الأسبوع:
2024-11-15@11:47:06 GMT

"زهرات ".. الموت

تاريخ النشر: 26th, May 2024 GMT

'زهرات '.. الموت

من منا لم ير على الطرق السريعة بين المحافظات سيارات النقل الصغيرة، وهي تحمل سيدات مع أقفاص الطيور، وأواني، أو "طشت" الجبن والزبد، فى رحلة الذهاب إلى الأسواق التى يبعن فيها ما يحملنه من بضائع؟ من منا لم يلحظ، وهو يمر بسيارته خلف تلك العربات هؤلاء النساء، وهن يجلسن فى خلفية السيارة النقل تحت "الأقفاص" وهن يغالبن النوم من شدة التعب فى رحلة العودة إلى قراهن فى المساء؟

من منا لم يشاهد تلك العربات النقل التى تحمل فى صندوقها فتيات فى عمر الزهور، وقد تكدسن فوق بعضهن بينما تتمايل بهن العربة يمينًا ويسارًا، وهن يغالبن تيارات الهواء فى الشتاء القارس، أو لفحة الشمس الحارقة فى نهار الصيف؟ تلك هى الصورة لنساء، وفتيات تهربن من ذل الحاجة، وسياط الفقر فى رحلة سعي وراء لقمة عيش محفوفة بالمخاطر، وربما الأهوال، وصفحات الحوادث فى أرشيف صحفنا يمتلئ بسواد لحظات قاسية أودت بحياة الكثيرات منهن، مرة غرقًا فى نهر النيل وأخرى تحت عجلات قطار، وثالثة فى حادث مروع.

تلك هى الظروف التى تعمل فيها النساء، والفتيات والتى نتذكرها فقط عند وقوع حادث، وتصدر القرارات والتوصيات من الجهات المعنية، ثم يخفت الصوت مرة أخرى، ويتكرر نفس الإهمال لنفيق على كارثة جديدة، ما حدث لفتيات معدية أبو غالب الأسبوع الماضي هو حلقة من سلسلة حوادث الفقر، والإهمال، سبع عشرة فتاة رحن ضحية الحادث غرقًا، أعمارهن لا تتجاوز العشرين عامًا، والغالبية أقل من ذلك بكثير، تكدسن مع سبع أخريات فى عربة ميكروباص واحدة ليصبح العدد 24 راكبًا فى مركبة لا تتجاوز مقاعدها عن الـ14 راكبًا.

بالطبع لا تسأل عن الحمولة الزائدة، فحسب ما ذكرته والدة سائق الميكروباص، فإن أهالي الفتيات يأتمن ابنها على توصيل "البنات" إلى المزرعة التى يعملن بها، وأنه لا يتقاضى أجرته بحسب العدد ولكن بحسب الاتفاق مع "مقاول الأنفار" الذى يستقدم الفتيات بالاتفاق مع صاحب المزرعة، وأن السائق لا يستطيع أن يرد طلب أحداهن بالركوب معه، وبصرف النظر عن تلك التفاصيل التى أراها "محزنة"، وتعبر عن واقع أليم، إذ كيف لفتيات صغيرات هكذا أن يعملن فى "مزارع العنب" بدلاً من التفرغ للتعليم؟ وكيف للآباء أن يدفعوا بأطفالهم إلى العمل فى هذه السن المبكرة، وتعريضهم لمخاطر كثيرة محتملة؟.

بحسب تحقيقات النيابة العامة فإن السائق لم يكبح جماح «الفرامل» حين نزل من سيارته، ليشتبك مع شخص ما، وأن عاملى المعدية لم يغلقا بابها الحديدى، لمنع سقوط «الميكروباص»، بالإضافة إلى سيرهما بها دون ترخيص منذ أغسطس من العام الماضى، وبحسب شهود العيان فإن سائق توكتوك حاول شد غطاء رأس إحدى الفتيات، وتحول الأمر إلى مشاجرة مع السائق، فما كان من سائق التوكتوك إلا دفع الميكروباص فهوى إلى النهر.

الجريمة هنا معقدة، ومتشابكة الأطراف، تبدأ بعمالة الأطفال فى ظروف غير مواتية مع "مقاول أنفار" يكدسهن فى عربة واحدة، وانعدام للأخلاق دفعت سائق التوكتوك للتعدى على إحداهن، ثم ركوب "معديات الموت" منتهية التراخيص، وهى كلها ملفات تحتاج إلى معالجة حاسمة، قبل أن نصحو كل فترة على كارثة جديدة.

المصدر: الأسبوع

إقرأ أيضاً:

جريمة جديدة تهز اليمن.. تعذيب مواطن ستيني حتى الموت وسط البلاد

جريمة جديدة تهز اليمن.. تعذيب مواطن ستيني حتى الموت وسط البلاد

مقالات مشابهة

  • جريمة جديدة تهز اليمن.. تعذيب مواطن ستيني حتى الموت وسط البلاد
  • الموت يفجع الفنان الإماراتي حسين الجسمي
  • فوضي الميكروباص بالمحافظات
  • شهادات صادمة عن الموت حرقاً واغتصاباً وجوعاً فى السودان
  • بسبب فيديو حمل الفتيات.. قرار عاجل من المحكمة في قضية الطبيبة وسام شعيب
  • محافظ أسيوط يشهد التدريب الأساسي لمشروع تشغيل الفتيات في المبادرات بالعناية بالصحة الإنجابية
  • شاب يطعن والدته حتى الموت في جريمة مروّعة تهز عدن
  • في جريمة مروّعة.. شاب يطعن والدته حتى الموت
  • بو عاصي: وجود مسؤولين من حزب الله بين المدنيين يعرّض اهلنا لخطر الموت
  • خطر الموت.. ملابسات فيديو رعونة سائق "توك توك" بطريق الكورنيش