في أروقة المشجعين نصبت سرادق العزاء، تيفو ضخم يحتضن صورة الألماني، رسائل المشفقين مكتوبة بحبر الموت، بعضهم ترك قلبه في المنزل، وجاء بعينيه فقط خوفا من سكتات قلبية

التغيير: عبدالله برير

لم تكن مجرد خطوات تلك التي مشاها على الممر الشرفي، لامست قدماه العشب الأخضر لملعب الملوك لتمده بالسيليلوز اللازم لعملية البناء الضوئي الأخير، غاص حذاؤه العتيق في وحل المشوار، توقف تدفق الأدرينالين، للتصفيقات كانت أصوات أعيرة نارية اخترقت صدره المزين بدرع الأساطير، مشى فوق اللهب بجسارة المحاربين، ولم تطفئ دموع الانتصار نيران قلبه المتأججة.

الحكام وزملاء الأمس، الخصوم والعشب، الجمهور الذي قطع 80,000 قصيدة رثاء، رجال الأمن والكرة التي كانت أشد خوفا من شارة القيادة على ساعده التي كانت قنبلة موقوتة آيلة للانفجار، كل من اقترب منه، ومن شارته ابتعد توجسا من انتحاري وزع البكاء على مدينة مدريد وشعب البلانكوس، منحهم أقل من 90 دقيقة أو نفسا ليملأوا رئاتهم بعبيره كأنه قاتل مأجور.

في أروقة المشجعين نصبت سرادق العزاء، تيفو ضخم يحتضن صورة الألماني، رسائل المشفقين مكتوبة بحبر الموت، بعضهم ترك قلبه في المنزل، وجاء بعينيه فقط خوفا من سكتات قلبية.

الدقيقة الثامنة كانت إضافة لعجائب الدنيا السبع، أضيفت بأناقة تشبه قصة شعره الأشقر، حناجر الأنصار غالبت الغصة، وعزفت موسيقى الاسم، أوركسترا مترفة بالوداع، تردد الصوت في جنبات السانتياغو ليعلن تخليد ذكرى الأسطورة كأول صوت يثبت في الأنحاء، ولا يحمله الهواء ليتحدى الفيزياء.

لحظة استبداله كانت عملية جماعية في مشفى الملعب، لإحلال مزمار حزن مكان القلوب، دونما تخدير يذبح الجميع، تبدلت أفئدتهم بقطع موسيقى ثكلى تنبض بالوداع والحرقة.

احتضن أطفاله وبكى، قبلها شق أرض الملعب بسكين الفجيعة، احتضن الأنصار عوضا عن أطفاله، ترقرقت عيناه بالدموع، بكى بداخله خريفا كاملا، غالب الإيطالي كارلو دموعه، تجاسر وما استطاع.

توقف الزمن

أحاط به الزملاء في مشهد مبك، لم تتوقف المباراة، بل توقف الزمن، التفوا حوله ليثنوه عن الخروج لعلمهم أن لحظات التمريرات الحميمة ولت، وأن المايسترو لن يتحكم في رتم قلوبهم ولا إيقاع لعبهم مجددا على الأقل في البرنابيو، لقطات الوداع كانت أهم من مجريات المباراة، لا أحد يعرف كم انتهى هذا اللقاء، الجميع مهزوم، المشاهدون تناسوا النصر وقصص الريمونتادا، وتمنوا لقاء مع العملاق لا ينتهي. هذا الألماني بارد الشعور اختار وقتا قاتلا للفراق، لم يراع للعشرة الكروية، مثل أبناء جلدته ركل الإحساس جانبا، وانحاز للعقل ليصيب الجمهور بالجنون، بمثل ما أذاقهم سحره الكروي بقدر ما تلذذ بتعذيبهم بساظية محببة، وغادرهم تاركا وراءه 10 مواسم من الربيع الكروي المزهر ومثلها من الأحزان.

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

إقرأ أيضاً:

بالصور.. وزير الثقافة يتفقد أروقة معرض القاهرة الدولي للكتاب 56

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أجرى الدكتور أحمد فؤاد هَنو، وزير الثقافة، اليوم السبت، جولة تفقدية في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 56، الذي تنظمه الهيئة المصرية العامة للكتاب برئاسة الدكتور أحمد بهي الدين، ويُقام تحت شعار "اقرأ.. في البدء كان الكلمة"، بمركز مصر للمعارض الدولية بالتجمع الخامس.  

شملت الجولة زيارة عدد من أجنحة الناشرين والقطاعات المشاركة، منها أجنحة الأزهر الشريف، وزارة الدفاع، هيئة الرقابة الإدارية، ووزارة الثقافة.

بالإضافة إلى جناح الكتب الأجنبية المخفضة، الذي يُقام لأول مرة بالشراكة مع هيئة الشارقة للكتاب.

جاءت الجولة للاطمئنان على جودة الأداء، ومتابعة الخدمات المقدمة للناشرين والجمهور المصري، ورافق الوزير في الجولة عمرو البسيوني، الوكيل الدائم لوزارة الثقافة، وأحمد سعودي، رئيس الإدارة المركزية لشؤون مكتب وزير الثقافة.  

شدد وزير الثقافة خلال الجولة على  الاهتمام بالتسهيلات والخدمات اللوجيستية المقدمة للناشرين، واستمع إلى آرائهم حول تجربتهم في المعرض، واطلع على مضامين الإصدارات المتنوعة ومدى الإقبال عليها، فيما أشاد الناشرون بدعم الوزارة وجهودها لتوفير بيئة مثالية لمشاركتهم.  

وعبر الوزير عن سعادته بحجم الإقبال الجماهيري من الأسر المصرية، معتبرًا المعرض مزارًا ثقافيًا ومعرفيًا يعكس حب المصريين للثقافة.

وأكد وزير الثقافة أن هذه الدورة تُجسد مكانة مصر الحضارية، ودورها الريادي في تعزيز الثقافة والمعرفة، معربًا عن تطلعه لاستمرار نجاح فعاليات المعرض.

وتستمر فعاليات المعرض حتى 5 فبراير المقبل، بمشاركة 1345 دار نشر من 80 دولة، و6150 عارضًا، وتُعد سلطنة عمان ضيف شرف الدورة، فيما تم اختيار الدكتور أحمد مستجير، العالم والأديب المصري، شخصية المعرض، والكاتبة فاطمة المعدول شخصية معرض كتاب الطفل، كما يشمل البرنامج الثقافي للمعرض أكثر من 600 فعالية متنوعة.  

وتشارك في الدورة الحالية دول جديدة مثل تشيلي، بلجيكا، الكونغو، بلغاريا، والنمسا، إلى جانب دول أخرى، مما يبرز التنوع الثقافي الكبير الذي يحتضنه المعرض.

مقالات مشابهة

  • خوفا من الاعتقال.. تصرف خبيث يفعله الجنود الإسرائيليون خلال سفرهم للخارج
  • سيبايوس على خطى كروس.. 98% دقة التمرير
  • نجوى كرم تضيء مسقط في ليلة لبنانية على مسرح العرفان
  • ماذا تفعل في ليلة غسل الأحزان الإسراء والمعراج؟
  • وزير الثقافة يتفقد أروقة معرض القاهرة الدولي للكتاب 56
  • بالصور.. وزير الثقافة يتفقد أروقة معرض القاهرة الدولي للكتاب 56
  • وزير الثقافة يتفقد أروقة معرض القاهرة الدولي للكتاب -صور
  • هنو يتفقد أروقة معرض القاهرة الدولي للكتاب 56.. صور
  • ذكرى وفاة عبلة الكحلاوي.. فقيهة الخير وداعية الرحمة
  • تاركًا أمه وحيدة.. رحيل الدكتور أحمد ماهر بعد توقف قلبه أثناء العمل