المجلات العلمية.. بين رهانات الجودة وتحديات الواقع
تاريخ النشر: 26th, May 2024 GMT
أحمد بن موسى البلوشي
تُشكل المجلات العلمية ركيزة أساسية في منظومة البحث العلمي، فهي منصّة لنشر المعرفة وتبادل الأفكار والاكتشافات الجديدة بين الباحثين من مُختلف أنحاء العالم، وتلعب هذه المجلات دورًا حيويًا في دفع عجلة التقدم العلمي من خلال نشر الأبحاث والدراسات المُحكمة التي تُثري المعرفة وتُساهم في حلّ التحديات التي تُواجه البشرية، فتتيح هذه المجلات للباحثين نشر نتائج أبحاثهم ودراساتهم، ممّا يُسهم في مشاركة المعرفة مع الباحثين الآخرين والجمهور المهتم، وتشجعهم على الحوار والنقاش العلمي بين الباحثين، ممّا يُؤدّي إلى تبادل الأفكار وتطوير نظريات جديدة، وتُساهم في توجيه مسار البحث العلمي من خلال تحديد أولويات البحث واحتياجاته، وتعمل على توثيق التقدّم العلمي وتُحافظ على السجل العلمي للأجيال القادمة.
ويُمثل نشر الأبحاث في هذه المجلات إنجازًا هامًا للباحثين، وخاصةً للطلبة الذين يسعون لتأسيس مسيرتهم البحثية. ومع ذلك، يُواجه الطلبة العديد من التحديات في رحلة نشر أبحاثهم، بدءًا من فهم متطلبات النشر المُختلفة لكل مجلة، مرورًا بعملية التحكيم والتقييم، وصولًا إلى صعوبة الوصول إلى الموارد العلمية، وصعوبة إيجاد المجلة المُناسبة وغيرها من التحديات؛ حيث تضع كل مجلة علمية شروطًا ومعايير محددة لنشر الأبحاث، تتعلق بهيكلة البحث، وأسلوب الكتابة، وعدد الصفحات، وطريقة توثيق المراجع، وغيرها، وقد يواجه الطلبة صعوبة في فهم هذه المتطلبات، خاصةً مع اختلافها بين المجلات، مما يتطلب جهدًا كبيرًا من أجل التكيف مع كل مجلة على حدة. وتتلقى هذه المجلات طلبات نشر هائلة من الباحثين من جميع أنحاء العالم، مما يزيد من صعوبة قبول الأبحاث للنشر، وفي كثير من الأحيان يتم رفض طلبات النشر دون إعطاء ملاحظات كافية، مما يُحبط الطلبة ويُفقدهم الثقة ببحوثهم. ومع وجود عدد هائل من المجلات العلمية في مختلف المجالات، قد يفتقر الطلبة إلى المعرفة أو الخبرة الكافية لتقييم جودة وملاءمة المجلات المُختلفة، ويواجهون صعوبة في اختيار المجلة المُناسبة لنشر أبحاثهم ممّا قد يُؤدي إلى نشر بحوثهم في مجلة غير مناسبة، وبالتالي لا يحظى بالاهتمام الكافي من قِبل الباحثين المهتمين.
كذلك تعد تكلفة نشر الأبحاث في بعض المجلات العلمية مرتفعة، خاصةً بالنسبة للطلبة الذين يعتمدون على موارد مالية محدودة، فبعض المجلات تفرض رسومًا عالية للنشر أو للوصول المفتوح، مما يجعل النشر تحديًا ماليًا كبيرًا، وقد يفتقر بعض الطلبة إلى التمويل اللازم لإجراء أبحاثهم بشكل كامل، مما يُؤثر على جودة البحث وبالتالي يُقلل من فرص قبوله للنشر، وكذلك كتابة ورقة بحثية تتطلب مهارات متقدمة في الكتابة الأكاديمية، وهي مهارات قد يفتقر إليها بعض الطلبة، ويتطلب ذلك القدرة على تنظيم الأفكار بشكل منطقي، وعرض النتائج بوضوح، واتباع أسلوب كتابة مناسب، مما يُؤثر على جودة الورقة ويتم رفضها، ومن التحديات التي يُواجهها الطلبة كذلك في نشر أبحاثهم الوقت الطويل الذي تأخذه بعض المجلات للرد على قبول البحث من عدمه مما يصبح تحدياً قوياً للكثير منهم.
وتمثل نسبة التشابه في الأبحاث العلمية معيارًا مهمًا تفرضه العديد من المجلات العلمية لضمان الأصالة والجودة العالية للمحتوى المنشور. يتعين على الباحثين، بما في ذلك الطلبة، الالتزام بنسب التشابه المحددة من قبل المجلات لضمان قبول أبحاثهم، ولكن تحقيق هذه المتطلبات يمكن أن يمثل تحديًا لهم، فبعض المجلات تطلب نسبة تشابه تقل عن 10%، مما يشكل تحديًا كبيرًا للباحثين، خاصة عند مناقشة المفاهيم الأساسية والأساليب البحثية المشتركة التي تستخدم عبارات وتقنيات متعارف عليها، وقد يتطلب الالتزام بهذه النسبة تعديل العبارات أو حذف بعض المعلومات الهامة، مما يمكن أن يؤثر سلبًا على وضوح البحث ودقته، ويرجع الأمر هنا في الكثير من الأحيان لطموح هذه المجلات للوصول للتصنيف العالمي دون مراعاة أهداف الباحثين في بناء سيرتهم البحثية، والأثر النفسي الذي يجعله يتراجع خطوة للخلف في النشر العلمي.
وختامًا.. نقول إنَّ المجلات العلمية تؤدي دورًا حيويًا في نشر المعرفة وتطوير البحث العلمي. ومع ذلك، يُواجه الطلبة تحديات كبيرة في الاستفادة منها، وعلى الرغم من هذه التحديات التي يواجهها الطلبة في نشر بحوثهم، إلا أنّ نشر الأبحاث في المجلات العلمية يظلّ إنجازًا مُهمًا يُساهم في نشر المعرفة وتبادل الأفكار وتطوير البحث العلمي. ولذا، لا بُدّ من تضافر الجهود من قِبل الجامعات والمؤسسات البحثية والناشرين العلميين لتوفير الدعم اللازم للطلبة، وتذليل الصعوبات التي تواجههم، وتمكينهم من المشاركة بفعالية في رحلة البحث العلمي.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
دور المرأة في نقل وتوطين التكنولوجيا .. مؤتمر في أكاديمية البحث العلمي
نظمت اللجنة الوطنية للمرأة في العلوم تحت رعاية معالي وزير التعليم العالي والبحث العلمي الدكتور أيمن عاشور بالتعاون مع جامعة القاهرة والمجلس القومي للمرأة مؤتمراً عن دور المرأة العلمية والتعاون الدولي في نقل وتوطين التكنولوجيا، والذي عُقد بقاعة المؤتمرات بالمدينة الجامعية بجامعة القاهرة، وحضرت بالنيابة عن الدكتورة جينا الفقي، القائم بأعمال رئيس أكاديمية البحث العلمي ورئيس المجلس القومي للمرأة .
الدكتورة نادية زخاري، وزيرة البحث العلمي الأسبق ورئيسة اللجنة الوطنية للمرأة في العلوم، وقد شارك في المؤتمر عدد كبير أعضاء اللجنة الوطنية للمرأة في العلوم ، ونخبة من أساتذة الجامعات والمراكز البحثية والعديد من الرائدات المصريات في كافة التخصصات العلمية، كما حضر المؤتمر شركاء التنمية ممثلي المنظمات والهيئات الدولية والإقليمية والوطنية، وممثلي المجتمع المدني
وقد افتتح المؤتمر الدكتور محمود السعيد، نائب رئيس جامعة القاهرة لشئون الدراسات العليا والبحوث نائباً عن الدكتور محمد سامي، رئيس الجامعة، بحضور الدكتور سعد نصار، أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة القاهرة ومحافظ الفيوم الأسبق وعضو اللجنة الوطنية للمرأة في العلوم، والدكتورة جيهان صفوت،
وكيل كلية البيوتكنولوجي بجامعة MSA ومقررة اللجنة الوطنية في العلوم.
وقد تضمن المؤتمر ثلاث جلسات عمل اشتملت علي عروض تقديمية، كما تضمن المؤتمر جلسات حوارية، واختتم المؤتمر بعدة توصيات ونتائج مهمة لن تتحقق إلا بمساعدة صانعي السياسة ومتخذي القرار؛ لتحقيق الاستفادة القصوى من دور المرأة العلمية والتعاون الدولي في مجالات نقل وتوطين التكنولوجيا ومن ثم تحقيق التنمية المستدامة ورؤية مصر ٢٠٣٠.
كما شهد المؤتمر مشاركة جهات مانحة مصرية ودولية، إلى جانب نخبة من السيدات الرائدات في مختلف المجالات العلمية، حيث قدّمن تجاربهن الملهمة، مستعرضات التحديات التي واجهتها، مع تقديم نصائح قيّمة للأجيال القادمة.
وعلى هامش المؤتمر، أُقيم معرض استثنائي للنماذج الأولية، ضم أكثر من 45 نموذجًا، بمشاركة أكثر من 100 عارض من أفراد وفرق عمل، حيث تضمنت الابتكارات مجالات الصحة، والبيئة، والطاقة، وتطبيقات التنمية المستدامة.
يعد هذا المؤتمر خطوة فاعلة في دعم المرأة في العلوم وتعزيز الإبتكار العلمي في مصر، ويعكس التزام اللجنة الوطنية للمرأة في العلوم بتمكين الباحثات وتعزيز دورهن في نقل وتوطين التكنولوجيا