بسم الله الرحمن الرحيم
خطوات في طريق النصر
══════❁✿❁═════
الحمد لله القائل: {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [آل عمران: ١٦٠]، وصلى الله وسلم على النبي الكريم قال له ربه عز وجل: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون} [آل عمران: ١٢٣]، وقال له ولأصحابه: {لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ} [التوبة: ٢٥]، وبعد:
فإننا نخوض حربًا شرسة وضروسًا مع أعداء كُثُر، تكالبوا على بلادنا، ولم يبخل هؤلاء الأعداء جهدًا في حربنا وتخريب بلادنا، ولم يتركوا سبيلًا لهزيمتنا إلا سلكوه، وقد تطاول أمد الحرب وتضاعفت آثارها، وعظمت أضرارها، ولا يزال العدو يتمدد في القرى والأرياف ويذيق أهلها سوء العذاب من نهب، وسلب، وإهانة، وذل، وتقتيل، وتهجير، فالحكم لله العلي الكبير.
ولا خيار لنا سوى إسراع الخطى في سبيل النصر ورجاؤنا في الله عظيم، هو حسبنا ونعم الوكيل، لكن النصر له أسباب وعوامل، وقد سبق أن كتبت مقالة بعنوان: “عوامل النصر”، ذكرت فيها سبع عوامل بتفاصيلها وأدلتها كانت عناوينها كالتالي:
???? توحيد الله تبارك وتعالى، والتوكل عليه وطلب الغوث والنصر منه.
???? والثبات والصبر وذكر الله والدعاء.
???? وإقامة دين الله ونصرة شرعه.
???? واتخاذ البطانة الصالحة والمشورة الناصحة.
???? والوحدة وترك النزاع.
???? والحذر من معصية الله.
???? وإعداد القوة وبذل الوسع والحذر.
ومع تطاول أمد الحرب، وتأرجح الأحوال، وعدم ظهور علامات النصر، ضاق الناس ذرعًا ودبّ اليأس في نفوس بعضهم، وتضاءل الأمل عند بعضهم في نصر قريب، وسرى الإحباط إلى قلوب بعضهم، ولسان حالهم يلهج بقول: {مَتَى نَصْرُ اللَّهِ}، ونرجو أن يجيبنا ربنا عز وجل: {أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيب} [البقرة: ٢١٤]، فاللهم أنزل سكينتك علينا، واربط على قلوبنا، وامددنا بجنود من عندك، وثبت أقدامنا وأنصرنا على عدونا، وأنزل على عدونا بأسك الذي لا يرد، واشدد وطأتك عليهم، واهزمهم وفرق جمعهم، اللهم أحصهم عددًا واقتلهم بددًا ولا تغادر منهم أحدًا.
✍️ وفي هذه المقالة أذكر بمزيد من التدابير، والخطوات على طريق النصر، بجانب العوامل آنفة الذكر، وأرجو أن تجد آذانًا صاغية، وذلك على النحو التالي:
???? أولًا: البحث عن الحليف الاستراتيجي وبأسرع وقت، وهو متوفر ومتاح، فقط يحتاج إظهار الجدية في التعامل معه، وتوثيق ذلك التحالف وتعزيز الثقة، ومن ثَمَّ الاستفادة من هذا الحليف في تعزيز القوة العسكرية، والمساندة في المحافل الدولية.
???? ثانيًا: تفعيل دور الناطق الرسمي، وتعزيز الإعلام الحربي لتبصير الشعب، وتنويره، بل وتجييشه، والرد على الإشاعات التي يروج لها الإعلام المعادي، فلا بد أن نرى إعلامًا قويًا بمستوى الحدث، وناطقًا رسميًا محاربًا شرسًا يظهر بلَأْمَة الحرب، ويتحدث بقوة التحدي والصمود ويلهب الحماس، ويقوي الروح المعنوية.
???? ثالثًا: تطوير الخطط العسكرية وتحديثها، وإشراك ذوي الرأي والحكمة، وتقييم الخطط الجارية، والاستفادة من الأخطاء.
???? رابعًا: تقييم تجربة مشاركة الحركات المسلحة في الحرب _ في الخرطوم والجزيرة_، وتدارك الخلل، ومعالجة الإشكال قبل الاستفحال.
???? ومن وجهة نظري باعتباري أحد المواطنين المهتمين بالشأن أرى أن الأليق بالحركات المسلحة نقلهم إلى دارفور ليقاتلوا في أراضيهم التي خبروها وعرفوها، وهذا أكثر فائدة وأبعد عن الإخفاقات، ولا أظن أن تأكيد تحالف الحركات المسلحة مع الجيش يتطلب المشاركة في الوسط والشمال، بل حاصل بدون ذلك.
???? خامسًا: تسليح المقاومة الشعبية، وتزويدهم ببعض الموجهين وذوي الخبرة، وإنفاذ التوجيهات الأخيرة للقائد العام بجعل المقاومة جيشًا يتلقى كافة أنواع التدريب والتسليح.
???? سادسًا: المعالجة الجذرية لقضية العملاء والطوابير؛ فهي من أكبر التحديات التي تواجهنا في هذه الحرب، وكم سببت الخذلان والإخفاق، وكم أدت إلى الفشل، وأزهقت بسببها أرواح وضاعت مكاسب.
ومثلها قضية الفساد والرشوة في بعض الارتكازات ونقاط التفتيش التي بسببها تتسرب الأسلحة ويتسلل العملاء والجواسيس إلى المناطق الآمنة.
???? سابعًا: العناية بالضباط والجنود وضباط الصف وعامة المقاتلين بتحسين رواتبهم وتعجيل صرفها ومنحهم نثريات وحوافز، تكريمًا لمواقفهم العظيمة في هذه المحنة وقد مرّ عليهم أكثر من عام وهم يقاتلون ومنهم قضى نحبه، ومنهم من أُسِر، ومنهم الصابر القابض على الزناد، فهم أحق الناس بالدعم المادي والمعنوي، وأجدر بالعناية هم وأسرهم.
???? ثامنًا: تنظيف المؤسسات المدنية والدبلوماسية والسفارات من الأفراد المنحازين للعدو، وهذا أمر من بدهيات السياسة؛ إذ كيف يعقل أن يكون بعض العاملين في الدولة هم مع العدو الذي حكمنا عليه بالتمرد والخروج ونحاربه في الميادين وجبهات القتال؟
???? تاسعًا: التواصل مع القطاعات الفاعلة في هذه الحرب، والإجابة على التساؤلات وإزالة الشبهات التي تدور في أذهان كثيرين منهم؛ فإن المقاتلين في شتى الميادين والداعمين بشتى السبل تنتابهم أحيانًا الحيرة وتعتريهم الشكوك لعدم التواصل معهم وإطلاعهم على ما يلزم.
???? عاشرًا: تدارك بعض صور الخلافات الخفية قبل استفحالها، فالمتابع عن كثب يرصد مظاهر من الخلاف الخفي بين بعض القطاعات، وإذا لم يُتدَارك يُخشَى أن يستفحل أمره ويعظم ضرره، والذي أرجوه من الجميع خاصة في هذه الفترة الحرجة والمرحلة الدقيقة أن نتسامى فوق الخلافات، وأن نسعى لوحدة الصف بقدر المستطاع ونتجاوز عن هفوات بعضنا حتى لا نفشل أو نضعف كما قال ربنا: {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِين} [الأنفال: ٤٦].
???? فهذه عشر تدابير وقبلها سبعة أسباب، وكلها خطوات في طريق النصر.
اللهم نسألك المدد والعون والنصر المبين يا حي يا قيوم يا رب العرش العظيم اللهم آمين.
___________________
نشر بتاريخ: ١٧ ذو القعدة ١٤٤٥هـ، الموافق 2024/5/25م
════════❁══════
???? فضيلة الشيخ الدكتور: حسن أحمد حسن الهواري حفظه الله ????إنضم لقناة النيلين على واتساب
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: طریق النصر فی هذه
إقرأ أيضاً:
ما هي البدعة التي حذرنا منها رسول الله؟ .. علي جمعة يوضحها
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إنه لابد علينا أن نُحَرِّرَ مفهوم البدعة، سيدنا النبي ﷺ قال حديثًا عَدَّه الأئمة الأعلام -منهم الإمام الشافعي- من الأصول التي بُنِيَ عليها الدين: « مَنْ أَحْدَثَ فِى أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ ». قال العلماء: قال: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه، ولم يقل: من أحدث في أمرنا هذا شيئًا فهو رد. الشريعة جاءت لتعليم المناهج وبيان القواعد التي يُبنَى عليها الأمر متسعًا، فمن أراد أن يَحْصرها في الوارِد فقد ضيَّق موسَّعًا، وهذا هو البدعة.
واضاف جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، ان رسول الله ﷺ وضع أُسُسًا لكيفية التعامل مع الحياة بنَسَقٍ منفتح، فمن أراد أن يجعل النَّسَقَ ضيقًا ويجرُّ الماضي على الحاضر من غير اتساع فهو مبتدع، قال: ما ليس منه، ولم يقل: من أحدث شيئًا، لو قال شيئًا أغلق الأمر كما أرادوا أن يُغلقوه على أنفسهم، لكن لا، قال: ما ليس منه. أخرج الإمام النسائي أن رسول الله ﷺ بعدما انتهى من الصلاة قال: مَن الذي قال مَا قال حينما رفعت من الركوع؟ فخاف الصحابة ولم يتكلَّم أحد، قال: «مَن قال ما قال فإنه لم يقل إلا خيرًا» قال: أنا يا رسول الله، قال: «ماذا قلت؟»، قال: قلت ربنا لك الحمد حمدًا كثيرًا طيبًا طاهرًا مباركًا فيه ملءَ السموات والأرض وملء ما شئت من شيء. قال: «رأيت بضعًا وثلاثين ملكًا يبتدرها أيهم يصعد بها إلى السماء».
قال العلماء: وذلك التصعيد قبل إقرار النبي ﷺ ليعلمنا ما البدعة، وما الزيادة التي ليست ببدعة، فلما كان الكلام جميلاً فيه توحيد الله سبحانه وتعالى، فيه إخلاص واعتراف بالمنة له سبحانه وتعالى، كان وإن لم يسمعه من النبي، وإن كان قد زاده في الصلاة مقبولاً. وعندما سمع النبي في التلبية أعرابًا يقولون: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إلَّا شريكًا هو لك، ملكته ومَا مَلَكَك، أوقفهم وعلَّمهم، وأنكر عليهم، لأن هذا مخالف لما جاءت به الشريعة من إفراد التوحيد لله، فأنكره.
واستدل العلماء بحديث بلال: أن النبي ﷺ قام من ليلته فقال: «يا بلال، سمعتُ خشخشة نعليك قبلي في الجنة، فبما هذا؟»، قال: والله يا رسول الله لا أعرف، قال: إلا أنني كلما توضأت صليت ركعتين. رأى النبي مقام بلال من أجل الركعتين قبل أن يُقرَّهُما، وهو لم يعلمها بلالًا، بل إن بلالًا قد وفَّق بين الشريعة فرأى الوضوء شيئًا حسنًا والصلاة شيئًا حسنًا، فجمع بين هذا وذاك من غير استئذان النبي ﷺ ومن غير توقُفِ فعله على إقرار النبي، وذلك ليعلمنا كيف نعيش بنسقٍ مفتوح في عالمنا حيث نفتقد رسول الله ﷺ بوحيه وفضله المعروف العليم.
فإذا أحدثت شيئًا فلابد أن يكون من الشريعة، لا ضدًا لها، الأمر على السعة فإن جئت فضيقت وقلت: لا ذكر ودعاء إلا بكلام رسول الله ﷺ فقد ضيقت واسعا .