هل تبرم السعودية معاهدة أمنية مع الولايات المتحدة وتطبّع علاقاتها مع إسرائيل؟
تاريخ النشر: 27th, May 2024 GMT
تستمر الصحافة الغربية في إقناعنا أن هذا قد يحدث، حرفيا، غدا، ولم يتبق سوى الاتفاق على بعض التفاصيل الصغيرة.. فهل هذا صحيح؟
إقرأ المزيدإن مثل هذا الاتفاق المحتمل له أبعاد عدة:
البعد الأمني
بعد تطبيع العلاقات مع إيران، ارتفع مستوى الأمن في المملكة العربية السعودية بشكل جذري، حيث تم تحييد التهديد الرئيسي للبلاد، الحرب مع إيران، لبعض الوقت على الأقل.
من الممكن نظريا افتراض أن تطبيع العلاقات مع طهران عبر الوساطة الصينية ليس أمرا جديا، وكان محاولة لإثارة غيرة واشنطن، لكنني شخصيا أنطلق من أن تحول السعودية نحو الشرق حقيقي واستراتيجي.
المجال الثاني في البعد الأمني هو أن الحرب في اليمن قد انتهت، على ما أعتقد، أخيرا. وأثبت الغرب والولايات المتحدة عدم موثوقيتهما كحليف في الحروب الهجومية، فمثل هذا التحالف، على أية حال، لم يساعد السعودية على النصر، فلا فائدة إذن من إزعاج الأعداء والأصدقاء من أجل مكاسب غير موجودة. وكما يقال، فإن "فوائد ذلك أمر مشكوك فيه، لكن أضراره واضحة".
المجال الأمني الثالث هو أن إسرائيل لا تشكل تهديدا للرياض، بغض النظر عن التطبيع المفترض للعلاقات معها أو بدونها، لا سيما في الظروف الراهنة. ولا جدوى من تكبد تكاليف في جوانب أخرى من أجل القضاء على تهديد غير موجود في هذا الاتجاه.
المجال الأمني الرابع: تطبيع العلاقات مع إسرائيل على خلفية الإبادة الجماعية في غزة سيقوض بالتأكيد موقف النخبة السعودية الحاكمة ليس فقط في العالم الإسلامي، ولكن أيضا، والأهم من ذلك، داخل المملكة. وفي الانهيار الاقتصادي المقبل، سيؤدي انخفاض الإنتاج إلى انخفاض الطلب على النفط، وأسعار النفط، وبالتالي دخل البلاد النفطي. وستحتاج السلطة حينها إلى كل ذرة من الولاء من جانب مواطنيها، لأن المصاعب التي سيواجهها السكان ستكون عظيمة، وسيكون غضبهم عارما.
إقرأ المزيدالمجال الأمني الخامس هو الالتزام الحقيقي والمهم والوحيد الذي يمكن لواشنطن أن تتحمله بموجب هذه المعاهدة، وهو عدم مهاجمة المملكة العربية السعودية نفسها. لكن الثمن هو رفض ليس فقط التركيز على الصين، بل أيضا رفض تطبيع العلاقات مع إيران وحياد السعودية.
في الوقت نفسه، واستنادا لمصلحة السعودية الاستراتيجية في التخلي عن مثل هذا الاتفاق، فمن المنطقي أن تماطل المملكة لكسب الوقت والمساومة متظاهرة بأن الرياض بشكل عام ليست ضدها، لكن هناك شروط.
البعد السياسي
من الصعب عليّ أن أتخيل كيف يمكن للولايات المتحدة أن تسدد للمملكة العربية السعودية ثمن الأضرار التي يمكن أن تلحق بسمعة الرياض في العالم الإسلامي وغيرها من التكاليف. وقد تكون هذه التكاليف بلا معنى على نحو مضاعف، نظرا للشكوك في قدرة إسرائيل على البقاء بالأساس كدولة في أعقاب التغيرات التي تحدث في العالم.
من حيث المبدأ، ولو كنت مكان ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، كنت سأفكر في التوقيع على مثل هذه الاتفاقية فقد مقابل التقنيات التي من شأنها أن تسمح بإنشاء أسلحة نووية في المستقبل. من الممكن التراجع عن قرار تطبيع العلاقات مع إسرائيل، لكن القنبلة النووية ستبقى. لكنني أخشى أنه لمثل هذه الشروط لم يتبق ما يلزم من بعض العقود من السلام مطلوبة لتطوير البرنامج النووي الحربي المحتمل للسعودية. كان ينبغي أن يتم ذلك في وقت سابق.
أضف إلى ذلك ان الأمريكيين قد فقدوا مثل هذه الكفاءات، وقد فقدوا القدرة على تخصيب اليورانيوم، والآن روسيا تقوم بذلك نيابة عنهم. ووافقت الولايات المتحدة مؤخرا فقط على برنامج يهدف إلى استعادة الكفاءات ذات الصلة.
ثانيا، لن تتخذ الولايات المتحدة هذه الخطوة لأسباب سياسية.
كما يمكن للإدارة الديمقراطية أن تخرج من البيت الأبيض، ولن يكون للتوقيع على أي معاهدات معها أي معنى، لأن الإدارة القادمة يمكنها إعادة التفاوض على المعاهدات، كما فعل ترامب مع الاتفاق النووي الإيراني. ولم تعد أي اتفاقيات مع الولايات المتحدة، من حيث المبدأ، موثوقة، لا سيما الاتفاقيات الأمنية، حيث تتخلى الولايات المتحدة بسهولة عن التزاماتها.
إقرأ المزيدالبعد الاقتصادي
لقد أظهر اليمنيون الصامدون والشجعان بالفعل الثمن الاقتصادي الذي يمكن أن تدفعه الدول الداعمة لإسرائيل. والمملكة العربية السعودية هي الدولة الأكثر هشاشة بهذا المعنى، وفي ظل الظروف الراهنة، فإن أي فوائد اقتصادية محتملة من تطبيع العلاقات مع إسرائيل ستكون أقل بألف مرة من الخسائر المحتملة.
باختصار، فإن هذا هو بالأحرى اتفاق على عدم الاعتداء الأمريكي على السعودية، وعلى مشاركتها في الحرب العالمية الثالثة إلى جانب واشنطن. أي أن "الاتفاقية الأمنية" هي في الواقع اتفاقية حول غياب الأمن للسعودية.
وهو ما يعني، من الناحية الاستراتيجية، أنه يتعين على السلطات السعودية أن تبذل قصارى جهدها لتجنب التوقيع على هذه الاتفاقية. سأكون شديد الدهشة إذا تم توقيع هذه الاتفاقية.
المحلل السياسي/ ألكسندر نازاروف
رابط قناة "تليغرام" الخاصة بالكاتب
المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: أخبار إيران أخبار السعودية أخبار اليمن ألكسندر نازاروف الأزمة اليمنية جو بايدن حلف الناتو دونالد ترامب محمد بن سلمان واشنطن تطبیع العلاقات مع العربیة السعودیة الولایات المتحدة مع إسرائیل
إقرأ أيضاً:
بسبب ترامب..السياح يتجنبون السفر إلى الولايات المتحدة
في غضون أسابيع قليلة خيم الغموض على آفاق السياحة الأمريكية، بسبب قرارات الرئيس دونالد ترامب السياسية التي أثارت غضب بعض الزوار الأجانب، ومخاوف من زيادة الأسعار، وارتفاع قيمة الدولار.
ومن المتوقع أن ينخفض عدد الأجانب الوافدين إلى الولايات المتحدة 5.1 % في 2025 مقارنة مع العام الماضي، مقابل زيادة متوقعة سابقاً بـ 8.8%، وفق تقرير في نشرة "اقتصاديات السياحة" أواخر الشهر الماضي. ويُتوقع أن يتراجع إنفاقهم بـ 10.9%.
منذ نشر التقرير "تدهور الوضع بشكل أكبر" وستكون النتيجة أسوأ على الأرجح، حسب رئيس النشرة آدم ساكس، مشيراً إلى "تأثير مشاعر النفور من الولايات المتحدة".
في الأسابيع الأخيرة فرضت إدارة ترامب رسوماً على كندا والمكسيك والصين وهددت بفرضها على الاتحاد الأوروبي. وتكثفت حملة واسعة ضد الهجرة. وألغيت برامج عدد كبير من الهيئات الحكومية، مثل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وسُرِّح آلاف الموظفين المدنيين من محامين إلى حراس حدائق، ووضع ترامب خططاً مثيرة للجدل للحربين في أوكرانيا وغزة.
وقالت نشرة "اقتصاديات السياحة" لمؤسسة "أكسفورد إيكونوميكس" إن "وضعاً تتسم فيه سياسات وخطابات إدارة ترامب بالاستقطاب.سيُثني الناس عن السفر إلى الولايات المتحدة".
وأضافت "ستشعر بعض المؤسسات بضغوط لتجنب استضافة فعاليات في الولايات المتحدة أو إرسال موظفيها إليها ما سيُقلل عدد رحلات العمل".
وقال معهد منتدى السياحة العالمي، إنّ مزيجاً من سياسات الهجرة الصارمة، وقوة الدولار، والتوترات السياسية العالمية "قد يؤثر بشكل كبير" على الوافدين الدوليين "ما قد يُعيد تشكيل قطاع السياحة في البلاد لسنوات".
ومن بين سكان 16 دولة أوروبية وآسيوية شملهم استطلاع أجرته شركة "يوغوف" في ديسمبر (كانون الأول)، قال 35% من المشاركين إنهم أقل ميولاً للسفر إلى الولايات المتحدة في عهد ترامب، مقابل 22% عبروا عن رأي مغاير.
خائفون بعض الشيءوبالنسبة إلى سياح من فرنسا، وأوزبكستان، والأرجنتين الذين أجريت معهم مقابلات في ساحة تايمز سكوير بنيويورك، لم تغير مواقف ترامب خططهم بشكل جذري.
مع ذلك استخدمت ماريانيلا لوبيز، وأيلين هادجيكوفاكيس، كلاهما 33 عاماً، جواز سفرها الأوروبي بدل الأرجنتيني لتجنب أي مشاكل على الحدود.
وقالت لوبيز:"كنا خائفين بعض الشيء من الوضع لكننا لم نغير خططنا".
وأكدت عائلة لاغاردير القادمة من فرنسا أن الوضع لم يؤثر على خططها أيضاً. قال لوران لاغاردي 54 عاماً، إن "الأمريكيين انتخبوا هذا الرئيس. إنها الديموقراطية. إذا لم يكونوا راضين، فسيغيرونها في غضون أربع سنوات".
وةأضاف لاغاردير، "هو ترامب، كما هو" وتجنب الولايات المتحدة "لن يُغيّر شيئاً".
وأشارت التوقعات إلى وصول عدد السياح الأجانب إلى 77.7 مليوناً في 2024، بزيادة 17% على أساس سنوي، وفقاً للمكتب الوطني للسفر والسياحة الذي لم تتوفر لديه بعد أرقام نهائية للعام الماضي.
كنديون يتجنبون نيويوركيعدّ السياح من أوروبا الغربية، والذين شكّلوا 37% من الزوار في 2024، الأكثر ميولاً لاختيار وجهات أخرى إلى جانب الكنديين والمكسيكيين.
وحذّرت جمعية السفر الأمريكية في أوائل فبراير (شباط) من الرسوم الجمركية التي ستثني الكنديين الذين يُشكّلون أكبر شريحة من السياح الأجانب في الولايات المتحدة والذين وصل عددهم إلى 20,4 مليون سائح في 2024، عن السفر.
ووفقاً لهيئة الإحصاء الكندية انخفض عدد الكنديين العائدين من الولايات المتحدة 23% في فبراير (شباط) على أساس سنوي، في انخفاض شهري هو الثاني على التوالي.
وفي نيويورك التي استقبلت 12,9 مليون مسافر أجنبي في 2024، أصبح التأثير ملحوظاً، فقد ألغى كنديون حجوزات جولات سياحية، وانخفضت عمليات البحث على الإنترنت عن فنادق أو عروض برودواي، حسب رئيسة هيئة السياحة في مدينة نيويورك جولي كوكر.
وخفّضت كوكر توقعاتها لهذا العام في فبراير (شباط) لكنها قالت إنه حتى الآن، الكنديون فقط هم الذين يتجنبون الولايات المتحدة في عهد ترامب.
وقالت: "لا نرى حاليا أي مستجدات من المملكة المتحدة أو أوروبا لأن الوقت لا يزال مبكراً جداً. نحن بالتأكيد نراقب الوضع عن كثب". ولكن السلطات البريطانية والألمانية دعت مواطنيها أخيراً إلى توخي الحذر الشديد من وثائق سفرهم، مشيرة إلى مخاطر توقيفهم.
ورصدت شركة يونايتد إيرلاينز "انخفاضاً كبيراً" في السفر من كندا إلى الولايات المتحدة إضافة إلى تراجع الطلب على السفر الداخلي، كما حدث مع العديد من الشركات المنافسة.
ووفقاً لتقرير "اقتصاديات السياحة" قد يخسر قطاع السياحة حوالى 64 مليار دولار من الإيرادات في 2025 بسبب انخفاض السفر الدولي والمحلي.
والأمريكيون قلقون على ما يبدو في ظل التوقعات الاقتصادية، كما أن مصطلحات مثل الركود والتضخم تُخيف السياح إلى جانب احتمال ارتفاع قيمة الدولار، كما يشير الخبراء.
وأشارت "اقتصاديات السياحة" إلى أن "ذلك سيجعل الولايات المتحدة أكثر كلفة للمسافرين الوافدين، ما يُضعف عدد الزوار ومتوسط فترة الإقامة، مع تداعيات تشديد سياسة الهجرة على الأحداث الرياضية الكبرى التي تستضيفها الولايات المتحدة، مثل كأس رايدر 2025) وكأس العالم لكرة القدم 2026، ودورة الألعاب الأولمبية الصيفية 2026 في لوس أنجليس.