12- الحرب تتوسع.. والبحر الأحمر يشتعل
تاريخ النشر: 26th, May 2024 GMT
ظلتِ اللجنة الوزارية العربية الإسلامية المنبثقة عن القمة العربية الإسلامية التي عُقدت في الرياض تواصل جولاتها في العواصم المعنية، وذلك بهدف وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية إلى أهالي غزة، والبحث عن أفق سياسي للحل.
وبعد الصين وروسيا كانت زيارة الوفد إلى الولايات المتحدة. في البداية رفضتِ الإدارة الأمريكية دخول وزير الخارجية الفلسطيني ضمن الوفد، وبعد رفض الوفد للموقف الأمريكي تم الاتفاق على ألَّا يُدلي برأيه في القضية خلال المؤتمرات الصحفية التي قد يعقدها الوفد داخل الولايات المتحدة.
وشدد الوزير السعودي على رفض تهجير وحصار الشعب الفلسطيني وضرورة إيجاد حل على أراضيه. وقال: لا نشجع الفلسطينيين على مغادرة أرضهم، ولن نعمل مع أي طرف لديه هذه الأچندة.
وكان أعضاء اللجنة الوزارية العربية-الإسلامية قد التقوا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش حيث أكدوا له رفضهم القاطع للاستيطان السافر والتهجير القسري للفلسطينيين. وجدد أعضاء اللجنة الوزارية مطالبتهم بأهمية اتخاذ المجتمع الدولي جميع الإجراءات الفاعلة لضمان تأمين الممرات الإغاثية لإيصال المساعدات الإنسانية العاجلة لقطاع غزة(1).
وأمام تمادي جيش الاحتلال الإسرائيلي في هجماته على المدنيين، طالب الرئيس الفلسطيني محمود عباس بتسريع التحقيقات في المحكمة الجنائية الدولية، و«ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين في جرائم حرب ترتكبها إسرائيل في الأراضي الفلسطينية»، بما في ذلك عمليات القتل في الضفة الغربية وقطاع غزة وعمليات التهجير القسري.
وقال عباس في أثناء لقائه في مقر الرئاسة في رام الله المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، إنه يجب تسريع التحقيقات في «استهداف إسرائيل المدنيين»، خاصة الأطفال والنساء والشيوخ، واستباحة حرمة المستشفيات ومراكز الإيواء، وهدم البيوت على رؤوس ساكنيها، وكذلك ما يجري من استيطان استعماري وضم للأراضي، وجرائم التطهير العِرقي، وتطبيق نظام الفصل العنصري (أبرتهايد)، وما تقوم به قوات الاحتلال والمستوطنون الإرهابيون من جرائم قتل، وتهجير قسري واعتقالات واعتداءات وانتهاكات للقانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني»(2).
وعلى هامش اجتماعات قمة المناخ المنعقدة في دبي التقى الرئيس السيسي بنائبة الرئيس الأمريكي «كمالا هاريس»، حيث أكد السيسي أن مصر مستمرة في مساعيها لتنسيق الجهود الإقليمية والدولية للدفع نحو تبني مسار التهدئة وإيصال وتوفير المساعدات الإغاثية إلى قطاع غزة، وذلك لتجنيب الشعب الفلسطيني المزيد من المعاناة الإنسانية.
وأشار السيسي إلى تردي الأوضاع الإنسانية بقطاع غزة، وما يستوجبه ذلك من ضرورة «تحرك المجتمع الدولي فورًا لتوفير الاستجابة الإنسانية والإغاثية العاجلة لأهالي القطاع والتخفيف من وطأة معاناتهم».. مؤكدًا موقف مصر الثابت في هذا الشأن فيما يتعلق بـ«تسوية القضية الفلسطينية» من خلال التوصل إلى «حل عادل وشامل يضمن حقوق الشعب الفلسطيني وإقامة دولته المستقلة وفق مرجعيات الشرعية الدولية».
ووفقًا للمتحدث الرسمي للرئاسة المصرية المستشار أحمد فهمي، أعربت هاريس والوفد المرافق لها عن تقديرها لعمل مصر وقيادتها الدؤوب المخلص على «المساهمة في التوصل للهدنة وتبادل المحتجزين، بالإضافة إلى دورها المحوري في تقديم وإيصال المساعدات الإنسانية لأهالي غزة»(3).
وكانت هاريس قد قالت في تصريحات من دبي إنه يجب على المجتمع الدولي تخصيص موارد كبيرة لدعم التعافي القصير والطويل الأجل في غزة.. مشيرةً إلى ضرورة أن يكون هناك إجماع إقليمي ودعم لغزة ما بعد الصراع. وقالت هاريس إنه يجب تعزيز القوات الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية لتتولى في نهاية المطاف المسؤوليات الأمنية في غزة.. متحدثة عن ضرورة الوصول إلى ترتيبات أمنية مقبولة لإسرائيل والشركاء الإقليميين. وبعدما قالت إن حل الدولتين لإسرائيل والفلسطينيين لا يزال الهدف الأساسي، شددت على أنه يجب أن يتمتع الإسرائيليون والفلسطينيون بمستويات متساوية من الرخاء والحرية، والجميع يستحقون الشعور بالأمن والأمان.
وقد أكد البيت الأبيض أن هاريس ناقشت مع السيسي أفكار واشنطن بشأن خطط ما بعد الصراع في غزة، بما في ذلك «إعادة الإعمار والأمن والحوكمة». وقال البيت الأبيض في بيان بحسب وكالة «أنباء العالم العربي» إن هاريس أكدت أن جهود تسوية القضية الفلسطينية «لا يمكن أن تنجح إلا إذا تمت في سياق أفق سياسي واضح للشعب الفلسطيني نحو دولة له تقودها سلطة فلسطينية فاعلة وتحظى بدعم كبير من المجتمع الدولي ودول المنطقة». وأضاف البيان أن هاريس أشارت إلى أن واشنطن «لن تسمح تحت أي ظرف من الظروف بالتهجير القسري للفلسطينيين من غزة أو الضفة الغربية، أو حصار غزة، أو إعادة رسم حدود غزة»(4).
ومع تصاعد الأوضاع في غزة قال الجيش الإسرائيلي اليوم إن قائد اللواء الجنوبي في فرقة غزة قُتل في الهجوم المباغت الذي نفذته حركة حماس في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وأوضح الجيش في بيان أن «إساف حمامي» سقط في معركة السابع من أكتوبر، واحتجزت حركة حماس جثته.
وأشار الجيش إلى أنه أخطر اليوم عائلته بمقتله.
وتعليقًا على بيان الجيش الإسرائيلي، قال فوزي برهوم (المتحدث باسم حركة حماس): إن «اعتراف الاحتلال بمقتل قائد لواء في فرقة غزة على أيدي القسام في 7 أكتوبر واحتجاز جثته يعكسان حجم الخسارة والهزيمة التي مُني بها جيشه أمنيًّا وعسكريًّا في اليوم الأول للمعركة».
وأضاف «برهوم»: «أمام بطولات القسام على الجنود والضباط الموجودين في غزة خياران لا ثالث لهما: إما الموت وإما الفرار» (5).
مرحلة جديدة:
في أعقاب انتهاء الهدنة بين حماس وإسرائيل، التي جرت برعاية مصرية - قطرية وبالتنسيق مع الولايات المتحدة واستمرت أسبوعًا، أطلقت إسرائيل مرحلة جديدة من حربها ضد قطاع غزة لتُنهي بذلك الهدنة الإنسانية التي تخللها إطلاق حركة حماس عشرات الرهائن من النساء والأطفال الإسرائيليين في مقابل الإفراج عن سجناء فلسطينيين في سجون إسرائيل.
وقال وزير الجيش الإسرائيلي «جالانت»: إن حماس لا تفهم إلا لغة القوة، وإن إسرائيل ستواصل مهاجمتها حتى تحق أهداف الحرب. وفي أعقاب ذلك نشر جيش الاحتلال ما أسماه «مناطق الإخلاء» في قطاع غزة.
ومع انتهاء مدة الهدنة عاد التوتر مجددًا إلى جنوب لبنان، حيث تبادلت إسرائيل وحزب الله القصف، وأعلن الحزب شن هجمات على مواقع إسرائيلية حدودية أدت إلى مقتل وإصابة عدد من المدنيين في بلدة «حولا» اللبنانية بفعل القصف الإسرائيلي. (6).
وأعاد «بيني جانتس» (عضو مجلس الحرب الإسرائيلي) الدعوة إلى تفكيك حركة حماس «من أجل أمن إسرائيل واستعادة الاستقرار الإقليمي»، كما قال.
وقال «جانتس» إنه تحدث إلى رئيس وزراء إسبانيا وأطلعه على تطورات الحرب التي استأنفتها إسرائيل اليوم على قطاع غزة، وأكد له أنه «من أجل أمن إسرائيل وشعور المدنيين الإسرائيليين بالأمن واستعادة الاستقرار الإقليمي يجب تفكيك حماس» (7).
وفى هذا الوقت نُشر استطلاع رأي في «إسرائيل» تدل نتائجه على أن 54% من الإسرائيليين يؤيدون استمرار الهدنة مع حركة حماس لاستكمال عملية تبادل الأسرى، لكن هذا الموقف لا يعني أنهم لا يؤيدون الحرب لتصفية حماس، بل يريدون أولًا استرجاع الأسرى الذين تحتجزهم حماس، وبعدها يتم استئناف الحرب. وحسب استطلاع نشرته صحيفة «معاريف» الإسرائيلية فإن ارتفاعًا طفيفًا حصل لشعبية رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، إذ ارتفعت حصة حزبه في الكنيست بمقعدين وفقًا للاستطلاع الذي نشرت نتيجته من 18-20 مقعدًا.. علمًا بأن حزب الليكود ممثل في الوقت الحالي في الكنيست بـ32 مقعدًا، ومنذ شهر من تشكيل الحكومة ظلت شعبيته تنحدر، وقد تبين من نتائج الاستطلاع أنه لو جرتِ انتخابات للكنيست الآن لحصلت أحزاب المعارضة على 77 مقعدًا مقابل 43 مقعدًا لأحزاب الائتلاف الحاكم حاليًّا، ويصبح حزب المعسكر الرسمي برئاسة «بيني جانتس» أكبر الأحزاب ويرتفع من 12 مقعدًا إلى 40 مقعدًا، ومع ذلك فلا يزال «جانتس» أقوى المرشحين لمنصب رئيس الحكومة، وحصل في الاستطلاع الأخير على 49% مقابل 30% لصالح نتنياهو. (8)
كان التليفزيون الفلسطيني قد أفاد في هذا الوقت أن عدد شهداء القصف الإسرائيلي على غزة ارتفع يومَي الجمعة والسبت 1، 2 ديسمبر 2023 إلى 240 شهيدًا و650 جريحًا.
وركز الجيش الإسرائيلي غاراته المكثفة في جنوب قطاع غزة للمرة الأولى منذ بداية الحرب على القطاع، حيث نفَّذ مئات الغارات وأقام أحزمة نارية في مناطق بالجنوب يُفترض أن تكون آمنة، وقد ترافق ذلك مع تمزيق القطاع إلى مربعات سكنية صغيرة بخلاف الخطة القديمة التي يعمل الجيش بموجبها والتي تقوم على تقسيم القطاع إلى جزءين شمالي وجنوبي.
ومساء السبت قالت هيئة البث الإسرائيلية: إن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هيرتسي هاليفي ورئيس جهاز الأمن الداخلي رونان بار صادقا على خطط عسكرية لمواصلة القتال في قطاع غزة خلال اجتماعهما السبت. ونقلتِ الهيئة عن هاليفي قوله في الاجتماع: «نحن نركز على تفكيك (حماس) بشكل أكبر، وتهيئة الظروف لعودة المزيد من المختطَفين».
وطلب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي باللغة العربية أفيخاي أدرعي، على منصة «إكس»، من الفلسطينيين في عدة مناطق في شمال غزة، بما يشمل جباليا والشجاعية والزيتون، الإخلاء إلى «الملاجئ المعروفة» في منطقتَيْ الدرج والتفاح بمدينة غزة.
كما دعا الفلسطينيين في عدة مناطق في جنوب القطاع، بما يشمل خربة خزاعة وعبسان وبني سهيلا ومعن - القريبة من الحدود الإسرائيلية - إلى التوجه إلى ملاجئ في رفح.
كذلك طلب الجيش الإسرائيلي من الفلسطينيين الانتباه إلى أرقام مناطقهم ومتابعة التحديثات الصادرة منه.
وقد أثارت محاولة تقسيم القطاع إلى مربعات المخاوف من خطط طويلة للجيش في قطاع غزة تقوم على العمل من مربع إلى مربع.
وقد جاءت هذه الهجمات في وقت أعلن فيه جهاز الموساد أن رئيسه دافيد برنياع أوعز إلى فريقه المفاوض في العاصمة القطرية الدوحة بالعودة إلى إسرائيل، بعد تعثر المفاوضات الجارية مع الوسيط القطري لبحث استئناف الهدنة في قطاع غزة مقابل إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين المتبقين في القطاع من النساء والأطفال.
وفي بيانٍ أصدره الموساد زعم أن حركة «حماس» لم تنفذ الجزء الخاص بها من الاتفاق، الذي تضمَّن إطلاق سراح جميع الأطفال والنساء وفق القائمة التي قُدمت إلى الحركة ووافقت عليها. وأشار البيان إلى أن رئيس الموساد يشكر رئيس وكالة المخابرات المركزية الأميركية «سي آي إيه» ووزير المخابرات المصري ورئيس وزراء قطر على شراكتهم في جهود الوساطة الجبارة التي أدت إلى إطلاق سراح 84 طفلًا وامرأة من قطاع غزة، بالإضافة إلى 24 أجنبيًّا.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: الجیش الإسرائیلی المجتمع الدولی فی قطاع غزة حرکة حماس فی غزة مقعد ا
إقرأ أيضاً:
هآرتس: الحرب مع إسرائيل تعزز قبضة الحوثيين على الداخل وتثير قلق دول الخليج (ترجمة خاصة)
قالت صحيفة عبرية إن الهجمات المتبادلة بين إسرائيل وجماعة الحوثي يعزز قبضة الأخيرة على الداخل اليمني ويثير في الوقت نفسه قلق دول الخليج العربي.
وذكرت صحيفة "هارتس" في تحليل للباحث تسفي برئيل وترجم أبرز مضمونه إلى العربية "الموقع بوست" إن الحرب المستمرة تحافظ على النظام الصارم للحوثيين في اليمن، وليس هناك يقين من أنه إذا انتهت الحرب في غزة، أو إذا طلبت إيران منهم وقف هجماتها، فإن المتمردين سيتوقفون عن إرهاب إسرائيل والبحر الأحمر.
وقال التحليل إن اتفاق الرواتب، وهو نتاج لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع في عام 2022 بين الحكومة اليمنية والحوثيين، يشكل انتصارا مهما للحوثيين لأنه قد يزيل على الأقل عنصرا واحدا من القائمة الطويلة من العوامل التي تشكل تهديدا مستمرا لاستقرار نظام الحوثيين الذي سيطر على صنعاء في عام 2014.
وأضاف "في مواجهة هذه الترتيبات والاتفاقيات التي تدعم نظام الحوثيين، قد يتساءل المرء عن مدى تأثير هجمات إسرائيل على ميناء الحديدة وأهداف أخرى على قدرة النظام على مواصلة الحرب أو ردعه عن إطلاق الصواريخ والطائرات بدون طيار على إسرائيل.
نطاق العمليات الإسرائيلية محدود
وحسب التحليل فإن الأمر الأكثر أهمية هو أنه على الرغم من الصور المثيرة للإعجاب القادمة من المواقع المتضررة وانقطاع التيار الكهربائي المرتبط بها، فإن نطاق العمليات الإسرائيلية في اليمن محدود. ومع ذلك، لا يرجع هذا إلى نقص القدرات العسكرية. فعندما يتم ضرب ميناء الحديدة، لا يتوقف الضرر في مناطق الحوثيين، بل يؤثر على البلاد بأكملها.
وطبقا للصحيفة فإن الحديدة هي ميناء الدخول ليس فقط للأسلحة الإيرانية والمساعدات العسكرية، ولكن أيضًا للمساعدات الإنسانية المخصصة لنحو 70 في المائة من سكان البلاد الذين يعيشون تحت خط الفقر. وكان هذا أيضًا السبب وراء تجنب الولايات المتحدة وشركائها في التحالف العسكري الذي أنشأته في البحر الأحمر لمكافحة التهديد الحوثي مهاجمة الميناء باستمرار.
ووفقا للصحيفة العبرية فإن استراتيجية الاستجابة الأمريكية تقوم على مبدأ "الردع والتدهور" في مواجهة الحوثيين في اليمن، وهو ما يعني عمليًا ضرب القواعد العسكرية ومواقع إطلاق الصواريخ والطائرات بدون طيار، ولكن ليس البنية التحتية المدنية.
قلق دول الخليج
وترى أن إدارة بايدن، التي لا تخلو إدارتها لحملة البحر الأحمر من التناقضات، سعت دون جدوى إلى اتباع سياسة ثنائية، تعزيز المفاوضات بين شطري اليمن بيد واحدة والعمل بقوة ضد الإرهاب الحوثي الذي شل حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر وألحق أضرارا جسيمة بالاقتصاد العالمي بشكل عام ودول المنطقة بشكل خاص.
وقالت "للوهلة الأولى، لا تواجه إسرائيل مثل هذه المعضلة، ولا يشكل تدمير البنية التحتية المدنية عقبة في اعتباراتها الاستراتيجية. ولكن أكثر من غزة ولبنان، والآن في سوريا، يجب على اسرائيل أن تأخذ في الاعتبار ليس فقط المصالح والسياسات الأمريكية، ولكن أيضًا مصالح وسياسات المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر.
وأردفت "لم تنضم هذه الدول إلى التحالف العسكري المناهض للحوثيين الذي أنشأته واشنطن، على الرغم من الأضرار الاقتصادية التي تعاني منها. ويتمثل خوفها الرئيسي في أن يضعها الحوثيون على قائمة أهدافهم ويجددون هجماتهم على الأصول الاقتصادية الحيوية - وخاصة على المنشآت النفطية، كما فعلوا في عام 2019، عندما تضررت منشآت أرامكو".
وأوضحت أن هجمات من هذا النوع دفعت أبو ظبي إلى الانسحاب من التحالف العسكري الذي أنشأته المملكة العربية السعودية في عام 2017 وتوثيق علاقاتها مع إيران مقابل الهدوء من جانب الحوثيين. ولا تزال السعودية ترى نفسها وسيطًا في عملية السلام الداخلية في اليمن، والتي تهدف، من بين أمور أخرى، إلى إنشاء حكومة يمنية يكون الحوثيون شركاء فيها.
وأفادت أن مصر حاولت التفاوض مع الحوثيين من أجل السماح لحركة المرور في قناة السويس بالتعافي، ولكن حتى الآن دون جدوى.
حرب البحر الأحمر تخدم سياسة الحوثي
وزادت هارتس "النتيجة هي أنه في حين أن إسرائيل شريكة في التحالف العسكري في البحر الأحمر، والذي يعتمد بشكل أساسي على القوات الأمريكية والبريطانية في اختيار أهداف هجماته، إلا أنها مقيدة بـ "الخطوط الحمراء" التي تمليها دول المنطقة، وعلى الرغم من توسيع نطاق الهجمات، إلا أنها لا تزال تبدو ملتزمة بنهج إدارة بايدن "الردع والتدهور".
"ولا يُتوقع أن يضمن تنصيب الرئيس المنتخب دونالد ترامب الشهر المقبل توسيع القيود المفروضة على الاستجابات العسكرية. لقد دعم ترامب حرب المملكة العربية السعودية في اليمن، وفي عام 2019 استخدم حق النقض ضد مشروع قانون لخفض مبيعات الأسلحة إلى الرياض بسبب الكارثة الإنسانية الشديدة التي تسببت فيها الحرب في اليمن"، حد قول الصحيفة.
"لكن ترامب كان أيضًا الرئيس الذي أجبر السعوديين على بدء مفاوضات مع الحوثيين وحتى صرح بأن الحرب في اليمن لن تنتهي بقوة السلاح بل على طاولة المفاوضات"، وفق التحليل.
في غضون ذلك، لا يزال طموح انهيار النظام الحوثي من خلال استهداف البنية التحتية المدنية ومصادر الدخل -حسب التحليل- بعيدًا عن التحقق. مشيرا إلى إن ميناء الحديدة هو في الواقع مصدر دخل مهم للنظام، لكنه ليس المصدر الوحيد.
وتطرقت الصحيفة الإسرائيلية إلى إعلان الحوثي أن "الأميركيين يدفعون النظام السعودي نحو تصرفات حمقاء وعدوانية لن نقبلها. وحقيقة أننا منخرطون في "نظام الدعم" لغزة (مصطلح يرمز إلى وحدة الجبهات) لا تعني أننا لا نستطيع أن نفعل أي شيء ضد تصرفاتهم الجنونية. سنرد بالمثل. الموانئ ضد الموانئ، والمطارات ضد المطارات، والبنوك ضد البنوك". وقد نجح التهديد، وتراجعت الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا عن قرارها.
وحسب هارتس فإن الحرب في البحر الأحمر تخدم السياسة التي يفرضها الحوثي على مواطنيه، فضلا عن فرض التجنيد العسكري والنضال الدؤوب ضد المنافسين السياسيين.
وخلصت صحيفة هارتس في تحليلها إلى القول "رغم أن صنعاء جزء من "حلقة النار" التي أنشأتها إيران، فإن بقاء النظام يشكل أولوية قصوى بالنسبة للمتمردين، والحرب المستمرة تخدم هذا الهدف. وبالتالي، ليس هناك يقين من أن الحرب في غزة ستنتهي، وحتى لو طلبت إيران من الحوثي وقف إطلاق النار في البحر الأحمر أو ضد إسرائيل، فقد لا يمتثل".