رغم الإجماع الإسرائيلي تجاه غزو مدينة رفح، واعتبار العملية العسكرية فيها تتويجا لما يعتبره الاحتلال "انتصارا" في غزة، لكن ذلك لم يمنع من صدور أصوات إسرائيلية تعتبر هذه العملية تفتقر للرؤية السياسية والإستراتيجية، ولن تنجح في تفكيك جهاز حماس العسكري، باستثناء التدمير المنهجي للمدينة وبنيتها التحتية، بجانب قتل المزيد من جنود الاحتلال، مع الغالبية العظمى من المدنيين الفلسطينيين، لكن سيبقى السؤال الذي يهرب منه الإسرائيليون: كم سيبقى من المختطفين على قيد الحياة بعد احتلال رفح؟

وقال المحاضر في قسم العلاقات الدولية بالجامعة العبرية، والباحث في الشؤون الدولية، البروفيسور أرييه كاتسوفيتز: إن "تزامن عملية رفح العسكرية مع تدهور سياقاتها السياسية الدبلوماسية الأوسع يعني تفاقم الأزمة المتصاعدة في العلاقات مع الولايات المتحدة، ومزيد من مظاهر معاداة الاحتلال، والاحتجاجات المناهضة له، بما يلحق الضرر بيهود الشتات والأكاديمية الإسرائيلية، والنبذ الكامل لإسرائيل في العالم، كما يتضح من مطالبة المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية بشأن طلب مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء ووزير الحرب، والنقاش في محكمة العدل الدولية".

 


وأضاف كاتسوفيتز في مقال نشره موقع "زمن إسرائيل"، وترجمته "عربي21" أن "معالم الأزمة الإسرائيلية مع المجتمع الدولي يضاف إليها الموجة الجديدة من الاعتراف الأحادي من جانب العديد من الدول بالدولة الفلسطينية التي تضاف إلى 140 دولة في العالم (من أصل 193)، بجانب أزمة العلاقات مع مصر عقب السيطرة على معبر رفح،  فضلا عن الخطر الحقيقي من تصعيد الحرب مع حزب الله، واحتمال حدوث جولة أخرى من الهجوم الإيراني، وهذه المرة دون مساعدة واسعة من دول التحالف الغربية والدول العربية المعتدلة".

وقال "إننا أمام توقعات قاتمة للغاية، تطرح على الإسرائيليين السؤال المفصلي: ماذا سيحقق غزة رفح، وهل من الممكن من خلالها هزيمة منظمة مثل حماس ذات أيديولوجية دينية، تختار تكتيكات حرب العصابات بعد أن تضررت بنيتها التحتية العسكرية الرئيسية، وهل من الممكن القيام بذلك دون تقديم إستراتيجية وفكرة سياسية بديلة للفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، وهل يمكن من خلال هذه العملية اختفاء حماس من الخريطة السياسية، رغم أن واقع الأسابيع القليلة الماضية يثبت بشكل مأساوي أن جنود الاحتلال يُقتلون في العمليات التي تجري في غزة في المناطق التي أعلنتها إسرائيل أنها خالية من حكم حماس".

وأوضح أن "احتلال رفح سيؤدي في الواقع لتعميق حافز آلاف الفلسطينيين، بل عشرات الآلاف من سكان غزة، لمواصلة الانخراط مع حماس كجزء من حرب العصابات، مما يجعلنا أمام أشهر طويلة من الحرب، وسنوات طويلة من الاحتلال العسكري في غزة، كما كنا في جنوب لبنان بين عامي 1982-2000، ونحن نساهم في تعزيز حزب الله". 

وحذر أن "إسرائيل عشية ارتكاب خطأ مأساوي في غزة، كما ارتكبته سابقا في لبنان، وقد يتكرر اليوم، بالبقاء في الأراضي التي احتلتها، والغرق في الوحل الغزي، كما اللبناني سابقا، لما يقرب من عشرين عاما، مما يستدعي عرض سيناريو بديل لهذا الموقف العدواني في غزة، يتطلب عدم غزو كل مدينة رفح، بل إنهاء الحرب الآن مقابل تسليم جميع المختطفين، لأن هذه الحرب اللعينة استنفدت نفسها بالفعل، وليس لها غرض سياسي حقيقي أو طويل الأمد، ولا يحمل من دلالة سوى استمرارها كغاية في حدّ ذاتها، كحاجة للبقاء السياسي للحكومة اليمينية الحالية، وليس للاحتياجات الأمنية الحقيقية للدولة". 


وأوضح أننا "أمام حرب تخدم المصالح الحزبية لقيادة الدولة فقط، بسبب غياب أي تفكير طويل الأمد من جانب المستوى السياسي الإسرائيلي الفاشل، وعدم التفكير في إستراتيجية خروج اليوم التالي، مما يتطلب الشروع في خريطة طريق إستراتيجية للفترة التالية لتلخيص الحرب، وإجراء مناقشة جدية لإنشاء قوة حفظ سلام دولية عربية بالتعاون مع السلطة الفلسطينية والعديد من الجهات الدولية الفاعلة كالولايات المتحدة وأوروبا والدول العربية المعتدلة، كي تحلّ محل حماس والجيش الإسرائيلي".

 وختم بالقول أنه "آن الأوان للكفّ عن ترديد أسطوانة النصر المطلق، لأنها باتت مشروخة، وغير مقنعة، ولن تكون قابلة للتحقيق بالمعنى العسكري الضيق للكلمة، لأن نهايتها المتوقعة هو انتصار حماس، وليس هزيمتها، في حين أن الاحتلال سيذهب في طريق محتوم نحو الهاوية التي سقط فيها منذ السابع من أكتوبر، وفي الوقت ذاته فإن وقف الحرب لن يكون إلا في إطار صفقة شاملة واسعة ومعقدة، لأنه في نهاية المطاف كل حرب يجب أن تنتهي".

تكشف هذه القراءة الإسرائيلية عن التحدي الهائل الذي يواجه الاحتلال في كيفية إنهاء العدوان على غزة، ليس بطريقة عسكرية بحتة، بل سياسية أيضا، مع الشكّ في تحقيق ذلك في ظل وجود حكومة غير شرعية تضرّ بشكل خطير بأمن الاحتلال، بصورة لا تقل عن تهديد المقاومة الفلسطينية له، إلى حدّ أن يكون تهديدا وجوديا، مما يعني غرق الاحتلال وتورّطه أمامها، وانتظاره لمن سينقذه من هذا المستنقع قبل أن يفوت الأوان.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية الإسرائيلي الاحتلال غزة إسرائيل غزة الاحتلال حرب غزة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی غزة

إقرأ أيضاً:

التقسيم والفقاعات.. تعرف على سيناريوهات إسرائيل لإدارة غزة بعد الحرب

بغداد اليوم -  متابعة

كشفت صحيفة "وول ستريت جورنال" الامريكية، اليوم السبت (29 حزيران 2024)، عن مجموعة من الخطط والأفكار المطروحة حول مستقبل قطاع غزة بعد انتهاء الحرب بين القوات الإسرائيلية وحماس.

وقدمت الصحيفة مجموعة من الأفكار والخطط المطروحة في هذا الإطار، استنادا إلى مصادر شملت ضباطا في الجيش الإسرائيلي ومتقاعدين من الاستخبارات الإسرائيلية ومراكز البحوث والأكاديميين والسياسيين.

وفي حين لم تقل القيادة السياسية في إسرائيل شيئا تقريبا عن الشكل الذي سيبدو عليه قطاع غزة وكيف سيحكم بعد انتهاء المعارك، كانت هذه المجموعات تعمل على خطط مفصلة تقدم لمحة عن الكيفية التي تفكر بها إسرائيل فيما تسميه اليوم التالي.

وتتمثل إحدى الخطط التي تكتسب زخما في الحكومة والجيش في إنشاء جزر أو "فقاعات"، حيث يمكن للفلسطينيين غير المرتبطين بحماس أن يعيشوا في ملاجئ مؤقتة، بينما يستمر الجيش الإسرائيلي في مهمته المعلنة وهي "القضاء على حماس".

ويدعم أعضاء آخرون في حزب الليكود الذي يتزعمه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خطة أخرى، تركز على الأمن وتسعى إلى تقسيم غزة بممرين يمتدان عبر عرضها، ومحيط محصن "يسمح للجيش الإسرائيلي بشن غارات عندما يرى ذلك ضروريا".

وتكشف الخطط، سواء تم تبنيها بالكامل أو لا، عن حقائق قاسية حول عواقب الحرب، 

وقال نتنياهو، في تعليقات نادرة تناولت هذا الملف الأسبوع الماضي، إن "الحكومة ستبدأ قريبا خطة على مراحل لإنشاء إدارة مدنية يديرها فلسطينيون محليون في مناطق الشمال، مضيفا أنه "يأمل في مساعدة أمنية من الدول العربية".

من جانبهم قال مسؤولون إسرائيليون حاليون وسابقون إن نتنياهو كان يشير على الأرجح إلى "خطة الفقاعات"، التي نوقشت بين صناع القرار الحكوميين.

ووفقا لأشخاص مطلعين على الملف، فإن الخطة تهدف إلى العمل مع الفلسطينيين غير المنتمين إلى حماس لإنشاء مناطق معزولة في شمال غزة.

وسوف يوزع الفلسطينيون في المناطق التي تعتقد إسرائيل أن حماس لم تعد تسيطر عليها، وفي نهاية المطاف سيدير تحالف من الولايات المتحدة والدول العربية هذه العملية.

وقال إسرائيل زيف، الجنرال الإسرائيلي السابق الذي ساعد في تقديم أفكار لإخلاء غزة من حماس: "يجب اتخاذ القرارات اليوم".

ويقترح زيف، الذي أشرف على خروج إسرائيل من غزة عام 2005، أن "يتمكن الفلسطينيون المستعدون للتنديد بحماس من التسجيل للعيش في جزر جغرافية مسيجة، تقع بجوار أحيائهم وتحرسها القوات الإسرائيلية، وهذا من شأنه أن يمنحهم الحق في إعادة بناء منازلهم".

وستكون العملية "تدريجية"، وفق خطة زيف، وفي الأمد البعيد يتصور العسكري السابق إعادة السلطة الفلسطينية المتمركزة في الضفة الغربية إلى غزة كحل سياسي، حيث تستغرق العملية برمتها ما يقرب من 5 سنوات.

وبموجب خطته، يمكن لحماس أن تكون جزءا من إدارة غزة "إذا أطلقت سراح جميع الرهائن المحتجزين هناك ونزعت سلاحها، لتصبح حركة سياسية بحتة".

بحسب خطة أخرى، وضعتها منظمة غير ربحية تدعى "مايند إسرائيل"، فإن هجمات السابع من أكتوبر والحرب التي تلتها تعني أن الإسرائيليين والفلسطينيين لم يعد بوسعهم التعامل مع بعضهم البعض بحسن نية.

وتدعو الخطة إلى العمل مع الولايات المتحدة والحكومات العربية لإنشاء هيئة حاكمة فلسطينية جديدة، تعمل على سمته "وقف الإرهاب ضد إسرائيل".

وتقول الخطة إن المناقشات حول إنشاء دولة فلسطينية يجب أن تبدأ بعد 5 سنوات من الحرب، إذ أن "بعد هجمات حماس في السابع من أكتوبر لا ينبغي مكافأة الحركة بإنشاء دولة الآن".

وتدعو خطة أخرى نشرها مركز "ويلسون" إلى أن الولايات المتحدة يجب أن تنشئ قوة شرطة دولية لإدارة الأمن في غزة، وتسليم المهمة بمرور الوقت إلى إدارة فلسطينية لم يتم تحديدها بعد.

وقال روبرت سيلفرمان، الدبلوماسي الأميركي السابق في العراق الذي شارك في وضع الخطة، إن فريقه ناقشها مع المسؤولين الإسرائيليين لعدة أشهر، حتى إنه غير أجزاء من الاقتراح لجعله أكثر قبولا لأهداف الحرب الإسرائيلية والديناميكيات السياسية، لكن الأمر تعثر مع مكتب نتنياهو.

وتستند وثيقة أخرى، صاغها أكاديميون إسرائيليون ووصلت إلى مكتب نتنياهو، إلى سوابق تاريخية في إعادة بناء مناطق الحرب في ألمانيا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية، ومؤخرا في العراق وأفغانستان.

وتنظر الوثيقة في كيفية التعامل مع عقيدة حماس من خلال "التعلم من هزيمة أيديولوجيات مثل النازية وتنظيم داعش".

وتعترف الوثيقة التي تتألف من 28 صفحة، التي اطلعت عليها صحيفة "وول ستريت جورنال"، أن "عملية نزع التطرف وتحديد القيادة الجديدة ستكون طويلة ومعقدة، وينبغي أن تبدأ في أقرب وقت ممكن، خاصة في ضوء الوضع الإنساني في غزة".

وتفترض جميع الخطط المطروحة أن "إسرائيل ستترك حماس في نهاية المطاف منزوعة السلاح، سياسيا وعسكريا".

المصدر: وكالات

مقالات مشابهة

  • صحيفة إسرائيلية تكشف تفاصيل شجار مجلس الحرب الإسرائيلي في اجتماعه الأخير
  • محللون: جيش الاحتلال أدرك أن المقاومة أصبحت واقعا يجب التعايش معه
  • منظمة إسرائيلية تطالب بملاحقة أمل كلوني.. ما قصتها؟ 
  • التقسيم والفقاعات.. تعرف على سيناريوهات إسرائيل لإدارة غزة بعد الحرب
  • سيناريو التقسيم والفقاعات.. هذه خطط إسرائيل لغزة بعد الحرب
  • إسبانيا تنضم رسميا لمواجهي الاحتلال في محكمة العدل الدولية
  • مناشدات لحماية المدنيين في حرب السودان بعد دعوة «هيومن رايتس ووتش» لنشر قوات أممية
  • مندوب فرنسا بالأمم المتحدة: أهمية تعبئة الجهود الدولية لوقف التصعيد بين إسرائيل ولبنان
  • توصية إسرائيلية باستهداف الأسد للضغط باتجاه إحباط أي هجوم لحزب الله
  • توصية إسرائيلية باستهداف الأسد للضغط باتجاه إحباط هجوم لحزب الله