قدم وائل حلاق أستاذ الدراسات الإسلامية في جامعة كولومبيا والمفكر العربي البارز والغزير الإنتاج، في حواره مع الجزيرة نت رؤيته حول ما أسماه بـ"الانتفاضة العظمى" التي اندلعت في غزة منذ السابع من أكتوبر 2023؛ حيث يوضح حلاق أن هذه الانتفاضة ليست مجرد رد فعل محلي ضد إسرائيل، بل هي حركة عالمية تعكس تحولا معرفيا يعيد صياغة الأفكار والمواقف العالمية تجاه القضية الفلسطينية؛ حيث يرى أن هذه الانتفاضة أظهرت هشاشة إسرائيل وأثبتت أن استمرار وجودها يعتمد بشكل كبير على الدعم الأميركي، مما أضعف أسطورة "إسرائيل التي لا تقهر" للمرة الثالثة منذ عام 1948.

كما شدد حلاق على أن "الانتفاضة العظمى" لم تكن فلسطينية فحسب، بل إنها تجاوزت الحدود الجغرافية والسياسية لتصبح حدثا عالميا يستقطب اهتمام ودعم شعوب متعددة. ويرى أن هذه الانتفاضة، على عكس سابقاتها، حصلت على أوسع دعم شعبي عالمي، مما يعكس تحولا مهمّا في الوعي العالمي تجاه القضية الفلسطينية. يعتبر حلاق أن هذا التحول هو بداية لتحول معرفي أعمق يتجاوز الوعي السياسي التقليدي ليشمل الأبعاد البنيوية للحداثة المتأخرة وأزمة الرأسمالية العالمية.

وبخصوص الاحتجاجات المرتبطة بالجامعات الأميركية والتي بدأت في جامعة كولومبيا التي يدرِّس فيها الأستاذ المفكر وائل حلاق، فإنه يرى أن الاحتجاجات الطلابية ضد سياسات جامعة كولومبيا تُعد تجسيدا لمشكلة أعمق في النظام الأكاديمي الحديث، حيث تحولت الجامعات إلى مؤسسات تجارية تهتم بالمال أكثر من التعليم والفكر الأكاديمي. يشير حلاق إلى أن رئيسة جامعة كولومبيا، نعمت شفيق، ليست مؤهلة لرئاسة جامعة عريقة كجامعة كولومبيا لأنها تفتقر إلى البعد الأكاديمي، وأن اللوبي الإسرائيلي يهيمن عبر المانحين على سياسات الجامعة لذا فإن المشكلة كامنة في النموذج الغربي. والحاصل في جامعة كولومبيا هو تصغير لمشهد مشكلة الحداثة، فإلى الحوار:

هناك من يرى أن القضية الفلسطينية تشهدُ انعطافة مهمة، بفعل اندلاع احتجاجات طلاب عديدة ضد "الإبادة" التي يقترفها الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين بغزة، هل هذا صحيح؟

بادئ ذي بدء، وقبل أن أجيب على سؤالك، اسمح لي أن أصوغ مصطلحا جديدا يعبِّر عما يحدث في غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول؛ والاصطلاحُ الذي يعبّر عن الوضع هو "الانتفاضة العظمى"، هذا المصطلح ليس شعارا ولا تعبيرا بلاغيا، بل هو اصطلاحٌ يحمل في طياته بِنيات الفكر والفعل التي برزت إلى الواجهة منذ أحداث السابع من أكتوبر 2023.

"الانتفاضة العظمى" ليست فلسطينية فقط، وليست ضد إسرائيل فقط، رغم أن مركزها قد يكون في غزة، إلا أن موجات الصدمة التي أحدثتها عالمية

"الانتفاضة العظمى" ليست فلسطينية فقط، وليست ضد إسرائيل فقط، رغم أن مركزها قد يكون في غزة، إلا أن موجات الصدمة التي أحدثتها عالمية. تتمتع "الانتفاضة العظمى" بعدد من الميزات التي تجعلها علامة بارزة في التاريخ الحديث؛ أولاً، أظهر قطاعُ غزة الصغير والضعيف في هذه المعركة ضعف إسرائيل وهشاشتها، أكثر من أي معركة أخرى جمعت بين إسرائيل وجيرانها، حيث أثبتت غزة أنَّ إسرائيل حينما لا تكونُ محمية بشكل دائم من قبل الولايات المتحدة، فإنها معرضة للهزيمة بسهولة، لتتحطم أسطورة "إسرائيل التي لا تقهر " للمرة الثالثة (بعد عامي 1973 و2006)، أكثر من أي وقت مضى، حتى بعد أشهر من هجوم حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، فإن استمرار وجود السفن الأميركية في البحر الأبيض المتوسط واستمرار إمداد الولايات المتحدة بالأسلحة والقنابل هي مؤشرات واضحة على أن إسرائيل لا تستطيع بمفردها مواصلةَ الحرب وإنهاءَها دون الدعم الهائل القادم من الولايات المتحدة الأميركية  التي تُعدُّ مُعيلها الحقيقي.

ثانياً، لقد خلفت "الانتفاضة العظمى" أكبر حجم من الخسائر البشرية في كلا الجانبين، وذلك رغم وجودِ فارق شاسع في حجم هذه الخسائر؛ فإسرائيل لم يسبق لها أن خسرت هذا العدد من الأفراد في عملية عسكرية واحدة، ولم تشهد فلسطين هذا العدد من الشهداء في حرب واحدة.

ثالثًا، شهدت "الانتفاضة العظمى" انخراط عدد كبير من الأطراف تجاوز أي صراع آخر في الشرق الأوسط، كما تم الاشتباكُ فيهِ بشكل مباشر مع الاستثمارات العسكرية والإستراتيجية لحماس وإسرائيل والولايات المتحدة ولبنان واليمن وإيران وسوريا والعراق وبعض دول الاتحاد الأوروبي. كما شهدت أقسى الانتقادات التي وصلت لحدّ قطع العلاقات الدبلوماسية من قبل عدد كبير نسبيا من الدول، شملَ بوليفيا وتشيلي وكولومبيا والأردن والبحرين وهندوراس وتركيا وتشاد وبليز، وجنوب أفريقيا التي تصدرت بدورها الحراك الدبلوماسي والقانوني تجاه إسرائيل وذلك بإحالة إسرائيل إلى محكمة العدل الدولية.

"الانتفاضة العظمى" عظيمة لأنها، على عكس الانتفاضات السابقة، حصلت على أوسع دعم شعبي عالمي في تاريخ التحرير الوطني الفلسطيني منذ عام 1948

وأخيرًا "الانتفاضة العظمى" عظيمة لأنها، على عكس الانتفاضات السابقة، حصلت على أوسع دعم شعبي عالمي في تاريخ التحرير الوطني الفلسطيني منذ عام 1948.

هذه السمة الرابعة على وجه الخصوص تحمل أهمية خاصة، ربما تتجاوزُ كل السمات الأخرى، لأنها ليست مجرد تحول سياسي في المواقف الشعبية، بل هي بالأحرى تحول معرفي ملحوظ يتمُّ التقاطه عبر معاناة الضحايا الفلسطينيين، ويدلّ عليهِ، ويُعليهِ إلى الصدارة.

الأهم من ذلك، أنها تظهر كبنية، وهنا أريد أن أوضح هذه النقطة: تعدُّ "الانتفاضة العظمى" تحولا معرفيا لأنها رمزية، وتجسد اختبارا حقيقيا للمشاكل البنيوية للحداثة المتأخرة. عندما هتف بعض المتظاهرين الأميركيين البيض في الولايات المتحدة "كلنا فلسطين"، لا ينبغي لنا أن نفسر ذلك باعتباره مجرد شعار سياسي. هذه العبارة تحمل معاني معرفية عميقة. لذا، للإجابة على سؤالك بجملة واحدة: نعم، تشكل الأشهر السبعة الأخيرة تحولا مهمّا في الوعي العالمي، وفي الواقع في أنماط المعرفة في الحداثة المتأخرة.

في كتاباتك القيمة نجدك تنوهُ بدور "المؤسسات التعليمية" باعتبارها إحدى أدوات الأدلجة التي تستعملها الدولة الحديثة لِبثِّ سردياتها الكبرى، وإنتاج "النخبة" المؤهلة للدفاع عن أيديولوجية الدولة الحديثة، ما أثرُ ذلك بما يحدث في الجامعات الأميركية بخصوص القضية الفلسطينية؟

اسمح لي أن أوضح نقطتك بشكل أكثر وضوحًا، ثَمَّة شيء نسميه في وقتنا الحاضر بـ"المجتمع"؛ هذا الأخير ليس ظاهرة طبيعية، بل تطورت بشكلٍ عضويٍ عبر القرون والسنوات بشكل مستقل. المجتمع منتجٌ من المنتجات التي صنعتها الدولة، وذلك على غرارِ بعض المنتجات التي "صُنعَت في الصين" أو "صُنعَت في ألمانيا" أو في أي مكان آخر.

يشبهُ المجتمع الأطفال في الأسرة، حيث تتمُّ تربية الأطفال من قبل الآباء، وعليهِ الدولة تربي مجتمعها، وتطلق على أفراده اسم "المواطنين"؛ المواطن طفل الدولة، يعكس أيديولوجياتها وطموحاتها وثقافتها، لأن المواطن يتعلم في مدارس ينظمها قانون الدولة، ويتلقى العلاج في مستشفيات الدولة ويستفيد من خدمات الوكالات الاجتماعية وقوات الشرطة التابعة لسيادة الدولة، وعليه فإن  المواطن يتنفس بأنفاسِ الدولة، لهذا السبب لم نكتسب بعد معرفة نقدية كافية لنشكك في ممارسات الدولة ووكالاتها والمتعاونين معها مثل الشركات الكبرى التي يتم إنشاؤها وتمكينها من قبل الدولة. لهذا السبب سمحنا لمؤسساتنا بتدمير بيئتنا ومجتمعاتنا ونفسياتنا، لأننا أفرادُ مجتمع صالحون، لذا وثقنا بهم لفترة طويلة جدًّا، وقبلنا ما يفعلونه كما لو كانت أفعالهم لصالحنا وذلك رغم نفاد الوقت.

قد يتمرد في بعض الأحيان أطفال الدولة، على غرار كل الأطفال، خاصة عندما يكبرون ويشعرون بأنهم لم يعودوا أطفالًا صغارًا، وعندما يمارسُ عليهم ضغطٌ شديد. ولكن "أسرة" الدولة الحديثة التي يكون فيها المواطن طفلًا، ليست أسرة بالمعنى المعتاد؛ وهي بالتأكيد ليست أسرة طبيعية، مما يمنح للأطفال سببًا كافيًا للثورة ضد آبائهم. لقد أثبت الآباء في هذه الحالة أنهم مسيئون، بتدميرهم للبيئة من حولهم، يتسمونَ بقسوة في سلوكهم، تتجسدُ تجاه أطفالهم.

أعتقد أن هذه الموجة من الاحتجاجات، المتمثلة في "الانتفاضة العظمى"، ستكون دفعة أخرى ستؤدي في النهاية إلى انهيار النظام وتحوله. لذا آمل أن يكون هذا التحول غير عنيفٍ وفي الاتجاه الصحيح، ويعتمد ذلك على ما نقوم به هنا والآن.

لنشهد اليوم انقساما كبيرا بين بعض الأطفال والآباء، لا يعود هذا الانقسام فقط إلى الوعي السياسي الذي تحدثت عنه سابقا، بل هو ناجمٌ عن تصدعات عميقة تخفي تحتها استياءً اجتماعيًّا واقتصاديًّا أعمق.

برزت هذه الانتقادات بالفعل في أواخر الستينيات، عبرَ الاحتجاجات القوية ضد حرب فيتنام، لكن الحبكة تزداد تعقيدًا الآن، حيث أظهرت الأنظمة الرأسمالية والدولية أمراضا لم تشاهَد من قبل، لتزدادَ قوةُ الإحباطات. أعتقد أن هذه الموجة من الاحتجاجات، المتمثلة في "الانتفاضة العظمى"، ستكون دفعة أخرى ستؤدي في النهاية إلى انهيار النظام وتحوله. لذا آمل أن يكون هذا التحول غير عنيفٍ وفي الاتجاه الصحيح، ويعتمد ذلك على ما نقوم به هنا والآن.

تحول الجامعة إلى هيئة مؤسسية يعني أيضًا توظيف "رجال أعمال" لإدارتها، ليسوا بأكاديميين أو مثقفين، كما كان الحال قبل الثمانينيات. القيادة الحالية لجامعة كولومبيا ليست قيادةً علمية، مما يعني أن روابطها بالتحقيق الفكري وروح الأكاديمية الحقيقية ضعيفة جدًا. نظرًا لأن الاهتمام الرئيسي لهذه القيادة هي المال ورأس المال، لذا فإن إدارة الجامعة تنحني لأولئك الذين يستثمرون في صناديقها، وبكلمات أكثرَ وضوحاً، فإن الجامعة تنحني لمن يدفعُ لها

رغم أن شريحة عريضة من العرب فرحت بسبب تعيين أكاديمية من أصول مصرية نعمت شفيق على رأس جامعة عريقة مثل جامعة كولومبيا، فإننا نجدها اليوم تطبق سياسات ضد العرب والمسلمين، هل نحن أمام مفارقة؟ أم أن الحداثة توظف هذه التناقضات من أجل تمرير سياساتها؟

تعد مشكلة جامعة كولومبيا بسيطة نسبيًا في فهمها، ومع ذلك، فإنها لم تبدأ بعد السابع من أكتوبر، بل في الواقع قد بدأت قبل بضعة عقود؛ وذلك عندما بدأت الجامعات في جميع أنحاء العالم، في التحول إلى مؤسسات تجارية على غرارِ الشركات بفعلِ زيادة وتيرة البيروقراطية، وهو أمرٌ غيرُ مفاجئٍ أبداً.

لقد كانت المكاسب المادية والمالية القيمة الأولى منذ بدء مشروع الحداثة قبل أكثر من 3 قرون، وهي محددات تم تحديدها بشكلٍ حاسمٍ بالفعل في مشروع الحداثة؛ تحول الجامعة إلى هيئة مؤسسية يعني أيضًا توظيف "رجال أعمال" لإدارتها، ليسوا بأكاديميين أو مثقفين، كما كان الحال قبل الثمانينيات. القيادة الحالية لجامعة كولومبيا ليست قيادةً علمية، مما يعني أن روابطها بالتحقيق الفكري وروح الأكاديمية الحقيقية ضعيفة جدًا. نظرًا لأن الاهتمام الرئيسي لهذه القيادة هي المال ورأس المال، لذا فإن إدارة الجامعة تنحني لأولئك الذين يستثمرون في صناديقها، وبكلمات أكثرَ وضوحاً، فإن الجامعة تنحني لمن يدفعُ لها، وهنا يجبُ التذكر بأن انفجار التبرعات للجامعات، الكبرى خاصة، انعكست على رواتب الإداريين التي تضخمت كذلك.

لم يصبح مسؤولو الجامعات رجال أعمال فقط بل أصبحوا خدماً مطيعين للنخبة السياسية؛ لهذا السبب استعانت رئيسة جامعتنا بشرطة نيويورك لمهاجمة طلابنا، وإيذائهم وضربهم، واعتقالهم وتوجيه التهم لهم. بعبارة أخرى، ملف السيدة شفيق يحوم كله حول الاقتصاد والمال، خال من البعد الأكاديمي العميق في العلوم الإنسانية الذي يجب أن يمتلكه كل أكاديمي مميز حقيقي. شفيق مؤهلة لرئاسة بنك ولكنها ليست مؤهلة لرئاسة جامعة، وبالتأكيد ليست مؤهلة لرئاسة جامعة بحجم جامعة كولومبيا.

لأن شفيق تفتقر إلى الشجاعة للدفاع عن الحرية الأكاديمية؛ بسببِ السماحِ للمانحين لجامعة كولومبيا بالسيطرة على الجامعة وتحديد سياساتها وممارساتها وفقًا لأولوياتهم السياسية، وهنا تجبُ الإشارة إلى أنّ المانحين جزء من اللوبي المؤيد لإسرائيل "أيباك" المعززِ بالكثير من المال والكثير من القوة لدرجة أنهم قادرون على التلاعب بسياسات الولايات المتحدة، في الداخل والخارج، والجامعة أمست جزءًا لا يتجزأ من بنية السلطة هذه.

يجب أن نفهم حقيقة سياسية أساسية مفادها أنَّ النظام السياسي الأميركي معروض للبيع والمزايدة عليه، لأن نظامنا هُندسَ على هذا النحو، لذلك فإنَّ مكمَن المشكلة في عدمِ إمكانية بيعِ دولة-أمة نفسها لأولويات أمة أخرى

يجب أن نفهم حقيقة سياسية أساسية مفادها أنَّ النظام السياسي الأميركي معروض للبيع والمزايدة عليه، لأن نظامنا هُندسَ على هذا النحو، لذلك فإنَّ مكمَن المشكلة في عدمِ إمكانية بيعِ دولة-أمة نفسها لأولويات أمة أخرى، وهو ما تم شرحهُ بنجاعة بالفعل من قبلِ أكاديميين كبار على غرار "جون ميرشايمر" (John Mearsheimer) و"ستيفن والت" (Stephen Walt) من خلال كتابهما "اللوبي الإسرائيلي وسياسة الخارجية الأميركية"؛ حيث أظهرا أن السياسة الأميركية المتبعة تجاه إسرائيل لا تخدم مصالح الولايات المتحدة بل تخدمُ إسرائيل وحدها، لأنها ببساطة وكما يعرفُ الجميع تسيطرُ على الولايات المتحدة. وإدارة جامعة كولومبيا ليست سوى نموذج مصغر لـ"لعبة القوة" المفرغة من الأخلاق، وبعبارة أخرى: إدارة الجامعة إدارة باعت روحها للشيطان.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات القضیة الفلسطینیة الولایات المتحدة السابع من أکتوبر جامعة کولومبیا على غرار أکثر من من قبل ا لیست أن هذه التی ت فی غزة

إقرأ أيضاً:

في ذكراها الأربعين تجربة فشل الفترة الانتقالية بعد انتفاضة أبريل (1985- 1986)

بقلم : تاج السر عثمان

١أبريل
اشرنا سابقا الي الذكرى الأربعين لانتفاضة مارس - أبريل ١٩٨٥، وضرورة الاستفادة من دروسها بإنجاز مهام الفترة الانتقالية، واستدامة الديمقراطية بالخروج من الحلقة الجهنمية للانقلابات العسكرية، التي أخذت حوالي ٥٩ عاما من عمر الاستقلال البالغ أكثر ٦٩ عاما ٠وبهذه المناسبة نعيد نشر هذا المقال عن دروس فشل تجربة الفترة الانتقالية بعد انتفاضة أبريل 1985.
٢
نتابع فى هذا المقال تجربة فشل الفترة الانتقالية لما بعد انتفاضة 1985 التي نعيش ذكراها هذه الأيام وكيف ساهم المجلس العسكري مع الجبهة الإسلامية في اجهاضها، وافراغها من مضمونها، ودروس تلك التجربة، لاسيما اننا نواجه الفترة الانتقالية لما بعد ثورة ديسمبر 2018 التي تواجه العوامل نفسها التي تعرقل مسيرتها، واخرها الحرب المدمرة الجارية الان، وكيف نستفيد من تلك التجربة لضمان نجاحها، رغم اختلاف ظروف كل منهما.
بعد تدخل القيادة العامة ، أصدر سوار الدهب عددا من القرارات أهمها: إعلان حالة الطوارئ في كل أنحاء البلاد،إعفاء رئيس الجمهورية ونوابه والوزراء والمستشارين وحكام الأقاليم، وحل مجلس الشعب والمجالس الاقليمية ، الاتحاد الاشتراكي، وكلف وكلاء الوزارات بتصريف مهام الوزارات، وقادة المناطق العسكرية لتولي سلطات حكام الأقاليم، ووجه العاملين في الدولة لانهاء الاضراب. الخ.
لكن الجماهير تخوفت من عودة الحكم العسكري، ومن تغيير شكلي يعيد إنتاج النظام المايوي السابق، وطالبت في هتافاتها بالحكم المدني ، وجيش واحد شعب واحد ، لن يحكمنا البنك الدولي ، لن يحكمنا أمن الدولة ، لن تحكمنا بقايا مايو. الخ، وتوجهت الجماهير لسجن كوبر وحررت المعتقلين السياسيين، وبعدها توجهت للقيادة العامة وضغطت حتى تمّ حل جهاز الأمن. جاء تحرك القيادة العامة بعد ضغط صغار الضباط ، مما أجبرها علي الانحياز للانتفاضة ، اضافة لخوف كبار الضباط من انقلاب يقوده صغار الضباط ( للمزيد من التفاصيل : راجع حيدر طه ، الإخوان والعسكر، القاهرة 1993، ومحمد علي جادين: صفحات من تاريخ التيار القومي وحزب البعث في السودان، دارعزة 2011)،اضافة لدعوات الأحزاب والتجمع النقابي لمواصلة الانتفاضة والاضراب العام حتى تسليم السلطة لممثلي الشعب.
٣
كان من عوامل ضعف الحركة السياسية والجماهيرية هو تشتتها ، ولم تتوحد إلا في اللحظات الأخيرة ،حيث تم اجتماع صباح السبت 6 أبريل تمّ فيه التوقيع علي ميثاق التجمع الوطني لانقاذ الوطن من أحزاب: الأمة، الاتحادي الديمقراطي، الشيوعي ، ونقابات الأطباء ، المهندسين ، أساتذة جامعة الخرطوم، المحامين ، موظفي المصارف، الهيئة العامة لموظفي التأمينات. وكان الهدف توحيد المعارضة السياسية والنقابية في مركز موحد، إضافة لضعف وجود حركة الطبقة العاملة والمزارعين والكادحين في تركيب قوى الانتفاضة.
تضمن ميثاق التجمع الوطني النقاط التالية: فترة انتقالية لمدة ثلاث سنوات، مهامها تنظيم العمل السياسي بموجب دستور 1956 المعدل 1964 ، كفالة الحقوق والحريات الأساسية، الحل السلمي الديمقراطي لقضية الجنوب في اطار الحكم الذاتي الموحد، التحرر من التبعية الاقتصادية والاصلاح الاقتصادي بخلق بنية اقتصادية تحقق العدل والكفاءة، ومواجهة المجاعة وشح المواد التموينية والغلاء، السيادة الوطنية والتحرر من التبعية للقوى الخارجية وقيام علاقات خارجية متوازنة، تصفية أثار مايو وقوانيتها القمعية، والطبقة الطفيلية المايوية ، واصلاح الخدمة العامة، وتصفية المؤسسات المايوية الخربة، تأكيد مبدأ الحكم الامركزي ، وحكم البلاد بعد الفترة الانتقالية بواسطة دستور يقره برلمان منتخب ديمقراطيا .
بعد التخوف من بيان القيادة العامة ، تواصلت اجتماعات التجمع الوطني للأحزاب والتجمع النقابي الذي كان مندوبه أمين مكي مدني مع القيادة العامة التي كان مندوبها اللواء عثمان عبد الله والعميد حقوقي أحمد محمود. لكن الخلافات بين الأحزاب قوى مركز القيادة العامة والسلطة، مما أدي للتعامل مع التجمع بصلف واستعلاء، حتى أنها هددت بأنها سوف تستخدم قانون الطوارئ بحزم لوقف المظاهرات!!!.
مع ضعف وخلافات التجمع وتحالف الجبهة القومية الإسلامية مع القيادة العامة ( قابل سوار الدهب د. الترابي في 10 /4 وتفاهم معه حول الوضع السياسي في البلاد) ، أعلن التجمع إنهاء الاضراب العام صباح الثلاثاء 9 /4. وزاد من ضعف قوى الانتفاضة اصدار الحركة الشعبية بيانها الذي قللت فيه من الانتفاضة ووصفت انحياز الجيش بأنه مايو 2.
كل تلك العوامل قوت موقف المجلس العسكري الذي كون مجلسا عسكريا انتقاليا من 15 عضوا من قيادات الوحدات العسكرية في الخرطوم، واستحوذ علي سلطات السيادة والتشريع خلال الفترة الانتقالية ، رغم احتجاج التجمع علي ذلك ، الا أنه لم يستطع أن يوقف ذلك لضعفه وعدم استعداده المبكر.
بعد استقبال سوار الدهب للترابي ظهرت الجبهة الإسلامية كقوة سياسية واقتصادية ومالية بعد البنوك الإسلامية والشركات التي عملتها في فترة المصالحة مع نظام مايو ، وكسرت طوق عزلتها باعتبارها من سدنة مايو بعد مشاركتها نظام في مايو لمدة ثماني سنوات بعد المصالحة الوطنية 1977، وشاركت في مؤسساتها التشريعية والتنفيذية وفي الاتحاد الاشتراكي، وكان د. الترابي نائبا عاما ومستشارا للرئيس نميري. بالتالي عملت علي شق الصفوف ، واصبح المجلس العسكري يتعامل مع أكثر من جهة، ووجد حليفا قويا في الجبهة الإسلامية، وزاد الطين بلة دعوة المجلس العسكري لمناديب من الجبهة الإسلامية لاجتماع ممثلي القيادة مع التجمع الوطني التي استنكرها التجمع، هذا فضلا عن خط الجبهة الإسلامية الدعائي الذي يقول بأن العسكر هم الجهة الوحيدة المنظمة والقادرة علي قيادة البلاد واستخفافها التجمع الوطني.
بعد ذلك طلب المجلس العسكري الانتقالي من التجمع ترشيحات لشخصيات مستقلة لمجلس الوزراء، وكان خطأ التجمع الموافقة علي تكوين المجلس العسكري بهذه الصلاحية ، واسس تكوين مجلس الوزراء ، الذي جاء برئاسة د. الجزولي دفع المعروف بانتمائه للإخوان المسلمين منذ أن كان طالبا في الجامعة ، وضم مجلس الوزراء مجموعة من التكنوقراط ، وبعض النقابيين الذين لعبوا دورا في الانتفاضة، مما قطع الطريق أمام وصول الانتفاضة لتحقيق أهدافها. وهذا راجع لضعف التجمع وعدم اتفاقه علي هياكل مؤسسات الفترة الانتقالية منذ فترة مبكرة.
كما تحددت القوي السياسية والطبقية المصطرعة التي تكونت من المجلس العسكري المسيطر علي السلطة الفعلية والمتحالف مع الجبهة القومية الإسلامية، والمرتبطة بدوائر خارجية عالمية واقليمية لها مصلحة في اجهاض الانتفاضة وعدم تحول ديمقراطي عميق يكون له تأثيره في المنطقة، والتجمع الوطني للقوى السياسية والنقابية الذي انسحب منه الاتحادي الديمقراطي لاحقا، والحركة الشعبية بموقفها المعروف من المجلس العسكري.
٤
الدخول في مهام الفترة الانتقالية:
بعد تخوف التجمع من هيمنة الحكم العسكري ، بادر بتقليص الفترة الانتقالية من ثلاث سنوات الي سنة واحدة، بعدها يتم تسليم السلطة لممثلي الشعب، وتمّ الدخول في مهام الفترة الانتقالية التي تلخصت في :
- تصفية آثار مايو ومؤسساتها وقوانينها القمعية، وتحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية.
– وقف الحرب وتحقيق السلام.
- اجراء انتخابات عامة بعد عام واحد لانتخاب جمعية تأسيسية وتسليم السلطة لممثلي الشعب.
* ثم بعد ذلك بدأ التراجع عن ميثاق الانتفاضة، فبدلا من العمل بدستور 1956 المعدل في أكتوبر 1964 ، جاء الدستور الانتقالي لعام 1985 ، رغم أنه أكد علي النظام الديمقراطي والتعدد السياسي ، والحقوق والحريات الأساسية.
* رفضت الجماهير وأحزاب التجمع محاولة النائب العام عمر عبد العاطي للتغول علي نشاط الأحزاب عن طريق مشروع لتنظيم الأحزاب ، مما أدى لتراجعه.
* استفادت الجبهة الإسلامية من هذا الوضع وسيطر الطفيليون الإسلامويون علي السوق مع الطفيلية المايوية، وخلقو أزمات اقتصادية ومعيشية مع ضعف الحكومة في اتخاذ اجراءات حاسمة لتحسين الوضع المعيشي، أدت لزعزعة وفشل الفترة الانتقالية ولتذمر العاملين الذين قاموا باضرابات كثيرة.
* تمّ التوقيع علي ميثاق الدفاع عن الديمقراطية في نوفمبر 1985 الذي أكد علي الديمقراطية باعتبارها الخيار الوحيد ، والدفاع عنها بكل الوسائل بما فيها الاضراب العام اذا وقع انقلاب عسكري، وقع عليه 18 حزب واتحاد ، اضافة لممثلي القوات المسلحة، وخاطب الاحتفال بعض زعماء الأحزاب.، وتمّ ايداع الميثاق لمنظمة الوحدة الأفريقية والجامعة العربية والأمم المتحدة ليشهد العالم علي تمسك شعب السودان بالديمقراطية.
الجدير بالذكر أن الجبهة القومية الاسلامية بقيادة الترابي لم توقع علي ميثاق الدفاع عن الديمقراطية ، وظهرت انيابها السامة التي غرستها في عنق الديمقراطية بانقلاب 30 يونيو 1989 ، مما دمر البلاد والعباد.
* عقدت قوى الانتفاضة مؤتمرها في مدينة ودمدني بهدف تأكيد وتقوية وحدتها، وأكد البيان الختامي علي استمرار التجمع الوطنى، وتصفية آثار مايو، ، حرية العمل النقابي، رفع المعاناة عن الجماهير ودعم أسعار السلع الأساسية، وقف الحرب في الجنوب، والاسراع بعقد المؤتمر الاقتصادي والمؤتمر الدستوري، والاشادة بانحياز الجيش للانتفاضة. الخ.
* واجهت الحكومة تردي الأوضاع المعيشية ، طالب التجمع بدعم السلع الأساسية ، وعقد مؤتمر اقتصادي عاجل بهدف معالجة الوضع الاقتصادي، لكن الحكومة فشلت في انتهاج سياسات تساعد في حل الضائقة المعيشية ، وتلكأت في عقد المؤتمر الاقتصادي، رغم المقترحات التي قدمتها قوى الانتفاضة في : تصفية التمكين الاقتصادي المايوي، والنشاط الطفيلي ، واسترداد الأموال المنهوبة ، واصلاح النظام المصرفي، وزيادة الايرادات العامة من موارد حقيقية. الخ.
في ديسمبر 1985 رفضت قوى التجمع والنقابات إعلان وزير المالية عوض عبد المجيد اتفاق مع صندوق النقد الدولي شمل: تخفيض سعر الجنية، ورفع أسعار السلع الأساسية، ورفع رسوم المياه والأرض في مشروع الجزيرة. الخ ، وكان الرفض كبيرا أدي لرفض مجلس الوزراء للمشروع مما أدي لاستقالة وزير المالية.
٥
تمّ تأخير المؤتمر الاقتصادي الذي لم ينعقد الا في مارس 1986 قبل شهر من نهاية الفترة الانتقالية!!، وكانت توصياته تتلخص في الآتي:
أ – إعادة تعمير وتأهيل المؤسسات والمشاريع الإنتاجية والخدمية في القطاعين العام والخاص ، وإعادة تعمير المناطق التي تأثرت بالجفاف والمجاعة .
ب – إصلاح النظام المصرفي وتصفية النشاط الطفيلي.
ج – إشاعة الديمقراطية واشراك العاملين في المؤسسات الإنتاجية .
د – تحسين أجور ومرتبات العاملين والمنتجين على أن يرتبط ذلك بزيادة الإنتاجية وتوفير مدخلات الإنتاج بالنسبة لمؤسسات القطاع العام والخاص الإنتاجية .
ه – إصلاح وتحسين خدمات التعليم والصحة.
و – لجم وسائل التضخم وتخفيض أسعار السلع الرئيسية واصلاح قنوات التوزيع .
ز – وضع خطة اقتصادية لتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي تخضع جميع السياسات الاقتصادية والمالية بهدف الاستغلال الكامل للطاقات الإنتاجية المتاحة واصلاح مسار الاقتصاد السوداني .
* انتهت الفترة الانتقالية بالفشل في تحقيق أهدافها، وجرت االانتخابات العامة في الفترة من 1 الي 12 أبريل 1986 ، بقانون انتخابي هزيل حرم القوى الحديثة من التمثيل ، وتكونت حكومة ائتلافية بين الأمة والاتحادي الديمقراطي والأحزاب الجنوبية ولم تستمر طويلا ، وفشلت في حل قضايا الاقتصاد والجنوب وترسيخ الديمقراطية وتم تكوين حكومة ائتلافية أخرى في مايو 1988 من حزب الأمة والاتحادي الديمقراطي والجبهة الإسلامية ، إلا أن تلك الحكومة أيضا فشلت في حل مشاكل البلاد.
* رغم قرارات وتوصيات المؤتمر الاقتصادي ، إلا أن السياسات التي سارت عليها حكومات تلك الفترة أدت إلى استمرار مظاهر الأزمة الاقتصادية التي تتلخص في الآتي : -
أ – ركود الإنتاج السلعي ( زراعة – صناعة ) وتضخم قطاع خدمات المال والتجارة ، أي أن وزن الطبقات الطفيلية الإسلامية والمايوية كان مؤثرا في النشاط الاقتصادي ، الشيء الذي عرقل محاولة أي إصلاح ، وبالتالي انعكس ذلك على النشاط السياسي وإجهاض الانتفاضة وتقويض الديمقراطية .
ب – استفحال المديونية الخارجية التي بلغت 14 مليار دولار .
ج – عجز مقيم في الموازنة الداخلية وميزان المدفوعات.
د – تزايد معدلات التضخم إذ بلغ اكثر من 45 % .
ه – تدهور متواصل في سعر صرف الجنية السوداني .
و – تزايد معدلات استهلاك الفئات الطفيلية، وارتفاع معدلات الاستيراد وانكماش الصادرات وتزايد المنصرفات.
كما استمرت حكومات ما بعد الانتفاضة في السياسة التقليدية التي تسببت في الأزمة الاقتصادية مثل: تقليص دور الدولة، إلغاء الضوابط على حركة المبلغ والسلع والتخلص غير المدروس والتدريجي من القطاع العام خاصة في مجال البنوك والتأمين والتجارة.
ز – التشجيع المفرط للقطاع الخاص المحلي والمختلط والأجنبي دون اعتبار للأولويات والسيادة الوطنية ، وذلك بالإعفاءات والتغاضي عن التهرب الضريبي .
ح – إطلاق العنان لقوى السوق بافتراض أن ذلك يساوى بين الأسعار وتكلفة الإنتاج ويقربها من مستويات الأسعار العالمية مما أدخل البلاد في حلقة تعديلات سعر الصرف دون تحقيق الأهداف المطلوبة.
ط – التوجه الخارجي للاقتصاد السوداني والاعتماد شبه الكامل على العون الخارجي. ) .
* – تفاقم حرب الجنوب التي كانت تكلف 3 ملايين من الجنيهات يوميا ، إضافة للخسائر في الأرواح والمعدات والمجاعات وتوقف التنمية في الجنوب ، وبذلت محاولات كثيرة من قيادات الأحزاب والتجمع والنقابات والشخصيات الوطنية في شكل مبادرات وندوات حتى كللت هذه المحاولات بتوقيع اتفاقية (الميرغني – قر نق ) التي أجهضها انقلاب 30 يونيو 1989 .
٦
* – ظلت مصادر الخطر على الديمقراطية موجودة كما حددها الحزب الشيوعي والتي تتلخص في الآتي :
أ – التخلي عن شعارات الانتفاضة بعدم تصفية أثار مايو .
ب – الإبقاء على القوانين المقيدة للحريات ( قوانين سبتمبر 1983) ، قوانين النقابات وغيرها من القوانين
ج – عدم الجدية منذ بداية الانتفاضة في الحل السلمي لمشكلة الجنوب.
د – تقارب الحزبين الكبيرين ( الأمة والاتحادي الديمقراطي ) للجبهة الإسلامية رغم موقفها المعادى للديمقراطية، حتى انقلبت على الديمقراطية وعضت اليد التي أحسنت إليها.
ه - كما قاومت الجماهير مشروع قانون الترابي الهزيل الذي يفضي للدولة الدينية، وتمّ اسقاطه .
وفي ديسمبر 1988 حدث الإضراب السياسي العام ضد زيادة الأسعار ، وبعد الإضراب ومذكرة القوات المسلحة التي خلقت جوا انقلابيا ، تم تكوين حكومة واسعة التمثيل ، وبعد تكوين الحكومة الموسعة ونجاح مبادرة( الميرغني – قر نق) لحل مشكلة الجنوب انعزلت الجبهة الإسلامية والتي رفضت التوقيع على ميثاق الدفاع عن الديمقراطية وكانت تسعى للحل العسكري والانقلاب على الديمقراطية ، ولعب اعلامها وصحفها دورا كبيرا في تخريب الديمقراطية، ونشر الأكاذيب، وبعد تكوين الحكومة الموسعة ، كانت مواكب الجبهة الإسلامية تجوب الشوارع من أجل حكم الشريعة ، وقبل ذلك كانت مواكب الجبهة الإسلامية حول أمان السودان وتحت ستار دعم القوات المسلحة ، وكان د . حسن الترابي في لقاءاته الجماهيرية يدعوا علنا لقلب نظام الحكم ، وتواترت المعلومات لقيادات الأحزاب والحكومة عن تخطيط الجبهة الإسلامية لانقلاب عسكري ، وبسبب الغفلة والتهاون وقع انقلاب الجبهة الإسلامية في 30 يونيو 1989 الذي دمر البلاد والعباد.

alsirbabo@yahoo.co.uk  

مقالات مشابهة

  • حلاق يقتل طفلة بسبب لعبها أمام المحل.. فيديو
  • مختار نوح: الإخوان كانت تسعى لتسليم الأردن إلى إسرائيل
  • عن الدين والدولة في إسرائيل
  • التشكيك: سلاح خفي في الحرب النفسية التي تشنها المليشيات
  • هكذا علقت إسرائيل على الغارات الأميركية التي تشنها على اليمن 
  • في ذكراها الأربعين تجربة فشل الفترة الانتقالية بعد انتفاضة أبريل (1985- 1986)
  • طلبة يعتصمون أمام جامعة كولومبيا في مدينة نيويورك تضامنا مع زملائهم المهددين بالترحيل
  • لقطات تبرز جمال منزل وقصر وائل كفوري.. صور
  • أسعار البيض تحلّق في أوروبا... من هي الدولة التي تدفع أكثر من غيرها؟
  • إسرائيل تلغي تأشيرات 27 نائبا فرنسيًا على خلفية تصريحات ماكرون حول الدولة الفلسطينية