تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
نعايش بحكم عملنا فى الجامعة مرحلة تحول الإنسان من شخص لا يحمل هم إدارة حياته إلى إنسان يفكر كيف سيعيش مستقلًا. ترى طالب الفرقة الرابعة، أو مرحلة الليسانس، كما اعتدنا أن نسميها، حاملًا للهم أكثر من غيره. هذا لهم يتلخص فى خطته "لليوم التالي". ماذا سيفعل غدًا؟ أين سيكون؟ وأى مكان سوف يرحب به لسنوات؟ وكيف يخطط خطة تمتد معه العمر كله وتتنامى نتائجها الجميلة باستمرار؟ فتح التعامل الواسع المجال مع الإنترنت الباب أمام الشباب منذ سن صغيرة للإطلاع على أبواب أوسع للعمل، ليس فقط العمل الإلكترونى عبر بوابات رزق رقمية، وإنما القراءة حول بوابات رزق لا علاقة لها بأعمال الحاسبات ونظم المعلومات.
قدم مجموعة من طلاب الفرقة الرابعة فى العام الماضى مشروعًا لمبادرة تحت عنوان "بلدك أولى بيك". استطاعوا أن يقسموا فيه سوق الشباب المصرى الراغبين فى العمل إلى قطاعات تستوعبه، بل وإنهم قدموا شبه دراسة جدوى تشير إلى الجدوى الاستثمارية الأكثر ربحًا لهم مقارنة بالسفر للخارج. حين قدموا لى المشروع كنت متحمسة جدًا لرؤية هذه المبادرة بعيون شابة، فأنا أؤمن أن من يعمل فى الجامعة لا يكبر أبدًا إذا تعلم كيف يقتات على الطاقة، لأن هذا المكان عامر بالطاقة الشابة، والأفكار التى تتحرك باستمرار، والحركة أم الأداء الجيد. كان مشروعهم مليئًا بالحب لبلدهم بتلك الطاقة التى لا تشيخ ولا تخطئ إصابة كبد ما تحب. قدموا اقتراحات لشركات مساهمة صغيرة، ومشروعات تجارية قابلة لأن تصبح سلاسل خلال خمس أعوام بخطة زمنية مالية، وسبلًا للحصول على وظيفة ثابتة وإن كان ذات دخل غير كبير لكنه يعينك على الحياة المستورة. كان المشروع يقول بصوت مرتفع. افتح عينيك للفرصة وستراها. وبعد تخرج هذه الدفعة علمت أن عددًا منهم عمل بالفعل فى مجالات تخصصهم فى العلاقات العامة. وعندها علمت أنهم لم يكونوا "أونطجية مشروع".
دار بينى وبين مجموعة من تلاميذى للدراسات العليا حول القهوة فى مكتبى حوار حول ما يقومون به حاليًا إلى جانب الأوراق المميزة التى جاؤوا بها. علمت أن صيف مصر فرصة استثمارية، وموسم عمل جيد للشباب؛ إذ إن لمعظمهم وحدات تجارية صغيرة، بل وإن اثنين منهم استطاعا أن يدشنا بعد عام مشروعين تجارين ثابتين ولديهما عمالة مصرية تعمل فيهما بانتظام ونشاط أيضًا. قاللى أحمد: "بعد ما اتخرجت حسبتها.. معايا إيه؟ ويجيب إيه؟.. ولو خرجت هارجع عندى كام سنة؟ وهاقدر اعمل ايه بعد ما اكبر؟.. مفيش أصلا سعادة فى غربة.. بحب هنا".
إن الظروف العالمية الحالية أنشأت لدى الكثيرين خوفًا من السفر. أصبح المجهول أكبر حجمًا من ذى قبل خارج الحدود. إذأن صور المعاناة أصبحت تعرف طريقها لعيوننا بكثافة مضاعفة وسرعة أكبر من كل مكان على الأرض تقريبًا. صارلدى الجميع رغبة فى التحصن بأفكار يعرفونها ويحبونها. ربما كان التحصن هو سيد الموقف الآن والورقة الرابحة للتعاون مع الحياة، وربما كان مجرد خطوة لمعرفة الذات ومن منا سيعرف شيئًا عن الحياة قبل أن يعرف ذاته؟!.
تقوم العلاقات العامة التى ندرسها فى جوهرها على تحقيق مصلحة المؤسسة وجمهورها فى ذات الوقت وبذات الدرجة من الأهمية، وتعد هذه هى الطريقة الوحيدة التى تضمن البقاء للمؤسسة، لأنها إن لم تحقق مصلحة الجمهور لن يتعاملوا معها، وهى على غير عادة كل المؤسسات تتمثل سلعتها فى البشر وأفكارهم الجيدة، إذ أنها تدعم الحياة الجميلة للجميع. وهوما يعمل الطلاب على تحقيقه كل بطريقته وديدنه فى الواقع. وكلنا نغنى نغم الوطن الجميل.
د. نهله الحوراني: أستاذة بقسم الإعلام آداب المنصورة
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: الجدوى الاستثمارية الظروف العالمية
إقرأ أيضاً: