غريبٌ أمر هذه الحرب والتي (للمفارقة) أظهرت دعماً بالبنادق للقوات المُسلحة من قِبل حركات دارفور المسلحة ـ التي استُولد لها اتفاق جوبا اسم حركات الكفاح المُسلح ـ فانخرطت بطوعها مع الجيش لصد عدوان الجنجويد بُغية سحقهم وقطع دابرهم في معركة الكرامة بعدما استباح هؤلاء الأوباش قراهم وفعلوا بأهلهم ما يندى له الجبين ويذهِل المُرضعة ويضع عن ذات الحمل حملها، كدفن الناس أحياء!
ووجه المفارقة يكمُن في العامل المتغيِّر في المُعادلة، فبالأمس القريب كان الجنجويد يوالون الجيش في صده لتمرد حركات دارفور المسلحة مفرغين وسعهم للقضاء عليها ووأد تمردها في معركة بسط هيبة الدولة، قبل أن يغرنهم بالله الغرور ويركبهم شيطان السلطة وشهوة المُلك فيقبض كبيرهم قبضة من أثر الرسول وكذلك فعل السامري! أما العامل المُشترك فهو التمرد على الدولة وما القوات المسلحة إلا أداة من أدوات الدولة تحفظ به كرامتها وهيبتها ويشترك معها في ذلك كل وطنيٍ غيور.
غير أن تمرد حركات دارفور المسلحة في السابق كانت بعض مطالبه مشروعة حيث حملت السلاح بشرف ولم يكن لها في بيوت الناس وأموالهم وأعراضهم حاجة ولم تصوِّب مدافعها للأعيان المدنية وما استهدفت البنية التحتية ولم تُشطت فتستجلب على أساس عرقي مرتزقة من دول الجوار لإحادث أبشع جرائم في حق الإنسانية وما اتخذت من سفهاء قاع المدينة حاضنة سياسية ومن مجرميها مقاتلين في صفوها للغنائم و(الشفشفة) كما فعل متمردي الدعم السريع في حربهم ضد دولة (56)!
بيد أن هذه الحرب رغم أضرارها فقد أجهزت على دعاوى إستهداف الدولة لشعبها عبر رافعة الجيش الذي يمثل أحد عناصر قواها الشاملة وهدمت أبنية أسست على شفا جرف هار فانهار! وأظهرت حقيقة أن كل دولة بما لديها من أدوات تنتصب لردع الذين حادوا عن سلطانها … وحق لها في ذلك الاستِعانة بأصحاب المصلحة لإخماد التمرد أو الجنوح للسلم إن تعبَّد للسلام سبيل. فالثابت أن تطلع الدولة بمهامها والمتغير أن ينتقل الجنجويد من منزلة الدفاع عن الوطن إلى قاع الارتهان لإمارة الشر.
لو أنفقت المؤسسة العسكرية عمرها لإثبات واجبها في استنهاض التمرد لما تثنى لها ذلك وما دلنا على هذا الواجب إلا تمرد من كان بالأمس يستنصرها فصار اليوم يستصرخها! أو كما دلَّت دابة الأرض على سقوط حلم دولة العطاوة التي أكلت منسأتها!
عصام الحسين
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
شاهد بالصورة.. بلقطة معبرة.. الجيش يواصل تمدده ويبسط سيطرته على مدينة بحري ويصل حتى كوبري المك نمر
تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي بالسودان, صورة وصفها المتابعون بالمعبرة لأحد ضباط القوات المسلحة السودانية.
وبحسب رصد ومتابعة محرر موقع النيلين, فقد ظهر الضابط وهو متكائاً, على إحدى جنبات أحد مسارات كوبري المك نمر الرابط بين مدينة بحري, والعاصمة الخرطوم.
ووأضحت الصورة تمدد القوات المسلحة في مدينة بحري, التي اقتربت من تنظيفها وفي طريقها نحو العاصمة الخرطوم.
محمد عثمان _ الخرطوم
النيلين
إنضم لقناة النيلين على واتساب