الأوضاع في تونس تستوجب أكثر من تعديل وزاري
تاريخ النشر: 27th, May 2024 GMT
قرر الرئيس قيس سعيد القيام بتعديل حكومي وصف بالجزئي، ورغم أن التعديل لم يكن واسعا، إلا أنه فاجأ الأوساط السياسية نظرا لما يحمل في طياته من دلالات وتداعيات محتملة. فالوزيران اللذان تمت إقالتهما يعتبران من أهم الفاعلين المقربين من الرئيس قيس سعيد والمدافعين بشراسة عن مسار 25 تموز/ يوليو؛ الذي بمقتضاه حدث تحول جذري في البلاد.
فوزير الداخلية السابق كمال الفقي يعتبر بحكم تاريخه من الكوادر اليسارية التي ساندت سعيد قبل انتخابه وبعده، وقد تولى الوزارة في سياق سياسي صعب. أما مالك الزاهي الذي يحمل حقيبة وزارة الشؤون الاجتماعية، والذي كثر الحديث عنه بحكم ماضيه النقابي وصراعه غير العلني مع وزير الداخلية الأسبق توفيق شرف الدين، فقد لعب دورا هاما في "ترويض" الاتحاد العام التونسي للشغل الذي حافظ على هدوئه رغم اعتقال عدد من كوادره خلال الفترة الماضية. فالرجلان يعتبران من بين الأركان التي تم الاعتماد عليهما لتثبيت حكم الرئيس سعيد، وبناء عليه يعتبر ما حصل تعديلا سياسيا يختلف عن التحويرات الفنية السابقة، فالحزام حول الرئيس يضيق تدريجيا.
رئيس الدولة حريص على حماية أصدقائه ورفاقه، لهذا سارع في نفي حصول انتهاكات سواء في العلاقة مع المحامين أو الصحافيين، واعتبر أن السلطة احترمت القانون فيما أقدمت عليه. وبالتالي يُستبعد أن يقدم قيس سعيد على تغيير سياسته في مجال الحريات على الأقل في وقت قريب، فلم يعرف عنه حتى الآن استعداد للتراجع وتعديل السرعة وانتهاج أسلوب المناورة والتكتيك السياسي
يتنزل هذا التعديل الوزاري في سياق أزمة سياسية خانقة، لقد شهدت الأشهر والأسابيع الأخيرة أحداثا غير عادية تمثلت بالخصوص في مواجهة غير مسبوقة بين الجهات الأمنية والمحامين. فاقتحام دار المحامين في مناسبتين متتاليتين بطريقة خشنة وإيقاف محاميين، وما نتج عن ذلك من تكسير وعنف واتهام بـ"ممارسة التعذيب" على المحامي مهدي زغروبة، هي تهمة خطيرة لا يزال الجدل متواصلا لإثباتها والتأكد من صحتها.
من جهة أخرى صعّدت السلطة ضد الصحافيين والمدونين، حيث تم تنفيذ المرسوم 54 الشهير والحكم بسنة على اثنين منهم بشكل اعتبره الحقوقيون إجراء تعسفيا خطيرا. وترتب عن ذلك تنظيم حملة مساندة واسعة في داخل تونس وخارجها، وهو ما اعتبره الرئيس سعيد تدخلا عير مقبول في الشؤون الداخلية للبلاد. وبذلك عادت الأجواء السابقة لجعل من تونس مرة أخرى محل اتهام بعدم احترام حرية الصحافة وحقوق الإنسان.
يتساءل البعض: هل هناك علاقة بين تغيير وزير الداخلية والانتهاكات التي حدثت خلال الفترة الأخيرة؟ يصعب الجزم بذلك. فرئيس الدولة حريص على حماية أصدقائه ورفاقه، لهذا سارع في نفي حصول انتهاكات سواء في العلاقة مع المحامين أو الصحافيين، واعتبر أن السلطة احترمت القانون فيما أقدمت عليه. وبالتالي يُستبعد أن يقدم قيس سعيد على تغيير سياسته في مجال الحريات على الأقل في وقت قريب، فلم يعرف عنه حتى الآن استعداد للتراجع وتعديل السرعة وانتهاج أسلوب المناورة والتكتيك السياسي.
مع ذلك هناك محطة سياسية قادمة لم يعد بالإمكان تجاهلها، وهي الانتخابات الرئاسية التي ستنظم قبل نهاية السنة الجارية. ولا شك في أن قيس سعيد معني بدرجة هامة بهذا الحدث الذي سيشغل الرأي العام بعد الصيف مباشرة، ورغم أنه لم يعلن عن نيته في الترشح لدورة ثانية، لكن معظم المؤشرات تدل على وجود هذه الرغبة. المطلوب أيضا من الرئيس سعيد تحسين المناخ السياسي الذي ستجري فيه الانتخابات، وهو ما يقتضي التخفيف من القبضة الحديدية، ومعالجة ملف السجناء السياسيين ومساجين الرأي عموماوما يحصل للمعارضين بمختلف ألوانهم وانتماءاتهم السياسية والأيديولوجية دليل على ذلك، كما أن "ملفات الفساد" وغيرها التي يواجه بها كل من ينوي الترشح ويستند على قاعد حزبية أو شعبية؛ مؤشر آخر على وجود رغبة في توفير الشروط التي من شأنها تسمح بتنظيم انتخابات لا تهدد موازين القوى السائدة.
في هذا السياق، سيكون قيس سعيد كغيره ممن سيكتب له الترشح مطالب بتقديم حصيلة الإنجازات التي تحققت خلال عهدته السابقة، وذلك على جميع الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وهو يعلم جيدا أن هذه المسألة ستشكل المجال المفضل لدى خصومه الذين يتهمونه بالقول إن المحصلة ضعيفة أو كما يقولون صفرية، لهذا جاء اهتمام رئيس الدولة في الفترة الأخيرة بتحريك بعض المشاريع القديمة التي توقفت بعد الثورة ولم يتم البحث عن أسباب تعثرها. مثال على ذلك مشروع "سما دبي" المعطل منذ التسعينات، والذي يعتبر من المشاريع الكبرى التي تم الاتفاق حولها مع دولة الإمارات قبل أن تتوقف المفاوضات، ويتعلق المشروع ببناء مدينة بجنوب العاصمة متنوعة الخدمات تسع لحوالي ربع مليون ساكن.
كما أن المطلوب أيضا من الرئيس سعيد تحسين المناخ السياسي الذي ستجري فيه الانتخابات، وهو ما يقتضي التخفيف من القبضة الحديدية، ومعالجة ملف السجناء السياسيين ومساجين الرأي عموما. فهل هناك أمل في تحقيق ذلك ولو بشكل جزئي، أم أن الأوضاع ستواصل سيرها في طريق مسدود؟
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه قيس سعيد التونسي التعديل الوزاري الحريات الانتخابات تونس انتخابات حريات تعديل وزاري قيس سعيد مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الرئیس سعید قیس سعید
إقرأ أيضاً:
رشيد يدعو للحفاظ على العلاقات السياسية الإيجابية مع دول المنطقة
آخر تحديث: 26 نونبر 2024 - 8:51 ص بغداد/ شبكة أخبار العراق- اعلن رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد، دعمه لعمل البعثات الدبلوماسية العراقية، فيما أشار إلى أن المنطقة تشهد أوضاعاً معقدة تستوجب جهودا دبلوماسية للحفاظ على العلاقات الإيجابية.وذكر المكتب الاعلامي لرئاسة الجمهورية في بيان، أن “رئيس الجمهورية عبد اللطيف جمال رشيد، أكد خلال استقباله في قصر بغداد، أمس الإثنين نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية فؤاد حسين، ووكلاء الوزارة، بالإضافة إلى رؤساء البعثات الدبلوماسية العراقية في الخارج، أن البعثات الدبلوماسية العراقية ينبغي أن تكون المرآة العاكسة لصورة العراق الحقيقية وما يشهده من تطور واستقرار في أعقاب تخطيه التحديات والمخاطر الأمنية التي واجهته.”وجدد الرئيس، في بداية اللقاء، بحسب البيان، ” التهنئة بالذكرى المئوية لتأسيس وزارة الخارجية، وانعقاد مؤتمر السفراء الثامن”، متمنيا أن “تسهم توصياته في تميز مخرجات عمل الدبلوماسية العراقية مع الدول الشقيقة والصديقة. “وأضاف رشيد، أن “المنطقة تشهد اليوم أوضاعاً معقدة تستوجب جهودا دبلوماسية للحفاظ على العلاقات السياسية الإيجابية مع دول المنطقة، واعتماد لغة الحوار والتفاهم، والعمل والتنسيق المشترك للحد من تصاعد التوترات والأزمات الدولية، وبما يسهم في ترسيخ السلم والأمن الدوليين”.