حرب المصطلحات.. كيف انتصر مصطلح الإبادة الجماعية لتوصيف العدوان على غزة عالميا
تاريخ النشر: 26th, May 2024 GMT
من العبارات التي تتردد دائما في أوقات الحروب أن الضحية الأولى للحرب هي الحقيقة.. لذا مع مرور أكثر من سبعة أشهر على العدوان "الإسرائيلي" على قطاع غزة، من المهم أن يتم التفكير والتحليل في كيفية وصف السياسيين والصحفيين والمعلقين والشخصيات العسكرية، وكذلك المصطلحات المستخدمة في توصيف هذه الحرب من قبل النشطاء والإعلاميين الذين يدعمون القضية الفلسطينية.
يمكننا وصف صناعة واستخدام المصطلحات في الحروب بأنها فن الإقناع والتأثير. فالمصطلحات ليست مجرد كلمات، بل هي أدوات في غاية الأهمية يستخدمها البشر في التواصل والتأثير على الآخرين. وفي سياق الحروب، تكتسب المصطلحات أهمية استراتيجية كبيرة، حيث تلعب دورا حاسما في بناء الصورة العامة للصراع وتشكيل الرأي العام الدولي، وذلك في تشكيل الرأي العام.
فالمصطلحات المستخدمة في الحروب تساهم في تشكيل رؤية الجمهور حول الصراع، حيث يتم توجيه الرسائل بشكل استراتيجي لتحقيق أهداف معينة. يمكننا استحضار مثال مصطلح "الإرهاب" الذي أعادت إنتاجه وصناعته الولايات المتحدة بعد هجمات الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر، مع أن المصطلح (الإرهاب) له تاريخ طويل ومعقد، وقد تم تشكيل معانيه واستخداماته عبر العصور. المصطلحات ليست مجرد كلمات، بل هي أدوات في غاية الأهمية يستخدمها البشر في التواصل والتأثير على الآخرين. وفي سياق الحروب، تكتسب المصطلحات أهمية استراتيجية كبيرة، حيث تلعب دورا حاسما في بناء الصورة العامة للصراع وتشكيل الرأي العام الدولي، وذلك في تشكيل الرأي العامففي العصور الوسطى، كان يستخدم لوصف الحكومات القمعية التي تسعى لتحقيق أهداف سياسية عبر استخدام العنف ضد المدنيين، ولكن في العصر الحديث ارتبط المصطلح بشكل أكبر بالهجمات الإرهابية، وبات سلاحا فعالا استخدمته الدول وتستخدمه حتى اليوم، واستطاعت الولايات المتحدة ضرب خصومها ودعم تدخلاتها العسكرية وغير العسكرية تحت غطاء مصطلح محاربة الإرهاب.
" الإبادة الجماعية" مصطلح سيرتبط بجرائم الاحتلال الإسرائيلي
في ظل العدوان المستمر على قطاع غزة، ارتبط هذا العدوان بمصطلح الإبادة الجماعية، خاصة في دول أوروبا وأمريكا وكذلك أمريكا اللاتينية. صحيح أن هذا المصطلح لم يكن وليد هذه الحرب، لكنه لاصق توصيف الجرائم التي ارتكبتها قوات الاحتلال في قطاع غزة، حيث أكد المتضامنون مع فلسطين على امتداد العالم أن الحرب على غزة تُعد إبادة جماعية، نظرا للدمار الهائل والخسائر البشرية التي يتعرض لها السكان المدنيون، والاستخدام المفرط في القوة والنار لاستهداف البنى التحتية المدنية، والمناطق السكنية.
دور دعوى جنوب أفريقيا في محكمة العدل
توسيع استخدام هذا المصطلح وتطويره، والعمل على تعزيز التصاقه بالاحتلال الإسرائيلي، وقادة الحرب الإسرائيليين، سيكون له تأثير استراتيجي على الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في المدى القريب، فعلى ما يبدو أن هذه التهمة ستبقى تلاحقهم حتى النهاية
شكل تكريس الاصطلاح تحولا نوعيا في إطار الدعوى التي قدمتها جنوب أفريقيا لدى محكمة العدل الدولية، والتي قبلت الدعوى التي تتهم دولة الاحتلال بالإبادة الجماعية. هذا الاتهام الذي تم ضمن أطر ديمقراطية دولية مدعومة من قبل الغرب بارتكاب أكبر جريمة دولية، أحدث ضجة في جميع أنحاء العالم، وجعل هذا المصطلح مرتبط ارتباطا وثيقا بدولة الاحتلال ورموزه.
تهمة "الإبادة الجماعية" تلاحق بايدن والإدارة الأمريكية الحالية في الاحتجاجات الطلابية
"جو الإبادة الجماعية".. لقب أطلقه المتظاهرون في الكليات على الرئيس الأمريكي جو بايدن، وطالبوه بالتحرك لوقف الأعمال الإسرائيلية في غزة، لم يقتصر هذا اللقب على الجامعات بل بات يستخدم في جميع التظاهرات الداعية إلى إيقاف الحرب في أمريكا وكذلك أوروبا، كما كان من اللافت استخدام هذا المصطلح عند أنصار الرئيس السابق دونالد ترامب، في تجمعاتهم الحزبية الانتخابية، وحيث لمح ترامب في أحد خطاباته إلى صحة فحواه، مما أثار زوبعة في وسائل الإعلام الأمريكية.
لا شك أن توسيع استخدام هذا المصطلح وتطويره، والعمل على تعزيز التصاقه بالاحتلال الإسرائيلي، وقادة الحرب الإسرائيليين، سيكون له تأثير استراتيجي على الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في المدى القريب، فعلى ما يبدو أن هذه التهمة ستبقى تلاحقهم حتى النهاية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الإسرائيلي غزة المصطلحات الإبادة الجماعية العدل الدولية إسرائيل غزة الإبادة الجماعية مصطلحات العدل الدولية مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الإبادة الجماعیة تشکیل الرأی هذا المصطلح
إقرأ أيضاً:
كيف بدأت أزمة الرسوم الجمركية التي أدت إلى خسائر فادحة عالميا؟ (تسلسل زمني)
أدت رسوم التعرفة الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى ضربة موجعة لأسوق المال العالمية والعربية.
وأعلن ترامب الأربعاء الماضي، فرض رسوم جمركية على جميع دول العالم بينها حلفاء وخصوم، بحد أدنى يبلغ 10 بالمئة، معتبرا ذلك "يوم تحرير طال انتظاره وسيعني في نهاية المطاف المزيد من الإنتاج المحلي ومنافسة أقوى وأسعار أقل للمستهلكين".
وقرر تطبيق رسوم جمركية بنسبة 34 بالمئة على الصين (بخلاف 20 بالمئة سابقة عقب وصول ترامب للسلطة)، و20 بالمئة على الاتحاد الأوروبي، و46 بالمئة على فيتنام، و24 بالمئة على اليابان، و26 بالمئة على الهند، و30 بالمئة على جنوب إفريقيا و37 بالمئة على بنغلاديش و17 بالمئة على إسرائيل، والعراق 39 بالمئة والجزائر 30 بالمئة، بخلاف تطبيق رسوم بنسبة 10 بالمئة على بعض الدول.
وتشمل تلك الرسوم الأمريكية فرض تعريفة جمركية أكثر صرامة على ستة من أكبر الشركاء التجاريين (الاتحاد الأوروبي 20 بالمئة - المكسيك 25 بالمئة - الصين 54 بالمئة - كندا 25 بالمئة - اليابان 24 بالمئة - فيتنام 46 بالمئة)، وسيدخل ذلك حيز التنفيذ في 9 نيسان/أبريل الجاري.
كيف بدأت؟
طرح ترامب فكرته حول رسوم التعرفة الجمركية عدة مرات خلال حملته الانتخابية، وأكد على ذلك في خطابه الأول بالبيت الأبيض بعد تنصيبه في 20 كانون ثاني/ يناير الماضي.
20 يناير
في يومه الأول في المنصب، كرر ترامب وعود حملته بفرض تعريفات على الشركاء التجاريين الرئيسيين، وبالأخص كندا والمكسيك والصين.
وأشار إلى أنه سيفرض تعرفة بنسبة 25 بالمئة على الواردات من كندا والمكسيك، و10 بالمئة على الصين، مستندًا إلى مخاوف الأمن القومي بشأن الهجرة غير الشرعية وتهريب المخدرات (خاصة الفنتانيل) والاختلالات التجارية.
4 فبراير
وقّع ترامب أولى قرارات فرض التعرفة الجمركية وذلك بأمر تنفيذي يستند إلى قانون الطوارئ الاقتصادية الدولية (IEEPA)، رابطا ذلك بإعلان حالة طوارئ وطنية بشأن أمن الحدود وتهريب المخدرات.
بعد مفاوضات مضنية، علّق ترامب التعرفات الجمركية على كندا والمكسيك لمدة 30 يومًا، بينما بدأت الرسوم الجديدة على الصين فورًا.
ردت الصين بدورها بفرض رسوم على البضائع الأمريكية، مستهدفة الصادرات الزراعية والمنتجات التقنية.
4 مارس
بعد انتهاء التعليق، بدأت الولايات المتحدة بفرض رسوم تعرفة جمركية على البضائع الكندية والمكسيكية بنسبة 25 بالمئة.
لاحقًا، حصلت البضائع المتوافقة مع اتفاقية "USMCA" (الاتفاقية الحرة بين الدول الثلاث)، والتي تمثل 38% من صادرات كندا، على إعفاءات حتى 2 نيسان/ أبريل، مما خفف من حدة الضربة قليلًا.
فرضت كندا تعرفات انتقامية بقيمة 21 مليار دولار على البضائع الأمريكية، بينما هددت المكسيك بتدابير مضادة، مما أثار مخاوف من حرب تجارية في أمريكا الشمالية.
2 أبريل
أعلن ترامب حالة طوارئ وطنية بشأن "العجز التجاري الكبير والمستمر" للولايات المتحدة، مستندا إلى قانون سلطات الطوارئ الاقتصادية الدولية "IEEPA" لفرض تعرفة أساسية بنسبة 10بالمئة على جميع الواردات، بدءًا من 5 نيسان/ أبريل، وتعرفات "متبادلة" على 57 دولة، بدءًا من 9 نيسان/ أبريل.
شملت هذه التعرفات 34 بالمئة على الصين (بالإضافة إلى 20 بالمئة موجودة، لتصل إلى 54 بالمئة)، و20 بالمئة على الاتحاد الأوروبي، و25 بالمئة على كوريا الجنوبية، و24 بالمئة على اليابان.
وقال ترامب إن قراراته هذه تعد خطوة لـ"استعادة السيادة الاقتصادية" وحماية العمال الأمريكيين.
4 أبريل
بدأت الأسواق العالمية بالانهيار السريع، حيث انخفض مؤشر سوق الأسهم S&P 500 بنحو 5 بالمئة، وهو أسوأ يوم له منذ 2020،.
وتراجع مؤشر نيكي 225 الياباني بنسبة 2.7 بالمئة، وانخفض مؤشر فيتنام بنسبة 7 بالمئة، وسجلت الأسواق الأوروبية مثل DAX الألماني خسائر كبيرة.
وهبطت أسعار النفط بنسبة 6 بالمئة بسبب مخاوف من انخفاض الطلب العالمي، على الرغم من تسريع أوبك+ زيادات الإنتاج، مما زاد من عدم اليقين الاقتصادي.
5 أبريل حتى اليوم
يتوالى الهبوط في الأسواق العالمية والعربية، بعد بدء إقرار التعرفات منذ مطلع الأسبوع الجاري.
وتقلصت التدفقات التجارية العالمية، حيث من المتوقع أن تنخفض الواردات الأمريكية بمقدار 800 مليار دولار (25%) في 2025، وفقًا للتحليلات الاقتصادية.
يشار إلى أن الصين وعدت بالرد على قرارات ترامب بـ"تدابير شاملة"، فيما أعد الاتحاد الأوروبي ردًا منسقًا، وأشارت كندا والمكسيك إلى فرض رسوم إضافية.
وخلال الأيام الماضية، واجه الاقتصاد الأمريكي انخفاضًا متوقعًا في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.4%، مع خسائر تقدر بـ 200 مليار دولار بحلول 2029 إذا استمرت التعرفات.