سلط تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" الضوء على القصة المأساوية للطفل محمد شاهين الذي فقد جميع أفراد أسرته بعد تعرض منزلهم لقصف إسرائيلي، وكفاح عمه لإنقاذه وإخراجه من غزة المحاصرة إلى الدنمارك، فضلا عن المعاناة النفسية التي لا يزال يعيشها رغم تحسن حالته الجسدية.

وفي صباح السابع من ديسمبر، هزّ انفجار الغرفة التي كان ينام فيها محمد شاهين إلى جانب والديه وأشقائه الأصغر سنا في وسط غزة، مما أيقظ الطفل البالغ من العمر 9 سنوات وعائلته فزعا.

تبع الانفجار ثلاث ضربات أخرى سريعة ومدمرة، أدت إلى انهيار الجدران واندلاع حريق. كانت رؤية محمد مشوشة، وسال الدم على وجهه. 

وقبل لحظات فقط من الضربات الأخيرة، كان أقارب محمد بجواره مذعورين لكن سالمين. أما الآن، فقد أصبحوا محاصرين تحت ركام المنزل المنهار بعد القصف. حاول الصبي المصاب رفع الحجارة والأنقاض عنهم لكنها كانت ثقيلة للغاية. صرخ مناديا بأسمائهم، لكن لم يتلق أي رد، ولم يرهم بعد ذلك أبدا.

تركت الضربة الجوية محمد وحيدا في غزة مصابا بجروح شظايا في كل أنحاء وجهه وكان بحاجة إلى جراحة عاجلة لإنقاذ بصره. ومنذ ذلك اليوم، سعى عمه الذي يعيش في الدنمارك لإخراجه.

وخلفت الحرب المستمرة منذ أكثر من 7 أشهر آثارا ثقيلة على الأطفال الذين يشكلون ما يقرب من نصف سكان قطاع غزة البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة. ليس فقط أولئك الذين ماتوا، والذين يقدر عددهم بالآلاف حسب السلطات الصحية الفلسطينية. فالكثيرون مثل محمد أصيبوا وأصبحوا أيتاما وحيدين.

ولا توجد بيانات حقيقية عن عدد الأطفال الذين فقدوا والديهم خلال الحرب، بسبب حجم النزوح الجماعي والانهيار شبه الكامل للخدمات الطبية والاجتماعية. لكن تقديرات اليونيسف تشير إلى أن ما لا يقل عن 17 ألف طفل في قطاع غزة غير مصحوبين أو منفصلين عن ذويهم. لكل واحد قصة مفجعة من الفقدان والحزن.

وقبل الحرب، كان محمد يعيش في شقة في منطقة تل الهوا بمدينة غزة مع والديه وأخته البالغة من العمر 8 سنوات وشقيقه البالغ من العمر 4 سنوات. لكن مع بداية الهجوم الإسرائيلي على المنطقة فرت عائلة شاهين وانتقلت للعيش بغرفة واحدة في النصيرات جنوبا، غير أنهم لم يعثروا على الأمان الذي بحثوا عنه وتعرض المبنى لقصف وأودى بجميع أفراد العائلة باستثناء الطفل محمد.

ولم يعلق الجيش الإسرائيلي على استفسارات الصحيفة الأميركية بشأن هذه الضربات.

وكان عم محمد، حسين شاهين، في منزله بالدنمارك عندما علم أن القوات الإسرائيلية قصفت المكان الذي كان يعيش فيه أقاربه.

وفي الليلة ذاتها، سمع شاهين الخبر المذهل بأن محمد قد انتُشل من تحت الأنقاض حيا. مما دفعه إلى الانطلاق في مهمة لإجلاء الصبي من غزة وإحضاره إلى الدنمارك.

كانت الخطوة الأولى هي معرفة مكان وجوده. وهو الأمر الذي كان صعبا إذ لا توجد سلطة أو نظام في قطاع غزة منذ اندلاع الحرب. كما أن نظام المستشفيات في حالة فوضى. وتكافح فرق الإنقاذ للعمل وسط الدمار الواسع النطاق والقتال المستمر، ناهيك عن تتبع المرضى أو التعامل مع استفسارات الأقارب.

يقول شاهين في حديثه للصحيفة، عن محمد: "كل ما كنت أعرفه هو أنه كان يتنفس".

وأجرى شاهين حوالي 150 مكالمة هاتفية، قبل أن يعرف أن ابن أخيه في مستشفى بوسط غزة، محشورا في ممر مع عشرات المصابين. كان الصبي يعاني من جروح شظايا في كل أنحاء وجهه وكان بحاجة إلى جراحة عاجلة لإنقاذ بصره. 

كانت الخطوة التالية هي إخراجه من غزة، وهو تحدٍ كبير نظرا لأن حدودها مغلقة تقريبا بسبب الحرب والحصار. تواصل شاهين مع جماعات إغاثة وشخصيات فلسطينية مؤثرة ومسؤولين أجانب - أي شخص اعتقد أنه يمكنه المساعدة في إخراج محمد.

وجاء الفرج بعد بضعة أسابيع. كان شاهين قد نقل قصة محمد إلى قناة الجزيرة التلفزيونية، التي عرضت محمد في مقطع فيديو وهو يبكي متألما، وعينه اليمنى مغطاة بضمادة. 

وكان محمد يصرخ في الفيديو: "أنا وحيد! لا تلمسوا وجهي". وفي أعقاب انتشار  المقطع بشكل واسع تكلفت الحكومة التركية بإجلائه للعلاج الطبي.

وفي يناير، استقل محمد طائرة عسكرية متجهة من مصر التي وصل إليها بعد رحلة محفوفة بالمخاطر مع زوجة عمه  إلى أنقرة، حيث أمضيا أربعة أشهر في فندق تدفع تكاليفه الحكومة التركية. قبل أن يصل أخيرا إلى  بيلوند وسط الدنمارك، حاملا العلم الفلسطيني.

اليوم، تلتئم جراح محمد. لم يعد يعاني من الكوابيس لكن الصدمة لا تزال تطارده. خلف حواف نظارته الشمسية، ندوب وهالات سوداء تجعله يبدو أكبر من عمره البالغ تسع سنوات.

وفي تصريحات للصحيفة، قال عمه إن الأشياء الصغيرة كانت تثير نوبات الذعر لديه. إذ ذكّرته لعبة البازل بأخته، ورائحة الطبخ بأمه، والنظارات تذكره بوالده. وعندما سُئل عن شعوره تجاه وفاة عائلته، قال محمد: "سأنتقم".

ومع ذلك، بعد ليلته الأولى في الدنمارك، بدا محمد وكأنه في وطنه. كان مشغولا بتعليم أبناء عمومته الأصغر سنا جدول الضرب، والاستمتاع بكعك مصنوع يدويًا وشرب من كوب سبايدر مان. كان يتطلع إلى زيارة الأبقار وشرب بعض الحليب الطازج. وتوق لليوم الذي يمكنه فيه رؤية وطنه مرة أخرى.

قال: "بالتأكيد، عندما لا تكون هناك حرب بيننا وبين إسرائيل، سأعود إلى غزة. إنها مكان جميل".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: من غزة

إقرأ أيضاً:

ريال مدريد يتحدى طموحات باتشوكا غدًا في نهائي كأس إنتركونتيننتال

يواجه فريق ريال مدريد نظيره فريق باتشوكا المكسيكي على أرضية ستاد لوسيل بالعاصمة القطرية الدوحة، غدا الأربعاء، في نهائي بطولة كأس القارات للأندية 2024 "كأس إنتركونتيننتال".

يدخل فريق باتشوكا اللقاء منتشيا بفوزه بلقبين في غضون أسبوع حيث فاز بكأس ديربي الأمريكتين بعدما فجر مفاجأة مدوية بالفوز على بوتافوجو البرازيلي بطل أمريكا الجنوبية بثلاثية دون رد، وبعدها أطاح بالأهلي المصري بطل أفريقيا بسيناريو درامي بركلات الترجيح بعد انتهاء الوقتين الأصلي والإضافي بالتعادل السلبي، ليتوج بكأس التحدي.

أما ريال مدريد سيخوض المباراة النهائية مباشرة، باعتباره بطل أوروبا فهو صاحب الرقم القياسي في التتويج بدوري الأبطال برصيد 15 مرة منها ثلاث مرات تحت قيادة مديره الفني الإيطالي المخضرم كارلو أنشيلوتي في أعوام 2014 و2022 و2024.

ريال مدريد الأكثر تتويجا بالألقاب في العالم

كما يبقى الفريق المدريدي هو الأكثر تتويجا بالألقاب في العالم، ويملك في خزائنه 8 ألقاب عالمية أخرى، حيث توج بكأس العالم للأندية بنظامها القديم 5 مرات في أعوام 2014 و2016 و2017 و2018 و2022 إضافة إلى كأس إنتركونتيننتال التي كانت تجمع قديما بين بطلي أوروبا وأمريكا الجنوبية برصيد 3 مرات في أعوام 1960 و1998 و2002.

في الجهة الأخرى يأمل الأوروجوياني جييرمو ألمادا المدير الفني لباتشوكا المكسيكي في تحقيق لقبه الخامس مع الفريق بعد كأسين في إنتركونتيننتال وبطولة الدوري المكسيكي ودوري أبطال كونكاكاف، علما بأنه تولى مسؤولية الفريق في عام 2022.

وبعيدا عن أجواء نهائي لوسيل، فإن ريال مدريد وباتشوكا يعيشان معاناة شديدة هذا الموسم، حيث يتخبط باتشوكا في مشواره بالدوري المكسيكي ويحتل المركز 16 من أصل 18 ناديا وذلك بعد مرور 17 جولة حقق خلالها 3 انتصارات فقط مقابل 4 تعادلات و10 هزائم.

???????????? ¡Ya estamos en Doha!#FIFAIntercontinentalCup pic.twitter.com/nVfDmn51ft

— Real Madrid C.F. (@realmadrid) December 16, 2024

وكذلك يعاني أنشيلوتي مدرب ريال مدريد من كثرة الإصابات في صفوف الفريق وهو ما أثر على النتائج والأداء هذا الموسم، حيث يغيب الثنائي إيدير ميليتاو وداني كارفاخال لنهاية الموسم بسبب قطع في الرباط الصليبي للركبة، بينما عاد الثنائي فينيسيوس جونيور وإدواردو كامافينجا مؤخرا للمشاركة في المباريات بعد التعافي من الإصابة، بينما يسابق المدافع النمساوي دافيد آلابا الزمن للعودة مجددا بعد تعافيه من قطع في الرباط الصليبي للركبة.

كما تحوم شكوك أيضا حول جاهزية النجم الفرنسي كيليان مبابي بسبب شكواه من آلام عضلية أدت لاستبداله في مباراة أتالانتا الإيطالي في دوري أبطال أوروبا، وتسببت في غيابه عن مباراة رايو فاييكانو يوم السبت الماضي في بطولة الدوري الإسباني.

أرقام ريال مدريد هذا الموسم

وتخبط ريال مدريد كثيرا هذا الموسم، حيث تراجع للمركز الثالث في جدول الدوري الإسباني برصيد 37 نقطة، ولكنه يبتعد بنقطة واحدة فقط عن فارسي الصدارة برشلونة وأتلتيكو مدريد، كما يتبقى للعملاق المدريدي مباراة مؤجلة أمام فالنسيا ستقام في أوائل العام الجديد 2025.

وفي 17 مباراة بالدوري الإسباني حقق ريال مدريد 11 فوزا مقابل 4 تعادلات وخسارتين أمام برشلونة برباعية دون رد في ملعبه سانتياجو برنابيو، وبعدها الخسارة أمام أتلتيك بلباو قبل أسبوعين في ملعب سان ماميس.

كما خرج بطل أوروبا من نفق مظلم في مشواره للدفاع عن لقبه القاري، حيث حقق فوزين على شتوتجارت وبوروسيا دورتموند، لكنه سقط في فخ الخسارة ثلاث مرات أمام ليل الفرنسي وميلان الإيطالي وليفربول الإنجليزي قبل أن ينفض الغبار عن نفسه بفوز صعب على أتالانتا بنتيجة 3 / 2 في إيطاليا بالأسبوع الماضي.

???? @ViniJr
???? @10ardaguler
???? Doha#FIFAIntercontinentalCup pic.twitter.com/WvzRNEiqtJ

— Real Madrid C.F. (@realmadrid) December 16, 2024

وأكد كارلو أنشيلوتي على أهمية الفوز بلقب كأس القارات في رفع معنويات لاعبيه استعدادا لمواجهات أخرى حاسمة في يناير المقبل في أربع بطولات مختلفة هي الدوري وكأس ملك إسبانيا وكأس السوبر الإسباني في السعودية إضافة إلى آخر جولتين في دوري أبطال أوروبا.

كما يطمع أنشيلوتي أيضا في تخفيف الضغوط عليه وعلى الفريق بعد التعادل 3/3 مع فاييكانو قبل أيام قليلة، بالفوز بلقبه الثاني هذا الموسم بعد التتويج بكأس السوبر الأوروبي بالفوز على أتالانتا الإيطالي في أواخر الصيف الماضي.

ريال مدريد الأقرب لحصد اللقب

وتبقى فرص ريال مدريد هي الأقوى نظريا في الفوز بكأس القارات لما يضمه من توليفة من عناصر الخبرة مثل لاعب الوسط الكرواتي لوكا مودريتش، وحارس المرمى البلجيكي تيبو كورتوا والمدافع الألماني أنتونيو روديجير بخلاف جيل الوسط الذي يضم فينيسيوس ورودريجو جوس وفيدريكو فالفيردي وكامافينجا وأوريلين تشواميني مع العناصر الأكثر شبابا مثل الإنجليزي جود بيلينجهام والتركي أردا جولر والمغربي إبراهيم دياز والبرازيلي إندريك.

¡PACHUCA ESTÁ EN LA FINAL! ???????????????????? pic.twitter.com/uy4R7WK3Hd

— San Cadilla (@SanCadilla) December 14, 2024

أما جييرمو ألمادا مدرب باتشوكا يرتكز على عدد من العناصر مثل المهاجم الفنزويلي المخضرم سولومون روندون، والجناح الأيسر المغربي أسامة الإدريسي وثلاثي الوسط بيدرو بيدرازا ونيلسون ديوزا وآنخيل مينا إضافة إلى الظهير الأيسر برايان جونزاليس.

وقال ألمادا "مواجهة ريال مدريد حلم تحقق، نعلم أن ريال مدريد الأقوى، ولكن دعونا نحلم ونستمتع بأجواء مواجهة أكبر ناد في العالم".

مقالات مشابهة

  • هل تصمد (سلطة اللحى) في سوريا أمام القنابل الداخلية والاقليمية والدولية ؟
  • نشرة المرأة والمنوعات : تحذير للرجال من وضع اللاب توب على الفخذين.. أعراض المتحور الجديد بعد انتشاره في الدنمارك
  • مش شبه البرد .. أعراض المتحور الجديد بعد انتشاره في الدنمارك
  • فيلم “ضي” يمثل مصر في مهرجان برلين الدولي
  • ريال مدريد يتحدى طموحات باتشوكا غدًا في نهائي كأس إنتركونتيننتال
  • رحم الله الدكتور محمد خير الزبير الذي إرتحل اليوم إلى الدار الباقية
  • 66 مشاركاً في رحلة عمرة للمسلمين الجدد من «إسلامية دبي»
  • الدنمارك تقدم مبلغ مالي للاجئين السوريين الراغبين في العودة
  • احتفالية "من القلم إلى الخوارزمية".. رحلة في أصالة اللغة وحداثة الفكر بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية
  • محمد الشافعي: الصحفي مثل الجندي الذي يقف على حدود البلاد