هل تندلع حرب جديدة في البلقان بعد قرار أممي حول مذبحة سريبرينيتسا؟
تاريخ النشر: 27th, May 2024 GMT
نشر موقع "نيوز ري" الروسي تقريرًا تحدث فيه عن امتناع روسيا والصين والإمارات والدول الأخرى عن التصويت في الأمم المتحدة لصالح قرار الإبادة الجماعية في سربرينيتسا.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن بلغراد تعتبر الوثيقة التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بمثابة لائحة اتهام ضدها بارتكاب جرائم حرب في التسعينيات.
كيف اعتمدت الأمم المتحدة قراراً بشأن الإبادة الجماعية في سريبرينيتسا؟
ويضيف الموقع أن الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتمدت قراراً بشأن "الإبادة الجماعية في سربرينيتسا"، قدمته في 23 أيار/مايو كل من البوسنة والهرسك وألمانيا ورواندا. حيال هذا، صوتت 84 دولة لصالح الوثيقة، بينما عارضت 19 دولة وامتنعت 68 دولة عن التصويت.
وعارضت بلغراد الوثيقة بشكل قاطع. وقبل النظر في القرار، قال الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش إنه سيبذل قصارى جهده للحفاظ على شرف بلاده. بحسب رأيه، يترتب عن الوثيقة وقف وجود جمهورية صربسكا، وهي كيان يتمتع بالحكم الذاتي وهو جزء من البوسنة والهرسك. ويرى فوتشيتش أن القرار يهدف إلى إعادة النظر في مسؤولية الصرب عن بدء الحرب في البوسنة، وأنه يفتح الباب أمام فرض التعويضات على بلغراد.
وأعلن رئيس جمهورية صرب البوسنة، ميلوراد دوديك، قراره بالانفصال عن الدولة البوسنية، متعهدًا بأن يقترح على السلطات المركزية في سراييفو مشروع اتفاق سلام بشأن التقسيم، وخاصة بشأن ترسيم الحدود مع بقية أنحاء البوسنة.
ويقول دوديك: "في الأيام الثلاثين المقبلة، سيتم اقتراح اتفاق بشأن الترسيم السلمي للحدود. اليوم نبدأ بقرار رسمي يقضي بضرورة ترسيم الحدود سلميًّا. دعونا نقترح أولاً توضيح السلطات السياسية المتعلقة بالكيانات، مع الحفاظ على النموذج الحالي للأداء الاقتصادي، وتكييفه على مدار عدة سنوات مع نموذج ترسيم الحدود السلمي".
هل تندلع حرب جديدة في يوغوسلافيا السابقة؟
يرى المستشار السابق لرئيس صربيا، فاديم سامودوروف، أن القرار قد يؤجج الأعمال العدائية في المنطقة.
ويضيف سامودوروف: "سيقود دوديك البلقان إلى صراع جديد واسع النطاق إذا استمر في الترويج لفرضية الانفصال عن البوسنة. ومن خلال خطابه، يحاول دوديك إظهار العلاقات الخاصة مع روسيا".
ووفقاً لسامودوروف، فإن الانسحاب المقترح لصربسكا من البوسنة والهرسك سيشكل مشكلة لصربيا المجاورة. مع العلم أن فوتشيتش يبذل كل ما في وسعه للحفاظ على الاستقرار في البلقان وفي الوقت نفسه حل مشكلة كوسوفو.
ويعتقد سامودوروف أن بلغراد لا تريد استغلال الوضع لضم أراضي جمهورية صربسكا. من الناحية النظرية البحتة، يمكن للغرب عرض صفقة كبيرة على فوتشيتش تقوم صربيا بموجبها بضم الكيان الصربي في البوسنة مقابل الاعتراف باستقلال كوسوفو، وهو ما سيرفضه الزعيم الصربي على الأرجح بحسب سامودوروف.
ويرى سامودوروف أن دوديك نسي أن جمهورية صربسكا هي نفس التشكيل المصطنع مثل البوسنة ككل. ويتابع سامودوروف بالقول:"بالإضافة إلى ذلك، فإن الإمكانات الاقتصادية لجمهورية صربسكا ضعيفة. إذا غادرت البوسنة، فمن غير الواضح ما الذي سيحدث بعد ذلك".
ما حدث في سريبرينيتسا في يوليو/تموز 1995؟
وأوضح الموقع أنه في منتصف تموز/يوليو 1995، أثناء الحرب الأهلية في البوسنة، احتلت تشكيلات من صرب البوسنة مدينة سربرنيتسا وأعدمت نحو ثمانية آلاف مسلم أعزل. ورغم اعتراف بلغراد بحقيقة حدوث إعدامات جماعية، غير أنها تعارض مصطلح "الإبادة الجماعية".
وفي سنة 2015، جرت محاولة تمرير قرار بشأن "الإبادة الجماعية" في سريبرينيتسا من خلال الأمم المتحدة. لكن، موسكو استخدمت حق النقض (الفيتو) ضد الوثيقة المقترحة لمجلس الأمن الدولي. بخصوص هذا، يعتبر نائب رئيس مجلس الاتحاد كونستانتين كوساتشيف القرار الذي تم تبنيه يوم الخميس بمثابة محاولة لتبرير حرب مختلفة تمامًا أي هجوم الناتو على يوغوسلافيا سنة 1999.
من جانبه؛ يرى الباحث السياسي أوليغ بوندارينكو أن القرار سوف يعمل بالفعل على تسريع عملية فرض السيادة على جمهورية صرب البوسنة. وبحسبه، عند الأخذ بعين الاعتبار خصوصيات الحدود في المنطقة، ستستغرق هذه العملية وقتًا طويلًا.
وتابع بوندارينكو بالقول: "تمثل جمهورية صربسكا جزأين من البوسنة غير متصلين ببعضهما البعض. بالإضافة إلى ذلك، لم يتم رسم حدود داخلية معترف بها رسميًا بين الجزء الصربي والجزء الكرواتي المسلم داخل البوسنة ولم يقم أحد بترسيم الحدود ولم يتم تحديدها فعليًا على الأرض".
وأورد بوندارينكو: "فرض الغرب مؤخرًا عقوبات على قيادة جمهورية صربسكا. وفي المستقبل القريب، قد تلجأ السلطات البوسنية المركزية في سراييفو أو الهياكل الغربية إلى الاستفزازات، بما في ذلك اعتقال رؤساء الكيان الصربي".
بالإضافة إلى ذلك، بسبب قرار الأمم المتحدة، فقد يتم الاعتراف بالصرب في الوقت الراهن باعتبارهم "شعباً يمارس الإبادة الجماعية" وإرغامهم على دفع التعويضات، كما دفعت ألمانيا ذات يوم التعويضات رسمياً لضحايا المحرقة.
ما هو دور الاتحاد الأوروبي في تبني قرار الأمم المتحدة؟
ويعتقد الأستاذ في قسم الدراسات الأوروبية بكلية العلاقات الدولية في جامعة سانت بطرسبورغ الحكومية، ستانيسلاف تكاتشينكو أنه بمساعدة القرار المتعلق بسريبرينيتشا، يثير الغرب صراعًا جديدًا في البلقان. إضافة إلى أن التهديد بحرب جديدة يُستخدم للضغط على صربيا، بحيث يطالبونها بالانضمام إلى العقوبات المناهضة لروسيا.
ويقول تكاتشينكو: "يسمح القرار للاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات جديدة على صربيا، الأمر الذي سيؤثر في نهاية المطاف على الحياة السياسية الداخلية للبلاد. فعلى سبيل المثال، يمكن توقع تدخلاً مباشراً في الانتخابات المقبلة هناك".
وأضاف تكاتشينكو أن الصرب بحاجة في الوقت الراهن إلى الاستعداد للاستفزازات لا فقط في البوسنة، ولكن أيضًا في كوسوفو.
وأضاف تكاتشينكو: "كلا هذين الكيانين يعتمدان بشكل كبير على إعانات الاتحاد الأوروبي، لذلك يمكن لبروكسل إدارتهما بسهولة. أعتقد أن الاتحاد الأوروبي نفسه لا يخطط لبدء حرب في البوسنة، لكنه سيزيد الضغط على بلغراد بمساعدة مثل هذه الاستفزازات".
ماذا يعني قرار الأمم المتحدة بالنسبة لمصالح موسكو؟
اتسم رد فعل الدبلوماسيين الروس على قرار الجمعية العامة بالسلبية. وهكذا، وصف مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا القرار بأنه تهديد للسلام في البوسنة وفي البلقان بشكل عام.
وبحسب بوندارينكو، لم تكن هناك "وحدة اتهامية" في الأمم المتحدة فيما يتعلق بالصرب. وأكد بوندارينكو أن الدعم الذي تلقته بلغراد في العالم أقوى من الذي تلقته موسكو في اذار/مارس 2022، عند طرح قرار يعترف بروسيا "كدولة معتدية" للتصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
ويضيف بوندارينكو: "ربما ينبغي لدبلوماسيتنا الاستعداد. قرر الألمان، الذين بادروا إلى اتخاذ القرار بشأن سريبرينيتشا، توسيع نطاق عقدة الذنب المتعلقة بالهولوكوست لتشمل الصرب. ولكن في غضون عام قد تظهر وثيقة جديدة تتهم فيها موسكو بارتكاب "إبادة جماعية للأوكرانيين"، على سبيل المثال، فيما يتعلق بالأحداث التي وقعت في بوتشا. أنا متأكد من أن عدد الدول التي ستصوت لصالح هذا القرار أكبر من عدد الدول التي ستصوت الآن على الاتهامات الموجهة للصرب فيما يتعلق بسريبرينيتشا".
وبحسب تكاتشينكو، تعتقد قيادة الاتحاد الأوروبي أن الصراع الأوكراني قد أضعف نفوذ موسكو في مناطق أخرى. لذلك، تحاول الاستفادة من ذلك.
وأورد تكاتشينكو: "يتدخل الغرب الآن في شؤون جنوب القوقاز وآسيا الوسطى. ويزور السياسيون الغربيون هذه الجمهوريات السوفييتية السابقة بانتظام. البلقان هي منطقة أخرى يعمل الاتحاد الأوروبي على تحويلها ضد روسيا".
وفي ختام التقرير؛ ينوه تكاتشينكو بأن الصرب ليسوا حلفاء لروسيا. لكنهم دولة قريبة تاريخيا، وقد قاومت حتى الآن ضغوط الاتحاد الأوروبي ورفضت فرض عقوبات وتحافظ على علاقات متساوية مع روسيا، قائلًا: "إذا تصاعد الوضع فلن نتمكن من مساعدتهم بالوسائل العسكرية. ما تبقى هو المساعدة الدبلوماسية والاقتصادية".
للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية سريبرينيتسا البوسنة صربيا البوسنة صربيا سريبرينيتسا سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاتحاد الأوروبی الإبادة الجماعیة الجمعیة العامة جمهوریة صربسکا الأمم المتحدة فی البوسنة من البوسنة فی البلقان
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة تدعو الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لرفع العقوبات عن سوريا بسرعة
أعرب المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسن خلال زيارته إلى دمشق اليوم الأحد، عن أمله في رفع العقوبات الغربية عن البلاد بعد تنحية بشار الأسد عن السلطة.
وقال في بيان نشره مكتبه: "نأمل بأن يتم رفع العقوبات بسرعة حتى نتمكن حقا من إعادة إعمار سوريا.. هذه ليست عقوبات الأمم المتحدة. هذه عقوبات فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وربما عدد قليل من الدول الأخرى".
ووصل بيدرسن اليوم الأحد، إلى دمشق في أول زيارة له بعد سقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد، أكد المبعوث الأممي إلى سوريا ضرورة أن تبدأ مؤسسات الدولة بالعمل بشكل كامل مع ضمان الأمن لها.
وقال إنه من المهم عدم انهيار مؤسسات الدولة في سوريا، وإدخال المساعدات الإنسانية إلى البلاد في أسرع وقت ممكن، كما أكد المبعوث الأممي على أهمية أن نرى مسارا سياسيا حقيقيا يجمع كل الأطياف في سوريا.
وكان بيدرسن زار دمشق في نوفمبر الماضي، لبحث استئناف عمل اللجنة الدستورية السورية المتوقفة منذ منتصف عام 2022.
هذا وأكد المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك أن مكتب المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن سبق أن أجرى اتصالات مع السلطات الجديدة في دمشق.