رؤية نقدية لمذكرة كريم خان "المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية"
تاريخ النشر: 26th, May 2024 GMT
* بداية نتقدم بوافر الشكر وعظيم الامتنان لقيام السيد: كريم خان/ المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بعرض مذكرة توقيف على الدائرة القضائية التمهيدية للمحكمة، ضد رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير دفاعه، وتضم المذكرة أيضًا ثلاثة من قادة المقاومة – هنية والضيف والسنوار – حيث يتهمهم بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، وفقًا للنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية – المادتان: 7؛ 8 من نظام المحكمة- هذا رغم كل التهديدات التي تعرض لها من قبل قيادات غربية أمريكية وأوروبية، وصرح علنا بها لكنه لم يذكر أسماء، وذكر أن أحد الساسة الكبار قال له "هذه المحكمة أنشئت فقط من أجل محاكمة قادة أفريقيا وبوتين".
- ويبدو أن هذه المذكرة أربكت حسابات نتنياهو، الذي صرح فور الإعلان عنها - رغم أن الدائرة القضائية التمهيدية التي عرضت عليها المذكرة لم تصدر بعد قرارها في شأنها- قائلا بأنّ: قرار المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بحقه أمر سخيف وإن هذه الخطوة تهدف إلى استهداف إسرائيل بأكملها.. كما عبّر الرئيس الأمريكي جو بايدن عن رفضه تحرك الادعاء العام للمحكمة الجنائية الدولية بهدف إصدار مذكرة اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو. بينما احترمت كل من فرنسا وألمانيا ما صدر عن المدعي العام باعتباره ممثلا للعدالة الدولية.
- ورفض أيضًا رئيس الوزراء الإسرائيلي قرار محكمة العدل الدولية الأخير بوقف الأعمال العسكرية في رفح، قائلاً "أرفض ذلك كلياً" ولعل هذا يمثل تحديًا آخر للعدالة الدولية.. ولم يقتصر الأمر على التصريح بالرفض، بل استمر الجيش الإسرائيلي في عملياته الهجومية برفح بعد قرار محكمة العدل المشار إليه دون أي توقف.
* هذا ولنا وقفة نقدية حول الاتهامات التي تضمنتها مذكرة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية والتي قدمها للدائرة التمهيدية لإقرارها، حيث اقتصرت الاتهامات على ارتكاب نتنياهو ووزير دفاعه لجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب فقط، ولم يوجه لهما ارتكاب جريمة "الإبادة الجماعية" رغم توافر أركان هذه الجريمة في حقهما، ولمزيد من الإيضاح فقد عرفت المادة السادسة من النظام الأساسي للمحكمة هذه الجريمة بقولها: "... تعني الإبادة الجماعية؛ أي فعل من الأفعال التالية يرتكب بقصد إهلاك جماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية بصفتها هذه, إهلاكاً كلياً أو جزئياً: أ) قتل أفراد الجماعة. ب) إلحاق ضرر جسدي أو عقلي جسيم بأفراد الجماعة. ج) إخضاع الجماعة عمداً لأحوال معيشية يقصد بها إهلاكها الفعلي كلياً أو جزئياً... ". ووفقا لواقع الأمر فإن ما ارتكبه الجيش الإسرائيلي من أعمال هجومية نتج عنها قتل ما يزيد على 35 ألفًا، وجرح ما يزيد على المائة ألف من المدنيين أيضًا منذ بداية العمليات بعد السابع من أكتوبر 2023. هذا بجانب تدمير ممنهج وشامل للبيوت والمستشفيات والمدارس والجامعات والمرافق العامة لقطاع غزة، حيث تجاوز عدد المنشآت التي تم قصفها أو تفجيرها كليا أو جزئيًا لما يزيد على 90 ألف منشأة.. مما يؤكد ارتكاب الجيش الإسرائيلي لجريمة "الإبادة الجماعية".
- ولعل خطورة عدم اتهام المحكمة الجنائية الدولية قادة إسرائيل بارتكاب جريمة "الإبادة الجماعية" هو تعارض هذا مع دعوى دولة جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية والتي اتهمت فيها إسرائيل بارتكاب جريمة "الإبادة الجماعية".. فربما يدعو هذا محكمة العدل إلى رفض دعوى جنوب أفريقيا استنادًا على أن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية وبعد تحقيقات أجراها.. لم تتضمن مذكرة التوقيف التي قدمها، اتهام قادة إسرائيل بارتكاب الجريمة المشار إليها.
* لذا نقترح أن تشير مصر في مذكرة الدعوى التي ستتقدم بها لمحكمة العدل الدولية - منضمة لدعوى دولة جنوب أفريقيا المشار إليها- إلى أن تصدر المحكمة قرارها بشأن اتهام إسرائيل بارتكاب الجرائم الآتية في حق السكان المدنيين بقطاع غزة في الفترة التالية للسابع من أكتوبر 2023 وحتى تاريخه: الإبادة الجماعية؛ جرائم ضد الإنسانية؛ جرائم حرب. كما تنسق مصر مع دولة جنوب أفريقيا والدول الأخرى التي انضمت لدعواها على أن تتهم إسرائيل ليس فقط بالإبادة الجماعية ولكن بالجريمتين المشار إليهما، وذلك وفقًا للمواد (6، 7، 8) من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
- وكذا يتم التنسيق لقيام الدول الأخرى التي تقدمت للمحكمة الجنائية الدولية منضمة لدعوى جنوب أفريقيا، بأن تتقدم للنائب العام للمحكمة وكذا للدائرة التمهيدية التي تنظر مذكرة التوقيف، بتعديل لائحة الاتهام الخاصة برئيس وزراء إسرائيل ووزير دفاعه لتتضمن الاتهامات أيضًا: ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، كما نأمل بأن تطالب تلك الدول بإضافة رئيس أركان الجيش الإسرائيلي لقائمة المتهمين، حيث أنه الشخص الرئيسي الذي يقوم بقيادة وتنفيذ العمليات العسكرية وفقًا لأوامر القادة السياسيين لدولة الاحتلال. وقد ذهبت المادة 58/6 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية إلى أنه "يجوز للمدعي العام أن يطلب إلى الدائرة التمهيدية تعديل أمر القبض عن طريق تعديل وصف الجرائم المذكورة فيه أو الإضافة إليها, وتقوم الدائرة التمهيدية بتعديل الأمر على النحو المطلوب إذا اقتنعت بوجود أسباب معقولة للاعتقاد بأن ذلك الشخص قد ارتكب الجرائم المعدلة أوصافها أو المضافة."
* وجدير بالذكر أن المادة 78/3 من النظام الأساسي للمحكمة نصت على أنه "عندما يدان شخص بأكثر من جريمة واحدة, تُصدر المحكمة حكماً في كل جريمة, وحكماً مشتركاً يحدد مدة السجن الإجمالية, ولا تقل هذه المدة عن مدة أقصى كل حكم على حدة، ولا تتجاوز السجن لفترة 20 سنة أو عقوبة السجن المؤبد وفقاً للفقرة 1 (ب) من المادة 77 ".
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية نتنياهو إسرائيل محكمة العدل الدولية قادة إسرائيل جنوب إفريقيا المدعی العام للمحکمة الجنائیة الدولیة الإبادة الجماعیة الجیش الإسرائیلی إسرائیل بارتکاب ارتکاب جریمة جنوب أفریقیا
إقرأ أيضاً:
ساعر: لحظة سوداء للمحكمة الجنائية الدولية فقدت فيها كل شرعية لوجودها ونشاطها
انتقد وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر بشدة القرار الصادر عن المحكمة الجنائية الدولية بإصدار أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع المقال يوآف غالانت، معتبرًا أنه يمثل "لحظة سوداء للمحكمة فقدت فيها كل شرعية لوجودها ونشاطها"، وقال ساعر في تصريحاته، إن المحكمة الجنائية الدولية قد انحرفت عن مسارها المهني بتحقيقات غير محايدة، موضحًا أن هذه الخطوة تعد جزءًا من محاولة لتشويه صورة إسرائيل على الساحة الدولية.
وكانت المحكمة الجنائية الدولية قد أعلنت يوم الخميس الماضي عن إصدار مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت، بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة، وذلك منذ 8 أكتوبر 2023 وحتى 20 مايو 2024، وأشار بيان المحكمة إلى أن هناك "أسبابًا منطقية" للاعتقاد بأنهما قادا هجمات استهدفت السكان المدنيين، وشملت هذه الجرائم القتل والاضطهاد والأفعال غير الإنسانية.
وأكد ساعر أن "إسرائيل ليست ملتزمة بمسؤوليات المحكمة الجنائية الدولية"، لافتًا إلى أن المحكمة فقدت قدرتها على ممارسة العدالة لأنها تتبنى أجندات سياسية موجهة ضد إسرائيل، وأضاف أن "هذه القرارات لا تخدم مصلحة الضحايا، بل تزيد من تعقيد الوضع وتغذي الأجندات المعادية لإسرائيل في مختلف المحافل الدولية".
وتابع ساعر بالقول: "لن نتراجع عن الدفاع عن أنفسنا وعن مواطنينا في مواجهة الهجمات، وإسرائيل ستواصل اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة للحفاظ على أمنها"، واعتبر أن المحكمة الجنائية الدولية باتت غير قادرة على فرض أي شرعية على القضايا المتعلقة بإسرائيل، مشيرًا إلى أن "هذه اللحظة ستظل علامة سوداء في تاريخ المحكمة".
إيلي كوهين: قرار المحكمة الجنائية الدولية معادٍ للسامية ويمثل انحطاطًا في تاريخها
انتقد وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين بشدة القرار الأخير للمحكمة الجنائية الدولية بإصدار أوامر اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع المقال يوآف غالانت، معتبرًا أن هذا القرار "معادٍ للسامية وحقير" ويجب أن يُذكر كأكثر نقطة انحطاط في تاريخ المحكمة، وأضاف كوهين في تصريحات له، أن هذه الخطوة تشوه سمعة المحكمة وتؤكد أنها تتبنى أجندة سياسية ضد إسرائيل.
وكانت المحكمة الجنائية الدولية قد أصدرت، الخميس، أوامر اعتقال بحق نتنياهو وغالانت، متهمة إياهما بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب خلال العدوان على قطاع غزة، وتشير المحكمة إلى أن هجمات استهدفت المدنيين في غزة منذ 8 أكتوبر 2023 على الأقل، بينما تقول إن الجرائم المزعومة تشمل القتل والاضطهاد والأفعال غير الإنسانية.
وأكد كوهين أن "قرار المحكمة لن يغير من موقف إسرائيل"، مشددًا على أن "الدولة العبرية ستظل ملتزمة بحماية مواطنيها وستواجه أي محاولة من قبل المحكمة الجنائية الدولية لفرض سلطتها على إسرائيل"، واعتبر أن "قرار المحكمة يأتي في وقت حساس، حيث تسعى لإضفاء الشرعية على اتهامات غير صحيحة ضد إسرائيل، في وقت تواجه فيه البلاد تهديدات حقيقية من عدة أطراف".
وأضاف كوهين: "إسرائيل ليست ملزمة بالاعتراف باختصاص المحكمة الجنائية الدولية، ونعتبر أن هذه الأوامر لا تعكس العدالة، بل تأتي في سياق محاولات تشويه سمعة الجيش الإسرائيلي وإضعاف حق الدفاع عن النفس".