دعوة إسرائيلية للخروج من مستنقع غزة قبل فوات الأوان
تاريخ النشر: 27th, May 2024 GMT
رغم الإجماع الإسرائيلي تجاه غزو مدينة رفح، واعتبار العملية العسكرية فيها تتويجا لما يعتبره الاحتلال "انتصارا" في غزة، لكن ذلك لم يمنع من صدور أصوات إسرائيلية تعتبر هذه العملية تفتقر للرؤية السياسية والإستراتيجية، ولن تنجح في تفكيك جهاز حماس العسكري، باستثناء التدمير المنهجي للمدينة وبنيتها التحتية، بجانب قتل المزيد من جنود الاحتلال، مع الغالبية العظمى من المدنيين الفلسطينيين، لكن سيبقى السؤال الذي يهرب منه الإسرائيليون: كم سيبقى من المختطفين على قيد الحياة بعد احتلال رفح؟
وقال المحاضر في قسم العلاقات الدولية بالجامعة العبرية، والباحث في الشؤون الدولية، البروفيسور أرييه كاتسوفيتز: إن "تزامن عملية رفح العسكرية مع تدهور سياقاتها السياسية الدبلوماسية الأوسع يعني تفاقم الأزمة المتصاعدة في العلاقات مع الولايات المتحدة، ومزيد من مظاهر معاداة الاحتلال، والاحتجاجات المناهضة له، بما يلحق الضرر بيهود الشتات والأكاديمية الإسرائيلية، والنبذ الكامل لإسرائيل في العالم، كما يتضح من مطالبة المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية بشأن طلب مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء ووزير الحرب، والنقاش في محكمة العدل الدولية".
وأضاف كاتسوفيتز في مقال نشره موقع "زمن إسرائيل"، وترجمته "عربي21" أن "معالم الأزمة الإسرائيلية مع المجتمع الدولي يضاف إليها الموجة الجديدة من الاعتراف الأحادي من جانب العديد من الدول بالدولة الفلسطينية التي تضاف إلى 140 دولة في العالم (من أصل 193)، بجانب أزمة العلاقات مع مصر عقب السيطرة على معبر رفح، فضلا عن الخطر الحقيقي من تصعيد الحرب مع حزب الله، واحتمال حدوث جولة أخرى من الهجوم الإيراني، وهذه المرة دون مساعدة واسعة من دول التحالف الغربية والدول العربية المعتدلة".
وقال "إننا أمام توقعات قاتمة للغاية، تطرح على الإسرائيليين السؤال المفصلي: ماذا سيحقق غزة رفح، وهل من الممكن من خلالها هزيمة منظمة مثل حماس ذات أيديولوجية دينية، تختار تكتيكات حرب العصابات بعد أن تضررت بنيتها التحتية العسكرية الرئيسية، وهل من الممكن القيام بذلك دون تقديم إستراتيجية وفكرة سياسية بديلة للفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، وهل يمكن من خلال هذه العملية اختفاء حماس من الخريطة السياسية، رغم أن واقع الأسابيع القليلة الماضية يثبت بشكل مأساوي أن جنود الاحتلال يُقتلون في العمليات التي تجري في غزة في المناطق التي أعلنتها إسرائيل أنها خالية من حكم حماس".
وأوضح أن "احتلال رفح سيؤدي في الواقع لتعميق حافز آلاف الفلسطينيين، بل عشرات الآلاف من سكان غزة، لمواصلة الانخراط مع حماس كجزء من حرب العصابات، مما يجعلنا أمام أشهر طويلة من الحرب، وسنوات طويلة من الاحتلال العسكري في غزة، كما كنا في جنوب لبنان بين عامي 1982-2000، ونحن نساهم في تعزيز حزب الله".
وحذر أن "إسرائيل عشية ارتكاب خطأ مأساوي في غزة، كما ارتكبته سابقا في لبنان، وقد يتكرر اليوم، بالبقاء في الأراضي التي احتلتها، والغرق في الوحل الغزي، كما اللبناني سابقا، لما يقرب من عشرين عاما، مما يستدعي عرض سيناريو بديل لهذا الموقف العدواني في غزة، يتطلب عدم غزو كل مدينة رفح، بل إنهاء الحرب الآن مقابل تسليم جميع المختطفين، لأن هذه الحرب اللعينة استنفدت نفسها بالفعل، وليس لها غرض سياسي حقيقي أو طويل الأمد، ولا يحمل من دلالة سوى استمرارها كغاية في حدّ ذاتها، كحاجة للبقاء السياسي للحكومة اليمينية الحالية، وليس للاحتياجات الأمنية الحقيقية للدولة".
وأوضح أننا "أمام حرب تخدم المصالح الحزبية لقيادة الدولة فقط، بسبب غياب أي تفكير طويل الأمد من جانب المستوى السياسي الإسرائيلي الفاشل، وعدم التفكير في إستراتيجية خروج اليوم التالي، مما يتطلب الشروع في خريطة طريق إستراتيجية للفترة التالية لتلخيص الحرب، وإجراء مناقشة جدية لإنشاء قوة حفظ سلام دولية عربية بالتعاون مع السلطة الفلسطينية والعديد من الجهات الدولية الفاعلة كالولايات المتحدة وأوروبا والدول العربية المعتدلة، كي تحلّ محل حماس والجيش الإسرائيلي".
وختم بالقول أنه "آن الأوان للكفّ عن ترديد أسطوانة النصر المطلق، لأنها باتت مشروخة، وغير مقنعة، ولن تكون قابلة للتحقيق بالمعنى العسكري الضيق للكلمة، لأن نهايتها المتوقعة هو انتصار حماس، وليس هزيمتها، في حين أن الاحتلال سيذهب في طريق محتوم نحو الهاوية التي سقط فيها منذ السابع من أكتوبر، وفي الوقت ذاته فإن وقف الحرب لن يكون إلا في إطار صفقة شاملة واسعة ومعقدة، لأنه في نهاية المطاف كل حرب يجب أن تنتهي".
تكشف هذه القراءة الإسرائيلية عن التحدي الهائل الذي يواجه الاحتلال في كيفية إنهاء العدوان على غزة، ليس بطريقة عسكرية بحتة، بل سياسية أيضا، مع الشكّ في تحقيق ذلك في ظل وجود حكومة غير شرعية تضرّ بشكل خطير بأمن الاحتلال، بصورة لا تقل عن تهديد المقاومة الفلسطينية له، إلى حدّ أن يكون تهديدا وجوديا، مما يعني غرق الاحتلال وتورّطه أمامها، وانتظاره لمن سينقذه من هذا المستنقع قبل أن يفوت الأوان.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية الإسرائيلي الاحتلال غزة إسرائيل غزة الاحتلال حرب غزة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی غزة
إقرأ أيضاً:
تحذيرات إسرائيلية من 5 عوامل تهدد تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق في غزة
كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية أن تنفيذ المرحلة الثانية من صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار بين الاحتلال الإسرائيلي وحركة المقاومة الإسلامية "حماس" في قطاع يواجه مخاطر عديدة، قد تؤثر حتى على استكمال المرحلة الأولى من الاتفاق.
وأوضحت الصحيفة أن المفاوضات على المرحلة الثانية قد تتعثر قبل انتهاء الأولى، إذ قد تمتنع حماس عن استكمال الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين إذا شعرت بعدم وجود مرحلة ثانية فعلية، وهو ما قد يعرقل تحرير نحو نصف الأسرى الأحياء المتوقع إطلاق سراحهم في اليوم الـ42 من الصفقة.
وأشارت الصحيفة إلى أن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يواجه تحديات سياسية معقدة، إذ وافق على شروط تعارض تصريحاته السابقة بشأن عدم الانسحاب من مناطق مثل نتساريم ومحور فيلادلفيا. كما أن القرارات المرتبطة بالمرحلة الثانية ستصطدم بتناقضات حادة مع وعود الحكومة السابقة، مما يزيد من هشاشة الاتفاق.
وشددت الصحيفة على أن المرحلة الثانية، التي من المقرر أن تبدأ بعد 16 يوما من المرحلة الأولى، قد تتعرض للتعطيل بسبب عدة عوامل، أبرزها تفجير المرحلة الأولى، حيث قد تعتبر حماس عدم التقدم في التفاوض بشأن المرحلة الثانية دليلا على عدم جديتها، مما قد يدفعها إلى تعطيل تحرير الدفعة الأخيرة من الأسرى.
كما يعد وقف العدوان على قطاع غزة أحد العوامل التي قد تسهم بتعطيل الصفقة، حيث ينص الاتفاق على أن تنفيذ المرحلة الثانية يتطلب وقفًا دائمًا للقتال، وهو ما قد يشكل عقبة كبيرة في ظل المواقف المتشددة داخل حكومة الاحتلال الإسرائيلي، حسب الصحيفة العبرية.
ولفتت "يديعوت أحرونوت" إلى غياب التفاهمات بشأن المرحلة الثانية كعامل ثالث، موضحة أنه لم يتم تحديد آليات واضحة لتبادل الأسرى في هذه المرحلة، كما أن دولة الاحتلال قد تصر على إدراج قضايا أخرى مثل نزع سلاح حماس وإعادة إعمار غزة، وهو ما قد ترفضه الحركة.
ورابعا، أشارت الصحيفة العبرية إلى الانسحاب من محور فيلادلفيا، لافتة إلى أن نتنياهو قد يواجه تحديا سياسيا إذا قرر تنفيذ الانسحاب، نظرا لمعارضته العلنية السابقة لهذه الخطوة.
وتطرقت الصحيفة إلى الوضع في قطاع غزة في إطار حديثها عن خامس العوامل المهددة بتعطيل الاتفاق، وقالت إن عودة حماس إلى الحكم في القطاع قد تؤثر على مستقبل الصفقة، خاصة في ظل غياب رؤية إسرائيلية واضحة لما بعد العدوان.
ولفتت الصحيفة إلى أن حكومة الاحتلال تتكتم على تفاصيل المرحلة الثانية، رغم أنها معروفة للوسطاء ولحماس. كما أن التحديات السياسية والضغوط الداخلية قد تجعل من الصعب على نتنياهو تنفيذها، حتى لو رغب في ذلك.