الدكتور سلطان القاسمي يكـتب: في الشندغة.. عشت ليالي وأياماً
تاريخ النشر: 27th, May 2024 GMT
الدكتور سلطان بن محمد القاسمي
في شهر مارس من عام 1948م، كنت جالساً في المخزن (مقر الإقامة) مع والدي، قبل ظهر ذلك اليوم، عندما دخلت والدتي علينا، وقد بان عليها الحزن، وهي تقول: «محمد... أمي حمدة عندي، تريد تسلم عليك».
والدي: «خلّيها تدخل».
دخلت علينا جدتي حمدة بنت علي الرميثي، ومعها حفيدها غانم بن ناصر المري وتناديه الشيبة، على اسم جدّه وجدّي غانم بن سالم الشامسي.
جدتي: «السلام عليك يا محمد».
والدي: «وعليك السلام، أهلاً بحمدة، من هذا الولد؟!»
جدتي: «هذا غانم ولد بنتي عوشة، وأنا جئتك عن موضوع هذا الولد.
السالفة وما فيها أن عوشة مثل ما تعرف تزوجها ناصر المري من ديرة، وجابت هذا الولد، ما قدرت تعيش في ديرة. تطلّقت منه وتزوجها سيف بن ثالث، وأخذها لبيته، وبقي الولد عندي، وأنا التي ربيته، قبل ثلاثة أيام جاء عندي أبوه يريد يأخذ الولد.
أنا رفضت، والبارحة جاءنا مع رجل مسلّح في يده تفك، وقال: هذا من طرف الشيوخ. (تفك: كلمة فارسية وتعني بندقية، والبندقية: كلمة فارسية معربة عن كلمة فارسية: بندوق). جايب شخص بسلاح!!! يرضيك يا الشيخ محمد؟... امنعهم عني».
والدي: «ما أقدر».
جدتي: «أفا... أول مرة أسمع شيخ يقول ما أقدر!!!»
والدي: يضحك... «يا حمدة، دبي لها شيوخها يحكمون فيها...
ونحن في الشارقة، وأمرنا فقط على الشارقة».
بكت جدتي، ودخلت علينا والدتي.
جدتي: «هذا الولد يونسني، ما عندي حد».
والدي: «هذه بنتك مريم، إذا توافق تعطيك سلطان لمدة كم يوم، وستهدأ الأمور إن شاء الله».
والدتي: «أنا ما عندي مانع».
جدتي: «يالله بنسير عنكم، قوموا يا عيال».
والدي: «اصبري يا حمدة، السيارة ستوصلكم إلى دبي».
قام والدي ودفع بعض المال لجدتي حمدة، وأعطاني بعضاً من المال، بينما والدتي تحضّر بقشة فيها ملابسي، (بقشة: كلمة تركية بمعنى: صرة).
والدي: «سلطان، اذهب إلى السائق عبدالله بندري، وأخبره أن يحضر السيارة التي ستأخذكم إلى دبي».
سلطان في صورة تعود إلى أربعينات القرن الماضيبعد الغداء ركبنا السيارة، جدتي وغانم وأنا وانطلقت بنا إلى دبي، حتى إذا ما وصلنا مشارف ديرة وإذا بي أشاهد قلعة لها أرجل، قال عبد الله بندري؛ هذه مربعة أم الريول.
وصلنا إلى موقف سيارات الأجرة، وأخذنا طريقنا إلى سوق ديرة، وكان أوله غير مسقوف، وبقيته مسقوفاً بسعف النخيل، حتى وصلنا رصيف العبرة، وكان مكاناً واسعاً حيث العبرات كلها على الرصيف.
ركبنا العبرة وأخذ العبار يجدّف في خور دبي، متجهاً إلى الجنوب الشرقي، كان ذلك أوسع مكان في خور دبي، فوصلنا إلى رصيف ضيق في بر دبي، حيث العبرات ملتصقة مع بعضها والمكان بعد الرصيف ضيق، وبه البانيان (طائفة من الهنود) يدخلون ويخرجون من السكة إلى يسار الرصيف، أما عن يمين الرصيف فكان سوق بر دبي.
بداية سوق بر دبي ضيقة ومسقوفة بسعف النخيل، ثم تنفتح فجأة على سوق واسع ومسقوف، إلى درجة أن أصحاب المحلات التجارية، كانوا يعرضون بضائعهم أمام محلاتهم على طاولات وضعت عليها أصناف من الفواكه والحلويات.
يصل سوق بر دبي إلى سوق السمك الواقع على خور دبي على الضفة الجنوبية منه، عندها ينتهي السوق ونمشي في أرض مكشوفة، إلى يسارنا مبنى مستطيل تخرج منه أصوات متلاحقة: تكتك... تكتك... تكتك... التفتُّ إلى جدتي قائلاً: «ما هذا الصوت»؟!
قالت: «هذه مكينة الطحين، كل من يريد يطحن حبه، يجيبه هنا ويطحنون له».
إلى يميننا مبنى مربع عالٍ؛ قلت: وما هذا؟
قالت جدتي: «هذه مربعة مال الشيوخ».
وأمامنا بحر واسع، حتى إذا ما وصلنا أطرافه قلت: بحر... أين العبرة؟
ضحكت جدتي وضحك معها غانم.
قالت جدتي: انظر إلى تلك المباني في آخر البحر، على قولك، تلك الشندغة، نحن نسكن هناك.
قلت: كيف نعبر هذا البحر؟!
قالت جدتي: هذه تسمى الغبيبة، وإذا ارتفع البحر غطاها، وإذا انخفض نشفت، شوف أخوك غانم واعمل مثله.
خضنا ذلك البحر الذي وصل إلى ركبنا حتى وصلنا الشندغة، وإلى ذلك البيت الكبير.
قلت: جدتي، هل هذا بيتكم؟!
قالت: هذا بيت الشيخ مبارك بن علي الشامسي.
مررنا من خلفه إلى سكة ضيقة، معظم البيوت من سعف النخيل، وإلى يميننا مبنى بالجص، وفتحت جدتي باباً في تلك السكة ودخلت، ودخلنا خلفها إلى بيت به خيمة وعريش ومطبخ، كلها من السعف.
قلت لجدتي: هذا فقط بيتك؟!
قالت جدتي: «هذه جنتي، رائحة جدك، الله يرحمه، في هذا المكان».
ونادت على غانم قائلة: «خذ سلطان إلى البحر».
خرجنا من السكة وإذا بها تفتح على شاطئ ليس له نهاية، وبحر أزرق متصلٍ بالأفق.
أخذنا نتسابق على ذلك الشاطئ إلى ناحية الجنوب حتى إذا ما وصلنا مسافة قال لي غانم: هذا بيت خالي غانم الرميثي، هو أخو جدتي حمدة. ودخلنا هناك، وأخبرهم غانم عني فرحّبوا بي، وقابلت خالي... وهو خال والدتي... ويقال له: غانم بن خرباش، لم أشاهد صبياناً في البيت، ثم عدنا إلى بيت جدتي حمدة.
بتنا تلك الليلة في خيمة جدتي وعلى سرير جدي غانم بن سالم الشامسي، فكان غانم بن ناصر إلى يمين جدتي وأنا عن يسارها، فكانت فَرِحَةً، تلاعبنا نحن الاثنين حتى أغمضنا أعيننا.
في اليوم التالي، كان هناك طَرْق على باب البيت، حتى إذا ما فتحنا الباب وإذا بناصر المري ومعه الرجل المسلّح بالبندقية، ركضنا إلى جدتي وأخبرناها، فحضرت وتكلمت مع ناصر المري بلطف، وطلبت منه أن يحضر غانماً إليها بعد كل فترة، فوافق ثم التفت إليها قائلاً: ومن هذا الولد؟
قالت جدتي: «هذا سلطان، ولد بنتي مريم بنت غانم».
قال ناصر المري: «أعطينا إياه بيونس غانم».
التفتَتْ جدتي يميناً ويساراً تبحث عن شيء تضرب به ناصر المري، وناصر المري يضحك، واختفى مع ابنه، ويتبعهما الرجل المسلّح ببندقيته، أما جدتي، فقد احتضنتني وهي تبكي.
في مساء ذلك اليوم، قلت لجدتي بأني سأخرج إلى طرف السكة، حيث كنت قد لاحظت أولاداً يلعبون في الساحة الخالية من البيوت عندما وصلنا إلى الشندغة. سمحت لي جدتي على أن لا أتأخر.
عندما وصلت عند تجمع الأولاد، اتجهت مجموعة منهم إلى ناحية الجنوب آخذة طريقها بين بيوت السعف، أما المجموعة الثانية، فقد اتجهت إلى الغبيبة والتي وصل الماء بها إلى أعلى مستوى، فسلك الأولاد ممراً بمحاذاة جدار بيت الشيخ مبارك الشامسي، حيث قد بُني جدار بارتفاع ذراع، وقد دكّت الأرض بينهما لحماية المنزل من مياه الغبيبة.
قطعنا ذلك الممر من الجنوب واتجهنا إلى الشرق، ومن بعده إلى الشمال، لنصل إلى أرضٍ بارتفاع الجدار الحامي من مياه الغبيبة الذي يحمي تلك الأرض، حيث كانت هناك مجموعة من الرجال، يجلسون على كراسي مستطيلة في ظل بيت الشيخ مبارك الشامسي، وإذا بأحدهم يقول: ذاك ولد غريب بينهم، نادي عليه.
تركت الأولاد، واتجهت ناحية جمع الرجال، ووقفت أمام رجل، قد كان يناديني: «تعال... إنت ولد من؟»
أجبت: أنا ولد محمد بن صقر.
قال: «قصدك الشيخ محمد بن صقر من الشارقة، وأمك مريم بنت الشيخ غانم؟»، قلت: نعم.
قال: «أنت تعرف أحداً في هؤلاء الأولاد ؟»
قلت: لا. قال: «هؤلاء مروحين بيوتهم، ناحية بيوت الشيوخ، اجلس عندنا،... أنت عند جدتك حمدة؟»
قلت: نعم. قال: «كل يوم العصر تعال عندي هنا».
استأذنت ورجعت إلى بيت جدتي.
في تلك الليلة، رقدت إلى جانب جدتي على سرير واسع، وأخذت تروي لي حياة جدّي غانم، وهي تقول: كان يضع رأسه على هذه المخدة، وله لحية بيضاء طويلة.
أخذت جدتي تروي لي أموراً خارقة، كانت تروى عن جدّي.
قلت: «ليش هو ساحر؟!»
بان على جدتي الغضب فوبختني بالكلام.
قلت: «جدتي... أنا لا أحد يقول لي مثل هذا الكلام!!»
جدتي: «أنت غير عن الأولاد؟!»
نمت تلك الليلة بعد أن لاطفتني بالكلام.
في صباح اليوم التالي، أخذتني جدتي إلى الشيخ عبيد بن جمعة المكتوم، والذي بنى عريشاً من سعف النخيل قريباً من الشاطئ، حيث كان يدرب صقور القنص.
في مساء ذلك اليوم ذهبت إلى جلسة الشيخ مبارك الشامسي، أمام منزله، ناحية المجالس كما روت لي جدتي. رحّب بي وأجلسني بقربه، وعاد يتحدث وهو يقول: لعنة الله عليهم، قبل ثمانٍ وثلاثين سنة (1910م)، هاجم الإنجليز دبي، وأنزلوا فيها جنوداً، ليلاً، بقصد احتلالها، لكن الأهالي قاوموا مقاومة عنيفة، ولم ترهبهم البوارج التي اصطفت أمام البلاد وهي تطلق القذائف، ليلاً ونهاراً، الفينة بعد الفينة.
الصورةسأل سائل: ماذا حدث بعد ذلك؟
قال الشيخ مبارك بن علي الشامسي: جاء الإنجليز وهم يقولون نعمل صلحاً، بعد أن قتلوا الناس الذين يدافعون عن بلدهم، وعلاوة على ذلك، أجبروا الأهالي على دفع مبالغ مالية وعدد من البنادق.
الشيخ مبارك الشامسي: «قم سلطان... ارجع إلى بيتكم، اليوم ريح شمال شديدة».
والتفت إلى بعض من الذين يخدمون لديه، أن يوصلوني إلى بيت جدتي.
أعجبني ذاك الحديث من الشيخ مبارك الشامسي، وأخذت أردد على جدتي ذلك الحديث.
في تلك الليلة، كان صوت الأمواج يرتفع، ويخفت، وإذا بنا نسمع أصوات مناداة من ناحية السكة التي أمام بيت جدتي. قالت جدتي: «سلطان، سر عند الباب، شوف مَن هناك».
فتحت باب الحوش، وإذا بامرأتين تندفعان إلى داخل البيت، وترددان: أين أمك؟... أين أمك؟
قلت وأنا أتبعهما: هناك في الخيمة.
المرأتان دخلتا الخيمة وهما ترددان: «ضايعين، من هنا بحر... ومن هنا بحر».
قالت إحداهما: «صارت لنا مدة ونحن ننادي على البيت المقابل بيتكم، ولا أحد يرد».
قالت جدتي: «هذا بيت مريم ما تسمع».
ثم قالت: «سلطان... باب الحوش مقفول؟»
قلت: لا.
قالت: «سر وأقفل الباب».
وبينما أنا ذاهب لإغلاق الباب، كنت أفكر: هل جارتنا مريم صماء؟، أو أنها لا تريد أن تفتح باب بيتها.
رجعت إلى الخيمة، وتمددت على السرير بالقرب من جدتي، والمرأتان متمددتان في وسط الخيمة، ولا يسمع إلّا صوت الأمواج.
امرأة منهما: «ويه... بلتِ؟»
المرأة الثانية: «والله ما بلت!!!»
المرأة الأولى: «حسبي الله عليك... فاتحة قربة؟! فضحتينا».
أخذت أكركر، واضعاً يدي على فمي.
جدتي: «إيه... يالخديّ... هذا البحر داخل علينا». (الخديّ: خدّج، ناقصات عقل).
موجة البحر الثانية، تبلل أرضية الخيمة.
المرأة الأولى لزميلتها: «قومي... الدنيا كلها بحر».
المرأة الثانية: «ننام معهما فوق السرير».
جدتي: «حاشا... حاشا. ما هناك مكان فوق السرير».
جدتي تفتح باب الخيمة وهي تقول: «قُمْن وسِرْن إلى العريش ونَمْن فيه».
خرجت المرأتان من الخيمة وتوجهتا إلى العريش.
جدتي تقفل باب الخيمة، وهي تقول: «فكاك».
أقول لجدتي: أنت التي أمرتيني بفتح الباب.
جدتي: «كنت أفتكر غانم هارب من أبيه، شفت بركات جدك علينا، جاءت الموجة وطردتهن من الخيمة، ما نعرف ما الذي بيعملنه... نام... نام».
في صباح اليوم التالي، صحوت على جدتي تحضر لي الفطور فقلت لها: أين الحريم؟
جدتي: «خرجتا في الليل».
في ضحى ذلك اليوم خرجت من بيت جدتي إلى شاطئ البحر، حيث عريش الشيخ عبيد بن جمعة المكتوم، وكان محاطاً بمجموعة من أهالي دبي، يتحدثون في أمور البلد، لم أُعِر ذلك اهتماماً، حيث كنت ملتهياً بالشواهين.
أما مساء ذلك اليوم فقد توجهت إلى جلسة الشيخ مبارك الشامسي، وجلست بالقرب منه، وإذا بشخص، يسأل عن أيام اللؤلؤ، والشيخ مبارك يشرح الحالة التي أصابت تجار اللؤلؤ، قائلاً: أسباب كثيرة:
1- ظهور اللؤلؤ الصناعي الياباني.
2- الحرب العالمية.
3- شركات البترول في الخليج، حيث معظم الناس يعملون في شركات النفط.
الشيخ مبارك الشامسي: قبل تسع عشرة سنة، يومها وفي دبي لوحدها، ستون محملاً لم تنزل إلى البحر، وتأثر التجار الكبار مثل محمد بن أحمد بن دلموك، وهو الذي أدخل أول سيارة إلى دبي في تلك الفترة العصيبة، حيث أهداها للشيخ سعيد بن مكتوم.
رجعت إلى بيت جدتي، فوجدت جدتي حزينة والدموع تنهمر من عينيها.
قلت: «جدتي، لا تبكين، أنا عندك».
قالت جدتي: «أراك تغيب عني، وأنا أخاف عليك».
بتنا تلك الليلة والحديث كله عن جدي.
في صباح اليوم التالي، ذهبت إلى شاطئ البحر، فلم أجد الشيخ عبيد بن جمعة المكتوم ولا جماعته، والعريش خالٍ من الأثاث، قلت في نفسي: لا بد أنهم ذهبوا للقنص.
أجول بنظري وأنا جالسٌ على الشاطئ، إلى يساري، فلا أجد إلّا ذلك الشاطئ، الخالي من البشر، إلّا من سرطانات البحر البيضاء، يقال لها: شناييب، وهي تتسابق في بناء أبراجها.
أما عن يميني فقد شاهدت سفينة بشراعها الأبيض، وهي تسحب وراءها «ماشوة» (وهي كلمة سواحلية وتعني الزورق الصغير، الذي يوصل الركاب إلى البر)، وإذا بالسفينة تختفي خلف الشاطئ، فعرفت أنها دخلت خور دبي.
في مساء ذلك اليوم، توجهت إلى جلسة الشيخ مبارك الشامسي، وإذا بالكراسي خالية من البشر وباب المجالس مغلق. قلت في نفسي: لا بد أنه قد سافر.
أجول بنظري إلى مياه الغبيبة، وإذا بها قد وصلت إلى بيوت الشندغة المتتالية في دوحة حتى تصل إلى المربعة، فيتبيّن خور دبي، لكن مباني بر دبي تغلق عليه، فأعود بنظري إلى مياه الغبيبة، وإذا بي أشاهد شخصاً برفقته صبيٌّ، يتجهان نحوي. أحدق أكثر، فأصرخ: «غانم... غانم»، وأنا أخوض مياه الغبيبة بثيابي، وتعانقنا.
في طريقنا إلى بيت جدتي قلت لناصر المري: شكراً، أرجعت غانماً لنا.
ومع جدتي وهي تحتضن غانماً، فلا تسمع ما يقوله ناصر المري، حيث يقول: «تعبني هذا الولد، أبحث عنه في كل مكان».
انتبهت جدتي عندما قال ناصر المري: «الولد يبقى عندك يا حمدة أحسن، وأنا الذي سأزوره».
دخلنا نحن الثلاثة إلى الخيمة، وناصر المري ذهب في حال سبيله. بتنا تلك الليلة، غانم عن يمين جدتي وأنا عن يسارها وهي فَرِحَةٌ وتقول: «غداً نذهب إلى الشارقة ونسلم سلطان لأهله».
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات الشیخ مبارک الشامسی مساء ذلک الیوم الیوم التالی تلک اللیلة حتى إذا ما هذا الولد ما وصلنا وهی تقول هذا بیت خور دبی إلى دبی غانم بن فی تلک بر دبی
إقرأ أيضاً:
أحمد نجم يكتب: في ذكرى استشهاد الجنرال الذهبي
يحمل شهر مارس وخاصة اليوم التاسع منه ذكري عزيزة لإحدي ملامح الوطنية المصرية التي برزت معالمها في التاريخ العسكري لتكون أضواء أنارت طريق التحرر من العدوان الإسرائيلي الغاشم علي مصر و إحتلاله جزء من ترابها المقدس.
كانت خيوط المؤامرة علي مصر عقب العدوان الثلاثي قد بدت تأخذ محاور تنفيذ السيطرة و القضاء علي مصر وخاصة بعد بناء السد العالي وسيطرة مصر علي قناة السويس و التصدي للهجمات البربرية للصهيونية ، وكانت القيادة المصرية برئاسة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر تعي تماما تلك المخططات وتمهد لتكوين تعاون عربي مشترك ،
وعندما حل مايو 1967 حضر ملك الأردن الراحل الملك حسين لمصر لكي يتم توقيع إتفاقية الدفاع المشترك وتم تعيين الفريق أول عبد المنعم رياض قائدا لمركز القيادة المتقدم في عمان نظرأ لتاريخه النضالي المشرف ويقوم بتشكيل مركز قيادة عربية في عمان و أصبح قائد عام للجبهة الأردنية .
وعقب نكسه 1967بدأت القيادة المصرية علي الفور إعادة تشكيل وتنظيم قدرتها العسكرية وتم استدعائه ليتولي منصب رئيس أركان حرب القوات المسلحة وبدأ في شحن معنويات الجنود بزياراته المتكررة لخطوط المواجهه و التواجد بين القوات المسلحة وكانت العمليات الصغيرة التي قام بها الجيش المصري ضد العدو الصهيوامريكي دافعأ وحافزا لإستعادة الثقة مرة أخري بالإضافه لوجوده الدائم بين جنوده في تلك المعارك .
بالفعل تحققت إنتصارات عسكرية بارزة ضد العدو كانت من أهمها معركة رأس العش التي منعت فيها قوة عسكرية محدوده من سلاح المشاه سيطرة القوات الإسرائيلية على مدينة بور فؤاد الواقعة على قناة السويس و تم تنفيذ عملية وطنية كبيرة بتدمير المدمرة الإسرائيلية إيلات في أكتوبر 1967 بخلاف تدمير بعض الطائرات الحربية الإسرائيلية و تدمير حوالي 50 % من تحصينات العدو الإسرائيلي لخط بارليف
كان رئيس الأركان دائم التواجد على الجبهة لمتابعة حالة الجنود و متابعة التدريب علي تنفيذ خطة كاملة لتدمير خط بارليف وقام بزيارة موقع في الإسماعيلية يسمي المعدية 6 لتحفيز قوات الموقع بعد تكبدهم للعدو خسائر عسكرية ومعنوية وكان الموقع يبعد عن خط المواجهه بحوالي 250 مترا وقامت المدفعية المصرية بشن هجمات علي المواقع الإسرائيلية التي ردت بوابل من النيران ولمدة ساعة كان رئيس الأركان وسط جنوده يتصدي ويقاوم معهم و إستشعر العدو الإسرائيلي وجود قيادة عسكرية كبيرة وإستعان بدعم إليات كبيرة وإنهالت القذائف علي الموقع المصري ليستشهد الفريق أول عبد المنعم رياض وسط جنوده ..
إستشهد الجنرال الذهبي الذي حمل هذه الصفة عندما كان في بعثة تعليمية للإتحاد السوفيتي لحضور دورة تكتيكية تعبوية في الأكاديمية العسكرية العليا، وأتمها عام 1959 بتقدير إمتياز فلقبوه بالجنرال الذهبي نظرأ لتفوقه الباهر في العلوم العسكرية .
كان إستشهاد رئيس أركان حرب القوات المسلحة المصرية دافعا للقوات المسلحة أن تأخذ بالثأر وبدأت علي الفور عمليات المواجهة وتم التجهيز لعملية كبري عرفت بإسم لسان التمساح ، وهو موقع حصين لخط برليف الذي لا تجدي معه نيران الدبابات ولا الصواريخ لكن رجال الصاعقة المصرية كانوا عناوين الشجاعة .
وقام المشير محمد عبد الحليم أبو غزالة بوضع خطة المواجهة مع العدو وكان حينها قائدا للجيش الثاني الميداني وتم توجيه ضربات لعدة مواقع إسرائيلية في المساء وكانت تمويه للعملية الكبري وبدأت القوات المصرية العبور تحت وابل من نيران العدو ووصلت لموقع لسان التمساح وتحصن جنود العدو في الملاجئ بأبوابها الفولاذية الصعبة التدمير وكانت الملاجئ لها فتحات تهوية من أعلي فتم القاء قنابل دخان داخلها ، ليهرع جنود العدو مذعورين للخارج حيث كانت في إنتظارهم القوات المصرية التي أجهزت عليهم تماما .
وكانت أبرز ملامح الفخر للثأر عبور كتيبة كاملة من القوات المصرية مكونة من 3 سرايا بالإضافة لقوات الدعم ،وقدرت القوات بحوالي ألف جندي في ذكري الـ 40 لوفاة الفريق أول عبدالمنعم رياض حتي وصلت لموقع إغتياله ليتم تدميره بالكامل علي القوات الموجوده .وعادت الكتيبة دون خسائر .
وبدأت عمليات الثأر حتي تم النصر الكبير في أكتوبر 1973 . بفضل شجاعة رجالنا أبطال القوات المسلحة المصرية
و يتم الإحتفال بيوم الشهيد في 9 مارس من كل عام وهو ذكري إستشهاد الفريق أول عبد المنعم رياض رئيس أركان حرب القوات المسلحة ، الجنرال الذهبي إبن قرية سبرباي مركز طنطا الإبن الثاني لأسرة مكونة من خمسه أشقاء غيره . عاش لوطنه وتناسي أن يكون زوجا وأبا وظل طوال 32 عاما يرتدي الملابس العسكرية واضعا هدفا نبيلا أمامه وهو تحرير تراب مصر من ٱي إحتلال .
وأصبح يوم 9 مارس 1969 تاريخا حاسماً في الصراع المصري الإسرائيلي بل العربي الإسرائيلي والذي بدأ بحروب 48 ، 56، 67 ثم حرب الاستنزاف التي كانت باكورة تحقيق نصر أكتوبر 73 وكان الفريق أول عبد المنعم رياض رمزأ نضاليا لهذه الحقبة فقد شارك في الحرب العالمية الثانية عام 1941 ثم حرب فلسطين عام 1948 والعدوان الثلاثي عام 1956، وحرب 1967 ، ومن أبرز مهامه النضالية إشرافه على الخطة المصرية لتدمير خط بارليف خلال حرب الإستنزاف ،
الشهيد البطل نال العديد من الأوسمة والأنواط العسكرية مثل ميدالية الخدمة الطويلة والقدوة الحسنة ووسام نجمة الشرف ووسام الجدارة الذهبي ووسام الأرز الوطني بدرجة ضابط كبير من لبنان ووسام الكوكب الأردني من الطبقة الأولى، كما تم تخليد اسمه على بعض الميادين العامة والشوارع فى مصر والدول العربية تكريما له.
ولم تنسي مصر أبنائها الأبرار الذين ضحوا بحياتهم من أجل أرضها الطاهرة لذلك تواظب الدولة والقوات المسلحة على الإحتفال بـيوم الشهيد لتكريم أبطالها الشهداء في صورة أسرهم وكذلك رعاية المصابين وتوفير كافة الخدمات لهم ، تقديرا لتاريخهم المشرف وتضحياتهم بحياتهم من أجل الحفاظ علي إستقلال وطن يضمنا جميعا الأن في سلام و أمان دون تمييز بين ديانة وأخرى ..