السودان: «تقدم» ترجئ مؤتمرها للاثنين وتتهم السلطات بعرقلة وصول مشاركين
تاريخ النشر: 26th, May 2024 GMT
قالت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم» إن السلطات السودانية عرقلة وصول عدد من المشاركين في المؤتمر التأسيسي الذي ينطلق غداً الاثنين بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا
التغيير :أديس أبابا
كشف المتحدث باسم تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم»، بكري الجاك،عن عرقلة السلطات السودانية وصول عدد من المشاركين في المؤتمر دون إعطاء مزيد من التفاصيل.
وأجلت «تتنسيقية تقدم» انطلاقة مؤتمرها التأسيسي إلى يوم غد الاثنين عوضًا عن اليوم الأحد، وذلك في انتظار وصول مشاركين جدد من السودان وبعض الدول.
وأكد بكري الجاك في مؤتمر صحفي انعقد في مقر المؤتمر بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، أن الاستخبارات العسكرية تهاجم لجان المقاومة في ولاية نهر النيل وتضعهم في السجون”.
وتابع: “لدينا أشخاص لم يستطيعوا الوصول إلى أديس للمشاركة في في المؤتمر بسبب التهديدات الأمنية”.
وتوقع الجاك مشاركة أكثر من 500 شخص غدا الاثنين في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر للمؤتمر التاسيسي لتنسيقية تقدم.
وكشف المتحدث باسم «تتنسيقية تقدم»، عن حضور الحركة الشعبية شمال بقيادة عبد العزيز الحلو كمراقبين في المؤتمر”.
ومن المتوقع أن يعمل المؤتمر الذي ينعقد في الفترة من ف 26 إلى 30 مايو الجاري على إيقاف الحرب وفتح الممرات الإنسانية وإيصال الإغاثة.
كما سيعمل على إجازة الرؤية السياسية والنظام الأساسي والهيكل التنظيمي لتنسيقية القوى، ويختار قيادة جديدة قالت تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية تقدم.
وأوضح الجاك أن «تقدم» تعمل لبناء حلف استراتيجي لوقف الحرب والتأسيس لنظام ديمقراطي لاستعادة مسار التحول الديمقراطي”.
وأضاف: “الآن توجد رؤية واحدة تتحدث عن الدمار والخراب واستدامة الحرب باسم “الكرامة”، مقابل مشروع «تقدم» القائم على إنهاء الحرب واستعادة التحول المدني الديمقراطي، وتأسيس الدولة السودانية على أسس جديدة تضمن حكم فدرالي وعدالة”.
ولفت إلى التنسيقية عقدت اجتماعات متعددة مع أطراف إقليمية ودولية لمحاولة توصيل الملف الإنساني”.
واتهم ما سماها بالقوى المعادية للانتقال بالعمل على إجهاض ثورة ديسمبر منذ سقوط البشير وإفشال الحكومة الانتقالية وتبرئة الإنقاذ من الأخطاء”.
طلبات للانضمام
من جهته قال القيادي بتنسيقية القوى المدنية الديمقراطية «تقدم» صديق الصادق، إن المؤتمر الحالي يهدف لانتخاب أجسام قاعدية لتكون تحالف سياسي مختار من الشعب السوداني”.
صديق الصادق: الشمولية وقعت في الدرك الأسفل من الفشل
وأشار الصادق إلى أن الصراع في السودان بين المدنية والشمولية، مشيراً إلى أن الشمولية وقعت في الدرك الأسفل من الفشل “.
وكشف القيادي بتنسيقية القوى المدنية الديمقراطية «تقدم» عن تلقي التنسيقية لعدد من الطلبات للانضمام إليها تم قبول 20 طلباً منها.
وشدد الصادق على أن المؤتمر يعبر عن قيم ثورة ديسمبر وهي مصدر الشرعية السياسية في البلاد”.
وأكد أن اللجنة التحضيرية للمؤتمر التأسيسي تعاملت مع تباينات كبيرة. وأضاف: قدمنا الدعوة إلى أكثر من 600 شخص، وكنا مستهدفين 1200 شخص، إلا أن البعض تخلف بسبب منع السلطات لوصول عدد من المشاركين لذلك رتبنا لمشاركة اسفيرية لجميع من تخلفوا عن الحضور”.
الوسومآثار الحرب في السودان استخبارات الجيش المؤتمر التأسيسي لـ«تنسيقية تقدم» تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية- تقدمالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: آثار الحرب في السودان استخبارات الجيش تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية تقدم تنسیقیة القوى الدیمقراطیة المدنیة تنسیقیة تقدم فی المؤتمر
إقرأ أيضاً:
السودان الجديد وصورة دوران قري (1-2)
ملخص
(لم تكن دولة جنوب السودان التي تحكمها حركة سياسية، وُلد مبدأ السودان الجديد في رؤاها وممارستها، عند توقع جماعة نيروبي. فانقدحت فيها في الثامن من مارس (آذار) الجاري شرارة الحرب بين رئيس الجمهورية سلفا كير ونائبه رياك مشار حتى قال معلق إن "جنوب السودان عاد لصراع القوى المستهتر الذي انقض ظهر البلد في الماضي". وأنذر المعلق باندلاع الحرب الأهلية الرابعة منذ استقلال أحدث دول العالم).
قدمت المنظمات السودانية التي اجتمعت في نيروبي في منتصف فبراير الماضي لإنشاء حكومة بديلة لـ"حكومة بورتسودان"، نفسها على أنها التجسيد التاريخي للسودان الجديد الذي هو رؤية الحركة الشعبية لتحرير السودان، العقيد جون قرنق، لدى قيامها عام 1983. وما لبثوا إلا قليلاً حتى أخرجت دولة جنوب السودان، مصنع فكرة هذا السودان الأول، أثقالها وقال العالم مالها. وظلل خطاب السودان الجديد اجتماع نيروبي في مثل قولهم "وجوب مخاطبة جذور أزمة السودان" و"التزام التنوع التاريخي والمعاصر" الراجعة للعقيد جون قرنق (توفي في 30 يوليو عام 2005) قائد الحركة الشعبية لتحرير السودان. وصدح الحضور بشعار مبتكر وهو "سودان قديم يتحطم وسودان جديد يتقدم".
ولم تكُن دولة جنوب السودان، التي تحكمها حركة سياسية وُلِد مبدأ السودان الجديد في رؤاها وممارستها، عند توقع جماعة نيروبي. فانقدحت فيها في الثامن من مارس الجاري شرارة الحرب بين رئيس الجمهورية سلفا كير ونائبه رياك مشار حتى قال معلق إن "جنوب السودان عاد لصراع القوى المستهتر الذي انقض ظهر البلد في الماضي"، وأنذر المعلق باندلاع الحرب الأهلية الرابعة منذ استقلال أحدث دول العالم لأنه لا سلفا كير ولا مشار، ممن بينهما ما صنع الحداد، من سيأتي بالأمر إلى بر آمن. ووجهت الأمم المتحدة موظفيها بمغادرة البلد إلا من القائمين بأحوال الحرج والطوارئ لأن "تدهوراً منذراً قد يمسح بالأرض سنوات من التقدم المحرز بعسر شديد في جنوب السودان". وكان الجيش الأبيض، المنسوب لشعب النوير، الجماعة الأغزر عدداً ومنهم مشار بعد شعب الدينكا الذين منهم سلفا كير، استولى على حامية الناصر في ولاية أعالي النيل. فحاصرت الحكومة بيت مشار في جوبا وآخرين من جماعته بمن فيهم نائب رئيس هيئة أركان الجيش جبرائيل ديوب. وخشي الناس أن تؤدي تلك المواجهات إلى دورة جديدة من الحرب الأهلية التي بدأت عام 2013 لأربع سنوات وحصدت 400 ألف ضحية.
واندلعت تلك الحرب على خطوط إثنية، دينكا ونوير، بعد اتهام سلفا كير لمشار بالتدبير للانقلاب عليه وأخذ مقاليد الحكم. وهرب مشار من جوبا وكاد أنصاره أن يستولوا على جوبا لولا تدخل قوات أوغندية خاصة كما فعلت منذ أيام دعماً لسلفا كير بحسب تصريح قيادة الجيش الأوغندي. وكانت قوى إقليمية وغربية حملت الزعيمين للصلح باتفاق سياسي عام 2018 تضمن عقد انتخابات عامة ظلت تؤجل وآخر موعد مضروب لها هو عام 2026. ولم يتقدم الطرفان في تنفيذ الاتفاق وخرق كل منهما وقف إطلاق النار مرات، وكانت أكبر عقبات تنفيذ الاتفاق دمج جيشي الرئيس ونائبه. وهذا سودان جديد يتحطم.
دوريان قري
بدا من فرح اجتماع نيروبي بـ"السودان الجديد"، وهو على ما رأينا منه مطبقاً (أو منسياً) في جنوب السودان كمثل علاقة دوريان قري وصورته في الرواية المشهورة للكاتب الإنجليزي أوسكار وايلد. فاختار دوريان قري لصورته أن تأخذ عنه وطء اطراد العمر ووخطه بالتجاعيد وخطاياه في حين يبقى هو شاباً نضراً عظيم الحلاوة. وبالمثل اختار الهامش ومناصروه أن يبقوا على وسامتهم السودانية الجديدة كما في مؤتمر نيروبي بينما تشيخ صورة السودان الجديد في جنوب السودان وتذبل.
فليس من بين من تصارخوا للسودان الجديد في نيروبي من لم يكن ضحية له بصورة أو أخرى. وأشهر ضحاياه هو عبدالعزيز الحلو قائد "الحركة الشعبية لتحرير السودان- شمال" التي كانت جزءاً عضوياً في الحركة الشعبية الجنوبية قبل انفصال جنوب السودان عام 2011. فلم يمنح اتفاق السلام الشامل الذي عقد بين حكومة السودان والحركة الشعبية (2005) مناطق جبال النوبة والنيل الأزرق، مناطق نفوذ الحلو، ما انعقد لجنوب السودان وهو ألا يخضع لأحكام الشريعة الإسلامية وحق تقرير المصير. وكانت حجة الحكومة أن المنطقتين واقعتان في حدود شمال السودان منذ استقلاله عام 1956 ويجري عليهما ما يجري عليه. ولما جعلت الحكومة استفتاء المنطقتين عن مصائرهما خطاً أحمر تكون به المفاوضات أو لا تكون، تنازل قرنق متحرجاً. ووجدت الدبلوماسية النرويجية التي شاركت في مفاوضات السلام السودانية ودونت مجرياتها في كتابها "شن السلام في السودان" هيلدا جونسون أن قرنق كان في حال حرج لخذلانه رفاق السلاح. فاقترحت عليه منح المنطقتين ما عرف لاحقاً بـ"المشورة الشعبية" التي قالت إنها مستمدة من تجربة تيمور الشرقية مع إندونيسيا. وبمقتضاها لا يسقط عن المنطقتين حق الانفصال فحسب، بل تطبق الشريعة الإسلامية فيهما كذلك. وتعويضاً لهما عن الفقد ستكون لمجالس المنطقتين النيابية الشورى في مدى التزام الحكومة ما اتفقت عليه حيالهما في اتفاق السلام الشامل. ومن حق تلك المجالس أن تقرر، على ضوء جردها لما تحقق من ذلك الالتزام، إن كانت سعيدة بسجل الحكومة في الخصوص أو أن تعطل اتفاق السلام معها، وتطلب الاستفتاء المؤدي إلى الانفصال. وتركوا كل ذلك لزمانه ومكانه تحت الحكومة الانتقالية التي سيكون للحركة الشعبية فيها حظ كبير. وفسدت خطة "المشورة الشعبية" واندلعت الحرب بين الحركة الشعبية والحكومة مجدداً. وهذا قبح في السودان الجديد تنكر فيه لمقاتلي النوبة الذين لم يدخروا وسعاً في حرب الحكومة كتفاً لكتف مع الجنوبيين.
حق تقرير المصير وسياسة الإقصاء
ولم يحسن السودان الجديد، لا ل"حزب الأمة"، ولا "الاتحادي الديمقراطي" ولا "مؤتمر البجا" التي وقّع عنها في "تأسيس" (في مؤتمر نيروبي) من طعن آخرون في شرعية تمثيلهم لهذه الجماعات التي كانت اجتمعت عام 1991 مع "الحركة الشعبية" في التجمع الوطني الديمقراطي المعارض لـ"دولة الإنقاذ". وبلغ من حلفها معه أن تبنى "التجمع" حق تقرير المصير بصور مختلفة للجنوب وجبال النوبة والنيل الأزرق. ولكن ما جاء وقت التفاوض بين الحركة والحكومة عام 2002، الذي انتهى إلى اتفاق السلام الشامل عام 2005، حتى اقتصر التفاوض عليهما من دون التجمع حتى يتفقا على شيء في مسألتهما ثم يعقد مؤتمر دستوري ينظر في مسألة حلفاء الحركة. ولم يتفق ذلك التدبير للتجمع وساءه استبعاده من مفاوضات هو في صميمها. وسمى الكاتب والوزير منصور خالد تململ "التجمع" لإقصائه من المفاوضات "غيرة سياسية". فالقضية في مفاوضات الحكومة والحركة هي الحرب والسلام، والتجمع ليس جزءاً منها (الاتحاد الظبيانية 7 أغسطس 2002).
ونواصل
ibrahima@missouri.edu