‏الحالة الزواجية أو الحالة الاجتماعية، والتي يدخل في مفهومها المتزوجون وغير المتزوجين والترمل والطلاق، من القضايا المجتمعية التي أصبحت تأن من تداعياتها جميع المجتمعات الإنسانية، مع أن معدلات الزواج في الدول العربية والإسلامية يفترض أن تكون مرتفعة؛ لأن الزواج ورد نصًا شرعيًا في القرآن الكريم والسنة النبوية وإجماع الأمة.

ولكن الواقع غير ذلك، فالمؤشرات في أغلب الدول العربية تشير إلى تدني تلك المعدلات وارتفاع مستوى العنوسة، على سبيل المثال، نسبة الإناث فوق (35) سنة حسب بيانات (2021)، في كل من: لبنان والعراق وتونس تجاوزت (60%)، بينما في بعض دول الخليج العربية ومنها المملكة العربية السعودية والكويت وقطر والبحرين كانت النسبة بين (25% إلى 40%).

‏والزواج هو المرحلة الأساسية لبناء الأسرة، عليه فإن النظام الأساسي للدولة، أشار بأن الأسرة أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق والوطنية، وتعمل الدولة على تماسك واستقرار وترسيخ قيم الأسرة.. وأساس ذلك التماسك يكون في التيسير وتسهيل الزواج. وإن لم تكن هناك ممكنات مباشرة وضعتها الجهات المختصة ومؤسسات المجتمع المدني فيما يتعلق بالحالة الزواجية، إلا أن الخطة الاستراتيجية العاشرة، على أقل تقدير، لم تغفل دور المرأة فهناك برنامجًا استراتيجيًا من ضمن محاوره، إعداد سياسة أسرية تدعم المرأة العاملة في تحقيق التوازن بين العمل ومتطلبات الحياة الأسرية، ومن تلك المحاور، توفير دور تنشئة للطفولة في مواقع العمل مع إعطاء الأم العاملة المرونة في ساعات العمل. مثل هذه السياسات تساهم في تماسك الأسرة المكونة من الزوجين والأولاد؛ لأنها تعمل على توفير بيئة أسرية تساعد في استقراهم الاجتماعي. ذلك البرنامج الاستراتيجي الذي تمت الإشارة إليه، أوُكلت مهمة تنفيذه لوزارة التنمية الاجتماعية ليكون في الفترة بين (2021 إلى 2023). بالإضافة إلى عدد من الجهات الحكومية أيضا مهمتها المساندة وتوفير الدعم اللازم لتنفيذه. والدولة والفرد والمجتمع من مصلحتهم الاقتصادية والاجتماعية أن يكون الزواج متاحًا لأسباب كثيرة، منها على سبيل المثال، الزواج يعمل على تكاثر النمو البشري، كما أن الزواج وقاية للمجتمعات من مفسدات كثيرة، ويحصن النساء والرجال من الوقوع في المعاصي والآثام. أيضا بعض الدراسات أشارت إلى حالة من القلق في بعض دول الخليج من أن يصبح السكان الأصليين أقلية بحلول عام (2040)، بسبب انخفاض معدلات الإنجاب وقلة النسل.

الحالة الزواجية ولغرض هذا المقال، سوف يتم التركيز على أعداد المتزوجين، والذين لم يسبق لهم الزواج، والطلاق. للوصول لتلك الحالة، ولدواعي المقارنة تم استخدام البيانات الإحصائية للمركز الوطني للإحصاء والمعلومات للفترة بين (12 /12 /2020) إلى (1 /1 /2024). كما تم ملاحظة احتساب الحالة الزواجية لتكون ضمن الفئة العمرية من (15) سنة فأعلى. وإن لم يكن هناك توافق بين الدول وخاصة الدول الإسلامية على ذلك السن؛ لأن بعضها لم يحدد سن للزواج نظرا لعدم وجود إجماع على ذلك، ولكن بعض الدول حددت سن الزواج ليكون ضمن الأعمار (15، أو 17، أو 20) سنة، إلا أن الغالبية حددته عند (18) سنة. بيد أن قسم الإحصاء بالأمم المتحدة الذي سرد بيانات عن الدول والأعمار القانونية للزوج، أشار فيما يخص سلطنة عمان بأن السن القانوني للزواج هو (18) عاما. وقد يكون ذلك التحديد يتوافق مع قانون الطفل والذي تم تعريفه بالطفل الذي لا يتجاوز عمره (18) عاما حسب التقويم الميلادي. وللعلم فإن صندوق الحماية الاجتماعية يقوم بصرف منفعة الطفولة من الولادة وحتى سن (18) عاما. عليه فإن استخدام السن يبدأ من (15) فأعلى في احتساب الحالة الزواجية قد لا يعطي بيانات صحيحة لأرقام ومؤشرات الحالة الزواجية على المستوى الوطني.

حسب البيانات الإحصائية، فقد تطور أعداد المتزوجين من (946,753) ألفا في (2020)، لتصل إلى (1,000,854) مليون في بداية عام (2024)، بزيادة قدرها (54,101) ألف، وبنسبة ارتفاع بلغت (5.7%). في المقابل زاد عدد الذين لم يسبق لهم الزواج من (635,886) ألفا إلى (700,021) ألف، وبزيادة بلغت (64,135) ألفا وبنسبة (10%) في نفس الفترة. عليه يلاحظ بأن هناك زيادة في أعداد المتزوجين ولكن الزيادة في الذين لم يسبق لهم الزواج، كانت بنسبة أعلى. كما أن متوسط العمر للمتزوجين كانت في حدود (42) سنة الأمر الذي يعطي انطباعًا بتأخر حالات الزواج الذي قد يكون ناتجا عن الغلاء في المهور. وبشكل عام تلك الأرقام قد تعطي دلالة أيضا بضعف مساهمة أعداد العمانيين الذين يدخلون سوق العمل في التأثير على خفض أعداد الذين لم يسبق لهم الزواج. في المقابل، فإن الحالة الزواجية أيضا قد تتأثر بالعوامل الشخصية والاجتماعية بحيث أن الشخص قد يكون يعمل ولكن لا يفكر في الزواج من ذات نفسه، أيضا قد يكون الشخص باحثا عن العمل ولكنه متزوجا. ‏ ‏في المقابل فأن عدد حالات الطلاق الإجمالية بلغت (51,155) ألفا، منها (35%) للذكور، (65%) للإناث. وبالتالي فإن عدد المطلقات من الإناث عالية جدًا، وغير متكافئة بين الجنسين. بمعنى أن المرأة المطلقة تظل فترة طويلة بدون زواج، بينما تقل تلك النسبة عند الرجل. حيث من السهولة للرجل المطلق الزواج مرة أخرى، ولكن من الصعوبة عند المرأة الزواج مرة أخرى بعد طلاقها.

كما أن النسبة والتناسب بين الزواج والطلاق وصلت إلى (1:5)، بمعنى أن لكل (5) حالات زواج تكون هناك حالة طلاق واحدة حسب بيانات (2021). أيضًا فإن أعمار حالات الطلاق في المتوسط عند سن (44) سنة، بمعنى أن الحالة الزواجية لا تدوم طويلاً. وحسب المستوى التعليمي جاءت فئة الحاصلين على دبلوم التعليم العام لتمثل النسبة الأعلى لغير المتزوجين لتصل إلى (43%) وأيضا الفئة الأعلى من المتزوجين بنسبة (37.7%). ‏وفي جانب العلاقة بين الحالة الزواجية وقوة العمل، فإن أعمار العاملين من (15 إلى 65) سنة، هناك (73%) من الذين يعملون متزوجين، مع وجود (23%) من الذين يعملون وهم غير متزوجين يصل عددهم (170) ألفا.

‏ونظرا لأهمية التماسك الأسري، ففي بداية النهضة المباركة كانت هناك تعليمات بتقييد الزواج من الخارج، ومن نتائجها الإيجابية أنها حافظت على النسيج العماني، مع قلة نسبة العنوسة مقارنة مع بعض الدول العربية. ولكن بعد سنوات طويلة لما رأت الدولة بأن تلك التعليمات حان الوقت المناسب لمراجعتها، تم السماح بالزواج من الخارج. هذا الانفتاح أوجد تباين في الآراء بين المؤيد والمعارض، إلا أن الغالبية اتجهت بأن هذا السماح يتوافق مع مبادئ الشريعة الإسلامية التي تعطي حرية اختيار الزوجة بغض النظر عن جنسيتها. كما أن الأنظار كانت تتجه بأن المجتمع سوف يتفاعل تلقائيًا من حيث تأثير السماح بالزواج من الخارج في التقليل من غلاء المهور. إلا أن الأمر لم يتغير حيث ظلت قضية غلاء المهور من العوائق التي تؤثر سلبا في تسريع وتيرة الزواج نظرًا للتكلفة العالية للمهور. كما تناسى أغلب أفراد المجتمع بأن أقلهن مهرا أكثرهن بركة. ‏

ولعل المشروع الوطني والذي حظي باهتمام كل شرائح المجتمع في السنوات الماضية، وهو إنشاء صندوق للزواج أصبح أمرا ملحًا، ويجب أن يعاد النظر فيه من جديد. كما أن فكرة صندوق الزواج تم تطبيقها في إحدى الدول الخليجية منذ زمن طويل. وقد تكون المعطيات في هذا الوقت أكثر إيجابًا في السير قدما نحو اعتماد هذا المشروع الوطني والذي سوف يحظى بترحيب جميع شرائح المجتمع. كما يمكن أن تتشارك الدولة مع مؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص في المساهمة المالية في هذا الصندوق، وأن تكون لكل محافظة من محافظات سلطنة عمان صندوقها الخاص. بحيث تكون حوكمة الصندوق تحت إشراف ومتابعة من الجهات المختصة، ومنها وزارة التنمية الاجتماعية، ومكاتب المحافظين مع الفرق الأهلية بكل ولاية. كمرحلة أولية تكون أهداف الصندوق مساندة العاملين من ذوي الدخول المنخفضة أو ذوي المؤهلات التي هي أقل من الشهادات الجامعية - حيث أنها تحتل النسب الأعلى في أعداد الذين لم يسبق لهم الزواج - فالصندوق قد يكون مبادرة أولية لتشجيع الزواج وخاصة من العمانيات. وبالتالي يساعد على تسريع الزواج، ويحمي المجتمع من المشاكل الصحية والاقتصادية الناتجة عن التأخير في سن الزواج، وفي الحد من ارتفاع نسب العنوسة التي لا أحد يريد لهذا المجتمع المتماسك أن تصل لنسب مرتفعة كما هو الحال في أغلب الدول.

أيضا لاستدامة عمل صندوق الزواج، ينبغي قيام الجهات المختصة بوضع تصورات لإيجاد حوافز تمويلية للمقبلين على الزواج مع الدعم الحكومي في منح الأراضي وغيرها من الجوانب التشجيعية. صندوق الزواج يعتبر عنصرا مهما في تشجيع الزواج ولكن أيضا دوره سوف يتكامل مع قيام مؤسسات المجتمع المدني وخاصة جمعيات المرأة العمانية والأندية الرياضية في تكثيف التوعية المجتمعية في مسائل الزواج والطلاق والعنوسة والأخطار الناتجة عن ذلك، وأن تكون تلك التوعية ضمن البرامج السنوية لتلك المؤسسات.

د. حميد بن محمد البوسعيدي خبير بجامعة السلطان قابوس

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: صندوق الزواج الزواج من قد یکون کما أن إلا أن

إقرأ أيضاً:

أرقام صادمة: كيف اختفى ثلاثي هجوم ريال مدريد أمام بيتيس؟

في مواجهة صادمة أمام ريال بيتيس، غاب التألق تمامًا عن ثلاثي هجوم ريال مدريد المكون من كيليان مبابي، فينيسيوس جونيور، ورودريغو، حيث فشلوا في ترك أي بصمة حقيقية خلال المباراة، وسط أداء باهت يثير القلق قبل الاستحقاقات القادمة.

اقرأ ايضاًمودريتش يُزلزل الشباك ويُبقي ريال مدريد في سباق الليغا90 دقيقة بلا فاعلية هجومية

على مدار المباراة، لم يسجل الثلاثي سوى تسديدة واحدة فقط على المرمى، جاءت عبر فينيسيوس، لكنها كانت ضعيفة ولم تشكل أي تهديد لحارس بيتيس، أدريان. أما رودريغو، فكانت له محاولة لكنها لم تجد طريقها إلى المرمى، فيما لم يسدد مبابي أي كرة، سواء داخل الإطار أو خارجه، في مفاجأة غير متوقعة.

أرقام لا تليق بنجم بحجم مبابي

الأرقام لا تكذب، والواقع أن مبابي كان بعيدًا تمامًا عن مجريات اللقاء. خلال 75 دقيقة قضاها في الملعب، شارك في 36 لقطة فقط، وهو رقم أقل حتى من لاعب الوسط البديل إدواردو كامافينغا (38) والشاب أردا غولر (33) رغم أنهما دخلا في وقت متأخر.

لم يكن التمرير نقطة قوة مبابي في هذه المباراة، حيث بلغت دقته 68% فقط، وهي نسبة أقل حتى من رودريغو، الذي كان بعيدًا عن مستواه لكنه حقق دقة تمرير بلغت 82%. أما في الثلث الأخير من الملعب، فقد تراجعت دقة تمريرات مبابي إلى 64%، ولم ينجح سوى في 3 مراوغات من أصل 6 محاولات، مع تمريرة عرضية واحدة فقط طوال اللقاء.

فينيسيوس ورودريغو.. لا جديد

لم يكن وضع رودريغو وفينيسيوس أفضل كثيرًا، إذ نجح الأول في 4 مراوغات فقط من أصل 8، فيما اكتفى الثاني بـ4 مراوغات ناجحة من أصل 11 محاولة، بنسبة نجاح لم تتجاوز 36%.

رسالة تحذير من أنشيلوتي

ما حدث أمام بيتيس ليس مجرد تعثر عابر، بل هو جرس إنذار لأنشيلوتي، الذي يدرك أن استمرار هذا الأداء الباهت قد يكلف الفريق كثيرًا في المنافسات القادمة. ريال مدريد يحتاج إلى رد فعل سريع، وإلا فإن حلم الألقاب سيكون في خطر.


© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)

Abdullah Ashour محرر ومترجم في قسم الرياضة/ Sports Editor and Translator

محرر ومترجم في موقع "البوابة الإخباري" منذ عام 2018، مختص بنقل وتغطية أهم الأحداث والأخبار في الساحة الرياضية، سواء العالمية أو العربية، وأركز على تقديم محتوى يلبي اهتمامات عشاق كرة القدم في كل مكان، مثل مواعيد المباريات، التشكيلات المتوقعة، التحليلات، وأخبار سوق الانتقالات والكواليس.
 

 Sports Editor and Translator with "Al-Bawaba News" since 2018. specialize in covering and delivering the most...

الأحدثترند أرقام صادمة: كيف اختفى ثلاثي هجوم ريال مدريد أمام بيتيس؟ دعاء لتهدئة العصبية أثناء الصوم جويل مردينيان تتألق بقفطان باللون الذهبي في أول يوم رمضان الرئيس اللبناني يحدد وجهة زيارته الخارجية الاولى..إلى أين؟ هدايا اليوم العالمي للمرأة: أفكار مبتكرة ستفرح قلب كلّ امرأة Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا حل مشكلة فنية الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اشترك الآن

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

مقالات مشابهة

  • النجدة والمرور.. أرقام تهمك فى حالة الطوارئ
  • شيخ الأزهر: إحياء الفتنة بين الشيعة والسنة فتيل سريع الانفجار
  • مزاد السيجار الكوبي يحطم أرقام قياسية
  • وزيرة التربية جددت توزيع أرقام المراجعات والشكاوى
  • بهاء عبد الحسين عبد الهادي: مشاهير العرب قوة مؤثرة.. ولكن المسؤولية الاجتماعية أولًا
  • فيديو| كيف يُعيد ”الرامس“ إحياء تقاليد صناعة الخبز في العوامية؟
  • أرقام صادمة: كيف اختفى ثلاثي هجوم ريال مدريد أمام بيتيس؟
  • كيف نعرف «أرقام» مراكز الانتخاب؟
  • ألمانيا تنشر نسب العمال المهاجرين.. أرقام ضخمة
  • الإفتاء: صيام من ينام طول النهار ويستيقظ قبل المغرب صحيح ولكن بشرط