لجريدة عمان:
2024-12-31@15:13:29 GMT

المحكمة الجنائية.. مساواة الضحية بالجلاد

تاريخ النشر: 27th, May 2024 GMT

من أكبر المهازل، أن تساوي المحكمة الجنائية الدولية بين الجلاد والضحية، كما حدث يوم الإثنين، العشرين من مايو 2024، عندما أعلن كريم خان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أنه قدّم طلبات إلى المحكمة لاستصدار أوامر اعتقال لبنيامين نتانياهو رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي، ويوأف جالانت وزير دفاعه، بتهم ارتكاب جرائم حرب وإبادة ضد الإنسانية، «وإنّ الأدلة خلصت إلى أنّ المسؤولَيْن الإسرائيليَّين متواطئان في التسبب في المعاناة وتجويع المدنيين في غزة».

إلى هنا الأمر طبيعي جدًا - رغم أنّ تنفيذه صعبٌ للغاية - ولكن غير الطبيعي ما قاله كريم خان عقب ذلك بأنّ «هناك أسبابًا معقولة للاعتقاد أنّ كلًا من زعيم حركة حماس في غزة يحيى السنوار، ومحمد الضيف القائد العام لكتائب الشهيد عز الدين القسام، الجناح العسكري للحركة، وإسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي للحركة، مسؤولون عن ارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية في إسرائيل». والواضح أنّ المحكمة ورئيسها، لم يجرؤوا على إصدار قرار الاعتقال للمسؤولَيْن الإسرائيليَّيْن إلا إذا ضمّوا معهما قادة المقاومة الفلسطينية، الذين يدافعون عن وطنهم وعِرضهم وشرفهم منذ أكثر من سبعين عامًا، تجرّع خلالها الشعبُ الفلسطيني من الويلات ما لم يتجرّعه شعبٌ آخر، والأغرب أن تشمل قائمة كريم خان واحدًا مثل إسماعيل هنية، المسؤول عن الشؤون السياسية والاتصالات الخارجية، والذي ينسّق المفاوضات.

تقول صفحة الأمم المتحدة، إنّ المحكمة هي أول محكمة جنائية دولية دائمة في العالم، أنشئت بموجب معاهدة للتحقيق في الجرائم الإنسانية وجرائم الحرب وجريمة الاعتداء ومقاضاة المسؤولين عنها، «أنشئت مع الوضع في الاعتبار ملايين الأطفال والنساء والرجال الذين وقعوا ضحايا لفظائع لا يمكن تصورها هزّت ضمير الإنسانية بقوة»، ولا أدري هل هذه الديباجة لا تشمل شهداء غزة، الذين زاد عددهم - حتى هذه اللحظة - عن 35 ألف، منهم أكثر من 15 ألف طفل، وأكثر من 10 آلاف من النساء، وأكثر من ألف مسن، عدا شهداء الصحافة والأطقم الطبية؟!

ورغم أنّ المحكمة لا تملك آلية للاعتقال، ممّا يعني أنّ قادة الكيان في مأمن، إلا أنّ الأمر قد ضايقهم، إذ ندّدت «إسرائيل»، بطلب مدعي عام المحكمة إصدار مذكرة التوقيف، واصفة إياه بأنه «وصمة عار تاريخية»، فيما وصفه نتانياهو بأنه «فضيحة»، وأعلن تحديه خلال اجتماع لكتلة حزب الليكود: «لن يوقفونا»، في إشارة إلى تصميمه على مواصلة حربه على غزة، ولكن الكيان لم يكتف بتلك الأوصاف فقط، إذ لجأ إلى العمل على تعطيل صدور قرار رسمي من المحكمة، كما اتضح ذلك من تصريح يسرائيل كاتس وزير الخارجية الذي أعلن أنّ «تل أبيب فتحت غرفة حرب خاصة لمواجهة تحرك المحكمة الجنائية الدولية، وأنه يعتزم «التحدث مع وزراء خارجية الدول الكبرى حتى يعارضوا قرار المدعي العام ويعلنوا أنه حتى لو صدرت تلك الأوامر فإنهم لا يعتزمون تطبيقها على قادة دولة إسرائيل»، فيما ذهبت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أنّ نتانياهو افتتح جلسة كتلة الليكود بجمع تواقيع أعضاء الحزب على عريضة ضد قرار المدعي العام للجنائية الدولية، وبذلك تريد إسرائيل أن تحوّل القاضي إلى جاني.

إنّ قوة الكيان الإسرائيلي تنبع من شيئين اثنين؛ الأول هو ضعف الدول العربية، والثاني اعتماده الكلي على الخارج، ومن هنا لا غرابة في أن ينبري الرئيس الأمريكي جو بايدن للدفاع عن الكيان بقوة، ويصرح بملء فيه يوم الثلاثاء 21 مايو 2014: «أنّ القوات الإسرائيلية لا ترتكب إبادة جماعية في حملتها العسكرية على قطاع غزة.. نحن نرفض ذلك». وفي تصريحاته بالبيت الأبيض، أكد بايدن إيمانه بأنّ إسرائيل كانت الضحية منذ هجوم السابع من أكتوبر الماضي، وجدّد الدعم الأمريكي لسلامة وأمن الإسرائيليين قائلا عنه إنه «ثابت»، وإنّ بلاده تقف مع إسرائيل «للقضاء على يحيى السنوار، ونحن نعمل مع إسرائيل لتحقيق ذلك».

إزاء الرفض الأمريكي والإسرائيلي لطلب كريم خان اعتبار نتانياهو وجالانت مسؤولَيْن عن جرائم حرب، نعلم تمامًا أنّ طوفان الأقصى قد غيّر المفاهيم العالمية، وأوضح الصورة جلية للعالم، فما نعيشه ونشاهده الآن من متغيّرات في العالم فإنّ الفضل يعود فيه لذلك الطوفان، بمعنى أنّ الانتصار ليس محصورًا في ساحات المعركة في غزة فقط؛ بل تعدى ذلك إلى العواصم العالمية والمؤسسات التعليمية والمحاكم الدولية، حتى رأى العالم وآمن بعدالة القضية الفلسطينية، فاعترفت النرويج وأيرلندا وإسبانيا رسميًّا بالدولة الفلسطينية، وهناك دول أخرى تسلك طريق الاعتراف، وها نحن الآن أمام خطوة غير مسبوقة في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بأن تطالب محكمة باعتقال اثنين من قادة إسرائيل.

ورغم أنّ أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأمريكي قد رفض أيضَا طلب المدعي العام، ورأى أنه قد يُعرّض للخطر المفاوضات الرامية للتوصل إلى اتفاق بشأن المحتجزين ووقف إطلاق النار، إلا أنه وُفِّق عندما اعتبر مساواة المدعي العام للمحكمة الجنائية بين إسرائيل وحماس «أمرًا مُخزيًا»، حتى وإن كان انحيازه لمجرمي الحرب؛ فالحقيقة أنّ ضم ثلاثة من المقاومين من أجل شعبهم إلى القائمة مع مجرمي الحرب الإسرائيليين هو أمرٌ مخزٍ ويساوي فعلًا بين الجلاد والضحية، ولكن هل اكتفى بلينكن بتصريحه ذاك؟ لا إنه لم يكتف؛ بل أعلن اتخاذه «خطوات مع المشرِّعين الأمريكيين، لبحث إمكانية فرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية»، واصفًا قرار المحكمة أمام جلسة استماع في الكونجرس الأمريكي بأنه «قرار خاطئ للغاية»، ممَّا يجعلنا نطرح سؤالًا: هل ستعاقب أمريكا المحكمة الجنائية؟ وهل ستغلق المحكمة؟ وهل هناك مصير صعب ينتظر كريم خان؟ لقد تزامنت تصريحات بلينكن مع حملة يقودها الجمهوريون لفرض عقوبات على مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية، والتي قد تدخل مرحلة التصويت عليها قريبًا. وبهذه الخطوات تثبت أمريكا أنّ الكيان الإسرائيلي دولة فوق القانون، وأنّ المحكمة لم تنشأ إلا لأمثال عُمر أحمد البشير وصدام حسين والقذافي وبوتين وكلّ من لفَّ غير اللفة الأمريكية أو الغربية. ولكي نعلم أنّ الولايات المتحدة التي تهاجم المحكمة الجنائية الآن، تكيل دائمًا بمكيالين، فقد سبق لها أن مَجّدت المحكمةَ ومُدّعيها العام عندما أصدر اتّهامًا للرئيس الروسي فلاديمير بوتين وطالبت باعتقاله فورًا، لكنها الآن تُغيّر موقفها، وتَعتبر نتانياهو وجالانت أبرياء، وتبِّررُ مجازرهما في غزة.

إذا كانت أمريكا قد هبّت بقضِّها وقضيضها للدفاع عن نتانياهو وجالانت - رغم استبعاد اعتقالهما، كما أشرتُ سابقًا - فما هو موقف العرب وسلطة رام الله، من ضمّ القائمة لثلاثة من أعضاء حماس الذين يدافعون عن الشرف والعِرض والوطن؟! لم أجد تنديدًا واحدًا بقرار المدعي العام إلا من حركة حماس فقط، وهو أمرٌ طبيعي أن تندّد بذلك القرار لأنه يخصّها، ولا يُستبعد أن تساهم الدول العربية في تسليم هؤلاء للمحاكمة الدولية، إذا سنحت الفرصة بذلك. ويبقى أنّ خطوة المحكمة ضد القيادات الإسرائيلية - رغم رمزيتها - تبقى خطوة جيدة في المسار السليم، والدليل هو مدى امتعاض أمريكا والغرب وإسرائيل من القرار، ولا بد أن يأتي يومٌ تصيب فيه الرمية هدفها، فقد انطلقت.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المحکمة الجنائیة الدولیة المدعی العام ن الإسرائیلی کریم خان فی غزة

إقرأ أيضاً:

طعن زميله بالجامعة بسبب «التيك توك».. والد الضحية يكشف التفاصيل لـ «الأسبوع»

على أعتاب «كافيتيربا» بكلية الحقوق جامعة حلوان، يقف الشاب عمر ناصر، صاحب الـ 20 عامًا، ليلتقط مقطع فيديو يبثه على موقع التواصل الاجتماعي «تيك توك»، باعتباره صانع محتوى ومن مشاهير «السوشيال ميديا»، ليسمع بأذنيه وصلة من التنمر عليه من قِبل أحد زملائه بالجامعة، مستقبلًا إياها بصدر رحب، لأنه لا يفضل افتعال خلافات مع أحد، لكن في غضون دقائق معدودة، تطور الأمر وتلقى عمر طعنة بـ «مطواة»، لتسيل الدماء داخل الحرم الجامعي، وسط فزع ورعب الطلاب محاولين إنقاذ زميلهم عمر ونقله إلى المستشفى لتلقي العلاج اللازم.

عمر ناصر، ابن منطقة التبين جنوب حلوان، طالب بالفرقة الأولى في «حقوق حلوان»، يعشق ممارسة الرياضة وكمال الأجسام، ومن أقرب الأماكن لقلبه هو «الچيم»، ومن شدة حبه في ممارسة الرياضة وإتقانه لها، قرر أن ينشء صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، يقدم من خلالها مجموعة من النصائح والإرشادات للراغبين في الإقبال على «الرياضة»، ليحظى بشعبية كبيرة تخطت الـ 3 ملايين متابع، وأصبح محبوبًا ومقربًا لقلوب متابعيه.

وبيوم الحادث، ذهب عمر إلى كليته للدوام في دراسته كعادته اليومية، ولحضور اختبار بالجامعة، وبعد الانتهاء من الدوام، شعر عمر بالإرهاق، ولذلك اصطحب أحد زملائه إلى «كافيتيريا» بالجامعة لتناول مشروب ساخن، واتفقا أن يذهب زميله لجلب المشروبات، بينما يقف عمر ليلتقط مقطع فيديو جديد، لينشره على «التيك توك».

وحال وقوف عمر لتسجيل الفيديو، سمع صوت شاب يسخر منه ويردد: «هو ده بقى عمر بتاع التيك توك.. »، ليلتفت إليه عمر، وعلى وجهه ابتسامة لزميله، ردًا عليه: «أيوة أنا عمر بتاع التيك توك».

وأوضح عبده، أحد زملاء عمر لـ «الأسبوع»، أن الشاب الذي سخر من عمر، يدعى ضياء، وهو طالب بالفرقة الثانية بالجامعة، لكنه لم يره من قبل، فهو لم يحضر برفقتهم ثمة محاضرات، كما أنه لا يوجد بينه وبين عمر معرفة سابقة أو حديث من أي نوع، ويوم الحادث هو أول يوم يتقابلا فيه.

الضحية

واستكمل أنه في يوم الواقعة، وبعد سخرية ضياء من زميله عمر، الذي استقبل سخريته منه، بابتسامة مرسومة على وجهه، قال له: «مالك بتضحك على أيه.. »، فلم يبالي عمر وتركه منصرفًا عنه.

ذلك الأمر لم يرضى الشاب ضياء، خاصة بعد النظر في عيون باقي زملائه، وأراد الانتقام من عمر، ونشبت بينهما مشادة كلامية، تبعها بألفاظ خادشة للحياء، وتطور الأمر لمشاجرة، تدخل على إثرها زملائهما، لفض النزاع بينهما.

وأراد أحد زملائهما الإصلاح بينهما وتهدئة الخلاف، لكن ضياء استل سلاحًا أبيض «مطواة» من بين طيات ملابسه، وسدد طعنة لزميله عمر، ولاذ بالفرار حتى أمسك به أفراد الأمن بالجامعة واحتجزوه لحين تسليمه للجهات المختصة، بينما سقط عمر مغشيًا عليه، ينزف الدماء داخل الحرم الجامعي، وسط محاولات لا حصر لها من قِبل زملائه، لإنقاذه وإسعافه ونقله إلى مستشفى الإنتاج الحربي لتلقي العلاج اللازم.

المتهم

ومن جانبه، أضاف عبد الرحمن ناصر، والد عمر، أنه فور تلقي خبر طعن نجله داخل الحرم الجامعي، هرع إلى المستشفى، ليجد عمر غارقًا في دمائه، وهو يلهث بعبارات غير واضحة أراد من خلالها توضيح ما جرى له، قائلًا: «ضربني بالمطواة في جنبي.. كان بيتنمر ويتريق عليا وأنا بصور التيك توك.. »، ليغيب عمر بعدها عن الوعي.

واستطرد الحاج ناصر، والد عمر، موضحًا أن حالة نجله غير مستقرة، فهو يصارع الموت على فراش المستشفى، بعد إجراء عملية جراحية له، كاشفًا أن الطبيب أخبره بأن الطعنة التي تلقاها نجله، وصلت إلى «الكبد» وأصابته، كما أنه يعاني من نزيف داخلي وتجلط الدماء حول «الكبد»، ذلك الأمر استدعى الأطباء لتركيب «درنقة» للتخلص من الدماء الملوثة المتجلطة، وهو حاليًا لا يزال فاقدًا للوعي داخل إحدى غرف العناية المركزة.

وتابع والد عمر حديثه: «الولد عمل كدة في ابني بسبب الغيرة والحقد والغل منه.. عشان ابني مشهور ومعروف في الجامعة كلها والناس كلها بتحبه.. وكمان شاطر وعنده لياقة جسدية.. »، منوهًا عن أنه علم من المحامي الخاص به بأن المتهم بطعن نجله، قد سبق وصدر ضده حكم بالحبس عامين في إحدى القضايا.

الضحية

واستكمل: «ده متعود أنه يمارس البلطجة على الناس.. بس يوصل بيه الحال أن من شدة غيرته من ابني.. يروح يطعنه داخل الحرم الجامعي».

وبدورها، تواصلت «الأسبوع» مع صلاح داوود، محامي المجني عليه عمر، والذي كشف عن تقديمه أمام النيابة العامة ما يثبت أن المتهم ضياء سبق اتهامه في قضية استعراض قوة وبلطجة وضرب وسلاح أبيض في منطقة الحوامدية التابعة لمحافظة الجيزة.

تلقت الجهات المختصة إخطارًا بالواقعة، وعقب تقنين الإجراءات، ألقت الأجهزة الأمنية القبض على المتهم، وتحرر المحضر اللازم، وتم إخطار النيابة العامة لمباشرة التحقيقات.

اقرأ أيضاًالحماية المدنية تنجح في تحرير أسرة إثر انهيار سلم داخلي بإحدى عقارات الإسكندرية

في حادث مروع.. التصريح بدفن جثة عامل دهسته سيارة بالشروق

مقالات مشابهة

  • العفو الدولية تطالب إسرائيل بالإفراج عن حسام أبو صفية
  • عام كامل على متابعة إسرائيل أمام العدل الدولية.. ما الذي تحقق؟
  • طعن زميله بالجامعة بسبب «التيك توك».. والد الضحية يكشف التفاصيل لـ «الأسبوع»
  • الخارجية الفلسطينية: تفاخر الاحتلال الإسرائيلي بتدمير مدينة جباليا استخفاف بالشرعية الدولية
  • الخارجية الفلسطينية: تفاخر إسرائيل بتدمير جباليا استخفاف بالشرعية الدولية
  • خبير في العلاقات الدولية: الموقف المصري يعرقل خطة إسرائيل في تهجير الفلسطينيين
  • منظمة العفو الدولية تطالب إسرائيل بالإفراج عن المعتقلين العاملين في الصحة
  • العفو الدولية تطالب إسرائيل بالإفراج عن معتقلي الكوادر الطبية بغزة
  • تريند "الشارع اللي وراه".. وصول البلوجر سوزي الأردنية لساحة المحكمة
  • سوزي الأردنية "على أرضية المحكمة" تنتظر بدء جلسة محاكمتها