جلسة بمنتدى الجزيرة: الإبادة بحق صحفيي غزة أثبتت نفاق القوانين الدولية
تاريخ النشر: 27th, May 2024 GMT
الدوحةـ شعور بالألم ارتسم على وجوه المشاركين والحاضرين في منتدى الجزيرة الـ 15، أمام الجسد المبتور لمراسل الجزيرة الزميل عمر أبو إسماعيل بعد أن هشم الاحتلال الإسرائيلي ساقه بصاروخين نتج عنهما بتر للساق اليمنى من الفخذ المخبئ تحت كرسيه المتحرك.
لكن الرجل بدا أمام الحاضرين جالسا مبتسما يروي حكاية دامية ارتسمت معالم شقائها على وجه الزميل وائل الدحدوح الجالس بمحاذاته بيد مصابة تزينها الأسياخ الحديدية، لتتشكل أمام كاميرات الهواتف وشاشات النقل المباشر واحدة من اللوحات الشاهدة على معاناة شعب ترتكب بحقه إبادة جماعية يراها العالم ويصمت.
لم يصمت رئيس اتحاد صحفيي أفريقيا عمر الفاروق عثمان، ليقول إن الجرائم بحق الصحفيين في غزة تعدت مصطلح الإبادة أو المجزرة، وأثبتت أن القوانين الدولية لحماية الصحفيين الموضوعة منذ أكثر من قرن ماهي إلا "كذب ونفاق صارخ وثقته أجساد الصحفيين المقطعة وأجساد أطفالهم المتهتكة".
وطالب عثمان في جلسة منتدى الجزيرة المقامة تحت عنوان "استهداف الصحفيين في الحرب على غزة: واقع الانتهاكات وجهود الحماية"، بضرورة عدم إفلات الجناة كما أفلتوا من جريمة اغتيال الصحفية شيرين أبو عاقلة.
ولم يخف رئيس اتحاد صحفيي أفريقيا شعوره بـ "العار والخزي" على حد قوله للجزيرة نت، لما يشاهده يوميا من تنكيل بالصحفيين في غزة، مؤكدا أن ما تقترفه قوات الاحتلال الإسرائيلي بحقهم هو جريمة منظمة لا تقبل النقاش، مطالبا في الوقت ذاته بتجاوز البيانات وخطابات الاستنكار والانتقال لتطبيق العقاب الفعلي على المجرمين والجناة.
ويرى عثمان أن النظام الدولي لحماية الصحفيين في العالم غير ناجع وحبر على ورق، مناديا بضرورة تشكيل نظام دولي جديد ملزم وقوي يحاسب كل من يعتدي على الصحفيين في العالم، ومؤكدا أن كل الصحفيين في أفريقيا يعبرون عن تضامنهم مع مأساة الزميلين وائل الدحدوح وعمر أبو إسماعيل، وكل من قتل وعذب في غزة لأجل حرية الكلمة.
جلسة اليوم في "منتدى الجزيرة" حول استهداف الصحافيين في حرب غزة وشهادة مؤثرة من العزيزين وائل الدحدوح واسماعيل أبو عمر. pic.twitter.com/wwUgfIqXC1
— محمد كريشان (@MhamedKrichen) May 26, 2024
تشويه الجزيرةوانتقل الإعلامي محمد كريشان مدير الجلسة بالحضور إلى فضاء الإنترنت عبر شاشة تحدثت فيها المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بتعزيز الحق في حرية الرأي والتعبير إيرنا خان، التي قالت إن الصحفيين في غزة يتعرضون لحملات تشويه إسرائيلية ممنهجة عبر ووسائل الإعلام العالمية بهدف تبرير قتلهم أمام الكاميرات.
وكشفت خان عن خطة إسرائيلية لتشويه قناة الجزيرة وشيطنتها وشيطنة كل من يعمل فيها من صحفيين ومراسلين في فلسطين، وهي بحسب خان وسيلة جديدة تضرب بها إسرائيل كل من ينادي بحرية الرأي والسماح بنقل الحقائق على الأرض، وأداة لإقناع الشارع الإسرائيلي ودعاة الحرية في العالم بأن وسائل الإعلام التي منعت من البث في إسرائيل ما هي إلا أدوات لدعم الإرهاب.
ووجهت المقررة الخاصة للأمم المتحدة اتهامات مباشرة لتل أبيب بأن لا حرية للصحافة فيها ولا استقلالية لوسائل الإعلام، مواصلة اتهاماتها للمؤسسات الدولية الكبرى في أوروبا وأميركا لالتزامهم الصمت تجاه ما يلاقيه الصحفيون في غزة من قتل وأسر وتعذيب.
وخلصت خان إلى القول إنه "إذا لم نتمكن من حماية الصحفيين في غزة فإننا نعرض إنسانيتنا للتهديد، ونشوه معنى الديمقراطية وحقوق الإنسان والحرية في العالم"، قبل أن تختم حديثها بمطالبة المحكمة الجنائية الدولية بالتحرك العاجل لمعاقبة قادة إسرائيل المسؤولين عن قتل الصحفيين في فلسطين.
بدورها عبرت رئيسة مجلس إدارة المعهد الدولي للصحافة الجنوب أفريقية خديجة باتيل عن قلقها البالغ للعدد الكبير من الصحفيين الذين قتلوا في غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وقالت إن أي هجوم على أي صحفي في غزة هو هجوم صارخ على كل صحفي في العالم، مطالبة بضرورة السماح بدخول الصحفيين إلى قطاع غزة وممارسة عملهم الصحفي من دون شروط.
باتيل شاركت الحضور مخاوفها لاستمرار استهداف الصحفيين في غزة وقتلهم اليومي، خاصة أن الباحث في مركز الجزيرة للدراسات محمد الراجي، عرض في الجلسة أرقاما وصفتها باتيل بالمرعبة.
وعرض الراجي في الجلسة أبحاثا وثقت قتل صحفي واحد كل 33 ساعة في غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ليصل عدد الصحفيين الذين قتلوا في القطاع إلى 154 صحفيا وصحفية خلال 7 أشهر، بينما شهد العالم خلال الـ 56 عاما الماضية قتل 104 صحفيين، واصفا عملية قتل الصحفيين في فلسطين بالصادمة وغير المسبوقة.
واختتم مراسل قناة الجزيرة وائل الدحدوح جلسة منتدى الجزيرة بنسخته الـ 15 بالقول "ليس من السهل أن يرى الصحفي أسرته وأهله وأحبابه وجيرانه يقطعون، وتمزق أجسادهم، وينحرون من الوريد إلى الوريد، هذا أمر في غاية الصعوبة".
ومع ذلك فقد خلق الصحفي الفلسطيني -وفقا للدحدوح- نموذجا ملهما لكل الصحفيين في العالم وللنخب وعامة الناس وللأجيال القادمة بأن صوت الحق لابد أن يعلو على صوت القتل والدمار.
ويؤكد الدحدوح أن "الصحفي الفلسطيني سيستمر في التغطية طالما أنه على قيد الحياة حتى وإن كان الثمن باهظا جدا".
واختتم اليوم الأحد المنتدى بعد يومين من النقاشات التي هيمنت عليها الحرب في قطاع غزة، حيث ناقش المنتدى تداعيات عملية طوفان الأقصى وما أعقبها من حرب إسرائيلية على غزة وعلى القضية الفلسطينية سياسيا وإستراتيجيا، كما ناقش أثرها على إسرائيل.
وسلط المنتدى كذلك الضوء على المواقف الإقليمية والدولية والانحياز الغربي لإسرائيل في حربها على غزة، وتأثير ذلك في قيم ومؤسسات النظام الدولي.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الصحفیین فی غزة منتدى الجزیرة وائل الدحدوح فی العالم
إقرأ أيضاً:
الكاتب الصحفي صلاح الدين عووضه يروي تفاصيل جديدة عن نجاته من “الوحوش”.. ونجوت!!
حصريا على “تاق برس ” .. الكاتب الصحفي صلاح الدين عووضه يروي تفاصيل جديدة عن نجاته من “الوحوش”.. ونجوت!!
ونجوت !! (2)
كان عددهم كبيرا… وجاري عماد – صاحب البيت المواجه – يقف في منتصف سياج البيت الحديدي المنبثة في أرجائه شجيرات ونباتات وزهور..
يقف ناظرا إليهم وهم يحاولون تسلق السياج بعد رفضه فتح بابه لهم..
وبعد قليل رأيت أضألهم جسما يتسلقه – كما القرد – من جهة نقطة ضعفه الوحيده وهي السبيل..
وسرعان ما نجح في ذلك . بخفة نسناس – ليفتح الباب لبقية زملائه من الوحوش..
وعند هذا الحد كففت عن التحديق عبر ثقب الباب وهرولت نحو الداخل..
فقد سمعت صياحا قريبا وصوت أحدهم يزمجر آمرا : أطرقوا جميع هذه الأبواب..
فأدركت – عندئذ – أن عددهم أكبر مما كنت أظن..
وأنهم يحاصرون غالب بيوت حينا لا منزل عماد وحده..
وعلمت من جارنا هذا – عند انقشاع الغمة – أنه نجا من القتل بأعجوبة..
القتل طعنا بالسونكي تجنبا لإطلاق أعيرة نارية؟..
كانوا يكثرون من تحذير بعضهم بعدم استخدام الرصاص بما أن الجيش وصل عند حدود منطقتنا
الشمالية..
وهم بقدر خشيتنا منهم يخشون الجيش ؛ وأكثر..
سيما – حسبما يتهامسون فيما بينهم كتائب البراء…ودوابي الليل…وقوات العمل الخاص..
ويفرون من أمامها – ومن جميع أفراد القوات النظامية – فرار الأرنب البري من كلاب الصيد السلوقية..
وينطبق على كل واحد منهم شطر بيت الشعر القائل : أسد علي وفي الحروب نعامة..
نجا جاري -كما ذكرت – من الموت طعنا بالسونكي مرتين..
وعند محاولة طعنه للمرة الثالثة حدث شيء كان سببا في نجاته..
ونجاتي أنا – كذلك – بفضل الله..
وقبل أن أواصل قصتي أنا مع هؤلاء الوحوش أحاول التمهيد لذلك – تشبيها – بما خيم على
ذهني في تلكم اللحظات..
هل منكم من شاهد فيلم الرعب الأمريكي الشهير (الفزاعة)؟..
إن كان منكم من شاهده فلا يمكن أن ينسى عربة كائن الفزاعة المخيفة ؛ شكلا ، وصوتا ، ولونا..
وما يعنيني هنا الصوت ؛ فهو ما كان متاحا لي وأنا وراء الباب..
فقد دوى في فضاء حينا – فجأه – هدير عربة مرعب..
هدير لم أسمع له مثيلا إلا ذاك المنبعث من عربة كائن الفزاعة..
وتزامن صخبه مع قرع عنيف على بابي مصحوب بشتائم في غاية البذاءة.. ولا يمكنا أن تصدر إلا من بذيئين..
ثم أعقب ذلك قسم بقتلي – شر قتلة – فور اقتحامهم البيت..
وسمعت أحدهم يصرخ بغضب شديد : فلنقتلع
هذا الباب اللعين اقتلاعا بواسطة عربتنا..
وعربتهم هذه كان هدير محركها المرعب قد اقترب مني كثيرا..
فلم يخالجني أدنى شك في أنهم سيسحبون الباب إلى الخارج بها ، أو يدفعونه نحو الداخل بمؤخرتها..
وما من حل ثالث ؛ بما أن سلك (غوانتنامو) الشائك يحول دون تسلق الحائط..
وعربة كائن الفزاعة تهدر وكأن محركها محرك شاحنة ضخمة ، وإطاراتها إطارات مجنزرة عسكرية..
وازداد الطرق على الباب ضخبا مع تزايد ضجيج العربة..
وسمعت من يصرخ بأعلى صوته ليسمع في خضم هذا الصخب والضجيج : أين أنتم يا أولاد ال……..؟…لقد أخرجنا السيارة ؛ دعونا (نتخارج) سريعا..
فأدركت – لحظتها- أن عربة كائن الفزاعة كانت منشغلة بسحب عربة جارنا عمر..
وأنشغل بهذا الأمر أيضا كثير من الوحوش التي بالخارج..
فكان في فقد عمر لعربته نجاة لعماد ؛ ولشخصي..
من موت محقق !!