لواء دكتور/ شوقي صلاح

الخبير الأمني – عضو هيئة التدريس بكلية الشرطة

 * بداية نتقدم بوافر الشكر وعظيم الامتنان لقيام السيد: كريم خان/ المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بعرض مذكرة توقيف على الدائرة القضائية التمهيدية للمحكمة، ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير دفاعه، وتضم المذكرة أيضًا ثلاثة من قادة المقاومة – هنية والضيف والسنوار – حيث يتهمهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، وفقًا للنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية – المادتان: 7؛ 8 من نظام المحكمة- هذا رغم كل التهديدات التي تعرض لها من قبل قيادات غربية أمريكية وأوروبية، وصرح خان علنا بها لكنه لم يذكر أسماء من هددوه، وذكر أن أحد الساسة الكبار قال له “هذه المحكمة أنشئت فقط من أجل محاكمة قادة أفريقيا وبوتين” !!! ونؤكد أن تلك التهديدات تمثل وفقًا للنظام الأساسي للمحكمة جرائم جنائية دولية ( راجع المادة 70 – تحت عنوان: الجرائم المخلة بإقامة العدل- من النظام الأساسي المشار إليه).

– ويبدو أن هذه المذكرة أربكت حسابات نتنياهو، الذي صرح فور الإعلان عنها – رغم أن الدائرة

القضائية التمهيدية التي عرضت عليها المذكرة لم تُصدر بعد قرارها في شأنها- قائلا بأنّ: قرار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بحقه أمر سخيف وإن هذه الخطوة تهدف إلى استهداف إسرائيل بأكملها !!! كما عبّر الرئيس الأمريكي جو بايدن عن رفضه تحرك الادعاء العام للمحكمة الجنائية الدولية بهدف إصدار مذكرة اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، بينما احترمت كل من فرنسا وألمانيا ودول أوروبية أخرى ما صدر عن المدعي العام باعتباره ممثلا للعدالة الدولية.

– ورفض أيضًا رئيس الوزراء الإسرائيلي قرار محكمة العدل الدولية الأخير بوقف الأعمال العسكرية في رفح، قائلاً “أرفض ذلك كلياً” ولعل هذا يمثل تحديًا آخر  للعدالة الدولية.. ولم يقتصر الأمر على التصريح بالرفض، بل استمر الجيش الإسرائيلي في عملياته الهجومية برفح بعد قرار محكمة العدل المشار إليه دون أي توقف.

* هذا ولنا وقفة نقدية حول الاتهامات التي تضمنتها مذكرة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية والتي قدمها للدائرة التمهيدية بالمحكمة لإقرارها، حيث اقتصرت الاتهامات على ارتكاب نتنياهو ووزير دفاعه لجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب فقط، ولم يوجه لهما ارتكاب جريمة “الإبادة الجماعية” رغم توافر أركان هذه الجريمة في حقهما، ولمزيد من الإيضاح فقد عرفت المادة السادسة من النظام الأساسي للمحكمة هذه الجريمة بقولها: “… تعني الإبادة الجماعية؛ أي فعل من الأفعال التالية يرتكب بقصد إهلاك جماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية بصفتها هذه, إهلاكاً كلياً أو جزئياً: أ)  قتل أفراد الجماعة. ب)  إلحاق ضرر جسدي أو عقلي جسيم بأفراد الجماعة. ج)  إخضاع الجماعة عمداً لأحوال معيشية يقصد بها   إهلاكها الفعلي كلياً أو   جزئياً… “.

– ووفقا لواقع الأمر فإن ما ارتكبه الجيش الإسرائيلي من أعمال هجومية نتج عنها قتل ما يزيد على 35 ألفًا، وجرح ما يزيد على المائة ألف من المدنيين أيضًا منذ بداية العمليات بعد السابع من أكتوبر 2023. هذا بجانب تدمير ممنهج وشامل للبيوت والمستشفيات والمدارس والجامعات والمرافق العامة لقطاع غزة… وغيرهم، حيث تجاوز عدد المنشآت التي تم قصفها أو تدميرها كليا أو جزئيًا لما يزيد على 90 ألف منشأة.. مما يؤكد ارتكاب الجيش الإسرائيلي لجريمة “الإبادة الجماعية”.

– وجدير بالذكر أن جريمة “الإبادة الجماعية” المؤثمة بأحكام المادة السادسة من النظام الأساسي والسابق الإشارة إليها، تختلف عن التجريم الخاص بالجرائم ضد الإنسانية من خلال تنفيذ أعمال “إبادة” وفقا للمادة 7/ ب، وإلا لما أفرد لها النظام الأساسي للمحكمة تجريما خاصا بها، باعتبارها أم الكبائر في مجال الجرائم الجنائية الدولية.

بعد قرار محكمة العدل وقف الأعمال العسكرية: استهداف الجيش الإسرائيلي لخيام النازحين في رفح

– ولعل خطورة عدم اتهام المحكمة الجنائية الدولية قادة إسرائيل بارتكاب جريمة “الإبادة الجماعية” هو تعارض هذا مع دعوى دولة جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية والتي اتُهمت فيها إسرائيل بارتكاب جريمة “الإبادة الجماعية”، فربما يدعو هذا محكمة العدل الدولية إلى: رفض دعوى جنوب أفريقيا استنادًا على أن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية وبعد تحقيقات أجراها.. لم تتضمن مذكرة التوقيف التي قدمها اتهام قادة إسرائيل بارتكاب الجريمة المشار إليها.

* لذا نقترح أن تشير مصر في مذكرة الدعوى التي ستتقدم بها لمحكمة العدل الدولية – منضمة لدعوى دولة جنوب أفريقيا المشار إليها- إلى اتهام إسرائيل بارتكاب الجرائم الآتية في حق السكان المدنيين بقطاع غزة في الفترة التالية للسابع من أكتوبر 2023 وحتى تاريخه: الإبادة الجماعية؛ جرائم ضد الإنسانية؛ جرائم حرب. كما تنسق مصر مع دولة جنوب أفريقيا والدول الأخرى التي انضمت لدعواها على أن تتقدم بمذكرة ملحقة بدعواها الأصلية، تتهم بموجبها إسرائيل بالإبادة الجماعية إضافة للجريمتين المشار إليهما، وذلك وفقًا للمواد (6، 7، 8) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

– وكذا يتم التنسيق لقيام الدول الأخرى التي تقدمت للمحكمة الجنائية الدولية منضمة لدعوى جنوب أفريقيا، بأن تتقدم للنائب العام للمحكمة وكذا للدائرة التمهيدية التي تنظر مذكرة التوقيف، بتعديل لائحة الاتهام الخاصة برئيس وزراء إسرائيل ووزير دفاعه لتتضمن الاتهامات أيضًا: ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، كما نأمل بأن تطالب تلك الدول  بإضافة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي لقائمة المتهمين، حيث أنه الشخص الرئيسي الذي يقوم بقيادة وتنفيذ العمليات العسكرية وفقًا لأوامر القادة السياسيين لدولة الاحتلال.

– هذا، وقد ذهبت المادة 58/6 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية إلى أنه “يجوز للمدعي العام أن يطلب إلى الدائرة التمهيدية تعديل أمر القبض عن طريق تعديل وصف الجرائم المذكورة فيه أو الإضافة إليها, وتقوم الدائرة التمهيدية بتعديل الأمر على النحو المطلوب إذا اقتنعت بوجود أسباب معقولة للاعتقاد بأن ذلك الشخص قد ارتكب الجرائم المعدلة أوصافها أو المضافة.”

– وختامًا، تجدر الإشارة إلى أن المادة 78/3 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية نصت على أنه: “عندما يدان شخص بأكثر من جريمة واحدة, تُصدر المحكمة حكماً في كل جريمة, وحكماً مشتركاً يحدد مدة السجن الإجمالية, ولا تقل هذه المدة عن مدة أقصى كل حكم على حدة، ولا تتجاوز السجن لفترة 20 سنة أو عقوبة السجن المؤبد وفقاً للفقرة 1 (ب) من المادة 77 “.

Tags: الإبادة الجماعيةالمدعي العام للمحكمة الجنائية الدوليةبوتينجرائم حربخيام النازحين في رفحرئيس الوزراء الإسرائيليرفحشوقي صلاحقادة أفريقياكريم خانلواء دكتور/ شوقي صلاحمحكمة جرائم جنائية دوليةمذكرة كريم خان "المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية

المصدر: جريدة زمان التركية

كلمات دلالية: الإبادة الجماعية المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بوتين جرائم حرب خيام النازحين في رفح رئيس الوزراء الإسرائيلي رفح شوقي صلاح قادة أفريقيا كريم خان المدعی العام للمحکمة الجنائیة الدولیة الأساسی للمحکمة الجنائیة الدولیة رئیس الوزراء الإسرائیلی محکمة العدل الدولیة جرائم ضد الإنسانیة الإبادة الجماعیة الجیش الإسرائیلی إسرائیل بارتکاب جنوب أفریقیا ارتکاب جریمة

إقرأ أيضاً:

بوتين يتحدى الجنائية الدولية بجولات خارجية جديدة في يناير

صرح المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف، اليوم الإثنين، بأن الرئيس فلاديمير بوتين يخطط للقيام بعدة جولات خارجية في يناير (كانون الثاني) المقبل، دون الكشف عن برنامج الجولات.

وقال بيسكوف في تصريحات لوكالة "سبوتنيك" رداً على سؤال حول الرحلات الخارجية المقبلة للرئيس بوتين: "ستكون في يناير (كانون الثاني)".

ولم يحدد بيسكوف وجهة الجولات الخارجية لكنه قال: "سنوافيكم بالتفاصيل". 

⚡️⚡️الكرملين لوكالة "سبوتنيك": بوتين يعتزم القيام برحلات خارجية في شهر يناير.

✅ الكرملين لم يحدد بالضبط المكان الذي سيذهب إليه الرئيس

— Sputnik Arabic (@sputnik_ar) December 23, 2024

تجدر الإشارة إلى أن المحكمة الجنائية الدولية، أصدرت في مارس (آذار) العام الماضي، مذكرة توقيف بحق بوتين، وذلك بتهمة ارتكاب جريمة حرب على خلفية الحرب في أوكرانيا.

ودعت المحكمة إلى القبض على بوتين للاشتباه في مسؤوليته عن ترحيل أطفال ونقل أشخاص دون سند قانوني من أوكرانيا إلى روسيا منذ بدء الحرب على أوكرانيا في 24 فبراير (شباط) 2022.

مقالات مشابهة

  • قيادي بـ«فتح» عن الإبادة الجماعية في غزة: إلى متى سيظل العالم صامتًا؟
  • بوتين يتحدى الجنائية الدولية بجولات خارجية جديدة في يناير
  • “الإمارات لرياضة المرأة” يعزز ممارسة الرياضة الجماعية
  • حذيفة عبد الله: سوف تسقط قريباً الدعاوي “الزائفة” التي تسوق خطاب حكومة المنفى
  • المدعية السابقة لـ«الجنائية الدولية» لـ«الوطن»: تلقيت تهديدات أمريكية وإسرائيلية بسبب فلسطين
  • كوشنر يكشف رؤية ترامب: 10 دول ستنضم إلى “اتفاقيات أبراهام” بعد السعودية
  • حوارية نقدية لرواية ” قطة فوق صفيح ساخن “
  • المدعي العام الألماني: حادث ماغديبورغ لم يُصنف بـ"الإرهابي" حتى الآن
  • العزي: تهديد اليمن مغامرة خطيرة والأسهل إنهاء الإبادة الجماعية في غزة
  • ارتفاع حصيلة الإبادة الجماعية على سكان قطاع غزة إلى 45.206 شهداء و107.512 إصابة