خرجت وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية فى التاسع عشر من مايو الجارى لتتحدث عن المأساة المروعة التي حدثت لطائرة الهليكوبتر التي تقل الرئيس الايراني "ابراهيم رئيسى"، ووزير خارجيته "حسين أمير عبد اللهيان"، والطاقم المرافق، حيث تعرضت لهبوط عنيف. كان الرئيس الإيرانى عائدا من زيارة رسمية لمحافظة أذربيجان الشرقية الايرانية.
بيد أن علامات استفهام ارتسمت أمام الفاجعة التى حلت بإيران مع سقوط الطائرة التي كانت تقل الرئيس الايرانى والطاقم المصاحب له، لا سيما وأنه كانت هناك طائرتان تحلقان بجوارها. ومع ذلك هى التى حلت بها الكارثة، ولم تكن هناك آية مساع لانقاذها. ومع ذلك يظل ما حل بالطائرة أمرا مكتوبا يستدعى للمرء الإيمان بالقضاء والقدر. حتى إذا رضي الإنسان وسلم أمره لحكمة الله في قضائه ظفر براحة البال وطمأنينة النفس وثبات القلب وزيادة الإيمان بالله والقناعة بما قسم، ولهذا كان من المستحب الصبر والثبات عند الشدائد، والعزوف عن الاعتراض والمعارضة، حتى إذا سلم المرء بالقضاء والقدر نال ثمراته، وبالتالي يتعين على الانسان ألا يجزع، وأن يصبر وأن يحتسب.
إنه الرضا بقضاء الله، وهو مقام رفيع من مقامات الإيمان التي ينبغي للمسلم الحرص عليها والالتحاق بها. وهو مقام فوق الصبر، ولذا رأى كثير من العلماء أن الرضا مستحب والصبر واجب، ولعل أحد الأسباب التى تدعو المرء إلى التشبث بهما أن يتذكر الإنسان الجزاء والثواب، وأن يتذكر أن المصائب يكفر الله تعالى بها السيئات، وأن يتذكر أن هذا قدر سابق، وأنه قد كتب فى أم الكتاب قبل أن يخلق الله تعالى السماوات والأرض، وبالتالى يتعين على الإنسان أن يرضى بقضاء الله وقدره ولا يجزع.
الرضا بقضاء الله وقدره أمر واجب، فعبر الرضا بقضاء الله يتذكر الإنسان الثواب والعقاب، وأن المصائب قد حلت به بسبب ذنوبه، وعلى الإنسان أن يعلم يقينا بأن المصيبة التى تنزل به هى دواء نافع ساقه الله تعالى إليه وهو أعلم بمصلحته فليصبر على تجرع هذا الدواء، فإذا صبر ورضى بهذا الدواء نفعه بإذن الله تعالى، فهو كما لو أن الخبير العليم قد وصفه له، دواء يصلح للمرض الذي يعاني منه، فإذا صبر ورضى بهذا الدواء كان فيه الشفاء، وكان خير نفع بإذن الله تعالى.
يتعين على الإنسان أن يؤمن بأنه بعد هذا الدواء سيتم الشفاء ويزول الألم. وقبل ذلك على الإنسان أن يتجرع الألم، وعليه الصبر والاحتساب والرضا والشكر والحمد، فإذا تذكر المرء ذلك أمكنه الرضى بقضاء الله تعالى وقدره. حتى إذا نزل به مكروه كان ذلك سببا لكى يلتحف بالرضا والصبر على ما نزل به.. إنها روشتة إيمانية بالنسبة لكل مؤمن بقضاء الله وقدره.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: على الإنسان أن بقضاء الله الله تعالى
إقرأ أيضاً:
لاحت بشائر رمضان.. خطيب المسجد النبوي: تاج الشهور ومعين الطاعات فاغتنموه
قال الشيخ الدكتور عبدالباري الثبيتي، إمام وخطيب المسجد النبوي ، إنه قد لاحت بشائر رمضان، واقترب فجره، وتاقت القلوب لنوره، هو تاج الشهور، ومعين الطاعات، نزل القرآن في رحابه، وعزّ الإسلام في ظلاله، وتناثرت الفضائل في سمائه.
تاج الشهوروأوضح “ الثبيتي” خلال خطبة الجمعة الرابعة من شعبان اليوم من المسجد النبوي بالمدينة المنورة ، أنه ميدان سباق لمن عرف قدره، ومنبع إشراق لمن أدرك سره، وموسم عِتق لمن أخلص أمره، وروضة إيمان لمن طابت سريرته واستنار فكره، مستشهدًا بقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ (من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه).
وأضاف أن هذا رمضان خيراته تتدفق، وأجوره تتزاحم وتتلاحق، موصيًا المسلمين بالاستعداد له استعدادًا يليق بمقامه، وسلوكًا يرتقي لنعمه وإجلاله، فرمضان أيامه معدودة، وساعاته محدودة، يمر سريعًا كنسيم عابر، لا يمكث طويلًا.
وأشار إلى أن الاستعداد لرمضان يكون بتهيئة النفس، ونقاء القلب، وإنعاش الروح، من خلال تخفيف الشواغل، وتصفية الذهن، فراحة البال تجعل الذكر أحلى، والتسبيح أعمق، وتمنح الصائم لذة في التلاوة، وأنسًا في قيام الليل.
الاستعداد لرمضانوأفاد بأن تهيئة القلب تكون بتنقيته من الغل والحسد، وتصفيته من الضغينة والقطيعة وأمراض القلوب، فلا لذة للصيام والقلب منشغل بالكراهية، ولا نور للقيام والروح ممتلئة بالأحقاد.
ونصح المسلمين إلى تنظيم الأوقات في هذا الشهر الفضيل، فلا يضيع في اللهو، ولا ينشغل بسفاسف الأمور، وخير ما يستعد به العبد الدعاء الصادق من قلب مخبت خاشع، موصيًا المسلمين بتقوى الله عزوجل، لقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ).
ولفت إلى أن رمضان شهر القرآن، ولتلاوته فيه لذة تنعش القلب بهجةً وحلاوة تفيض على الروح قربًا، ففي تلاوة القرآن يشرق الصدر نورًا، وبكلماته تهدأ النفس سرورًا، وبصوت تلاوته يرق القلب حبًا.
وأردف: فتشعر وكأن كل آية تلامس روحك من جديد، وكأن كل حرف ينبض بالحياة، منوهًا بأن رمضان مدرسة الإرادة وساحة التهذيب، يدرّب الصائم على ضبط شهواته، وكبح جماح هواه، وصون لسانه عما يخدش صيامه، فيتعلّم كيف يحكم زمام رغباته.
رمضان مدرسةوتابع: ويُلجم نزواته، ويغرس في قلبه بذور الصبر والثبات، وهذه الإرادة التي تربى عليها المسلم في رمضان تمتد لتشمل الحياة كلها، فمن ذاق لذة الانتصار على نفسه سما بإيمانه وشمخ بإسلامه فلم يعد يستسلم للهوى، ولا يرضى بالفتور عن الطاعة.
واستشهد بقولة تعالى (وَٱلَّذِينَ جَٰهَدُواْ فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا)، لافتًا إلى أن رمضان بشعائره ومشاعره محطة ارتقاء بالإنسان، ورُقِيّ بالحياة، فهو يبني الإنسان الذي هو محور صلاح الدنيا وعماد ازدهارها، ويهذب سلوكه، ويسمو بأهدافه.
وبين أن العبادة ليست طقوسًا جامدة، بل قوة حية تغذي الإنسان ليبني المجد على أسس راسخة من الدين والأخلاق والعلم، مستشهدًا بقوله تعالى: (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ).
وأفاد بأن الله تعالى اختص المريض والمسافر برخصة، فجعل لهما فسحةً في القضاء بعد رمضان، مستشهدًا بقوله تعالى: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ)، مبينًا أن التشريع رحمة، وأن التيسير مقصد.
ونبه إلى أن الصيام لم يُفرض لإرهاق الأجساد، بل لتهذيب الأرواح، وترسيخ التقوى، فأوجه العطاء في رمضان عديدة، وذلك من خلال إنفاق المال، والابتسامة، وقضاء حوائج المحتاجين ومساعدتهم، والصدقة الجارية، وقد كان ـ صلى الله عليه وسلم ـ أجود ما يكون في رمضان ، عطاؤه بلا حدود، وكرمه بلا انقطاع، يفيض بالجود كما يفيض السحاب بالمطر، لا يرد سائلًا، ولا يحجب فضلًا.