"ما منخاف.. هذه أرضنا.. وهذا منزلنا.. وهذا وطننا"... بهذه الكلمات تنطق إحدى الأمهات الجنوبيات من كفركلا بصوت لم يرتعد من صواريخ إسرائيل التي تسقط بشكل شبه يومي على هذه البلدة الحدودية، التي تعتبر من أهم الأهداف الداخلة ضمن بنك الإستهدافات الإسرائيلية.. صوتها يشبه آلاف الأصوات الأخرى التي لا تزال تحارب ويلات الحرب، مثبتة صمودها على أرض الجنوب، رغم المجازر اليومية التي يرتكبها العدو.


هكذا هي كفركلا اليوم.. مجروحة بسبب الدمار الهائل الذي لحق بها.. وحدات سكنية سقطت على الأرض.. طرقات تركت الصواريخ عليها ندبات الحرب، إلى حدّ باتت كفركلا شبه خالية من السكان، ينتظرون انتهاء جبهة المساندة ليعودوا إلى مسقط رأسهم.
وبموازاة الجدار الفاصل، من منا يستطيع أن ينسى بوابة فاطمة، معلم كفركلا الأبرز، الذي توّج هذه البلدة بلقب"أم المقاومة"، لتسطّر المنطقة مقاومة كبيرة لم تتوقف عند جبهة الإسناد فقط، بل تمتد لعشرات السنوات، التي سطّر خلالها أهالي كفركلا بطولات ملحمية تؤكّد عشق هؤلاء لأرضهم، واستعدادهم لدفع حياتهم ثمنا للبقاء للمحافظة على كل ذرّة تراب داخلها.
ومن داخل هذه البلدة، رصد "لبنان24" المجازر الإسرائيلية.. شوارع خلت من أهلها.. وبيوت مدمرة على أنقاض أوجاع سنوات عديدة أبى خلالها الجنوبيون الإستسلام..
نكمل جولتنا من حيّ إلى حيّ.. الدمار هو العنوان الأوسع، والسبب الأبرز يعود إلى كون كفركلا تعتبر هدفا مباشرًا لمدافع العدو لوجودها قرب مستوطنة مسكافعام، التي فقدت الأمن والأمان بناء لموازين القوى التي تم فرضها خلال هذه المعارك.
رئيس بلدية كفركلا المحامي حسن شيت أكّد لـ"لبنان24" أن كفركلا هي واحدة من القرى التي تعرّضت لاعتداء كبيرٍ وواسع وممنهج من قبل العدو الإسرائيلي، طال المنازل والمؤسسات والشوارع، كما لم يوفّر البنى التحتية.
وبالارقام، لفت شيت إلى أن ما يقارب الـ67 مبنى قد تم تدميرهم بشكل كلي خلال هذه الحرب، بالاضافة إلى تدمير 350 وحدة سكنية بشكل جزئي، كما وتعرضت 200 وحدة إلى تدمير طفيف، بالاضافة إلى تضرر خزانات المياه المملوكة من قبل المواطنين بسبب الإستهدافات المتتالية للعدو.
وكما شقيقاتها، تعاني كفركلا من أزمة كبيرة على صعيد البنى التحتية، إذ إن عنجهية العدو دفعت به إلى استهداف المصالح الحيوية، وهذا ما أدى إلى تدمير واسع في شبكة الكهرباء والإتصالات والمياه.
وتأكيدًا لمقاومتهم، لا يزال أهالي كفركلا يحاولون أن يقتنصوا الفرص من خلال العودة بين الحين والآخر مع هدوء الجبهة إلى قريتهم للكشف على ممتلكاتهم.. يجولون بين الأحياء وعلى الطرق التي تحمل آثار الصواريخ الهمجية، ليؤكدوا أن الحرب لن تردعهم عن العودة إلى مسقط رأسهم.
وبالارقام، فقد بلغت نسبة النزوح جراء القصف الإسرائيلي الـ90% داخل كفركلا، إذ إن ما يقارب الـ120 نسمة تتواجد حاليا داخل البلدة من أصل 6000 نسمة، أي أن أكثر من 5800 نسمة قد نزحت من البلدة، إذ بالاضافة إلى تضرر ممتلكات عدد كبير من هؤلاء، فإن قسمًا آخر منهم خسر موسمه الزراعي، إذ إن هذا القطاع قد تضرر بشكل مباشر وكبير.

في السياق، يقول رئيس البلدية المحامي حسن شيت لـ"لبنان24" بأن في مقدمة الخسائر يأتي موسم الزيتون، حيث لم يتمكن السكان من حصد المواسم، علمًا أن معظم الأهالي يستفيدون من الزيتون في البلدة. ويشير شيت إلى أن الأهالي الذين يزرعون أيضا في مرج مرجعيون لم يتمكنوا على سبيل المثال من زراعة القمح والتبغ لهذا العام.

مبادرات للصمود
وبسبب ترك الأهالي لأراضيهم، وعدم قدرتهم على استصلاحها، حذّر شيت من خطر الحرائق مع ازدياد نسبة الحشائش اليابسة، إذ إن انفجار أي قنبلة فوسفورية أو أي صاروخ من شأنه أن يؤجّج الحرائق خلال الصيف مع ارتفاع درجات الحرارة.
وبالتعاون مع الجهات المعنية أوضح شيت بأنّ البلدية قد بدأت بتجهيز آليتين ستساهمان في إخماد الحرائق، وسط الإمكانات المتوافرة لناحية التجهيز.
وعلى خط الصمود داخل كفركلا، يوضح شيت بأن الجهود اليوم تتركز على تجهيز إحدى مستوصفات البلدة التابع للهيئة الصحية الذي توقف عن العمل منذ أكثر من 5 أشهر بعد تضرره جزئيا، إذ يشير إلى أن المستوصف سيكون جاهزًا قريبا لكي يتمكن من استقبال المرضى بشكل مجاني، كما سيكون المستوصف مجهزًا لاستقبال أي حالة طارئة من الممكن معالجتها داخله.
وبالارقام، فإن المستوصف يستقبل بشكل يومي ما يقارب الخمسين مريضًا، أي ما يقارب 1300 مواطن شهريًا، علما أنّ المستوصف كان شبه مجهز لاستقبال العديد من الحالات الطارئة والمستعجلة قبل الحرب. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: ما یقارب

إقرأ أيضاً:

ماذا يُقال داخل إسرائيل عن لبنان؟ إقرأوا آخر تقرير

كشف استطلاعٌ جديد أجرته صحيفة "معاريف" الإسرائيليّة أنّ حوالى نصف الإسرائيليين (45%)، يؤيدون استمرار الجهود الدبلوماسية لتحقيق تسوية سياسية مع لبنان لإنهاء الحرب هناك. كذلك، أظهر الاستطلاع أن 33% يعتقدون أن الجيش الإسرائيلي يجب أن يبقى في منطقة أمنية، فيما 22% ليس لديهم رأي في هذا الشأن. من ناحيته، قال المعلق العسكري في "معاريف" آفي أشكنازي إنَّ "المهمة التي أوكلت إلى الجيش الإسرائيليّ في لبنان هي منع عمليات الغزو التي كانت تحضر لها "قوة الرضوان" التابعة لحزب الله باتجاه الأراضي الإسرائيلية"، وأضاف: "الجيش الإسرائيلي يقوم بعمليات المنع هذه في بلدة كفركلا اللبنانية مقابل المطلة وأيضاً في الخيام وبلدات أخرى". وأوضح أشكنازي أن هناك حاجة إلى اتفاق تقوم إسرائيل بتطبيقه، ومن ناحية أخرى يكون هناك تطبيق له في لبنان أيضاً"، وأردف: "في العام 1982، لم تخرج إسرائيل من لبنان إلا بعد 18 عاماً.. كانت في منطقة أمنية وفي النهاية كنا متمركزين في الوحل اللبناني". وأردف: "الآن، فإنه جرى إطلاق أكثر من 1300 طائرة من دون طيار باتجاه إسرائيل منذ بداية المعركة قبل عام، ومعظم هذه المسيرات أطلقها حزب الله. وفي الوقت نفسه، ضرب الجيش الإسرائيلي آلاف الطائرات المُسيرة خلال القتال". وأقرّ أشكنازي بأن إسرائيل لا تُجيد التعامل مع تلك الطائرات بشكلٍ مثالي، مشيراً إلى أنه في النهاية يتعين على إسرائيل الوصول إلى إتفاق، وقال: "الحرب تخدم مساراً سياسياً وعلى الطرف المُنتصر أن يضع القواعد". ويزعم أشكنازي أن "إسرائيل هي الطرف المنتصر خلال القتال في لبنان من الجانب التكتيكي"، وأردف: "على الجيش أن يصعد إلى المستوى السياسي ليقول إنه أكمل الحرب وهذه هي الإنجازات التي تم فعلها، كما أن عليه تقديم الاحتياجات التي يريدها لتعزيز أمن الحدود". وأكمل: "عندما تنظر إلى داخل أهداف الحرب، فإن السؤال هو ما هي الإنجازات التي سيتم تحقيقها داخل خط التماس الثاني. هل ستغير بشكل جذري نتائج الحرب المفروضة على الجيش؟ يهمني أن تكون هناك إنجازات كافية للوصول إلى اتفاق". وقبل أيام، سلّط خبير إسرائيليّ بارز الضوء على قدرات "حزب الله" والسياسة الإيرانية في ما يتعلق باستخدام الصواريخ بعيدة المدى والدقيقة، كاشفاً أنه لدى إيران و"حزب الله" الكثير من المفاجآت. وفي حديثٍ عبر صحيفة "معاريف" ترجمهُ "لبنان24"، قال البروفيسور أميتسيا برعام، الخبير في دراسات الشرق الأوسط، إن "عناصر حزب الله يقاتلون بكل ما لديهم من قوة إلا أنهم لا يستخدمون الصواريخ الإستراتيجية الثقيلة والدقيقة"، وتابع: "الإيرانيون يتعمدون حراسة هذه الصواريخ ويطلبون من حزب الله عدم إطلاقها. من المهم بالنسبة لطهران أن نشعر بتهديد الصواريخ فوق رؤوس الإسرائيليين". وأكمل: "الآن، فإن الإيرانيين دخلوا في صراع مباشر مع إسرائيل وليس من خلال الحلفاء أو الوكلاء. مع هذا، فإن الإيرانيين لا يعرفون إلى أين سيتطور الصراع، لذلك بالنسبة لهم، فإن من المهم أن يحتفظ حزب الله بهذه الصواريخ الاستراتيجية الدقيقة البعيدة المدى".   وأوضح برعام أن "حزب الله قد يستخدم العديد من الأدوات الأخرى، بما في ذلك الطائرات من دون طيار والصواريخ والقذائف الصاروخية لكن نطاقها سيكون محدودا وقد لا تصل إلى نطاقات بعيدة مثل تل أبيب". وقدّر برعام أن تقوم إيران خلال الفترة المقبلة بإعاة تنظيم "حزب الله" وبناء هيكل قيادي قوي، مشيراً في الوقت نفسه إلى أنه من الممكن أن يكون فيلق القدس الإيراني يمرّ بتغييرات هيلكية كبيرة أيضاً. في المقابل، قال تقرير آخر لصحيفة "يسرائيل هيوم" إنه على إسرائيل أن تتعلم من أن انسحابها من لبنان عام 2000 ساهم بتعزيز قوة حزب الله، في حين أنّ "الوحل اللبناني" الذي سقطت به إسرائيل قبل انسحابها وصل إلى داخل إسرائيل وإلى أبواب المستوطنات. وأشار التقرير إلى أن إدارة إسرائيل للحرب ضد لبنان عام 2006 كانت سيئة، كما كان هناك خوف من الغرق في "الوحل اللبناني"، ما دفع بالحكومة الإسرائيلية آنذاك لإنهاء الحملة بسرعة والإنسحاب من لبنان في غضون أسابيع قليلة وسط إقرار القرار 1701 عبر مجلس الأمن. التقرير دعا إلى "ضرورة عدم الوقوع في فخ الوحل اللبناني، والسعي في وقتٍ مبكر وسريع للوصول إلى تسوية سياسية وإن كانت جزئية"، مشيراً إلى أن الحرب الطويلة تكشف عن قوة "حزب الله" يوماً بعد يوم داخل قرى جنوب لبنان. وتابع: "إن كميات الصواريخ والقذائف والأسلحة والمتفجرات القياسية، التي تصنعها إيران وروسيا، يمكنها بسهولة تسليح جيش النظامي لأي دولة. إن البنية التحتية المدمرة تحت الأرض في جنوب لبنان كبيرة جدًا لدرجة أن انفجارًا تسبب في تحذير من وقوع زلزال في المستوطنات الشمالية". المصدر: ترجمة "لبنان 24"

مقالات مشابهة

  • مصر تعيش أجواء الهزيمة.. فما الحرب التي خاضتها؟
  • هل دخلت إسرائيل بلدة الخيام حقاً؟
  • الانتخابات الأمريكية.. البورصة الدولية التي تنتظر حبرها الأعظم
  • عودة ظاهرة النقل السري بشكل مهول والذي يربط بين جماعتين السويهلة والاوداية
  • العليمي: الحرب التي تسبب بها الحوثيون أدت إلى دمار هائل في قطاعات البنى التحتية والخدمات الاساسية
  • «البرلس».. 68 عاما على أقوى المعارك البحرية في كفر الشيخ
  • تعرف على الأعمال الفنية التي ناقشت المحاماة بشكل كوميدي (تقرير)
  • شاهد| استهداف حزب الله لجمع من جنود العدو الإسرائيلي بين كفركلا ودير ميماس في جنوب لبنان
  • إسرائيل تستهدف الإنترنت.. محطات مُدمّرة ولبنان24 يكشف بالأرقام وضع القطاع
  • ماذا يُقال داخل إسرائيل عن لبنان؟ إقرأوا آخر تقرير