(1)
أنتِ ما لن يتبقَّى، وأنتِ ما لن يذهب، وأنتِ التي ما هكذا: أنتِ عند الفجر في صلاة الفَلَج الذي ما كان أبدا هكذا.
(2)
لا مجد، ولا نصر، ولا هزيمة، ولا مساومة للطَّلقة الأخيرة إلا بحضور الأعداء (كلُّهم وقاطبة من دون تقصير، أو تفويضات، أو إقصاء، أو تأخير، من النُّطفة، والرّحم، والإخوة، والأخوات، والأهل، والأقارب، وكل الذين زُجَّ بهم في هذه المعركة الغادرة، وصولا إلى خَلاص لن يتأتَّى).
(3)
كلُّهم قبضوا تعويضات مُجزِية (أما الكرامة والحقيقة فهما من شأن الرِّوائيين المحليِّين المنسيِّين، والمؤرِّخين والعسكريِّين الأجانب فحسب).
(4)
في غزَّة (الحاليَّة)، وبعد غزَّة (التالية)، يعني الموت تعلُّم الإغريقيَّة القديمة، واللاتينيَّة الجديدة، وما تشعَّب منهما في اللغات الهندو-أوروبيَّة، وإحصاء ما فعلته بنا الحضارات.
(5)
يا هذا: النسيان أقوى المسوِّغات. النِّسيان أوهى المخازن والمستودعات. النِّسيان لن يأتيك، فلا تذهبنَّ إلى المخزن.
اصنِع النسيان بالطريقة نفسها التي صنعتَ بها الكلمات (كلماتك، أنت وحدك، لنسيانك أنت وحده).
(6)
قديمةٌ هي الحمامة التي حطَّت على ذاكرتك في هذا الضُّحى العتيق مثل نافذتك التي من ماء والتياعات.
والحمامة بلاد.
(7)
مشكلة كبيرة: الذَّات أكبر من الموضوع.
(8)
لا تعلن عن نفسك إلا أمام الوجه الأخير (وعليك أن تدرك مجدَّدَا أن هذا تطلَّب نضال العمر بأكمله).
(9)
أيها الإنسان الذي هنا والذي هناك: في طبيعتي الكثير من الأسماك، والشُّهداء، والقطط، والطِّين، والكلاب، والنَّار، وذكريات الغد، وبنات نعش.
أيها الإنسان الذي هنا والذي هناك: أنا لستُ أنت.
(10)
تكمن الشجاعة في تعلُّمها الطفولي، الأولي، الأخرق، الناتئ، الصَّامت، المشاكس، المُكابر، وفي النَّزق، وفي ممارستها باعتبارها عنادا عُضويَّا تقريبا.
أما ما ندعوه «أشياء جليلة» من قبيل الانتحار، أو الكتابة، أو الإبداع، إلخ، فإنها ستأتي فيما بعد لمن يستحق ذلك، فقط.
(11)
لا أحد يزور الغَسَق.
(12)
نَسلُ اهتمامٍ لن يجيء.
(13)
صار مستقبل العالم يعتمد على عدالة توزيع ثروة الغباء والتَّفاهة (النفط في آخر أنفاسه، والغاز بعده).
(14)
تكمن الحقيقة في مبالغات الشِّعر.
(15)
العطاء حجب اللغة.
(16)
لا يتمنى شيئا، لا يعرف النقمة.
(17)
لا تُصَوِّبُه الآثام، لا تَرقُنُه الفيافي، ولا تتورَّع عنه الخطايا.
(18)
كارثة كبيرة: من بقايا جيل لا يستطيع أن ينقل تجربته إلى جيلٍ آخر (كارثته أكبر من كارثة الجيل القديم والجيل الجديد).
(19)
ينبغي توسيع اللحد بحيث يستطيع المرء أن يتقلَّب بارتياح (أعرف بول سيلان الذي قال: «يمدُّون قبورهم في السماء كي يتمدد المرء من غير ضيق»، والذي، ليس من باب المفارقة الكبيرة، تمدَّد تمدّده الأخير اختيارا في مياه نهر السين الحالكة، سماؤه الخاصَّة)، وعدم السماح لأكثر من شخص واحد فقط، بمعيَّة القبَّار، من حضور الدَّفن. وينبغي أن يتم ذلك في الواحدة أو الثانية صباحا (وعلى وجه العموم، كل الأوقات مناسبة تقريبا، لكن قبل شروق الشمس). ويشترطُ، أيضا، أن يُعزف ما أمكن من «قُدَّاس» موتزارت في أثناء ذلك.
في اليوم التالي، تنبغي قراءة سورة «مريم» بشرط عدم حضور أي أحد غير المقرئ الذي عليه أن يعيد التالي عشر مرَّات: «وَسَلامٌ عَلَيهِ يَومَ وُلِدَ وَيَومَ يَمُوتُ وَيَومَ يُبعَثُ حَيّا».
وفي اليوم الثالث لن يتقبَّل زيارة أي أحد.
أما في اليوم الرابع فلا يستطيع أحد أن ينصح أي أحد بما عليه أن يفعله.
(20)
ما أعنيه حين أقول «الموت» لا يتعدَّى الجنازة (إلا بعد ذلك).
(21)
لا عليك من كل هؤلاء الفرسان. انتبه للغبار (فقط).
(22)
في الموت، سيقع العتاب على الجميع.
(23)
ما تبقَّى يتحيَّن الفُرص.
(24)
النَّوم مزرعة أخرى.
(25)
جاء الانتظار بعد ذلك.
(26)
أريدكِ في المَنِّ، أبغيكِ في السُّلوان.
(27)
يستسيغون الوسائل التي يقترحها البّبغاء.
(28)
هذا فؤادي، وتلك مشاربهم.
(29)
هؤلاء الناس مثل كل البشر، والوجبات السَّريعة، والمواعيد الهاتفيَّة، والمقابر (وقد أعتذرُ عن صلاة العيد أو الغائب).
(30)
أنتِ مَحَجُّ العقابيل.
(31)
أضع ثقتي الكاملة بين منقاري الغُراب (فقط).
(32)
أؤمن بكل ما يقول الذين لم يعودوا من هناك.
(33)
مهمتي الوجوديَّة الأولى هي النّوم (وغاياتي الأخرى ستحدث أو لا تحدث في أثناء ذلك، أو بعده).
(34)
الذكريات امرأة دخلت إلى البحر بساقين نصف عاريتين، ثم اختفت.
(35)
الاستغفار ليس استدعاء الجريمة فحسب، بل هو الحافز على مزيد من الارتكاب أيضا (تذهب الخطيئة إلى الأعالي بعد أن ترفس كل الصُّخور).
(36)
الطيور والقواقع أهم من التاريخ (كما نعرفه).
(37)
الحُبُّ هديَّة من الرُّكام (وفي النهاية، سيتعذب شخص واحد فقط).
(38)
من سيقتلك إذا كنت قادرا على الغُراب؟
(39)
الحُبُّ أصل كل الشُّرور (كالمقت، والبذل، والتَّضحية، والماركسيَّة، مثلا).
(40)
بالنسبة لي، نموذج انتحار تشَزري بَفيسي (الذي يعرفه أناس ليسوا كثيرين جدَّا)، تصفيته المُمَنهَجة لأوراقه الشخصيَّة قبل الاضطجاع الأخير بتأثير عبوَّة كاملة من الأقراص المُنَوِّمة، أكثر صدقا من وصيَّة فرانز كافكا (الذي صار لا بد أن يعرفه الجميع لأنه أوكل مهمة التَّصفية المستحيلة لغيره).
(41)
لا أحد يستطيع ترميم هذا الهواء (وذلك القصر).
(42)
هذا الموت إشارة.
(43)
أنا رُبَّان هذه السَّفينة الصَّغيرة (أمَّا البحر، والعواصف، فذلك من شؤون الشِّعر، والنَّثر، والكائنات التي في الذَّاكرة أو التي ستأتي، والأحلام، والكوابيس).
(44)
يتخندقون في الخنجر. يهلكون في أثناء السَّيف. لا يسهون عنك.
(45)
صرتُ أخاف من أصدقائي فأصدقائي نسوا أصدقائي الذين ماتوا.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
ما الذي ورط الجمهوريون أنفسهم فيه؟!
*فرقتان من الإخوان الجمهوريين اتخذتا موقفا واحدا من الحرب الجارية وأن بدأ مختلفا من حيث الظاهر والباطن!!*
*فرقة الموقف الباطن والتى وصفت الحرب الجارية بأنها فعل الله ونادت بالتالي بالإتجاه للفاعل الأساسي-الأصيل-الله-وهذا الموقف يتطلب في مثاليته الدعاء للسماء بأن توقف الحرب ولكنه في جانب آخر يعفي المحاربين على الأرض من المسؤولية ويجعلهم نائب فاعل مجهول وهو موقف يبحث عن مخرج لمليشيا الدعم السريع وليس الجيش طبعا ولا حتى الجيش والدعم معا وهذا بحكم الموقف الكلي للجمهوريين من الجيش!!*
*موقف فرقة الظاهر هو الدعم السريع للمليشيا ويعبر عنه نجوما كبارا من الجمهوريين مثل السيدة أسماء محمود والنور حمد و القراي وغيرهم ممن ينادون صراحة بتأييد المليشيا وتحميل مسؤولية الحرب للجيش ومن يحاربون معه والتى يجمعونها بالتعريف كتائب الإخوان المسلمين!!*
*كنت قد استغربت لموقف السيدة أسماء محمود عندما انتحبت على هلاك مليشي وهي تستفهم بأي سلاح من أسلحة الفلول قد قتل والهالك في الأساس كان من قيادات الطلاب الاسلاميين قبل أن يلتحق بالدعم السريع مثله في ذلك مثل العشرات من القيادات وعلى رأسها المفصول من تنظيم الاسلاميين بتهمة مولاة المليشيا السيد حسبو عبدالرحمن نائب الرئيس البشير ونائب الأمين العام للحركة الإسلامية!!*
*يوم انتحاب اسماء محمود ذلك ومواقفها ومواقف إخوانها اللاحقة والداعية صراحة لتأييد مليشيا الدعم السريع كتبت أن اكثر ما يناسب الجمهوريين كان ولا يزال هو توصيف الحرب الجارية بأنها حرب بين الإسلاميين ما دام ينشط على طرفيها مجموعات منهم – طرف في الإعتداء وهم مليشيا الدعم السريع وطرف فى الدفاع وهم من يقاتلون مع الجيش ويلوذ الجمهوريون على ذلك بالتالي خلف مقولة السوافي الجمهورية و المحدثة عن فتنة الإسلاميين في السودان ولكن رغم هذا الموقف السياسي الذي ما كان يحتاج الى ذكاء ورغم أنه يستق مع مقولات قديمة للجمهوريين حول الحرب إلا أن بعضهم اختار موقفا مكشوفا في الباطن ومفضوحا في الظاهر ولقد بدأت هذه الجماعة تدفع ثمن هذا الموقف الواحد باطنا وظاهرا موقفا نفسيا سلبيا مقابلا من الشعب السوداني وهو الموقف الذي قد يتطور في المستقبل الى موقف عدائي مباشر يضع هذه الجماعة والمليشيا سواء!!*
*بكرى المدنى*