ما تأثيرات الحكم الفرنسي على 3 مسؤولين بارزين في النظام السوري؟
تاريخ النشر: 27th, May 2024 GMT
جاء الحكم الفرنسي الغيابي بالسجن مدى الحياة على 3 مسؤولين أمنيين رفيعي المستوى في النظام السوري، منهم علي مملوك الذي يوصف بـ"صندوق أسرار النظام"، بعد محاكمتهم غيابيا بتهمة التواطؤ في ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، على خلفية مقتل فرنسيين سوريين اعتُقلا عام 2013، ليمثل صفعة جديدة للنظام السوري، سيما وأن الحكم يؤكد وجود تعذيب ممنهج مارسه النظام السوري ضد المعارضين له.
وكانت محكمة في باريس قد أمرت بإبقاء مفاعيل مذكرات التوقيف الدولية التي تستهدف كلاً من المدير السابق لمكتب الأمن الوطني اللواء علي مملوك، والمدير السابق للاستخبارات الجوية جميل حسن، والمدير السابق لفرع التحقيق في الاستخبارات الجوية عبد السلام محمود.
وقالت المحامية كليمانس بيكتارت التي دافعت عن عدد من الأطراف المدنية في هذه القضية، إن "هذه أول محاكمة تُحاكم وتدين مسؤولين كباراً في نظام الأسد بتهمة التواطؤ في جرائم ضد الإنسانية".
واعتبرت أن هذا الحكم، "يتردد صداه لدى مئات آلاف السوريات والسوريين الذين ما زالوا ينتظرون العدالة"، في حين لم يعلق النظام السوري على الحكم.
سابقة قضائية
قضائياً، وصف المعتصم الكيلاني المختص في القانون الجنائي الدولي، الحكم بـ"الهام" لأنه يثبت سابقة قضائية في فرنسا بما يخص سوريا أنه هنالك تعذيب ممنهج في سوريا يفضي إلى الموت تحت التعذيب.
وأضاف لـ"عربي21" أن استهداف رأس أجهزة النظام السوري الأمنية أيضاً يثبت أن المسؤولية الجنائية تقع على عاتق تلك الأجهزة والنظام بشكل عام.
ولفت الكيلاني إلى أنه "سيبقى الفارون الثلاثة من العدالة سجيني سوريا وخاصة بعد الطلب من الإنتربول الدولي بالقبض عليهم وتسليمهم للقضاء الفرنسي".
من جهته، أشار عضو "هيئة القانونيين السوريين" عبد الناصر حوشان، إلى أن القضاء الفرنسي ملزم بتحريك الدعوى وملاحقة المجرمين ليس من باب الولاية العالمية وإنما استنادا إلى الاختصاص الشخصي، باعتبار أن الضحايا يحملون الجنسيّة الفرنسية.
وأوضح أنه المادة "113/7" من قانون العقوبات الفرنسي تنصّ على أنّ يطبق القانون الفرنسي على كل جريمة أو جنحة معاقب عليها بالسجن، يرتكبها فرنسي او أجنبي خارج أراضي الجمهورية إذا كانت الضحية تحمل الجنسية الفرنسية وقت ارتكاب الجريمة، وعلى أن تُحرك الدعوى الجنائية بطلب من النيابة العامة فقط مع وجوب سبق الدعوى تقديم شكوى من المجني عليه او أصحاب الحق او إخطار رسمي من سلطات الدولة التي ارتكبت بها الواقعة.
وأضاف لـ"عربي21" أنه رغم غيابية الحكم، فإن الجرائم المسندة للمتهمين هي جرائم لا تسقط بالتقادم ولا حتى العقوبات الصادرة فيها بحسب مواد القانون الفرنسي التي تنص، على عدم سقوط الدعوى العامة المتعلقة بالجرائم المنصوص عليها في الباب الفرعي الحالي بالتقادم، وكذلك العقوبات الصادرة، ما يعني أن "الحكم الغيابي الصادر بحقهم لا يسقط بالتقادم وبالتالي ينحصر الأمر بإعادة المحاكم في حال حضورهم أو إلقاء القبض عليهم".
ويعني كل ذلك بحسب حوشان، أن "أهم تأثيرات الحكم هي ملاحقة المحكومين، أي هم باتوا على قائمة المطلوبين دوليا".
رسائل سياسية..لا تطبيع مع الأسد
سياسياً، أشار الكاتب والمحلل السياسي باسل المعراوي، إلى الرسائل السياسية التي يحملها الحكم الصادر عن القضاء الفرنسي للنظام السوري، وخاصة أن الجهة هي فرنسا التي تعتبر من أهم الدول المؤثرة في الاتحاد الأوروبي.
وأوضح لـ"عربي21" أن الحكم يمس الدائرة الضيقة للنظام، ما يعني فعليا انتهاء مستقبل النظام السوري أوروبيا، وذلك على الرغم من التطبيع السياسي من قبل بعض الأطراف العربية مع النظام السوري.
ويتابع المعراوي، بالإشارة إلى رعاية فرنسا سابقاً لبشار الأسد، من حيث كان لتدخل فرنسا الدور الأبرز في احتواء أزمات النظام، مثل أزمة مقتل رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، وقال: "بالتالي القرار هنا يقطع أي قناة تواصل بين النظام السوري وباريس، وبعبارة أخرى الحكم هنا ليس على المحكومين الثلاثة فقط، بل على التطبيع الأوروبي مع بشار الأسد"، وفق تعبيره.
وفي السياق، دعا المعتصم الكيلاني، إلى وقف التطبيع مع النظام الذي ارتكب كل هذه الجرائم، وقال: "يجب التعامل معه على أنه مجرم حرب مكانه القضاء والملاحقة القضائية".
وقضية المحاكمة، ترتبط بالضحيتين باتريك الدباغ ووالده مازن، حيث اعتُقلهما النظام في دمشق في العام 2013، ونقل الرجلان اللذان يحملان الجنسيتين الفرنسية والسورية، إلى مطار المزة قرب دمشق الذي يوصف بأنه أحد أسوأ مراكز التعذيب التابعة للنظام، وغابت أي مؤشرات بأنهما على قيد الحياة، إلى أن تم الإعلان عن وفاتهما في آب/أغسطس 2018.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية النظام السوري تعذيب القضاء الفرنسي تعذيب النظام السوري احكام القضاء الفرنسي المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة النظام السوری
إقرأ أيضاً:
هذه هي أهم العوامل التي تُسقط الأنظمة الديمقراطية
تحدث ابن خلدون في نظريته عن تطور المجتمعات عن ثلاث مراحل يمرّ فيها كل مجتمع؛ وهي مراحل تعكس حياة الإنسان نفسه. وربما كانت من أكثر المراحل محاولةً للتحليل، هي مرحلة التراجع وما يعقبها من السقوط.
خلال قرون طويلة، طالما تم التركيز على سقوط الأنظمة ذات الطبيعة الشمولية، ويتم الحديث في كثير من الدراسات عن معايير معينة تكاد تنطبق على كل الإمبراطوريات والدول التي حكمت عبر التاريخ. وتكاد تكون وصفة التراجع ثم السقوط واحدة تقريبًا.
وقد اعتاد المؤرخون وأهل السياسة وأهل الاجتماع على القدرة على التنبؤ، ومحاولة تحليل لماذا تسارع سقوط نظام بعينه، ولماذا لم يحدث في نظام آخر. وتلك أمور تؤخذ حالةً بحالة، وتُدرس أيضًا بتناول تأثيرات الجغرافيا السياسية والبنية المجتمعية والقضايا الاقتصادية والمقدرات العسكرية، إلى غير ذلك.
خلال القرن العشرين، حصل تراجع في أركان النظام الدولي، والكل يعرف ماذا نتج عن الحرب العالمية الثانية، وكيف أن النظام الذي أنتجته الحرب العالمية الثانية، والذي خرج بقطبين وهما الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الأميركية، لم يستطع أن يستمر إلا أربعًا وثلاثين سنة بالنسبة للاتحاد السوفياتي.
السؤال اليوم، الذي كثيرًا ما يتم طرحه في النقاشات، هو: كيف يمكن الحديث عن تراجع أو سقوط نظام أو أنظمة ديمقراطية في العالم؟ لم يُواجَه مثل هذا السؤال في قرون طويلة؛ لأن النموذج الديمقراطي هو نموذج جديد، وبالتالي مواصفات ومعايير تراجعه أو سقوطه مختلفة تمامًا.
لذلك نجد أنَّ الحديث الذي أخذ يتزايد في العقدين الماضيين بشكل أساسي، يحاول أن يجعل النظام الديمقراطي استثناءً، ولا ينطبق عليه ما ينطبق على الأنظمة الأخرى، والحديث بالتأكيد عن الأنظمة الشمولية.
ولدفع فكرة التراجع والسقوط، يتم طرح "أسطورة الركود"، في محاولة لتفسير التراجع مع تشكيك قوي بأن هناك سقوطًا قد يحصل. وبغض النظر عن طبيعة النقاش الدائر والتشكيك الذي يجري في معاقل تلك الأنظمة الديمقراطية، فإن الحديث عن ركود أو تراجع وسقوط لا يأتي في دول شمولية. ودلالة ذلك أن هناك شعورًا خفيًا حول تغييراتٍ ما حصلت وتحصل، وأن تلك التغييرات هي التي تزج بهذا النقاش حول الركود أو السقوط.
مثل ذلك النقاش دفع بسؤال مهم: هل هناك معايير يمكن من خلالها وصف نظام بعينه أنه ديمقراطي؟ وإذا كانت الإجابة نعم، وهي كذلك، فإن ملاحظة تلك المعايير وما تواجهه من تغييرات، ستساعد في وضع بعض معايير للتراجع أو السقوط، وهذا ما تحاول هذه المقالة تقديمه.
معايير التراجعمن أهم المعايير التي يُنظر لها على أنها تعبير عن حالة التراجع وربما المضي في حالة السقوط، هي حالة الانقسام السياسي المتزايدة وإرهاق البنى السياسية والمجتمع، مع التشكيك في فاعلية المؤسسات التي تمثل العملية الديمقراطية.
كل هذا يحقق نتيجة مزلزلة وهي حالة من عدم اليقين. وبعبارة أوضح، فإن الصراعات الحزبية المتزايدة في النظام، وكيف أن هذه الانقسامات الحزبية، تجعل النظام أكثر هشاشة، والأسوأ من ذلك أنها تضرب صورة النظام الديمقراطي.
كما أن تلك الانقسامات تعمل على تقديم نموذج من القيادات غير المؤهلة، وتؤدي إلى ضعف كامل في النخبة السياسية. وهذا الأمر يحصل عمليًا في كثير من الدول، حيث يستطيع من ينظر إلى تجارب الانتخابات في كثير من الدول الديمقراطية خلال العقدين أو الثلاثة الماضية أن يرى ذلك، وكيف أن هذه الدول لم تستطع أن تقدم قيادات سياسية بالمستوى المطلوب.
بل إن هذه القيادات بدت مرتبكة وغير قادرة على التعامل مع التطورات المتسارعة سواء كانت الاقتصادية أو السياسية أو الاجتماعية. ولعل الإشارة إلى مواجهة وباء كورونا أثبتت أن تلك الأنظمة في أدائها كانت أسوأ من الأنظمة الشمولية، وأن البنى التحتية الصحية وغيرها كانت هشة وضعيفة، وأحيانًا عاجزة عن تقديم ما هو متوقع منها.
الأخطر من ذلك هو أن القيادات أخذت تهرب إلى الأمام عبر نشر ثقافة الخوف من الهجرة والأجانب، مع تراجع واضح في أداء الحكومات ومؤسساتها. من هنا، فإن الاستقطاب السياسي والانقسامات الحزبية تكاد تكون أهم عامل في تحديد معيار التراجع أو السقوط. عندما نتحدث عن التراجع الديمقراطي، نتحدث عن غياب معارضة سياسية، وغياب إعلام مستقل، وسيادة زعامات ونخب سياسية شعبوية بشكل أساسي.
المعيار الثاني الذي يتم الحديث عنه هو حالة ما يُسمى بالاستقطابات الاجتماعية، وما يرافقها من عملية خداع وتضليل لقواعد كثيرة في المجتمع، بحيث يُقدِّم النقاشات والحوارات والخلافات المستمرة على أنها جزء من العملية الديمقراطية وأن هذا مناخ صحي في المجتمع الديمقراطي.
ولكن هذه العملية في حد ذاتها لا تقدم حلولًا، وإنما تبقى عبارة عن نقاشات دون أن تقدم حلولًا لمشاكل الناس. وهذا الأمر يدفع إلى فقدان الأمل وفقدان الإيمان بكل العملية بمجملها. والأهم من ذلك، أنه يحدث أمران في غاية الخطورة:
تعزيز الانقسام المجتمعي: مما يجعل الناس غير مؤمنين بأي شكل من الأشكال بدور هذه المؤسسات الديمقراطية.
تزايد الشكوك حول مشروعية النظام: حيث يبدأ الناس بالتساؤل عن جدوى النظام، ولماذا يشاركون فيه أصلًا. ومن هنا تبدأ دورة جديدة من الانقسامات في المجتمع، ويبدأ حوار حول مدى ضرورة مثل هذا النظام الديمقراطي.
من المهم الإشارة هنا إلى أن قاعدة عريضة من الناس تقبل النظام الديمقراطي؛ لأنه يتكفل لهم بتقديم نوعية حياة أفضل، ويوفر لهم بيئة من الحرية تحترم فيها حرياتهم الخاصة. وعندما يفشل في تحقيق ذلك، يتزايد إحساس قاعدة عريضة من المجتمع بالشك في فاعلية النظام، ويشعرون أن هناك تلاعبًا بالقيم الناظمة للنظام الديمقراطي.
المعيار الثالث مرتبط بمسألة سيادة القانون: عندما تحدث الانقسامات ويحدث فشل في تقديم حلول لمشاكل الناس، تستشري الشعبوية، مما يدفع تدريجيًا إلى حالة من الهشاشة. وعندما تصبح الدولة في حالة من الهشاشة، فإن أول مسألة تتأثر هي مسألة سيادة القانون واحترامه. وبالتالي يدخل المجتمع في مرحلة من الفوضى الحقيقية، بحيث تتراجع ثقة الناس بالنظام بشكل كبير جدًا، وكذلك ثقتهم بالمؤسسات، مما يعزز الفجوة بين الأفراد والنظام وأدواته.
عندما يشعر الكثير من الناس أن هذا المجتمع لا يمثلهم، تبدأ حالة من غياب الأمن المجتمعي الذي من شأنه أن يدفع إلى مزيد من الانقسامات في المجتمع، وبالتالي انهيار الوحدة المجتمعية بشكل كبير جدًا. تلقائيًا، يجبر النظام السياسي الدولة، حتى في النظام الديمقراطي، على أن تصبح دولة تعسفية؛ لأنها لا يمكنها بالخطاب الديمقراطي والحريات أن تواجه هذه الأزمة، فتتجه إلى استخدام القوة، وأحيانًا القوة المفرطة.
خاتمةإن الحديث عن تراجع النظام أو الأنظمة الديمقراطية حاليًا ليس من قبيل الأمنيات أو انعكاسًا لمشاعر كراهية، بل هي تكاد تكون أشياء ملموسة يمكن مشاهدتها. ومرة أخرى، يجب التذكير بأن الذاكرة الإنسانية والتاريخ الإنساني الحديث لم يشهدا انهيار النموذج الديمقراطي حتى يتم القياس عليه.
من هنا، فإن هذه ستكون أول مرة يتم التفكير فيها على مستوى العالم كله حول المعايير التي ينبغي أخذها بعين الاعتبار للحديث عن هذا النظام الديمقراطي أو ذاك، وهل يتراجع أو يسقط تدريجيًا؟
في هذا السياق، ينبغي التذكير بأن الحديث عن الأنظمة الديمقراطية وكأنها استثناء لا تنطبق عليها السنن الكونية التي مرت على دول وأنظمة عبر التاريخ، هو أمر مضلل ولن يمنع تراجع تلك الأنظمة.
أخيرًا، إن التراجع (decline) ومن ثم السقوط (fall) هما عملية (process) وليسا حدثًا (event) عابرًا. لذلك، عامل الزمن حاسم، وطبيعي أن يأخذ الزمن حقه، خاصة إذا ما كان لدى النظام الديمقراطي آليات ترميم الذات. وهذا من شأنه أن يبطئ عملية التراجع، ومن ثم السقوط.
الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية