هل تخلص المستهلك العربي من عقدة الخواجة؟
تاريخ النشر: 26th, May 2024 GMT
يرى غالبية المستهلكين في العالم العربي السلع المستوردة من الخارج أفضل من تلك المحلية مبدئيا، في ظاهرة سمتها مجتمعات عربية "عقدة الخواجة".
وعملت شركات غربية عديدة على ربط المستهلك في الأسواق غير المصنعة بعلامتها التجارية عن طريق تقديم منتجاتها بجودة عالية وبفئة سعرية عالية خلال عشرات السنين، وهذا ما جعل علامتها التجارية تمثل في عقل المستهلكين رمزا للجودة العالية.
تقول ياسمين إبراهيم، ربة منزل مصرية، إنها تفضل السلع المستوردة لأنها تكون أجود من السلع المحلية في التصنيع ولو كانت أعلى سعرا بنسبة معقولة لأنها في النهاية تستخدم لفترة أطول من السلع المحلية وبالتالي تكون في نهاية المطاف أرخص.
وتضيف أن السلع المحلية تكون أعلى سعرا من تلك المستوردة في كثير من الأحيان.
وبلغ عجز الميزان التجاري لمصر 36.9 مليار دولار العام الماضي انخفاضا من 48 مليار دولار في 2022، وفق ما ذكر وزير التجارة والصناعة، أحمد سمير في بيان صدر في وقت سابق من العام الحالي.
ولم يختلف الحال في المغرب كثيرا؛ إذ بلغ العجز في الميزان التجاري 286.4 مليار درهم (28.77 مليار دولار) خلال عام 2023، مقابل 308.8 مليار درهم (31 مليار دولار)، خلال عام 2022، وفق بيانات مكتب الصرف (حكومي).
ويقول أمين عام اتحاد الغرف التجارية العربية، الدكتور خالد حنفي إن ثمة طلبا عربيا كبيرا على السلع المستوردة نتيجة عدم توفر قدر معتبر من السلع من إنتاج عربي.
ويضيف في حديث للجزيرة نت أن الدول العربية تنقسم إلى مجموعات:
دول المستوردة الصافية التي لا تنتج. دول دخلت مجالات الإنتاج إلى درجة أن السوق المحلية صارت تستوعب نسبة كبيرة من منتجاتها بل وبدأت في التصدير إلى أسواق خارجية. دول عربية ما زالت تبحث عن هوية إنتاجية.ويلفت حنفي إلى أن ثمة مستهلكين عرب يفضلون شراء المنتجات المحلية إذا كانت بقدر جودة المنتجات الأجنبية، في مقابل مستهلكين آخرين يقبلون على السلع المستوردة ذات العلامات التجارية الشهيرة بغرض التباهي والتظاهر وإثبات الثراء أو التظاهر به.
من جهته يقول الخبير الاقتصادي شريف فهمي في تعليق للجزيرة نت إن "المستهلك العربي يرى في الغالب أن السلع المستوردة هي أجود من تلك المحلية، في حال كانت تصنع محليا، وفي بعض الأحيان يميل المزاج الاستهلاكي لدى نسبة معتبرة من الشرائح العليا لا سيما في دول مجلس التعاون الخليجي إلى السلع ذات العلامات التجارية لتصنيع السلع الفاخرة".
أشار شريف فهمي إلى أن ثمة عوامل تزيد الاستيراد في دول عربية مقارنة بدول عربية أخرى، وهذا يعود للأسباب الآتية:
التعريفات الجمركية: يؤدي انخفاض التعريفات الجمركية إلى زيادة الاستيراد من الخارج مع ميل المزاج العربي إلى السلع المستوردة وضعف المنافسة من المنتج المحلي في حالة الدول العربية المنتجة، أو عدم وجود منافسة أساسا في حالة الدول غير المنتجة. القوة الشرائية: تزداد القوة الشرائية للعملات الخليجية على سبيل المثال فيزيد الاستيراد من الخارج مقارنة مع دول مثل مصر وتونس والجزائر والسودان، وغيرها.بالإضافة إلى ذلك يؤدي ارتفاع مستوى الدخول إلى إحداث فارق في الاستهلاك والتفضيلات المحلية فالسلع الفارهة لا تباع إلا لذوي الدخول العليا في الغالب.
إلا أن فهمي يرى أن مصنعي المنتجات في العالم العربي صاروا يهتمون بجودة ما ينتجون بعد اتفاقات التجارة الحرة بين بلدان العالم العربية ليجدوا طريقهم في بعض المجالات إلى منافسة السلع الأجنبية الفاخرة.
توطين الصناعةلا يمكن القول إن دولة عربية وصلت إلى توطين كامل للصناعات، وفق قول أمين عام اتحاد الغرف التجارية العربية خالد حنفي الذي يؤكّد أن ثمة نجاحات في مناطق متفرقة من العالم العربي مثل نجاح المغرب في توطين صناعة السيارات بنسبة 70%.
وقال إن ثمة تطورا بالصناعات الغذائية في دول الخليج العربية، كما أن مصر اتجهت إلى الصناعات لا سيما تلك المرتبطة بالرقمنة.
وإجمالا قال حنفي إن التطور في توطين الصناعات في العام العربي ارتبط خلال الفترة الماضية بضخ الاستثمارات، وشجّعت دول عربية على التنسيق مع كتل اقتصادية؛ فمصر والسعودية والإمارات انضمت إلى تكتل بريكس، وهو ما يفتح الطريق أمام حركة تجارية أكبر.
أما شريف فهمي فيقول إن العالم العربي أصبح يسعى إلى توطين الصناعات مع تفاوت نسب النجاح إلى الآن بين بعض البلدان في تعميق المكونات المحلية في صناعات مع نجاح بلدان أخرى في مجالات مغايرة.
ويضيف أن دول مجلس التعاون الخليجي، مع سعيها إلى توطين الصناعات، لم تصل بعد إلى منافسة المنتجات المستوردة في العديد من مجالات التصنيع، في حين تزيد نسبة الصناعات المحلية في دول المغرب العربي ومصر على سبيل المثال، لافتا إلى أن العلامات التجارية الأجنبية صارت تصنّع منتجاتها في بلدان عربية مستفيدة من الحوافز الاستثمارية والأسواق التي صنعت فيها شهرة.
ويعتقد فهمي أن محاولات توطين الصناعة نجحت في مناطق بصورة متفاوتة من حيث المجالات؛ فدول مجلس التعاون الخليجي تركّز على توطين الصناعات التكنولوجية، في حين تسعى مصر إلى تلبية احتياجات سكانها (الثقل السكاني الأكبر في العالم العربي بأكثر من 106 ملايين نسمة) بالتالي تطلق حملات لجذب مصانع الشركات الأجنبية وتشجيع المنتجات المحلية التي تلقى استجابة بصور متفاوتة.
وفي دول المغرب العربي -وفق فهمي- يتفوق المغرب في جذب الاستثمارات وتوطين الصناعات بفعل سياسات التحفيز، مقابل تراجع تونس بسبب الاضطرابات السياسية والصعوبات التي تجدها الشركات الأجنبية في العمل في الجزائر.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات السلع المستوردة توطین الصناعات العالم العربی ملیار دولار دول عربیة من السلع فی دول
إقرأ أيضاً:
أميركا وإسرائيل عرضتا توطين سكان غزة على 3 دول أفريقية
سرايا - أفادت وكالة أسوشيتد برس للأنباء، أن الولايات المتحدة وإسرائيل عرضتا على مسؤولين في 3 دول أفريقية توطين فلسطينيين من قطاع غزة على أراضيها.
ونقلت الوكالة اليوم الجمعة عن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين قولهم إن الولايات المتحدة وإسرائيل تواصلتا مع مسؤولين في 3 دول بشرق أفريقيا لمناقشة استخدام أراضيها لإعادة توطين الفلسطينيين من قطاع غزة.
وذكرت الوكالة عن المصادر أن التواصل تم مع مسؤولين من السودان والصومال ومنطقة أرض الصومال الانفصالية بشأن المقترح.
رفض سوداني ونفي صومالي
وأضافت الوكالة أن مسؤولين سودانيين قالوا إنهم رفضوا المقترح الأميركي، بينما قال مسؤولون من الصومال وأرض الصومال إنهم ليسوا على علم بأي اتصالات في هذا الصدد.
وأكد مسؤولان سودانيان، تحدثا للوكالة شريطة عدم الكشف عن هويتيهما، أن إدارة ترامب اتصلت بالحكومة السودانية بشأن قبول توطين فلسطينيي غزة، ولكنها رفضت المقترح على الفور، في حين قال أحدهم إن الاتصالات بدأت حتى قبل تنصيب ترامب بعروض المساعدة العسكرية ضد قوات الدعم السريع والمساعدة في إعادة الإعمار بعد الحرب وغيرها من الحوافز.
وذكرت الوكالة أن الاتصالات مع السودان والصومال ومنطقة الصومال الانفصالية المعروفة باسم أرض الصومال تعكس عزم الولايات المتحدة وإسرائيل على المضي قدما في خطة تمت إدانتها على نطاق واسع وأثارت قضايا قانونية وأخلاقية خطيرة.
ورفض الفلسطينيون في غزة الاقتراح، ورفضوا المزاعم الإسرائيلية بأن المغادرة ستكون طوعية، كما أعربت الدول العربية عن معارضتها الشديدة للمقترح، وعرضت خطة بديلة لإعادة إعمار القطاع دون تهجير سكانه، في حين أكدت منظمات حقوقية أن إجبار الفلسطينيين على المغادرة أو الضغط عليهم لتحقيق ذلك قد يمثل جريمة حرب محتملة.
ولم يرد البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأميركية بعد على طلبات من رويترز للحصول على تعليق. كما لم يرد وزيرا الإعلام في الصومال ومنطقة أرض الصومال الانفصالية على اتصالات رويترز الهاتفية للحصول على تعليق.
موقف جديد لترامب
وفي أحدث موقف له، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الأربعاء الماضي، إنه "لن يُطرد أي فلسطيني من قطاع غزة"، وذلك في تراجع ملحوظ عن تصريحاته السابقة التي دعا فيها إلى ترحيل الغزيين إلى الدول العربية المجاورة من أجل بناء "ريفييرا الشرق الأوسط" في القطاع الذي دمرته حرب الإبادة الإسرائيلية.
وجاءت تصريحات ترامب خلال مؤتمر صحفي بواشنطن مع رئيس الوزراء الأيرلندي مايكل مارتن الذي وصل الولايات المتحدة في زيارة غير محددة المدة.
وفي سؤال صحفي عن خطته لطرد الفلسطينيين من قطاع غزة، أجاب ترامب أنه "لن يُطرد أي فلسطيني من غزة"، مؤكدا في الوقت ذاته أن واشنطن تعمل "بجد" بالتنسيق مع إسرائيل للتوصل إلى حل للوضع في غزة.
وكان الرئيس الأميركي يروج، منذ 25 يناير/كانون الثاني الماضي، لمخطط نقل فلسطينيي غزة إلى دول مجاورة، مثل مصر والأردن، وهو الأمر الذي رفضته الدولتان، وانضمت إليهما دول عربية أخرى، ومنظمات إقليمية ودولية.
وقالت إن فكرة التهجير الجماعي للفلسطينيين في غزة كانت تعتبر ذات يوم خيالا لليمين المتطرف في إسرائيل، ولكن منذ أن قدم الرئيس الأميركي دونالد ترامب الفكرة في اجتماع بالبيت الأبيض الشهر الماضي، أشاد بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووصفها بالرؤية الجريئة.
وعرض في مطلع فبراير/شباط الماضي خطته بهذا الشأن، والتي اقترح فيها تهجير الفلسطينيين بشكل دائم وأن تتولى الولايات المتحدة السيطرة على القطاع مع إطلاق خطة لإعادة إعماره وتحويله إلى "ريفييرا الشرق الأوسط".
وفي خطوة أخرى أثارت جدلا واسعا، نشر ترامب أواخر الشهر الماضي مقطع فيديو تم إنشاؤه بالذكاء الاصطناعي على منصته "تروث سوشيال"، يُظهر قطاع غزة وقد تحول إلى مدينة سياحية فاخرة، في مشهد بدا منفصلا تماما عن الواقع المأساوي الذي يعيشه سكان القطاع.
الخطة المصرية لإعادة إعمار غزة
وفي الرابع من الشهر الجاري، وافق الزعماء العرب خلال قمتهم الطارئة في القاهرة على خطة أعدتها مصر لإعادة إعمار غزة يستغرق تنفيذها 5 سنوات، وتكلف 53 مليار دولار، وأكدوا رفضهم تهجير الفلسطينيين من أرضهم.
لكن إسرائيل والولايات المتحدة رفضتا الخطة، وتمسكتا بمخطط ترامب لتهجير فلسطينيي غزة إلى دول أخرى.
وبدعم أميركي ترتكب إسرائيل، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، إبادة جماعية بغزة، خلّفت أكثر من 160 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود. "وكالات"
تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع منصة ترند سرايا
طباعة المشاهدات: 1114
1 - | ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. | 14-03-2025 12:34 PM سرايا |
لا يوجد تعليقات |
الرد على تعليق
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * | |
رمز التحقق : | تحديث الرمز أكتب الرمز : |
اضافة |
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2025
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...