محمد كركوتي يكتب: تنافس في تمويل «الرقائق»
تاريخ النشر: 27th, May 2024 GMT
عدت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، صناعة الرقائق أو «أشباه الموصلات»، مسألة تدخل في صلب الأمن القومي للولايات المتحدة. هذه الصناعة، باتت منذ سنوات تمثل المحور الرئيس للتقدم التقني على الصعيد العالمي، لاسيما في ظل تراجع قدرات بلدان وتقدم قدرات دول أخرى في هذا الميدان.
ولذلك، استطاعت إدارة بايدن قبل عامين تقريباً الحصول على موافقة الكونجرس لرفد صناعة «الرقائق» بـ 52 مليار دولار، بعد أن تآكلت حصتها من هذا الصناعة عالمياً من 37% في عام 1990 إلى 12% فقط في الوقت الراهن، ناهيك عن مخاطر الاعتماد الكبير على «الرقائق» المصنعة خارج البلاد.
وهذه المخاوف ليست حكراً على أكبر اقتصاد في العالم، بل تشمل الصين، التي تعرضت لسلسلة من العقوبات الغربية في السنوات الماضية، لحرمانها من الوصول إلى تصنيع أشباه موصلات فائقة التطور.
وتوجهات الدعم الهائل لهذه الصناعة، باتت تشمل كل القوى الصناعية المعروفة، من الاتحاد الأوروبي حتى تايوان والصين وكوريا الجنوبية، حيث أعلنت الأخيرة حزمة من الحوافز بقيمة 19 مليار دولار، ولم تتوقف حزم الدعم الصينية الكبرى أيضاً، حتى في ظل القيود الغربية، بينما لا يزال الاتحاد الأوروبي يقبع في المرتبة الخامسة بصناعة تستحوذ على 10% من الإنتاج بعد تايوان وكوريا الجنوبية بـ 20% لكل منهما، والصين 15%.
واللافت أن كلاً من هولندا واليابان تتصدران صناعة المعدات الخاصة بإنتاج الرقائق، ولهذا السبب تحاول الصين فك القيود المفروضة عليها بهذا الخصوص، ولكنها لم تنجح حتى الآن، على الرغم من استخدامها بين الحين والآخر، «سلاح» الرمال الصينية الخاصة بإنتاج أشباه الموصلات.
نحن أمام «معركة» حقيقية بين القوى التصنيعية الكبرى، تغذيها بلا شك برامج الدعم الحكومي، التي يبدو أن لا حدود لها، خصوصاً في ظل تنامي دور الذكاء الاصطناعي، الذي يتطلب موارد ضخمة من «الرقائق» المتطورة جداً، فضلاً عن المنتجات الإلكترونية والثقيلة التي تتحول بسرعة نحو «أشباه الموصلات» المتقدمة. فهذا المنتج يدخل بالفعل في سياق الأمن القومي، لأي دولة تسعى للمحافظة على ريادتها في التصنيع المتقدم، ولاستمرار قدرتها على مواكبة الابتكارات المتسارعة التي لا تتوقف في كل المجالات، ما يرفع الحراك الهادف إلى توسيع رقعة توطين صناعة الرقائق، في ظل التوترات التجارية التي لم تتوقف منذ سنوات على الساحة العالمية. أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: محمد كركوتي كلام آخر
إقرأ أيضاً:
شاهد.. هكذا تبدو المناطق التي استعادها الجيش من الدعم السريع
الخرطوم- دمار كبير للبنية التحتية ونهب شبه كامل للممتلكات، هكذا بدت المناطق التي استطاع الجيش السوداني تحريرها من قبضة قوات الدعم السريع في العاصمة السودانية الخرطوم بعد قرابة عامين من سيطرة المليشيا على تلك المناطق.
وتعتبر منطقة وسط الخرطوم -التي تم تحريرها مؤخرا من سيطرة الدعم السريع- من أكثر من المناطق الحيوية في السودان، فهي تعج بالأسواق والمؤسسات الحكومية والقطاعات الخاصة من شركات ومنظمات، فضلا عن أنها تحتضن أكبر أسواق الخرطوم وفيها المستشفيات والجامعات والمدارس والبنوك والفنادق وأماكن الترفيه، لكن الحالة التي بدت عليها تلك المنطقة الآن بعيدة تماما عن ماضيها.
فبحسب شهادة تجار وموظفين كانوا يعملون في منطقة وسط الخرطوم، فإن قوات الدعم السريع نهبت وسرقت جميع المحلات التجارية في المنطقة، ولا سيما البنوك والأسواق، ومن بينها أسواق الذهب المعروفة في قلب السوق العربي، فضلا عن سرقة أكثر من 10 بنوك ومصارف وحرقها وتدميرها كليا.
طال التدمير عددا من الأبراج الشاهقة المملوكة للقطاع الحكومي والخاص كبرج النيل للبترول الذي دمر كليا ثم أُحرق، وتم تدمير فندق كورال وفندق برج الفاتح وفندق المريديان والفندق الكبير وفندق برج إيواء وأبراج بيلوس، وجميع هذه المباني كانت جزءا من ملامح العاصمة الخرطوم.
وبحسب مصدر قيادي في الجيش السوداني تحدث للجزيرة نت، فإن منطقة المقرن التي تضم عددا من الأبراج كانت تستخدمها قوات الدعم السريع مكانا للقنص وأدخلت فيها المدفعية الثقيلة لقصف سلاح المهندسين غرب المقرن ودفاع الجيش غرب جسر الإنقاذ، فضلا عن استخدام بعض الأبراج مثل برج يبلوس لقصف القيادة العامة للجيش.
ولم تسلم البنوك والمصارف في وسط الخرطوم من التخريب والسرقة، إذ وثقت الجزيرة نت حجم الدمار الذي طال كلا من بنك السودان المركزي وبنك الساحل والصحراء وبنك فيصل الإسلامي وبنك أم درمان الوطني وبنك الادخار وبنك النيل والبنك الزراعي.
واتهم الجيش السوداني في بيان صحفي قوات الدعم السريع بنهب البنوك في وسط الخرطوم، خاصة بنك السودان المركزي الذي كان يحتوي على احتياطي من الذهب والنقد الأجنبي، وكان تحت سيطرة قوات الدعم السريع على مدى 20 شهرا، مشيرا إلى أن جميع المصارف في منطقة وسط الخرطوم تحولت إلى أكوام من الرماد بعد سرقتها وحرق محتوياتها وتحويلها لثكنات عسكرية.
إعلانولم تكن المستشفيات أفضل حالا من البنوك في وسط الخرطوم، ويقول مصدر حكومي -طلب حجب اسمه- إن بعض المستشفيات نقلت محتوياتها إلى إقليم دارفور غربي البلاد، ونهبت الأموال التي كانت في خزائنها، في حين حولت مستشفيات أخرى إلى مخازن للسلاح.
ويقول ضباط في قيادة الجيش السوداني للجزيرة نت إن مستشفيي الزيتونة وإمبريال غرب القيادة كانت تنطلق منهما مدفعية وصواريخ قناصة الدعم السريع، مما أدى إلى إصابة ومقتل عناصر الجيش في القيادة العامة.
وخلال 72 ساعة من بدء الحرب في أبريل/نيسان 2023 سُرقت كامل محتويات الأسواق في منطقة وسط الخرطوم من قبل قوات الدعم السريع، فتلك المنطقة لا تضم أحياء سكنية رغم اتساع مساحتها لكنها تضم أهم الأسواق في العاصمة.
وتوثق المشاهد حجم الدمار الهائل الذي تعرضت له المنطقة، فالأسواق باتت مهجورة وهي التي كانت تعج بالحياة، فالسوق العربي الذي كان أكثر الأسواق ازدحاما تنتشر المقذوفات المتفجرة والدبابات المحروقة والآليات الحربية المدمرة وبعض الجثث الملقاة على الأرض في محيطه.
والوضع في جزيرة توتي الواقعة في وسط ملتقى النيلين الأزرق والأبيض ليس أفضل حالا، فالجزيرة -التي تعد من أقدم المدن السودانية وتسكنها قبائل، معظمها من شمال السودان- كان لها نصيب من انتهاكات الدعم السريع، إذ تعرضت لأكبر حصار خلال الحرب.
ووثقت بيانات المنظمات المدنية والطوعية مقتل عشرات المواطنين من جزيرة توتي، فضلا عن إجبار جميع مواطني الجزيرة على إخلائها، ومع مرور الأيام تحولت إلى جزيرة تسكنها قوات الدعم السريع وتقصف منها أم درمان وتسند بها قواتها في بحري والخرطوم.
ومؤخرا تمكن الجيش من استعادتها ضمن حملته العسكرية في وسط الخرطوم، لكن الجزيرة الحيوية صارت مدينة صامتة لا تكاد تسمع فيها غير أصوات الطيور.
وتفرق أهل جزيرة توتي في رحلة نزوح طويلة إلى مدن السودان المختلفة، كما أن الدمار بات أحد المشاهد الثابتة في كل المدن التي تتم استعادتها من قوات الدعم السريع، فالأسواق باتت منهوبة ولا توجد في الجزيرة حركة غير حركة النيل الشاهد الأبرز على تلك الانتهاكات.
وفي حي المقرن بوسط الخرطوم، يقول أحد سكان الحي للجزيرة نت إن الحي من أوائل المناطق التي تم طرد سكانها منها منذ بدء الحرب بين قوات الجيش والدعم السريع.
وأضاف أنه بعد سيطرة الدعم السريع على المقرن في شهور الحرب الأولى حضرت قوة منها إلى منازل المواطنين وأمرتهم بإخلاء منازلهم فورا "علمنا لاحقا أن الإخلاء والطرد كان سببهما تأمين زيارة عبد الرحيم دقلو نائب قائد قوات الدعم السريع الذي حضر فعليا إلى المقرن وخاطب جنوده.
إعلانوبعد استعادة الجيش للمقرن صارت خالية من السكان، وباتت منازلها مهجورة لا يكاد يسكنها أحد وحطمت معظم أبواب المنازل، قبل أن تطالها يد السرقة المعهودة.