الراعي ترأس قداسا احتفاليا في رعية مار شربل - فلورانس
تاريخ النشر: 27th, May 2024 GMT
ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي، قداسا احتفاليا في رعية مار شربل في فلورانس - ايطاليا في الكنيسة التي تحمل اسم القديس شربل، التي رممها قنصل لبنان الفخري في فلورانس شربل الشبير وشقيقاه زخيا وبول على نفقتهم الخاصة، عاونه فيه رئيس اساقفة فلورانس الكاردينال جيوزيبي بيتوري، الوكيل البطريركي المعتمد لدى الكرسي الرسولي المطران يوحنا رفيق الورشا، الرئيس العام للرهبانية اللبنانية المارونية الاباتي هادي محفوظ وخادم الرعية الخوري داني كمال.
في بداية القداس، ألقى الكاردينال بيتوري كلمة هنأ فيها ابناء الجالية على كنيستهم الجديدة وما قدهه القنصل الشبير من سخاء لاعادة ترميمها معلنا عن اصدار مرسوم انشاء رعية مار شربل رسميا. بعد الانجيل المقدس القى البطريرك الراعي عظة بعنوان "ها انا معكم طول الايام حتى نهاية العالم". وقال: "نحن اليوم نحتفل بعيد الثالوث الاقدس وبهذه المناسبة ندشن هذه الكنيسة الجميلة التي وضعها نيافة الكردينال جوزيبي بيتوري في خدمة الموارنة في فلورانس بكثير من الحب والتقدير وبالمساعي الحثيثة والدائمة للقنصل العزيز شربل الشبير". أضاف: "نحن رأيناها قبل ان تكون هكذا جميلة ولا نستطيع ان نقدر المبالغ التي دفعها القنصل الشبير ، لا نريد ان نعرف وانت لا تريد ان تقول كم هي ولكن نحن نعرف انك كنت سخيا لحبك لمار شربل شفيعك والذي اجتاز كل البحار حتى اصبح قديسا في كل مكان، عابرا للدول والانتماءات الدينية وللمذاهب، ويكفي من يفكر بمار شربل حتى يلبي طلباته فشكرا لك ايها القنصل وشكرا لمحبتك لكنيستك ولمار شربل، وشكرا لسخائك ولمحبتك ونحن نقدم هذه الذبيحة على نيتك ونية عائلتك لكي يبارككم الله بمزيد من الخير والنعم انتم تحتاجونها وتستحقونها". تابع: "اليوم تحتفل الكنيسة بعيد الثالوث الاقدس الاب والابن والروح القدس، فالاب هو المصدر كالشمس والابن هو الشعاع الذي يصلنا من خلال انه مخلوق منبثق من الله وحامل الروح القدس النور والحقيقة لكل انسان، فهذا هو سر الثالوث الاقدس نجده في كلام الرب في الانجيل عندما قال الرب يسوع لتلاميذه الذين هم اساقفة العهد الجديد وسلمهم كل سلطانه الالهي وقال لهم اذهبوا وتلمذوا جميع الامم، اشركهم بقدرته التعليمية كنبي وقدسوهم وعمدوهم باسم الاب والابن والروح القدس وهذا هو البعد الكهنوتي وعلموهم ان يعيشوا كل ما اوصيتكم به وهذا هو البعد الملوكي". اضاف: "ثلاثة أبعاد في حياتنا المسيحية تأتينا من الرب يسوع، فهو النبي لانه يعلم الكلمة وهو الكاهن بامتياز يقدم لنا ذاته ذبيحة فداء ويرعى المسؤولين في الكنيسة لكي يسوسوا ابناء الكنيسة بكل حكمة ودراية لكي يعملوا على جمع هذا القطيع بالوحدة والمحبة". وقال: "نعم إيماننا بالثالوث الاقدس هو ايماننا بثلاثة اساسية، ايماننا بيسوع النبي الذي علمنا كلام الله وهو كلمة الله، واشركنا في كهنوته المميز من كل كهنوت لانه هو الكاهن والذبيحة التي افتدى بها البشرية جمعاء والمسيح الملك بإمتياز لانه هو نفسه الملك، هذا هو ايماننا المسيحي الذي نحتفل به اليوم ومن خلاله نحمل رسالتنا الجديدة الى مجتمعاتنا". تابع: "نعم نحن نحمل ثقافة جديدة الى عالمنا، الاولى هي ثقافة النبؤة، فتنفتح عقولنا وقلوبنا الى معرفة كلام الله، لان من خلاله نستطيع ان نفهم ما يجري حولنا وفي حياتنا، ونحمل ثقافة كهنوتية لاننا نشارك المسيح في تقديم كهنوته وما نحمله من تضحيات وأعمال صالحة، كما نشارك المسيح في خدمتنا الملوكية وهي اننا ندحض كل ما هو ضد الحق والحقيقية ونعمل جهدنا من اجل الخير والوحدة والمحبة والسلام، فهذه الثقافة نحملها حيث نحن، فلا نستطيع ان نعيش من دون ثقافة ورسالة نحملها كمسيحيين حيثما نحن نبوية كهنوتية وملوكية والعمل من اجل السلام والتفاهم والنضال لكي يعيش الناس بسلام وحق فهذه هي رسالتنا نحملها كمسيحيين حيثما وجدنا مؤمنين بنعمة الثالوث الاقدس". وختم: "يا رب، نحن اليوم نقر ونعترف انك تسلمنا هذه الرسالة المثلثة فأعطنا النعمة كي نفهمها ونعيشها فنقدس حياتنا ونقدس عالمنا". وفي الختام كلمة لخادم الرعية الخوري داني كمال وللقنصل الشبير الذي تحدث فيها عن المراحل التي قطعتها عملية الترميم، سائلا الله "بشفاعة القديس شربل ان ينعم على وطننا لبنان بأعجوبة لخلاصه من ازماته". ثم قدم البطريرك الراعي أيقونة سيدة لبنان للكنيسة وميدالية البطريركية لكل من الكاردينال بيتوري والقنصل الشبير، وأعلن منح القنصل الشبير وسام مار مارون خلال زيارته الى لبنان. بعد ذلك تسلم البطريرك الراعي مفتاح الكنيسة من الكاردينال بيتوري، وبارك تمثال القديس شربل الذي وضع داخل الكنيسة، والمصنوع من الرخام وانجز في لبنان تقدمة ابن الجالية اللبنانية صخر عازار.
أما السفير غملوش فقال: "انه لشرف كبير لي كلبناني مقيم في الخارج، ان يتم تدشين كنيسة عمرها 800 عام على اسم طبيب السماء "مار شربل" الذي اصبح اسمه يصدح في جميع انحاء العالم، هو الذي وهبه الله نعمة شفاء المرضى دون تمييز بين مسلم ومسيحي، ابيض واسود، فقير او غني، فظهرت رحمة الله وعدله في كل اعماله وشفاءاته الجسدية والنفسية والروحية. والشكر للقنصل شربل شبير على هذا العمل الذي قام به من جيبه الخاص. مار شربل انت قدوة وفخر كل لبناني". وفي الختام أقيم كوكتيل في باحة الكنيسة وشرب الجميع نخب المناسبة.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: مار شربل
إقرأ أيضاً:
ما التناجي الذي نهى عنه الرسول ومتى يجوز؟.. الإفتاء تجيب
أجابت دار الإفتاء ، على سؤال يقول: ما هو التناجي الذي نهى عنه الرسول؟، حيث حث الشرع على مراعاة مشاعر الآخرين وعدم إلحاق الأذى بالغير، مشيرة إلى أنه مِن المقرَّر أن المحافظة على ترك ما يؤذي الإنسان ويُحزِنه مطلوبة شرعًا، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ النَّاسُ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ وَالْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ» أخرجه الإمام أحمد في "المسند"، والنسائي في "السنن".
ما التناجي الذي نهى عنه الرسول؟
وبينت أن هذا الحديث أصلٌ عامٌّ في تقرير وجوب ابتعاد الإنسان عن الأمور التي قد تؤذي غيره، ويندرج تحتها " التناجي أو النجوى"، وذلك بالكلام الخفيُّ الذي يناجِي به المرء صاحبه كأنه يرفعُه عن غيرِه، كما في "تاج العروس" لمرتضى الزبِيدي (40/ 29-31، ط. دار الهداية)، ويظهر تأذي الغير خاصة إذا كان الحاضرون ثلاثة من قصر الكلام الخاص على اثنين منهم بأحد معنيين: "أحدهما: أنه ربَّما يتوهم أن نجواهما إنما هو لتبييت رأي فيه أو دسيس غائلة له، والمعنى الآخر: أن ذلك من أجل الاختصاص بالكرامة وهو محزِنٌ صاحبه" كما قاله أبو سليمان الخطابي في "معالم السنن" (4/ 117، ط. المطبعة العلمية).
وتابعت: لذا فقد جاء النهي عن هذا الفعل، فيما رواه ابن مسعود رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إذا كنتم ثلاثة، فلا يتناجى اثنان دون صاحبهما، فإن ذلك يُحزِنه» متفقٌ عليه، ووجه الدلالة مِنه: أن هذا النَّهي ظاهِرٌ في التحريم، بدليل ترتُّب التعليل -وهو الإحزان- عليه بالفاء، كما في "دليل الفالحين" لابن علَّان الصدِّيقي (8/ 438، ط. دار المعرفة).
والأصل في التناجي: الكراهة والقُبح، كالمكر والخديعة، إذا لم يُقصد به أمرٌ حسن في الشرع، وقد بيَّن الله عزَّ وجلَّ أن النجوى لا تحسنُ إلا في وجوه مستثناة، فقال تعالى: ﴿لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ﴾ [النساء: 114].
وقال سبحانه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلَا تَتَنَاجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ﴾ [المجادلة: 9].
قال ابنُ عطية الأندلسي في "تفسيره" (5/ 277، ط. دار الكتب العلمية): [وصَّى الله تعالى المؤمنين في هذه الآية بأن لا يكون لهم تناجٍ في مكروه، وذلك عام في جميع الناس إلى يوم القيامة، وخصَّ الإثم بالذكر لعمومه، والعدوان لعظمته في نفسه، إذ هي ظلاماتُ العباد، وكذلك معصية الرسول ذكرها؛ طعنًا على المنافقين؛ إذ كان تناجيهم في ذلك] اهـ.
آداب التناجي
وحول ضابط التناجي المنهي عنه شرعا، قالت الإفتاء: يتحصل من هذه المعاني أن ضابط التناجي المنهي عنه شرعًا -وهو المسؤول عنه- يتحقق بجملةٍ من الأمور:
أولًا: أن يترك المتناجِيان واحِدًا منهم، ولو كانوا جماعة، فلو أبقوا أكثرَ مِن واحدٍ فلا مانِع اتفاقًا، فيجوز تناجي اثنين دون اثنين أو جماعة؛ لأن الثالث قد شاركه الباقون فيما يُستر عنه مِن الحديث، فيزول عنه سوء الظن، والحُكم يدور مع عِلَّته وجودًا وعدمًا، كما أفاده الإمام ابنُ بطال في "شرح صحيح البخاري" (9/ 64، ط. مكتبة الرشد).
فقد جاء في "موطأ الإمام مالك" عن عبد الله بن دينار، قال: كنتُ أنا وعبد الله بن عمر رضي الله عنهما عند دار خالد بن عقبة التي بالسوق، فجاء رجلٌ يريد أن يناجيه، وليس مع عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أحدٌ غيري، وغير الرجل الذي يريد أن يناجيه، فدعا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما رجلًا آخر حتى كنا أربعة، فقال لي وللرجل الذي دعاه: استأخِرَا شيئًا، فإني سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «لا يَتَنَاجى اثنان دون واحدٍ».
ثانيًا: أن تقلَّ الجماعة الحاضرة في مكان المحادثة، فإذا كان التناجي بحضرة جماعة كثيرة لم يُمنع؛ لأن ذلك أنفى للتهمة والرِّيبة؛ وذلك لما ورد في حديث جابرٍ رضي الله عنه أنه لما رأى برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جوعًا شديدًا في غزوة الخندق ذهب إلى زوجته، ثم قال: فجِئتُه فسارَرْتُه، فقلت: يا رسول الله، إنَّا قد ذبحنا بُهَيْمَةً لنا، وطحنَّا صاعًا من شعير كان عندنا، فتعال أنت في نفر معك. متفقٌ عليه.
ثالثًا: أن يكون التناجي بينهما بغير إذنٍ من بقيَّة الحاضرين سواء كان واحدًا منفردًا أو أكثر، فإن أذِن المنفرد أو الباقي في التناجي دونه أو دونهم: زال المانِع؛ لكون الحقِّ له، فإن أسقطه سقط، ولا يكون بذلك من التناجي المنهي عنه، كما في "الفواكه الدواني" للنفراوي (2/ 328، ط. دار الفكر).
والأصلُ فيه: ما أخرجه أحمد في "المسند" عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إذا تَنَاجى اثنان فلا تجلِسْ إليهما حتى تستأذِنَهما».
رابعًا: ألَّا يكون الثالثُ هو الداخِل على المتناجَيين في حال حديثهما وكلامهما سِرًّا، فلو تكلم اثنان في السِّر ابتداء، ثم أتى ثالثٌ ليستمع إليهما، فلا يجوز ما لم يُؤذن له، كما لو لم يكن حاضِرًا معهما أصلًا، كما في "فتح الباري" للحافظ ابن حجر العسقلاني (11/ 84، ط. دار المعرفة).
ويدلُّ على هذا: ما أخرجه البخاري في "الأدب المفرد" عن سعيد المقبري، قال: مررت على ابن عمر، ومعه رجل يتحدث، فقمتُ إليهما، فلَطَمَ في صدري فقال: إذا وجدت اثنين يتحدَّثان فلا تقم معهما، ولا تجلس معهما، حتى تستأذنهما، فقلت: أصلحك الله يا أبا عبد الرحمن، إنما رجوتُ أن أسمع منكما خيرًا.
خامسًا: أن يخشى المتناجيان أن يظن ثالثُهما أنهما يتحدثان في أمرٍ يكرهه، أو كان لا يعرِفُهما ولا يثق بهما، فيكون التناجي في هذه الحالة حرامًا، فإن أمِنَا من ظنِّه ذلك كُرِه تناجيهما؛ لأنه يغمُّ المنفرد مِن حيث الجملة، كما في "البيان والتحصيل" للإمام ابن رشد الجد (18/ 227، ط. دار الغرب الإسلامي).
وشددت بناء على ذلك: فلا مانع شرعًا مِن الكلام الخاصِّ مع شخصٍ في حضور ثالث، ولا يُعدُّ هذا من التناجي الممنوع إذا رُوعِيت الضوابط السَّابِقة، بأن يكون هذا الثالث على معرفةٍ وثقة بالمتناجِيَين، وأن يأذن لهما في هذا الحديث الخاص بينهما دونه، وألا يكون هو الداخلَ عليهما حال حديثهما سِرًّا.