ما سر أهمية مدينة الفاشر في الصراع السوداني؟ الجيش و«الدعم» يخوضان معارك ضارية حولها
تاريخ النشر: 27th, May 2024 GMT
ود مدني السودان: الشرق الاوسط
يقاتل الجيش السوداني وحلفاؤه من الفصائل المسلحة بضراوة لتحقيق الغلبة في مدينة الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور (غرب البلاد)، في حين تُحكم «قوات الدعم السريع» حصارها عليها وتشنّ هجمات متتابعة منذ أسابيع على نطاقاتها المختلفة، ما يزيد من سخونة المعارك ويرفع أعداد الضحايا.
والفاشر تُعد المعقل الأخير للجيش السوداني وحلفائه من الحركات المسلحة في إقليم دارفور، وتحاول «الدعم السريع» السيطرة عليها لإحكام نفوذها على الإقليم، الذي باتت 4 من أصل 5 ولايات تشكّله تحت إمرتها.
وتبلغ مساحة ولاية شمال دارفور (عاصمتها الفاشر) 296 ألف كيلومتر مربع، وهي تعادل 12 في المائة من مساحة السودان تقريباً، وتمثل أكثر من نصف مساحة إقليم دارفور.
لماذا الفاشر؟
لكن النظر إلى فكرة أن الفاشر المدينة الأخيرة التي لا تزال خارج السيطرة الكاملة لـ«الدعم» في دارفور، ليس سبباً وحيداً لكونها مهمة في الصراع السوداني الممتد منذ أبريل (نيسان) من العام الماضي؛ فقد تسببت الحرب بين الجيش و«الدعم»، التي نشبت أولاً بالخرطوم (وسط البلاد)، في خلق موجة نزوح كبيرة باتجاه مدن إقليم دارفور (الذي تعد الفاشر من مدنه الرئيسية) والمكون من 5 ولايات.
ونزح نحو نصف مليون شخص إلى الفاشر خلال الحرب الجارية التي اندلعت بين الجيش و«قوات الدعم السريع»، وبالإضافة إلى ذلك فمع نمو الصراع السوداني، باتت الفاشر مركزاً رئيسياً للمساعدات في إقليم دارفور كله، فضلاً عن أن موقعها الجغرافي يجعل منها ذات أهمية لخطوط الاتصال مع تشاد ومصر وليبيا، والطريق المؤدية من غرب إلى شرق السودان.
يقول عوض الله إبراهيم، وهو سوداني مقيم في الفاشر لـ«الشرق الأوسط»، إن «قوات الدعم السريع أطلقت (الأحد) العشرات من قذائف الدانات العشوائية على أحياء المدينة، تركزت حول المستشفى الجنوبي». وأضاف أن «الوضع صعب للغاية، وأن آلاف المواطنين نزحوا إلى مراكز الإيواء والعراء في أطراف المدينة».
تأمين خطوط... وحكومة جديدة
ويشرح مصدر سوداني، طلب عدم ذكر اسمه، أن «فقدان الجيش للفاشر لصالح (الدعم) يعني خسارة عسكرية كبيرة لأكبر مدن إقليم دارفور من حيث المساحة والسكان». ويضيف أن «استيلاء (الدعم) على الفاشر يؤمّن لها خطوط الإمداد المحصنة بالسلاح والعتاد العسكري، وتأسيس مركز للسيطرة والقيادة مفتوح المجال الجغرافي في الحدود الغربية، يُمكّنها من مهاجمة ولايات كردفان، وتقوية دفاعاتها في ولاية الجزيرة (وسط السودان) لتهديد ولايات الشرق حتى الحدود الإثيوبية».
وأضاف المصدر أن ما وصفه بـ«السيناريو المخيف» من وجهة نظره أن «تعلن (قوات الدعم) فور سيطرتها على الفاشر حكومة في المناطق التي تسيطر عليها في دارفور والخرطوم وولاية الجزيرة، في مقابل حكومة الأمر الواقع التي يسيّرها قادة الجيش من مدينة بورتسودان الساحلية في شرق البلاد، بالإضافة إلى السلطة المدنية للحركة الشعبية في منطقة جبال النوبة في جنوب كردفان».
وبحسب المصدر فإن «دوائر غربية ترى أن وجود 3 حكومات في البلاد، يُمكّن من إجراء مفاوضات سياسية بين طرَفي الصراع في أجواء باردة تضع أسساً لوقف الحرب، لكن هذا الرأي يجد معارضة ومخاوف من بعض الدول الأوروبية».
وقال المصدر المطلع إن «سقوط الفاشر سيكون له تأثير كبير جداً في الجيش السوداني، الذي يعاني من نقص الأموال لتمويل الحرب من المؤن وشراء المعدات العسكرية من الأسلحة والذخائر».
وشرح المصدر أنه على وجه الخصوص يعاني «سلاح الجو» من صعوبة الحصول على «قطع الغيار للطيران الحربي، والصواريخ التي تحملها الطائرات، وأصبح يعتمد بشكل رئيسي على البراميل المتفجرة التي على وشك النفاد».
معبر لـ3 دول
وقال محلل سياسي مقيم في السودان، طلب ححب هويته لدواعٍ أمنية لــ«الشرق الأوسط»، إن «مدينة الفاشر لها رمزية تاريخية بوصفها آخر عاصمة لإقليم دارفور قبل تقسيمه إدارياً إلى 5 ولايات في عهد نظام الرئيس السوداني المعزول عمر البشير».
وشرح أن «الفاشر تقع جغرافياً في ملتقى طرق ثلاث دول مجاورة للسودان، وهي: تشاد عبر معبر الطينة، وليبيا من خلال جبل عوينات، بالإضافة إلى مصر عبر الطريق التاريخية لدرب الأربعين».
وقال إنه «بالنسبة لـ(الدعم السريع) فإن سيطرتها على الفاشر تعني فرض نفوذها بالكامل على إقليم دارفور، ومنها يمكنها أن تصل عبر الصحراء، وتهدد الولاية الشمالية التي تقع تحت نفوذ الجيش السوداني، ولذلك فـ(الدعم) تقاتل بشراسة».
وحذّر المحلل السياسي من أن «الخطر الأكبر أن يؤدي تحالف الحركات الدارفورية المسلحة مع الجيش السوداني إلى تحول الصراع إلى حرب أهلية ذات طابع قبلي وإثني في دارفور».
وقال ضابط سوداني متقاعد برتبة رفيعة لـ«الشرق الأوسط»: «من ناحية عسكرية تعدّ الفاشر منطقة استراتيجية مهمة للجيش السوداني، وفقدانها يعني انسحابه من الإقليم، وبالتالي يفقد مركزاً عسكرياً ضرورياً لاستعادة بقية الولايات الأخرى في الإقليم».
وأشار المصدر العسكري، الذي فضّل حجب اسمه، إلى أن «الأطراف المتحاربة تمضي في المعركة إلى نهايتها»، وقال: «في هذا الوقت نعول كثيراً على استجابتهم للضغوط الدولية والإقليمية التي ترى أن هذا التصعيد قد يخلق متغيرات على الأرض تعقّد من مسار المفاوضات لوقف الحرب في البلاد».
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الجیش السودانی الدعم السریع إقلیم دارفور قوات الدعم
إقرأ أيضاً:
بعد هزائمها في الفاشر والخرطوم .. الدعم السريع تستهدف محطة كهرباء في النيل الأبيض
أعلن الجيش السوداني إسقاط 4 مسيّرات في الفاشر تابعة لـقوات الدعم السريع شنت فجر اليوم الأحد هجوما بالمسيّرات على محطة توليد الكهرباء بولاية النيل الأبيض، تزامنا مع الكشف عن نحو 900 جريمة اغتصاب ارتكبتها في ولاية الجزيرة خلال سيطرتها عليها.
وسبق أن أعلنت الفرقة السادسة مشاة في الجيش السوداني في مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور أمس السبت أن سلاح الجو "تمكن خلال عدد من طلعاته التي نفذها في محيط المدينة وخارجها من تدمير 15 مركبة قتالية تتبع مليشيا آل دقلو المتمردة، كانت قادمة من ولاية جنوب دارفور وتحمل عددا من عناصر المليشيا المتمردة".
وأوضحت الفرقة في إيجاز صحفي أن "هروب عناصر المليشيا من ميادين القتال إلى غرب مدينة الفاشر يتكرر يوميا بسبب الضربات القوية التي تتلقاها من القوات المسلحة والقوات المشتركة والقوات الأخرى المساندة، إلى جانب تدهور الأوضاع داخل صفوف المليشيا".
كما أكدت استقرار الأوضاع بمدينة الفاشر وعزم القوات على دحر وتدمير المليشيا، وطمأنت الفرقة جميع المتابعين بأن الحياة تسير بصورة طبيعية بمعسكر زمزم للنازحين وأن القوات على أهبة الاستعداد للتصدي لأي عدوان جديد من العدو.
وعقب الهزائم التي لحقت بها في الفاشر والخرطوم استهدفت قوات الدعم السريع محطة كهرباء "أُم دَبَاكر" بولاية النيل الأبيض جنوبي البلاد بمسيّرتين فجر اليوم الأحد.
وأوضحت مصادر للجزيرة أن الهجوم أدى إلى نشوب حريق ألحق أضرارا جزئية دون أن يصيب كامل أجزاء المحطة التي تعد من أكبر محطات الكهرباء بالسودان، ما أدى إلى انقطاع تام للتيار الكهربائي في مناطق واسعة من ولاية النيل الأبيض.
يذكر أن المحطة تعرضت في وقت سابق إلى هجمات بالمسيّرات من قوات الدعم السريع، ففي يناير/كانون الثاني الماضي، تصدت المضادات الأرضية التابعة للجيش السوداني لنحو 7 مسيّرات أطلقتها قوات الدعم السريع، كانت تخطط للهجوم على محطة أم دباكر التحويلية التي تغذي ولايات النيل الأبيض وولايات إقليم كردفان بالكهرباء.
وخلال الأسابيع الماضية كثفت قوات الدعم السريع استهداف محطات الكهرباء في ولايات السودان، منها محطة كهرباء سد مروي ومدينة مروي بالولاية الشمالية، ومحطة كهرباء الشوك التحويلية بولاية القضارف شرق البلاد، ومحطة المرخيات في شمال أم درمان.
إعلانونتج عن هذا الاستهداف انقطاع التيار الكهربائي لفترات، مما تسبب في تضرر المشاريع المروية والمستشفيات ومحطات المياه.
وعلى صعيد الجرائم التي ارتكبتها قوات الدعم السريع ويجري الكشف عنها أفاد "مؤتمر الجزيرة"، أن حالات الاغتصاب الموثقة التي ارتكبتها عناصر الدعم السريع أثناء سيطرتهم على ولاية الجزيرة وسط السودان بلغت 890 حالة.
ومارست قوات الدعم السريع فظائع مروعة بحق سكان الجزيرة منذ سيطرتها على الولاية في أواخر 2023، بلغت ذروتها في أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني 2024، قبل أن يسترد الجيش معظم مناطقها خلال هذا العام.
ونقل موقع "سودان تربيون"عن الأمين العام لمؤتمر الجزيرة، المُبر محمود "إن منظمات إنسانية وحقوقية تتواصل مع مؤتمر الجزيرة، وثقت ارتكاب عناصر الدعم السريع 890 اغتصابا في قرى شرق وغرب وشمال الولاية".
كما أفاد بتعرض 112 قاصرة للاغتصاب من مجموع الضحايا، منهن 18 مغتصبة بحاجة إلى الرعاية الصحية، تجري ترتيبات لنقلهن إلى مدينة بورتسودان، شرقي السودان، للعلاج.
وأشار إلى أن "حالات إجهاض الحمل الناتج عن الاغتصاب بلغت 135، كما وصلت حالات الحمل غير المرغوب فيه إلى 125 وسط الضحايا".
وحسب الموقع فإن "مؤتمر الجزيرة" كيان مدني تشكل بعد سيطرة قوات الدعم السريع على الولاية، ويعمل على رصد انتهاكات القتل والعنف الجنسي والتهجير القسري والنهب وتدمير سُبل العيش.
وتعتقد المنظمات النسوية أن قوات الدعم السريع تتخذ من العنف الجنسي إستراتيجية لإذلال المجتمعات وإجبارها على التعايش معها، وقد أدى تعطل عمل 75% من المرافق الصحية في مناطق النزاع إلى عدم تلقي ضحايا الاغتصاب العلاج في الوقت المناسب.
ووفقا لصندوق الأمم المتحدة للسكان اضطر عدد من ضحايا الاغتصاب في ولاية الجزيرة إلى "تصرفات مدمرة للتعامل مع وصمة العنف الجنسي، تضمنت هروب بعض النساء من أسرهن وانتحار بعضهن الآخر".
إعلان