عربي21:
2025-03-09@13:51:21 GMT

كيف أسس طوفان الأقصى لخرائط سياسية جديدة؟

تاريخ النشر: 27th, May 2024 GMT

ليس هناك شك في أن الحقائق الشفافة والمعايير العادلة، تجعل من عبور السابع من تشرين الأول/ أكتوبر انتصارا تاريخيا من العيار الثقيل، فضلا عن صمود المقاومة والشعب الفلسطيني في مواجهة عدوان وحشي ليس له نظير في العصر الحديث، وذلك بطبيعة الحال في ضوء القراءة الواقعية لتاريخ الصراع العربي الصهيوني، وتداعيات النظام الدولي، واللحظة التاريخية الراهنة.



وبرغم هذا الانتصار التاريخي الذي لا تخطئه عين، إلا أنه لم يعدم خصوما من بني جلدتنا، يتحدثون بألسنتنا، فلا زال بعضهم يصور أن انتصار حركات التحرر الوطني على الاحتلال الأجنبي لا بد وأن يتضمن تفكيك جيشه وإبادة جنوده! وهو مفهوم غريب للانتصار، ولا يصلح أن يكون معيارا قابلا للتطبيق على حركات المقاومة والتحرر الوطني، حيث لو فعلنا لما أثبتنا لها أي انتصار على طول التاريخ، بل ودعوناها للاستسلام لقوة الاحتلال، التي غالبا ما تكون هي الأقوى. فالاحتلال الأجنبي في أحد أهم مظاهره، هو تعبير عن فائض في قوة الدولة تقوم بتفريغها بالاستقواء على دولة أخرى، فتحتل أرضها وتستنزف مواردها وفق مصالح استعمارية.

كشف عملية "طوفان الأقصى" عن الخطر الوجودي، الذي اعترف به قادة الغرب، حيث أكدوا أن إسرائيل أصبحت مهددة به أكثر من أي وقت مضى، وهو ما أظهر هشاشة المشروع، ومن ثم الحديث عن قرب زوال الدولة
كما أن الحقائق التاريخية تؤكد أن انتصار المقاومة في غزة، هو انتصار بكل المعايير، الاستراتيجية والثقافية والسياسية والحضارية والأخلاقية والميدانية، وأنه قد تحقق بالفعل ولا يحتاج للمزيد، كما أنه جاء والمنطقة والعالم في أمسّ الحاجة إليه، والأهم أنه انتصار وفق معايير انتصار حركات المقاومة والتحرر الوطني، التي يكفيها لكي تكون منتصرة: استمرار قدرتها على الحضور العسكري والسياسي، واستمرار الحفاظ على الحاضنة الشعبية، واستمرار القدرة على توسيع دائرة الأنصار واكتساب الحلفاء، وبالجملة: "استمرار قدرتها على الحفاظ على مشروع المقاومة حيا" لأن الزمن والتاريخ حتما لصالحها، ومن خلال هذا المعيار التاريخي، الذي انتصرت من خلاله كل حركات المقاومة الشعبية عبر التاريخ، يمكن أن نرى الانتصار الكبير للمقاومة الشعبية على أرض غزة الباسلة.

فعند محاولة تلمس أهم ملامح هذا الانتصار، سنجد العديد من الملامح والمظاهر، ابتداء من الهجوم الناجح (المباغت- السريع- على أرض العدو) والذي نسف نظرية الأمن الإسرائيلي، وهدد أهم أركان وجود الدولة اليهودية، وأسطورة الجيش الذي لا يُهزم، وبدد الحلم الصهيوني، وصولا للهجرة العكسية، التي بدأت تتوالى أخبارها، فضلا عن المخيمات التي تشهدها إسرائيل لأول مرة.. كما لا يخفى كشفه لمدى الخلل والهشاشة التي تمر بها القيادة الإسرائيلية والأمريكية على السواء، بل وإرباكه للحسابات الاستراتيجية الأمريكية، التي فشلت في إيجاد مسافة بينها وبين العدوان الصهيوني، حيث تماهت معه واصطفت إلى جواره بشكل فاضح.

لقد كشف عملية "طوفان الأقصى" عن الخطر الوجودي، الذي اعترف به قادة الغرب، حيث أكدوا أن إسرائيل أصبحت مهددة به أكثر من أي وقت مضى، وهو ما أظهر هشاشة المشروع، ومن ثم الحديث عن قرب زوال الدولة، وربما لو تأملنا في مشهد استدعاء حاملات الطائرات الأمريكية والبريطانية والغواصات النووية على عجل، للوقوف على سواحل إسرائيل، وكذلك قدوم الرئيس الأمريكي بنفسه ليشارك في مجلس الحرب الإسرائيلي، ثم وقوفهم جميعا بجوار إسرائيل لنصب شبكة دفاعية ضد الصواريخ والمسيّرات الإيرانية في ١٤ نيسان/ أبريل، لعلمنا حجم حاجة إسرائيل للشعور بالأمان بعد الفوبيا التي أصابتها في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر.

ولم يقف الأمر عند هجوم المقاومة العسكري الناجح، بل تم تتويجه "بالصمود" الشعبي والعسكري الأسطوري وفق الحسابات العسكرية والاستراتيجية، وذلك أمام أعتى آلة عسكرية في منطقتنا، بل وأعقد التقنيات في العالم، كما تمت إدارة "معركة دفاعية" أذهلت العالم، حيث إن أهمية مفاجأتها لا تقل عن المفاجأة الهجومية في يوم السابع من أكتوبر، فضلا عن الاستمرار في قصف العمق الإسرائيلي، برغم عمليات التدمير الواسعة التي نالت القطاع.

نجاح المقاومة برغم صعوبة المعركة في توزيع مظاهر المقاومة والنصر على محافظات القطاع، فكل غزة تقاوم، بل إن المناطق التي أعلن الاحتلال أنه قد دمرها أو تمكن منها، فإنها تنتفض للمقاومة من جديد، وهو ما ظهر في الشمال بشكل واضح.

الإيقاع بالجيش الصهيوني في "شراك خداع القوة وغطرستها"، حيث اندفع بكل قوته للانتقام دون خطة حقيقية أو تعريف محدد للنصر، لهذا لم يظفر بنصر حقيقي، ولم يستطع أقناع أحد بأنه يبحث عن نصر، فالانتقام من المدنيين وخاصة الأطفال والنساء لا يعد نصرا بحال، بل إن غطرسة القوة جعلته يتهم الفلسطينيين بالحيوانات! ومن ثم عدم التجهز لهم بشكل كاف فهم الأقل ذكاء، ومن ثم الوقوع في خسائر عسكرية فادحة، ربما لم يعرفها من قبل.. كما كان لغرور القوة دور مهم في كشفت وحشية المشروع الصهيوني الاستيطاني العنصري، ومن ثم تفكيك التعاطف العالمي الزائف معه، وهو ما عبر عنه بايدن بأن "إسرائيل تفقد الدعم في جميع أنحاء العالم".

نجحت المقاومة في استثمار أخطاء العدو، وخاصة توظيفها لإفراطه في استعمال القوة، وتدمير المدن وقتل الأطفال والنساء، وذلك بتحويلها لطاقات غضب إضافية، ضخّتها في شرايين المقاومة والتعبئة الشعبية، وحرمان العدو من مخططه الذي يهدف لقهر شعب غزة، وهزيمته معنويا
كما نجحت المقاومة في استثمار أخطاء العدو، وخاصة توظيفها لإفراطه في استعمال القوة، وتدمير المدن وقتل الأطفال والنساء، وذلك بتحويلها لطاقات غضب إضافية، ضخّتها في شرايين المقاومة والتعبئة الشعبية، وحرمان العدو من مخططه الذي يهدف لقهر شعب غزة، وهزيمته معنويا، فلم يظفر بالمقصود.

نجاح المقاومة في توظيف عملية تبادل الأسرى لصالح إبراز "أخلاق المقاومة الإسلامية" من خلال حسن تعاملها مع الأسرى ووداعهم الرحيم والحميم، حيث تلقفتها شعوب العالم بتشوف وأعجاب، وذلك في ظل زحمة صور حملات التوحش التي يديرها الجيش الصهيوني فضلا عن التعذيب والتعتيم على عمليات إفراجه عن السجناء الفلسطينيين، وهو ما مثل ردا غير مباشر على الحملات القاتمة التي صدرها الإعلام الغربي عن صورة الإسلام خلال العقدين الأخيرين، كما أنها أحرجت العمليات المستمرة لملاحقة المقاومة بوضعها على قوائم الإرهاب، برغم إصرار بايدن ونتنياهو والآلة الإعلامية الضخمة التي تعمل لمصلحتهما على دعشنة المقاومة، كما نجح التوظيف الإعلامي لعملية تبادل الأسرى في دحض سردية الاحتلال بخصوص نجاح عملياته العسكرية، حيث خرجت المقاومة بالرهائن على أرض غزة من المحافظات كافة وخاصة شمال القطاع.

نجحت "طوفان الأقصى" في الوصول بتأثيره العميق للأجيال الجديدة عبر العالم -ولا سيما في الغرب- حيث انتفض الشباب انتصارا للمقاومة والتحرر الوطني في مواجهة وحشية الجيش اللاأخلاقي، كما انتصر لحق الشعوب في الحرية والاستقلال وجعل حرية الشعب الفلسطيني قبلته.

كما وضعت "طوفان الأقصى" العالم أمام عولمة جديدة، حيث عولمة "ثقافة المقاومة" والانتصار لحركات التحرر والوقوف صفا واحدا ضد وحشية الاحتلال العنصري والحروب غير الأخلاقية.

لقد نجحت "طوفان الأقصى" في توظيف الإعلام البديل بصورة غير مسبوقة للانتصار للقضايا العادلة، وأصبح ميدانا حقيقيا للصراع بين "المستضعفين" و"المستكبرين"، ولهذا شاهدنا لأول مرة انتصار سردية "المقاومة" في مواجهة "الاحتلال" بعد أن كانت هيمنة الميديا العالمية قد احتكرت سردية "الإرهاب" في مواجهة "الحضارة"، وهو ما يرجع الفضل فيه للسوشيال ميديا التي هزمت الميديا العالمية المسيسة، وهو ما يضع العالم أمام مرحلة جديدة لها ما بعدها.

أعادت "طوفان الأقصى" الوعي لقطاعات مهمة من مجتمعاتنا كانت واقعة تحت تأثير الضغوط الهائلة لعمليات السلام الزائف وضرورة التطبيع، وذلك بعد ما كشفت إسرائيل ومن خلفها أمريكا عن عدوانية بلا حدود، مما أكد أن التطبيع والسلام لم يكونا غير قناع لاستلاب الحقوق الفلسطينية، والتمكن من كل مفاصل المنطقة
أعادت "طوفان الأقصى" الوعي لقطاعات مهمة من مجتمعاتنا كانت واقعة تحت تأثير الضغوط الهائلة لعمليات السلام الزائف وضرورة التطبيع، وذلك بعد ما كشفت إسرائيل ومن خلفها أمريكا عن عدوانية بلا حدود، مما أكد أن التطبيع والسلام لم يكونا غير قناع لاستلاب الحقوق الفلسطينية، والتمكن من كل مفاصل المنطقة. ولهذا رأينا الاعتذار المنطقي للدكتور أسامة الغزالي حرب وتبريره الجاد لتغيير موقفه من التطبيع، وهو ما يعظم من أولوية محاصرة التطبيع وفرصة نجاحه اليوم أكثر من أي وقت مضى.

لقد وضعت "طوفان الأقصى" الأمة وكياناتها الحية أمام فرصة تاريخيّة، إذا أحسنت استثمارها فإنها يمكنها أن تنتصر لكل قضاياها وكل شعوبها، بل وكل شعوب العالم المهمشة، كما يمكنها أن تتخلص من كل مظاهر التبعية وتتحرر من تغلغل المشروع الأمريكي الصهيوني في كل مفاصلها.

لقد خلقت "طوفان الأقصى" استقطابا عالميا، وأوجدت حالة شعبية، وولدت طاقات فكرية هائلة، تحتاج إلى بناء أطر ثقافية وسياسية تنطلق من حواضر عالم الجنوب لتفعيلها، ويقوم من خلالها شبابنا ببناء "تيار عالمي جديد" و"شبكات عابرة للحضارات"، تبشر بعالم جديد، ينتصر للمهمشين والمظلومين، في الجنوب والشمال على حد سواء.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المقاومة الاحتلال غزة غزة الاحتلال المقاومة طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة طوفان الأقصى المقاومة فی فی مواجهة فضلا عن وهو ما ومن ثم

إقرأ أيضاً:

إسرائيل تشدد قيودها على وصول فلسطينيي الضفة إلى المسجد الأقصى

فرضت إسرائيل، صباح اليوم الجمعة 7 مارس 2025، قيودا مشددة على وصول الفلسطينيين من الضفة الغربية إلى مدينة القدس لأداء صلاة الجمعة في المسجد الأقصى.

وأفادت مصادر محلية، بأن الجيش الإسرائيلي عزز قواته على المعابر المؤدية إلى القدس، ودقّق في هويات الفلسطينيين، ورفض دخول بعضهم بدعوى عدم الحصول على تصاريح خاصة.

وشهد حاجز قلنديا شمال القدس، وحاجز "300" جنوب المدينة، ازدحاما على بوابات الدخول من الضفة باتجاه القدس.

بدورها، قالت الفلسطينية بلانكا بركات (65 عاما)، إنها حاولت "عدة مرات الدخول لمدينة القدس عبر حاجز قلنديا العسكري وفي كل مرة يتم فحص بطاقتها الشخصية، ويرفض دخولها بحجة عدم الحصول على تصريح خاص".

وتساءلت بركات باستهجان: "كل هذه الإجراءات من أجل ماذا؟ تشديد قيود وإجراءات لا نعرف ما هي!".

وتستنكر بركات السماح الإسرائيلي للمستوطنين بدخول المسجد الأقصى في شهر رمضان بينما يتم منع الفلسطينيين من الوصول إليه، مضيفة "هذا مسجدنا ومسرى رسولنا عليه الصلاة والسلام".

وختمت قائلة: "من المفترض أن يتم فتح كل الحواجز والسماح لكل الفلسطينيين بالدخول للأقصى والصلاة فيه".

من جانبه، قال السبعيني سيف مصطفى، إن الجيش الإسرائيلي منع دخوله مدينة القدس بحجة عدم حصوله على تصاريح خاصة.

والخميس، صادق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، على فرض قيود مشددة على وصول المصلين الفلسطينيين إلى المسجد الأقصى خلال أيام الجمعة في شهر رمضان.

وجاء في بيان صدر عن مكتب نتنياهو، أن الحكومة أقرت توصية المنظومة الأمنية بالسماح لعدد محدود من المصلين من الضفة الغربية بدخول المسجد وفقًا للآلية المتبعة العام الماضي.

ووفق التوصية، سيسمح فقط للرجال فوق 55 عامًا، والنساء فوق 50 عامًا، والأطفال دون 12 عامًا بدخول المسجد الأقصى المبارك بشرط الحصول على تصريح أمني مسبق والخضوع لفحص أمني شامل عند المعابر المحددة.

ويتزامن هذا القرار مع استمرار اقتحام مئات المستوطنين الإسرائيليين للمسجد الأقصى يوميًا خلال رمضان، وسط تصعيد إجراءات التضييق على الفلسطينيين القادمين من الضفة الغربية.

وكانت السلطات الإسرائيلية فرضت قيودًا مشددة على وصول الفلسطينيين من الضفة إلى القدس الشرقية منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، فيما أعلنت الشرطة نشر تعزيزات أمنية إضافية في القدس مع حلول شهر رمضان.

ويعتبر الفلسطينيون هذه الإجراءات جزءا من محاولات إسرائيل لتهويد القدس الشرقية، بما في ذلك المسجد الأقصى، وطمس هويتها العربية والإسلامية.​

المصدر : وكالة سوا - الأناضول اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين العدوان الإسرائيلي على طولكرم ومخيميها يدخل يومه الـ40 الاحتلال يرفض تسليم الحرم الإبراهيمي في الجمعة الأولى من رمضان الاحتلال يعتقل 13 مواطنا من الخليل الأكثر قراءة قرار إسرائيلي جديد لإعاقة وصول المصلين إلى المسجد الأقصى آخر تطورات عدوان الاحتلال المتواصل على جنين وطولكرم اعتقالات بالضفة وتشديد إجراءات عسكرية في محيط نابلس الجيش الإسرائيلي يعلن اغتيال مسؤول بارز في "حزب الله" عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • لماذا لا يمكن للسلطة الفلسطينية وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل واختيار المقاومة؟
  • إعلام العدو: أكثر من 10 آلاف جندي خرجوا من الخدمة منذ طوفان الأقصى
  • تحقيقات طوفان الأقصى.. الشاباك في مواجهة نتنياهو
  • ما وراء سماح إسرائيل بالصلاة في المسجد الأقصى في رمضان
  • العربي للدراسات السياسية: إسرائيل تستخدم سلاح التجويع للضغط على المقاومة
  • قيادي بحماس: لولا طوفان الأقصى لأصبحت فلسطين مثل الأندلس
  • يوم المرأة العالمي.. استشهاد أكثر من 12 ألف فلسطينية منذ "طوفان الأقصى"
  • أول تعليق من حماس على اقتحام الاحتلال للمسجد الأقصى
  • إسرائيل تشدد قيودها على وصول فلسطينيي الضفة إلى المسجد الأقصى
  • محللون: تحقيق الشاباك حول طوفان الأقصى يغذي التوتر بإسرائيل