اقتصاد الكاش يغزو لبنان في ظل أزمة المصارف
تاريخ النشر: 26th, May 2024 GMT
بيروت- في ظل الأزمات الاقتصادية والمالية المتفاقمة في لبنان، يتزايد الاعتماد على الاقتصاد النقدي (الكاش) بشكل ملحوظ. ومع تراجع الثقة بالقطاع المصرفي، وانتشار ظاهرة القيود المفروضة على السحوبات البنكية، يلجأ اللبنانيون بشكل متزايد إلى استخدام النقد في معاملاتهم اليومية.
إضافة إلى ذلك، يلعب الاقتصاد النقدي دورا كبيرا في تفادي القيود المصرفية والمشاكل المتعلقة بسعر الصرف المتعدد.
ويؤكد الباحث المالي والاقتصادي الدكتور عماد فران للجزيرة نت أن أي دولة تمر بأزمة، سواء كانت مالية، اقتصادية، سياسية، اجتماعية، أو كارثة طبيعية، تعتمد عادة على دعم القطاع المصرفي لاستعادة توازنها، إلا أن الوضع في لبنان مختلف، حيث إن النظام المصرفي جزء رئيسي من الأزمة.
ويوضح الدكتور فران أن "هذه الأزمة لم تكن وليدة اللحظة، بل نتيجة تراكم سياسات اقتصادية ومالية خاطئة، وغياب الرؤية والتخطيط والتفتيش والرقابة الإدارية والمالية. ونتيجة لفقدان الثقة بالقطاع المصرفي، تحولت التعاملات المالية إلى النقد المباشر".
ويشير إلى أن الاقتصاد النقدي، يتضمن العمليات التي تتم عن طريق الدفع النقدي، دون الاعتماد على الخدمات المصرفية، وهذا يؤدي إلى غياب دور المصارف وتقليل تأثيرها في النظام المالي.
ويتابع أن ذلك أدى إلى عقدتين أساسيتين:
الأولى هي صعوبة الرقابة على حجم السوق النقدي وتحديد مدى الأموال المتداولة. والثانية تتعلق بإمكانية استخدام هذه الأموال في عمليات غير قانونية مثل تبييض الأموال، خاصة أن لبنان تحت الرقابة العالمية لمكافحة تبييض الأموال. دعوات لإصلاح شاملويشدد الباحث المالي والاقتصادي فران على أن "الإصلاح المالي يتطلب إصلاحا شاملا للنظام ككل"، موضحا أن "النظام المالي ليس مستقلا عن النظام السياسي أو الإداري".
ويؤكد أن تحقيق الإصلاح المالي لا يزال بعيد المنال إذا لم يتم تعزيز الرقابة الإدارية بشكل فعال، ويثبت أن هناك حاجة لنظام ضريبي موحد وتعزيز جباية الجمارك والضرائب بشكل يتناسب مع الحجم الحقيقي للأموال المتداولة، بدلا من تحميل الطبقات الفقيرة وحدها أعباء الضرائب.
في حين يشير الخبير الاقتصادي خالد أبو شقرا للجزيرة نت إلى أن الاقتصاد النقدي اللبناني، يمكن تقسيم مشكلته إلى قسمين:
فقدان الثقة بالمصارف: منذ عام 2020، أدت أزمة غياب الثقة إلى تحول كبير نحو التعامل النقدي بعد توقف المصارف عن تسديد الودائع. نتيجة لذلك، توقفت المستشفيات ومحطات الوقود والمحلات التجارية عن قبول بطاقات الاعتماد، أو اشترطت قبول نصف المبلغ نقدا. هذا الوضع أدى إلى تجميد الأموال في المصارف وتوسع الاقتصاد النقدي ليشكل حوالي 50% من الاقتصاد اللبناني. العمل غير الرسمي: نسبة كبيرة من المؤسسات، تتراوح بين 50% إلى 70%، تعمل بشكل غير رسمي. هذه المؤسسات لا تسجل في الضمان الاجتماعي ولا تحصل على الأوراق القانونية والرخص من الجهات المعنية، مما يجبرها على التعامل بالنقد بدلا من الشيكات أو بطاقات الاعتماد.ويشير أبو شقرا إلى "أن العام الماضي، من بين 40 توصية من مجموعة العمل المالي، اتضح أن لبنان ملتزم بـ25 توصية بشكل كبير جدا، وملتزم جزئيا بـ6 توصيات، وملتزم بـ9 توصيات. هذا يعني أن لدينا تحديا في الالتزام بالتوصيات الـ25 التي لم يلتزم بها بشكل كامل".
ويؤكد أبو شقرا أن القطاع المصرفي ملتزم باللوائح المالية، لكن المشكلة تكمن في قطاعات أخرى مثل مكاتب المحاماة وتجار العقارات والتجار والمستوردين، وهذه القطاعات لا تزال خارج نطاق الرقابة، وفق تعبيره.
انعدام الثقة حجر زاوية للأزمةبالمقابل، يقول الباحث والخبير الاقتصادي الدكتور محمود جباعي للجزيرة نت إن ضعف الثقة بالقطاع المصرفي أحد الأسباب الرئيسية لاعتماد "اقتصاد النقد" في لبنان.
هذا الوضع يخلق مشاكل وأزمات إضافية للبلد، منها الشكوك حول احتمالية تبييض الأموال وغيرها من الأنشطة غير القانونية، مما يهدد بإدراج لبنان في "اللائحة الرمادية" التي قد تؤدي إلى عزلة اقتصادية ومالية كبيرة، يضيف المتحدث ذاته.
ويعرف الدكتور جباعي "اللائحة الرمادية" بأنها قائمة تتهم بلدا ما بتبييض الأموال أو بدعم الإرهاب. فعند إدراج أي بلد في هذه اللائحة، يعاني من صعوبة في التعاون مع المجتمع المالي الدولي، مما يؤثر على تعامل المصارف المحلية مع المصارف المراسلة، ويؤدي إلى عزلة شبه تامة في المجتمع المالي، مسببا نتائج كارثية على الاقتصاد والمالية.
ويقول إن "هذه القضية تتطلب معالجة شاملة تبدأ من الجهات الرسمية المالية، منها مصرف لبنان والمصارف اللبنانية التي تسعى منذ فترة طويلة للقيام بدورها بعد الأزمة".
ويشير جباعي إلى أن مصرف لبنان أصدر تعميما رقم 165 قبل حوالي سنتين، بهدف فرض شروط جديدة على الشيكات والعملات الأجنبية، وذلك لتشجيع عودة النشاط المصرفي والحد من الاقتصاد النقدي الموازي.
ويضيف "نتيجة لهذا التعميم، تم تخزين حوالي 3 مليارات دولار من الودائع في المصارف، مع تشديد المصارف على ضرورة تقديم ضمانات وأدلة على مصدر الأموال المودعة، بهدف القضاء على الشكوك المتعلقة بتبييض الأموال".
ويتابع جباعي "الوضع السياسي المأساوي في البلاد يتطلب حلا عاجلا، حيث يجب أن يتم التوصل إلى وفاق سياسي لتأسيس حكومة جديدة تضع خطة للتعافي الاقتصادي والمالي. يجب أن تكون هذه الخطة متكاملة بين السياسة الاقتصادية والسياسة المالية للحكومة، وتتماشى مع السياسة النقدية لمصرف لبنان".
لا مصارف سوى للضرورةمن جهته، يرى خبير الاقتصاد والأسواق المالية الدكتور عماد عكوش أن أكثر من 99% من اللبنانيين يتجنبون التعامل مع المصارف إلا في حالات الضرورة القصوى، نتيجة لفشل هذه المصارف في اتخاذ إجراءات فعالة لمعالجة الأزمة منذ عام 2019.
ويقول للجزيرة نت "حضر وفد من وزارة الخزانة الأميركية قبل منتصف مارس/آذار الماضي للوقوف على ما أنجزه لبنان في ملف اقتصاد الكاش والوضع المصرفي، وغادر بعد أن التقى عددا من الجهات الرسمية وغير الرسمية، وحذر الوفد من تداعيات التجاوزات".
ويتابع "منح لبنان فرصة جديدة هذا العام لإثبات التزامه بالقواعد والمعايير التي تجنبه الدخول إلى اللائحة الرمادية. يبقى السؤال ما إذا كان لبنان سينجح في تحقيق هذا الهدف".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
وزير الاقتصاد والصناعية الفرنسي: دعوة الشركات الفرنسية لضخ الأموال في السوق المصري
كتب- محمد نصار:
أكد إريك لومبار، وزير الاقتصاد والمالية والسيادة الصناعية والرقمية الفرنسي، أن الفترة القادمة ستشهد دعوة الشركات الفرنسية لضخ رؤوس الأموال في السوق المصري في هذا المجال بمصر خاصة وأن زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون، رئيس فرنسا، إلى مصر تعد رمزًا للتعاون والشراكة الاستراتيجية بين مصر وفرنسا وستساهم في جذب الشركات الفرنسية لضخ استثمارات في السوق المصري، مضيفًا أن الفترة القادمة ستشهد العمل على إنجاز مزيد من التقدم في ملف التعاون المشترك.
جاء ذلك خلال لقاء الفريق مهندس كامل الوزير، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة، لبحث تدعيم التعاون المشترك بين الجانبين في مجالي النقل والصناعة، بحضور قيادات الوزارتين.
في بداية اللقاء، أشاد الفريق كامل الوزير، بالعلاقات المتميزة والقوية بين القيادة السياسية والشعبين في البلدين الصديقين وبالتعاون المشترك في تنفيذ عدد من المشروعات في مجالي النقل والصناعة، مؤكدًا التطلع لزيادة حجم التعاون المشترك في هذين المجالين.
وشدد على التطلع لزيادة حجم التعاون المشترك في كل قطاعات النقل، مشيرًا إلى أن قطاع النقل البحري من القطاعات المهمة التي توليها وزارة النقل أهمية كبيرة حيث يتم تطوير كل الموانىء المصرية بهدف تحويل مصر إلى مركز إقليمي للنقل واللوجستيات وتجارة الترانزيت.
ولفت إلى التعاون مع شركة CMA CGM الفرنسية في إدارة وتشغيل محطة تحيا مصر متعددة الأغراض بميناء الإسكندرية بالإضافة إلى شراكة الشركة الفرنسية مع تحالف دولي في إحدى محطات ميناء السخنة، مؤكدًا زيادة حجم التعاون مع الشركة الفرنسية والجانب الفرنسي في هذا المجال خاصة مع تميز موقع مصر الجغرافي وامتلاكها لشواطئ بحرية على البحرين الأحمر والمتوسط بطول حوالي 3000 كم بالإضافة إلى وجود أهم ممر ملاحي في العالم وهو قناة السويس ووجود 18 ميناءً تجاريًا بمصر.
وأشار الوزير، إلى أهمية زيادة حجم التعاون المشترك في مجال النقل السككي خاصة مع التجارب الناجحة في التعاون مع الشركات الفرنسية في تنفيذ عدد من المشروعات المهمة مثل شركات ألستوم وتاليس وكولاس وسيسترا وغيرها من الشركات الفرنسية، مشيرًا إلى إمكانية التعاون مع الشركات الفرنسية في إنشاء وإدارة وتشغيل وصيانة خط سكة حديد يربط مينائي طابا والعريش وحيث يدخل هذا الخط الذي يبلغ طوله 350 كم في الممر اللوجستي طابا والعريش أحد 7 ممرات لوجستية متكاملة جار تنفيذها.
ولفت إلى أن التعاون مع الجانب الفرنسي في هذا الخط يمكن أن يتم من خلال تحالف الجانب الفرنسي مع شركات مصرية بحيث تنفذ الشركات المصرية أعمال الجسور والسكك والمحطات بينما الوحدات المتحركة وأنظمة الاتصالات للخط يتم تنفيذها عن طريق الشركات الفرنسية.
من جانبه، أشاد وزير الاقتصاد والمالية والسيادة الصناعية والرقمية الفرنسي، بقوة العلاقات المصرية الفرنسية والثقة القوية للشركات الفرنسية من الجانب المصري، مشددًا على أهمية الفرص الاستثمارية التي طرحها نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل المصري للتعاون مع الشركات الفرنسية.
وأكد أن هناك الكثير من الأعمال التي يجب إنجازها في ملف التعاون المشترك في قطاعي النقل والصناعة، وأهمية المباحثات الجارية بين الهيئة القومية للأنفاق وشركة ألستوم الفرنسية بخصوص إدارة وتشغيل وصيانة مشروع المونوريل والذي يتم تنفيذه في مصر لأول مرة ويمثل نقلة حضارية كبيرة في وسائل النقل الجماعي بمصر.
كما أكد أهمية زيادة حجم التعاون المشترك في مجال النقل البحري ومشروعات النقل السككي خاصة وأن هناك تجاربًا ناجحة يتم البناء عليها سواء في مجال التعاون المصري مع شركة CMACGM في مجال النقل البحري، وكذلك التعاون المشترك في مشروع الخط السادس لمترو الأنفاق، مشيرًا إلى أهمية مشروع خط السكة الحديد الذي يربط بين مينائي طابا والعريش.
اقرأ أيضًا:
الأرصاد تعلن طقس الـ72 ساعة المقبلة.. وتكشف موعد عودة البرودة
ما هو الطريق البديل لكوبري السيدة عائشة بعد الانتهاء من تفكيكه؟
رفضًا للتهجير.. الآلاف بالقاهرة يحتشدون بطريق السويس دعمًا لصمود غزة- صور
اليوم.. مدبولي يحضر احتفالية اعتماد منظمة الصحة العالمية لهيئة الدواء
لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا
لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا
إريك لومبار وزير الاقتصاد مهندس كامل الوزيرتابع صفحتنا على أخبار جوجل
تابع صفحتنا على فيسبوك
تابع صفحتنا على يوتيوب
فيديو قد يعجبك:
الخبر التالى:إعلان
إعلان
وزير الاقتصاد والصناعية الفرنسي: دعوة الشركات الفرنسية لضخ الأموال في السوق المصري
روابط سريعة
أخبار اقتصاد رياضة لايف ستايل أخبار البنوك فنون سيارات إسلامياتعن مصراوي
اتصل بنا احجز اعلانك سياسة الخصوصيةمواقعنا الأخرى
©جميع الحقوق محفوظة لدى شركة جيميناي ميديا
القاهرة - مصر
27 14 الرطوبة: 17% الرياح: شمال شرق المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار BBC وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك