تقنيات الذكاء الاصطناعي في عُمان
تاريخ النشر: 26th, May 2024 GMT
عمير العشيت **
alashity4849@gmail.com
تفاجأ العالم بمنظومة الذكاء الاصطناعي الذي حل ضيفًا خفيفًا ثقيلًا على النَّاس بعد أن تضاعف استخدامه على مستوى العالم، ولم يعد مجرد حاضر في الخيال العلمي؛ بل حقيقة واقعية له تطبيقات تحاكي العقل البشري وتتفوق عليه في توفير المعلومات، وبات هذا المارد الكبير الذي خرج من قُمقُم الثورة التكنولوجية، جزءًا لا يتجزأ من حياتنا المعاصرة، فمنهم من ندد بوجوده؛ كونه يشكل خطرًا وعدوًا لدودًا على الحياة البشرية ومن حولها، باعتباره مغتصبًا للحضارة والسيطرة عليها، ومنهم من استبشر فيه خيرًا، نتيجة الابتكارات والاختراعات والمعلومات الدقيقة التي يوفرها للإنسان.
إنَّ الإطار المفاهيمي للذكاء الاصطناعي يندرج تحت سلسلة كبيرة من التعريفات، ولكن الأقرب إليه هو عبارة عن أنظمة تحاكي الذكاء البشري لأداء المهام ولديه القدرة على أن يحسن من نفسه باستخدام المعلومات التي يحملها، كما يصنف على أنه أحد فروع علوم الحاسوب، الذي يقوم باستيعاب البيئة المحيطة به، واتخاذ إجراءات لتعظيم فرصة تحقيق أهدافه بنجاح، وفيما يتعلق بالأهداف الرئيسية للذكاء الإلكتروني فهي معالجة المعلومات وحل المشكلات التي تواجه مجموعة من المجالات مثل اكتشاف الاحتيال والتشخيص الطبي وتحليلات الأعمال. والغريب أن الذكاء الاصطناعي من صنع الإنسان بينما تغلب المصنوع على الصانع، بل قد يتمرد عليه في العديد من المجالات، اما أبرز الإيجابيات المستنتجة فهي تخفيف معاناة البشر من الأزمات الناجمة عن الكوارث والأعاصير والأحداث التي يتسبب بها الإنسان، وذلك من خلال تحسين الطرق التي تتنبأ بحدوث وتعزيز وسائل التعامل مع الكوارث قبل او بعد وقوعها، وهذا ما نشاهده جليا على الواقع النظري والعملي في الأعاصير التي حدثت في السلطنة وغيرها من بلاد العالم، وابتكار مصطلح " الإنذار المبكر".
واستنادًا لمؤشر أكسفورد إنسايت للذكاء الاصطناعي للجاهزية الحكومية لعام 2020، تحتل سلطنة عُمان المرتبة 48 عالميًا، والسادسة على مستوى الشرق الأوسط. وقد اعتمدت حكومتنا الرشيدة على البرنامج الوطني للاقتصاد الرقمي الذي يمثل الجانب الاستراتيجي لبناء اقتصاد رقمي فاعل يدعم الناتج المحلي الإجمالي ويتماشى مع رؤية "عُمان 2040" والتي اعتبرت قطاع تقنية المعلومات والاتصالات واحدًا من القطاعات الممكنة والمحفزة للقطاعات الاقتصادية والإنتاجية والخدمية. وعليه فإن البرنامج يسعى الى ان تتبوأ السلطنة مراتب متقدمة عالميا في مؤشرات الاقتصاد الرقمي مثل مؤشر تطوير الحكومة الإلكترونية ومؤشر جاهزية الشبكات. كما قامت وزارة النقل والاتصالات الى انشاء البرنامج الوطني للذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة في عام 2020 ضمن هيكلتها الوزارية وهذا ان دل ذلك على شيء فانه يدل على أهمية الذكاء الاصطناعي في التنمية الشاملة.
لقد استفادت سلطنة عُمان من تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل واسع واستطاعت خلال فترة وجيزة بان تقدم منظومة الذكاء الاصطناعي لتدخل في المؤسسات الحكومية كافة من خلال ادراج هذه المنظومة في الحكومة الإلكترونية لتشمل جميع الوزارات والمؤسسات الخاصة باعتبارها المحفزات للقطاعات الصناعية والإنتاجية والخدمية، وهذا ما يلامسه المواطن والمقيم والمستثمر في تقديم الخدمات وتسهيل وتخليص المعاملات على نطاق واسع وعلى مدار الساعة. ومن ضمن تلك المؤسسات الحكومية الرائدة في هذه المجالات والتي تفانت في تقديم الخدمات الالكترونية بشكل سريع ومبسط عبر مكاتب سند، هي: شرطة عُمان السلطانية ووزارات العمل والاعلام والصحة والتعليم والتجارة والصناعة وترويج الاستثمار والإسكان، وغيرها من القطاعات التي استفادت من منظومة الذكاء الاصطناعي بصورة واسعة والتي نتج عنه تطوير وتحسين الاقتصاد الرقمي والتنمية، فالمعاملات التي كانت تأخذ أيام واسابيع باتت في متناول يديك خلال دقائق وفي أي مكان تشاء.
بيد أن هناك العديد من التساؤلات حول موقف المُشرِّعين ورجال القانون من الذكاء الاصطناعي، من حيث التنظيم والاستخدام وفق قوانين ولوائح تحد من أخطاره على المجتمع وتخفف من آثاره السلبية، والشاهد من القول إن المُشرِّع ما زال يقف موقف الذهول والارتياب تجاه منظومة الذكاء الاصطناعي، لا سيما في حالة وقوع جريمة، وفي هذا الموضوع يحضرني خبر موافقة المجلس الأوروبي على أول قانون رئيسي في العالم لرقابة الذكاء الاصطناعي، وقد يؤدي إلى التأسيس لمعيار عالمي. وهذا مؤشر جيد من حيث التنظيم والتحكم في اطار تطوير ذكاء اصطناعي آمن ومتمحور حول الإنسان وجدير بالثقة، وستحد أيضًا من استخدام الهوية البيومترية في الأماكن العامة؛ حيث توفر هذه الهوية العديد من الامتيازات للمواطنين والمقيمين حماية تامة للبيانات الشخصية.
إن الذكاء الاصطناعي سلاح ذو حدين، شأنه شأن الأجهزة الإلكترونية الأخرى التي غزت عالم البشر؛ فهي تعطي وتأخذ وفق الرغبات التي تلبي متطلبات الإنسان والسياسات العالمية؛ حيث ساهمت في العديد من المجالات العلمية والصحية والاقتصادية لصالح الإنسان، وفي المقابل دخلت في تدمير أجزاء كبيرة من خلال تصنيع الأسلحة الفتاكة لتستخدم في الحروب وإلحاق الأذى بكوكب الأرض.
** كاتب وباحث
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي يهدد شركات الأزياء
آخر تحديث: 21 نونبر 2024 - 11:01 صبغداد/ شبكة أخبار العراق- لجأت شركة الأزياء الإسبانية مانغو في حملتها الإعلانية الصيفية الموجهة للشباب، إلى عارضة أزياء رقمية اصطناعية في يوليو الماضي، فماذا كان رد فعل المشاهدين؟،أشار استطلاع للرأي أجراه معهد “أبينيو” لأبحاث السوق، إلى أن نحو 72 بالمئة من بين ألف مشارك في الاستطلاع، اعتقدوا أن العارضة والملابس في الصورة حقيقية.ويقول مايكل بيرغر المدير التنفيذي “لاستديو بيوند”، وهو مجموعة تصميم تعتمد إلى حد كبير على الذكاء الاصطناعي في إنتاج الصور: “نحن نستخدم الذكاء الاصطناعي لعملائنا كل يوم، دون أن يلحظوا ذلك”.وقد لا يكون ذلك مثيرا للدهشة حيث يتيح الذكاء الاصطناعي الكثير من المزايا للشركات، فلم تعد هناك حاجة إلى السفر إلى أماكن مختلفة من العالم لالتقاط الصور المطلوبة، لأن المسألة صارت سهلة وتحتاج فقط إلى إنشاء خلفية رقمية للصورة، الأمر الذي يوفر الوقت والمال كما يساعد على حماية البيئة. وبالنسبة للعملاء سيكون من الأوفر لهم، عدم دفع أموال مقابل استخدام عارضة أزياء من البشر.ومع ذلك فإنه لا تزال هناك في الوقت الحالي حاجة، لتصوير الملابس والإكسسوارات على جسم العارضة البشرية، حيث لا يستطيع الذكاء الاصطناعي تصويرها بشكل صحيح.وهذا يؤدي بشكل متزايد إلى استخدام ما يسمى بأجسام العارضات، حيث يتم تصوير الملابس على أجسامهن ثم استبدال رؤوسهن في وقت لاحق بشكل رقمي، ولا تزال هذه العملية مكلفة ماليا، ويقول بيرغر: “بمجرد أن يتمكن الذكاء الاصطناعي من تنفيذ هذه العملية رقميا ستصبح التكلفة أقل”. وفي كثير من الدول أصبح عالم الأزياء، يميل بشكل متزايد إلى استخدام الذكاء الاصطناعي، مثل مجموعة أوتو الألمانية، التي قالت إنها تلجأ لعارضات أنشئن عن طريق الذكاء الاصطناعي، للقيام بعروض منتجات الأزياء منذ ربيع عام 2024.وفيما إذا كانت هذه التطورات ستؤدي إلى الاستغناء عن العارضات والمصورين، يقول نوربرت هانسن رئيس مجلس إدارة رابطة وكالات عروض الأزياء المرخصة، هناك أوقات قاتمة تنتظر نشاط عروض الأزياء.ويوضح هانسن أن كثيرا من المتاجر الإلكترونية تقوم بتصوير عدد لا يحصى من الملابس كل يوم، مع التركيز على المنتج وليس على العارضة، ويقول “هذه الأفكار والعناصر يمكن أن يحل محلها الذكاء الاصطناعي بالكامل على المدى الطويل”.غير أن ماركو سينيرفو، وهو رئيس إحدى أكبر وكالات عروض الأزياء في ألمانيا، لا يتفق مع هذا الرأي، ويقول إن “الذكاء الاصطناعي خال من الجاذبية والسحر”.ويضيف أن استخدام الصور الرمزية المولدة بالذكاء الاصطناعي، يعد خطوة إلى الوراء أكثر من كونه ابتكارا، ويؤكد أنه “في عالم تشوبه السطحية وسريع الخطى بشكل متزايد، يحتاج الناس إلى صور واقعية بعيدة عن الخيال”، ويرى أن عارضات الأزياء التي يتم تصميمها إليكترونيا، توحي “بصورة للجمال بعيدة تماما عن الطابع الإنساني”.