عربي21:
2024-12-26@16:41:22 GMT

إسرائيل والغرب.. والساعة الخامسة والعشرون

تاريخ النشر: 26th, May 2024 GMT

يقول لنا التاريخ إن أقوى ما يؤكد أي تجربة في الدنيا هو أن تحاول نفيها، لأنك إذا حاولت نفيها وصمدتْ فأنت قد أثبتها.. وهذا هو بعينه ما حدث ولا زال يحدث في بؤرة النار والأنوار، غزة.. التي أقامت الدنيا والناس، وأعادت للإنسانية كلها أحد أروع أوصافها (الحرية والكرامة)، وسيزداد التأكيد تأكيدا وسيزداد الإثبات إثباتا.

.

وسنسمع من سيقول لنا وللدنيا: يبدو أن عدونا المر والقاسي يسيطر على الوضع على نحو أفضل بكثير، يحيى السنوار يتحكم بالأمور بطريقة أكثر موثوقية وأمان، ونحن نتبعه دون خيار، إنه يعقوب بيري (80 سنة)، نائب رئيس الشاباك السابق.. كما ذكرت لنا جريدة معاريف الأسبوع الماضي. ويضيف: "يبدو أن التركيبة الحالية لقيادتنا تواجه صعوبة وبالتالي فقد حان الوقت لاستبدالها..".

* * *

استبدال القيادة مطلب استراتيجي في قلب الدولاب الإسرائيلي كله، لكن أحد تجليات "طوفان الأقصى" أنها كشفت أشياء كثيرة للغاية، وهامة للغاية، وكادت تتحول إلى حقائق راسخة لا تُناقَش ولا تُسأل.

أحد تجليات "طوفان الأقصى" أنها كشفت أشياء كثيرة للغاية، وهامة للغاية، وكادت تتحول إلى حقائق راسخة لا تُناقَش ولا تُسأل. فقد بات واضحا مثلا وبكل تأكيد أن هناك مصالح أخرى وأفكارا أخرى وروابط أخرى بين "الصهيونية العالمية والغرب الإمبريالي"، ولا تتصل بقصة "الدولة يهودية" بل ولا تتصل باليهود أنفسهم (الدين والعِرق).. إنما تتصل في أوضح صورة لها بتاريخ الصراع بين الشرق والغرب
فقد بات واضحا مثلا وبكل تأكيد أن هناك مصالح أخرى وأفكارا أخرى وروابط أخرى بين "الصهيونية العالمية والغرب الإمبريالي"، ولا تتصل بقصة "الدولة يهودية" بل ولا تتصل باليهود أنفسهم (الدين والعِرق).. إنما تتصل في أوضح صورة لها بتاريخ الصراع بين الشرق والغرب، تتصل به في أعمق أعماق معانيه وأوثق مرجعياته التاريخية والفكرية.

* * *

وسيكون علينا لزاما ودائما، أن نتذكر أياما شبيهة بهذه الأيام التي انطلقت فيها "طوفان الأقصى"، إنها أيام عماد الدين زنكي (ت: 1146م)، صاحب الصيحة الأولى ضد الحروب الصليبية (أو حرب الفرنجة كما يريد لنا العلامة د. عبد الوهاب المسيري تسميتها".

فبعد أن كان الصليبيون يتربعون في أربع إمارات (الرها/ انطاكية/ والقدس/طرابلس) لمدة 46 سنة! وكادوا خلالها أن يتحولوا إلى "قدر محتوم" وبدا للجميع أن هذا القدر لا بد من معايشته والإقرار به، بل والترحيب به!.. سيأتي عماد الدين ويستعيد إمارة الرها 1144م.. لكنه سيُقتل فورا بعدها!

* * *

ذهب شهيدا.. لكن البذرة كانت قد أنبتت واستوت على عودها، وسيأتي بعده نور الدين زنكي (ت: 1174م) ليقول لمن حوله بصوت استراتيجي صادح: لا يمكن خوض هذه الحرب وطرد الصهاينة -عفوا الصليبيين- إلا بتوحيد مصر والشام.

وهو ما سيحدث بعد عام واحد (1145م) ويدخل دمشق، وباقي القصة أشهر من أن يُعرّف، وسنسمع فيها أسماء أسد الدين شركوه وصلاح الدين ومصرنا الحبيبة.. ثم ماذا؟ ثم حطين والقدس (4 تموز/ يوليو 1187م).

* * *

على أي حال، وبغض النظر عن مفارقة قرون الثمانية التي قفزنا بها بين تواريخ الزمن.. إلا أن خط الزمن هو نفسه، والعدو هو نفسه، والسبب هو نفسه، والمدهش أنه ستكون الخيبة هي نفسها..

* * *
إسرائيل بالفعل والقول، خسرت الحرب استراتيجيا، بكل الحمولة الكاملة لمعنى الاستراتيجية: حرب وسياسة واقتصاد ومستقبل.. وفي وسط كل هذا الخسران الشامل.. سنسمع من يتحدث عن أن المشكلة ليست في كل هذا الذي يحدث! إنما الإشكالية الحقيقية هي اليوم التالي للحرب في غزة
إسرائيل بالفعل والقول، خسرت الحرب استراتيجيا، بكل الحمولة الكاملة لمعنى الاستراتيجية: حرب وسياسة واقتصاد ومستقبل.. وفي وسط كل هذا الخسران الشامل.. سنسمع من يتحدث عن أن المشكلة ليست في كل هذا الذي يحدث! إنما الإشكالية الحقيقية هي اليوم التالي للحرب في غزة!

* * *

هل هم جادون فعلا في كلامهم؟ أم لديهم ما يخفونه ولا يريدون التصريح به علنا؟ وهم بالفعل قد ألمحوا اليه كثيرا:

لن نسمح لحماس بالنصر، هزيمة إسرائيل معناها عدم قدرتها على الاستمرار في المنطقة، لن يمكننا البقاء في الشرق الأوسط بعد الآن، إذا لم تنتصر إسرائيل.. الخ..

وكلها عبارات كما نرى، من ذات الوزن التاريخي الثقيل، لأن من يسمعها لا يملك إلا السؤال والبحث عن أصل الحكاية، وسيدرك بعدها أن غزة ما هي إلا "أيقونة" فقط لشيء آخر.

* * *

تقول الحكاية التي وراءها ألف حكاية وحكاية أن "الحزام الصهيوني/ الغربي" الذي يطوق "الشرق الإسلامي" من بدايات القرن الـ19، هو الآن في الساعة الخامسة والعشرين.. "الحزام الصهيوني" المحكم على المنطقة والذي سيبدأ -إن شاء الله- في التفكك والخلخلة.. هو بعينه الذي يلتف حول خاصرة الغرب كله..

مفكروهم وعقلاؤهم هناك يقولون ذلك من سنين، ولكن كان لا بد من "صيحة" عالية، وقد كانت.. وما مشاهد الهلع في الدوائر العليا، والعنف القاسي في التعامل مع المظاهرات التي نراها في عيون حواضر الغرب وعواصمه وجامعاته، إلا أكبر دليل على أنه بالفعل كذلك (حزام محكم)، وعلى أنه بالفعل بدأ في التفكك والتخلخل..

ما مشاهد الهلع في الدوائر العليا، والعنف القاسي في التعامل مع المظاهرات التي نراها في عيون حواضر الغرب وعواصمه وجامعاته، إلا أكبر دليل على أنه بالفعل كذلك (حزام محكم)، وعلى أنه بالفعل بدأ في التفكك والتخلخل
* * *

المفكر الكبير عباس محمود العقاد (ت: 1964م) رحمه الله كان من أوائل من حذر وأنذر، وقال لنا كل شيء في كتابه المشهور سنة 1956م عن "الصهيونية العالمية"..  وكالعادة دائما وفي أوقات الخطر سيكون الأزهر الشريف وشيخه الطيب هناك، وسيصدر الكتاب هدية مع أحد أعداد مجلات الأزهر.

نحن هنا نتحدث عن الجبال الرواسخ في ثقافة المصريين، فكر الكبار، وصرح الأكابر.

* * *

الحاصل أن الأستاذ العقاد قال لنا كل شيء عن الصهيونية، التي نجحت منذ تأسيسها كحركة سياسية عالمية من القرن الـ19 في السيطرة على كافة النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإعلامية وكافة النواحي الأخرى في "الغرب الاستعماري" وشعوبه الغافلة.

* * *

نحن الآن في الساعة الخامسة والعشرين بتوصيف الروائي الروماني الكبير قسطنطين جورجيو (ت: 1992م) ليس فقط بتجريد الوقت والزمن، ولكن بإعلاء الصوت بكل الحقائق التي حاولوا طمسها وإخفاءها عبر الزمن، وسيصح هنا قول الروائي الراحل في هذه الرواية الجميلة "من هامش العالم.. سنرى العالم".

x.com/helhamamy

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة الإسرائيلي الحروب الصليبية الغربي إسرائيل غزة الغرب الحروب الصليبية طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة على أنه بالفعل کل هذا

إقرأ أيضاً:

تحليل عبري: هل تحارب إسرائيل الحوثيين أم دولة اليمن.. وما الصعوبات التي تواجه السعودية والإمارات؟ (ترجمة خاصة)

قالت صحيفة عبرية إنه مع تراجع الصراعات مع حماس وحزب الله تدريجيا، تتجه إسرائيل الآن إلى التعامل مع الهجمات المستمرة من الحوثيين في اليمن.

 

وذكرت صحيفة "جيرزواليم بوست" في تحليل لها ترجمه للعربية "الموقع بوست" إنه مع تدهور حزب الله بشكل كبير، وإضعاف حماس إلى حد كبير، وقطع رأس سوريا، يتصارع القادة الإسرائيليون الآن مع الحوثيين، الذين يواصلون إطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار على إسرائيل.

 

وأورد التحليل الإسرائيلي عدة مسارات لردع الحوثيين في اليمن.

 

وقال "قد تكون إحدى الطرق هي تكثيف الهجمات على أصولهم، كما فعلت إسرائيل بالفعل في عدة مناسبات، وقد يكون المسار الآخر هو ضرب إيران، الراعية لهذا الكيان الإرهابي الشيعي المتعصب. والمسار الثالث هو بناء تحالف عالمي - بما في ذلك المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة - لمواجهتهم، لأن الحوثيين الذين يستهدفون الشحن في البحر الأحمر منذ السابع من أكتوبر لا يشكل تهديدًا لإسرائيل فحسب، بل للعالم أيضًا.

 

وأضاف "لا توجد رصاصة فضية واحدة يمكنها أن تنهي تهديد الحوثيين، الذين أظهروا قدرة عالية على تحمل الألم وأثبتوا قدرتهم على الصمود منذ ظهورهم على الساحة كلاعب رئيسي في منتصف العقد الماضي ومنذ استيلائهم على جزء كبير من اليمن".

 

وأكد التحليل أن ردع الحوثيين يتطلب نهجًا متعدد الجوانب.

 

وأوضح وزير الخارجية جدعون ساعر يوم الثلاثاء أن أحد الجوانب هو جعل المزيد من الدول في العالم تعترف بالحوثيين كمنظمة إرهابية دولية.

 

دولة، وليس قطاعاً غير حكومي

 

وحسب التحليل فإن خطوة ساعر مثيرة للاهتمام، بالنظر إلى وجود مدرسة فكرية أخرى فيما يتعلق بكيفية التعامل مع الحوثيين، وهي مدرسة يدعو إليها رئيس مجلس الأمن القومي السابق جيورا إيلاند: التعامل معهم كدولة، وليس كجهة فاعلة غير حكومية.

 

وقال إيلاند في مقابلة على كان بيت إن إسرائيل يجب أن تقول إنها في حالة حرب مع دولة اليمن، وليس "مجرد" منظمة إرهابية. ووفقاً لإيلاند، على الرغم من أن الحوثيين لا يسيطرون على كل اليمن، إلا أنهم يسيطرون على جزء كبير منه، بما في ذلك العاصمة صنعاء والميناء الرئيسي للبلاد، لاعتباره دولة اليمن.

 

"ولكن لماذا تهم الدلالات هنا؟ لأن شن الحرب ضد منظمة إرهابية أو جهات فاعلة غير حكومية يعني أن الدولة محدودة في أهدافها. ولكن شن الحرب ضد دولة من شأنه أن يسمح لإسرائيل باستدعاء قوانين الحرب التقليدية، الأمر الذي قد يضفي الشرعية على الإجراءات العسكرية الأوسع نطاقا مثل الحصار أو الضربات على البنية الأساسية للدولة، بدلا من تدابير مكافحة الإرهاب المحدودة"، وفق التحليل.

 

وتابع "ومن شأن هذا الإطار أن يؤثر على الاستراتيجية العسكرية للبلاد من خلال التحول من عمليات مكافحة الإرهاب إلى حرب أوسع نطاقا على مستوى الدولة، بما في ذلك مهاجمة سلاسل الإمداد في اليمن".

 

ويرى التحليل أن هذه الإجراءات تهدف إلى تدهور قدرات اليمن على مستوى الدولة بدلاً من التركيز فقط على قيادة الحوثيين - وهو ما لم تفعله إسرائيل بعد - أو أنظمة الأسلحة الخاصة بها. ومع ذلك، هناك خطر متضمن: تصعيد الصراع وجذب لاعبين آخرين - مثل إيران. وهذا ما يجعل اختيار صياغة القرار مهمًا.

 

وأشار إلى أن هناك أيضًا آثار إقليمية عميقة. إن تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية من شأنه أن يناسب مصالح دول الخليج مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، التي تنظر إلى الحوثيين باعتبارهم تهديدًا مباشرًا والتي قاتلتهم بنفسها.

 

إعلان الحرب على اليمن يعقد الأمور

 

أكد أن إعلان الحرب على اليمن من شأنه أن يعقد الأمور، حيث من المرجح أن تجد الإمارات العربية المتحدة والسعوديون صعوبة أكبر في دعم حرب صريحة ضد دولة عربية مجاورة.

 

وقال إن الحرب ضد منظمة إرهابية تغذيها أيديولوجية شيعية متطرفة ومدعومة من إيران شيء واحد، ولكن محاربة دولة عربية ذات سيادة سيكون شيئًا مختلفًا تمامًا.

 

وطبقا للتحليل فإن تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية يتماشى مع الرواية الإسرائيلية الأوسع لمكافحة وكلاء إيران، ومن المرجح أن يتردد صداها لدى الجماهير الدولية الأكثر انسجاما مع التهديد العالمي الذي يشكله الإرهاب. ومع ذلك، فإن تصنيفهم كدولة يخاطر بتنفير الحلفاء الذين يترددون في الانجرار إلى حرب مع اليمن.

 

بالإضافة إلى ذلك حسب التحليل فإن القول بأن هذه حرب ضد منظمة إرهابية من الممكن أن يعزز موقف الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا في حربها ضد الحوثيين، في حين أن القول بأنها حرب ضد اليمن من الممكن أن يضفي الشرعية عن غير قصد على سيطرة الحوثيين على أجزاء أكبر من اليمن.

 

وأكد أن ترقية الحوثيين من جماعة إرهابية إلى دولة اليمن من الممكن أن يمنحهم المزيد من السلطة في مفاوضات السلام والمنتديات الدولية. كما يمكن أن يؤدي ذلك إلى إقامة علاقات دبلوماسية رسمية مع دول أخرى، وتغيير طبيعة التعامل الدولي مع اليمن.

 

يضيف "قد يؤدي هذا الاعتراف إلى تقويض سلطة الحكومة المعترف بها دوليا في العاصمة المؤقتة عدن ومنح الحوثيين المزيد من النفوذ في مفاوضات السلام لإنهاء الحرب الأهلية في اليمن بشكل دائم".

 

ولفت إلى أن هناك إيجابيات وسلبيات في تأطير معركة إسرائيل على أنها ضد الحوثيين على وجه التحديد أو ضد دولة الأمر الواقع في اليمن.

 

وتشير توجيهات ساعر للدبلوماسيين الإسرائيليين في أوروبا بالضغط على الدول المضيفة لتصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية إلى أن القدس اتخذت قرارها.

 

وخلص التحليل إلى القول إن هذا القرار هو أكثر من مجرد مسألة دلالية؛ فهو حساب استراتيجي له آثار عسكرية ودبلوماسية وإقليمية كبيرة.

 


مقالات مشابهة

  • إسرائيل تقتل 5 صحافيين في غزة في قصف سيارتكم التي تحمل رمز الصحافة
  • صـور العـرب والغـرب في وعـيـيـهـما
  • تحليل عبري: هل تحارب إسرائيل الحوثيين أم دولة اليمن.. وما الصعوبات التي تواجه السعودية والإمارات؟ (ترجمة خاصة)
  • إسرائيل: حماس تراجعت عن التنازلات التي أدت لاستئناف مفاوضات غزة
  • للمرة الخامسة في أسبوع.. إسرائيل تصدّ هجوماً حوثياً
  • للمرة الخامسة في أسبوع.. إسرائيل تعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن
  • عماد الدين حسين: إسرائيل العدو الأساسي للمنطقة العربية
  • عماد الدين حسين: إسرائيل هي العدو الأساسي لعدم تقدم المنطقة
  • عماد الدين حسين: العدو الأساسي لعدم تقدم المنطقة هو وجود إسرائيل
  • أردوغان: إسرائيل ستنسحب من الأراضي السورية التي احتلتها