لا في العالم الإسلامي وحده، بل في منطقة جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا وأميركا اللاتينية، حيث تمتد جذور انعدام الثقة في الغرب عميقا.
وفي هذا السياق، فإن الدعم غير المشروط المقدم لحكومة نتنياهو قد أدى إلى تحول شعوب الجنوب ضد أوروبا، وقد شهدنا ذلك بشكل خاص في الأشهر الأخيرة في منطقة الساحل، مع ما تترتب عليه من عواقب كارثية محتملة على المدى الطويل بالنسبة لأوروبا، حسب الكاتبين.
ولهذا السبب يرى الكاتبان أن مستقبل أوروبا هو الذي أصبح على المحك في غزة، متسائلين: هل تريد أوروبا أن تصبح قلعة معزولة تقاتل جميع جيرانها في الشرق والجنوب المتحالفين مع روسيا؟ أم تريد أن تصبح قارة منفتحة على العالم، خاصة على جيرانها على الجانب الآخر من البحر الأبيض المتوسط وأفريقيا جنوب الصحراء الكبرى؟
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ترجمات الاتحاد الأوروبی حکومة نتنیاهو فی فلسطین فی غزة
إقرأ أيضاً:
بسبب أحداث غزة.. الاتحاد الأوروبي يدرس فرض عقوبات تجارية على إسرائيل
أعلن مسؤول السياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، أن وزراء خارجية الاتحاد سيجتمعون في 18 نوفمبر الجاري لبحث فرض عقوبات على إسرائيل، وتجميد الحوار السياسي معها، نتيجة لما وصفه بعدم التزامها بالقانون الإنساني خلال العمليات القتالية في غزة.
بوريل يصف الأوضاع في غزة بالتطهير العرقيفي مدونته الرسمية، وصف بوريل ممارسات الجيش الإسرائيلي في غزة بـ"التطهير العرقي"، محذرًا من تكرار السيناريو ذاته في لبنان.
وأضاف: "بعد عام من الدعوات غير المثمرة للسلطات الإسرائيلية لاحترام القانون الدولي، لا يمكننا الاستمرار في التعاون كالمعتاد".
وشدد بوريل على أن سكان غزة يعانون أوضاعًا كارثية، مع اضطرار 400 ألف شخص للفرار من منازلهم بسبب القصف المستمر.
ووصف الصور المسربة من القطاع بأنها تظهر "صحراء مروعة"، مبرزًا أن الهجمات لم تقتصر على السكان المدنيين بل طالت الصحفيين أيضًا، حيث قُتل أكثر من 130 إعلاميًا منذ بدء الصراع.
عقوبات محتملة تشمل حظر استيراد منتجات المستوطناتأوضح بوريل أن العقوبات المطروحة للنقاش تشمل حظر استيراد المنتجات القادمة من المستوطنات غير القانونية في الأراضي المحتلة، بالإضافة إلى تجميد الحوار السياسي مع إسرائيل.
وقال إن الاتحاد الأوروبي لن يتجاهل الانتهاكات المستمرة، سواء في غزة أو الضفة الغربية، حيث يمارس المستوطنون العنف ويطردون الفلاحين الفلسطينيين من أراضيهم.
التوسع في العمليات العسكرية وتأثيرها على لبنانأشار بوريل إلى أن الممارسات الإسرائيلية التي تشهدها غزة تتكرر الآن في لبنان، حيث دمرت القوات الإسرائيلية نحو 30 بلدة بشكل ممنهج، وهو ما وصفه بـ"التفجيرات الموجهة" التي تُعرض عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
تحذير من تداعيات الصراع على أوروباحذر بوريل من أن موجات العنف الناجمة عن الصراع في الشرق الأوسط قد تمتد إلى أوروبا، مشيرًا إلى وقوع اشتباكات بين العرب واليهود في عدة مدن أوروبية، مثل أمستردام، ما يهدد السلم الاجتماعي.
وأضاف أن الصراعات المتصاعدة، سواء في الشرق الأوسط أو أوكرانيا، تهدد النظام العالمي القائم على القواعد، الذي وصفه بأنه "معلق بخيط رفيع".
رسالة بوريل لإسرائيلوجه بوريل نداءً إلى إسرائيل لوقف التصعيد، داعيًا إياها إلى عدم "الاستسلام للغضب والتعطش للانتقام"، مشددًا على أهمية الالتزام بالقانون الدولي لتجنب تفاقم الأزمة.