عربي21:
2025-02-02@01:14:01 GMT

هل الوحدة اليمنية في خطر؟

تاريخ النشر: 26th, May 2024 GMT

الثاني والعشرون من أيار/ مايو يوم فارقٌ في تاريخ اليمن المعاصر، ففي هذا اليوم من عام 1990 توحد شطرا اليمن وتأسست الجمهورية اليمنية، التي وضعتها الحرب المستمرة منذ نحو عقد على المحك وبات النكوص عن هذا الإنجاز التاريخي مسارا منفصلا على طاولة الحل السياسي للأزمة اليمنية، مُعززا بالتوافقات والاتفاقات التي تشير بوضوح إلى ضلوع أطراف إقليمية في استهداف الوحدة اليمنية.



الوحدة اليمنية كحدث جيوسياسي تمت قراءته في المحيط الإقليمي كمهدد محتمل، لهذا جرى الاستثمار في الصراع حول السلطة الذي نشب في أعقاب الانتخابات البرلمانية في 27 نيسان/ أبريل عام 2003، بين شريكي الحكم: المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي اليمني، وتغذية التوجه نحو إعادة النظر في الوحدة برمتها، وهو أمر تصاعد إلى مرحلة الانسداد السياسي بعد النجاح في إجراء حوار أفضى إلى اعتماد "وثيقة العهد والاتفاق" في شباط/ فبراير 1994، في القصر الملكي في العاصمة الأردنية عمان.

التهديد الأبرز لكيان الدولة اليمنية يأتي اليوم من مشروعين سياسيين مدججين بالسلاح ومتحكمين بالجزء الأكبر من الجغرافيا والسكان، أحدهما يقوده الحوثيون وغايته إعادة إحياء دولة الإمامة الزيدية؛ مع ميل نحو تكريس نموذج سلطوي أكثر تعقيدا يستلهم نموذج الجمهورية الإسلامية الإيرانية. أما المشروع الثاني فهو دولة غير واضحة الملامح في جنوب اليمن بقيادة المجلس الانتقالي؛ الذي يشكل إلى جانب جماعة الحوثي الاستثمار الجيوسياسي الإقليمي الأكثر عدائية للدولة اليمنية ونظامها الجمهوري وللوحدة اليمنية
بعد ذلك بنحو عقد من الزمن بدا أن التوجه لإعادة اليمن إلى سابق عهده من التشطير وتعدد الوحدات السياسية، هو المحرك الأبرز للتدخل الإقليمي الخشن في الأزمة اليمنية والذي تطور من مجرد دعم عملية مغامرة لتقويض السلطة الانتقالية التوافقية؛ إلى التدخل العسكري واسع النطاق، الذي أخرج اليمنيين كلية من دائرة التحكم بالأزمة وبقرار الحرب وحولهم عمليا إلى أطراف مرتهنة أو مشلولة، ويعمل معظمها بالوكالة ولديها الاستعداد الكامل لتقويض الوحدة وإن كان البديل التجزئة والمجهول السياسي.

وبسبب هذا التوجه والمال السياسي الذي يعززه، تحول أعظم إنجاز وحدوي عربي قابل للحياة، إلى "مكسر عصا"، تتبارى الخلايا الإلكترونية والناشطون والكتاب المحسوبون على المخطط الإقليمي التدميري؛ إلى التحريض عليه والتسقيط من مكانته التاريخية وتحميله وزر كل ما حدث ويحدث في اليمن.

ومع ذلك لم تنجح الإيحاءات السياسية التي يتم تصديرها عبر أكثر الوسائل الإعلامية تأثيرا إلى وعي اليمنيين؛ إلا في جذب قطاع محدود من السكان في جنوب البلاد، في حين بَقَيَتْ الكتلةُ الديموغرافيةُ الضخمةُ متمسكة بالوحدة اليمنية، ولم تفقد إيمانها بالإنجاز الوطني العظيم الذي تمثله.

التهديد الأبرز لكيان الدولة اليمنية يأتي اليوم من مشروعين سياسيين مدججين بالسلاح ومتحكمين بالجزء الأكبر من الجغرافيا والسكان، أحدهما يقوده الحوثيون وغايته إعادة إحياء دولة الإمامة الزيدية؛ مع ميل نحو تكريس نموذج سلطوي أكثر تعقيدا يستلهم نموذج الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

أما المشروع الثاني فهو دولة غير واضحة الملامح في جنوب اليمن بقيادة المجلس الانتقالي؛ الذي يشكل إلى جانب جماعة الحوثي الاستثمار الجيوسياسي الإقليمي الأكثر عدائية للدولة اليمنية ونظامها الجمهوري وللوحدة اليمنية.

تكمن الإشكالية الكبرى التي اكتنفت هذا الإنجاز في أن الذين حازوا شرف تحقيقه لم يكونوا من صنف الآباء التاريخيين والقيادات الملهمة، بل أشخاص سجلّهم السياسي والقيادي مثقلٌ بالأرزاء والتجاوزات والعمل خارج الأجندة الوطنية، ولطالما تصرفوا مع الوحدة والدولة التي أنتجتها باعتبارهما مكسب سلطوي جهوي وحزبي.

تجلى هذا الأمر بشكل واضح وقوي وفعال في سلوك علي عبد الله صالح، رئيس الجمهورية العربية اليمنية السابقة، الذي تسلم رئاسة الدولة الجديدة، وقام باستغلال الحركة الإسلامية في ترويض واحتواء الحزب الاشتراكي اليمني الذي كان يقود جمهورية اليمن الديمقراطية، وفتح قنوات اتصال نشطة مع القادة الجنوبيين في شمال اليمن والمهجر، وهم يمثلون إرث النزاع السياسي والسلطنات والمشيخات (وحدات سياسية ذات سيادة محدودة كانت تخضع للحماية البريطانية في جنوب اليمن)، وغذّى النزعة الانتقامية لديهم في محاولة لتسويد قواته التي سيخوض بواسطتها معركة إقصاء الحزب الاشتراكي اليمني من السلطة في صيف 1994.

وفي المقابل، كان الحزب الاشتراكي اليمني يستمد نفوذه السياسي من مئات الآلاف من منتسبيه في شمال اليمن، وزاد على ذلك أن بدأ ببناء شبكة نفوذ وتحالفات سياسية غير مجدية؛ في أوساط القيادات الاجتماعية والمرجعيات الزيدية أملا في تعززي موقفه أمام شريكه في الوحدة، غير أن انتخابات 27 نيسان/ أبريل 2003 البرلمانية ونتائجها حولت الحزب إلى قوة سياسية ثالثة، مع فارق أنه كان لا يزال يحتفظ بالإمكانيات العسكرية للدولة الجنوبية، ومع ذلك ظل عاجزا عن التعامل مع الاستهداف الأمني المتتالي والمباشر لقياداته وكوادره الذين توزع دمهم بين عناصر مجهولة أو متطرفة.

تحول هذا الحدث المجيد إلى عملية توحيد معمدة بالدم عكست بكل وضوح الأنانية السلطوية الجهوية المقيتة والأحقاد السياسية المتراكمة، وهو أمر لم يحصن الوحدة بل دفع بها إلى أن تتحول كما نشاهد اليوم؛ إلى تركة مهدرة وسلعة رخيصة في بازار المزايدات السياسية الحمقاء
لقد افتقد الزعماء الذين وقعوا على "وثيقة العهد والاتفاق" الناتجة عن الحوار الوطني للمصداقية والنزاهة الوطنية، فقد انفضوا بعد توقيع الوثيقة وهم يضمرون النوايا السيئة، فاتجه زعيم الحزب الاشتراكي اليمني ونائب رئيس الجمهورية علي سالم البيض نحو العاصمة السعودية الرياض، ومنها بدأ جولة خليجية، وسط تساؤلات عن مغزى تلك الجولة، في حين عاد صالح وحلفاؤه إلى صنعاء ليحدث التحول الأسوأ في الموقف الأمني والعسكري بعد استهداف المعسكرات الجنوبية في كل من مدينة عمران شمال العاصمة صنعاء، ومدينة ذمار جنوب العاصمة، وسرعان ما أفضى هذا التحول الخطير إلى حرب شاملة عُرفت بحرب صيف 94.

لقد انتصر الطرف الشمالي في تلك الحرب، لكنه تقاسم ذلك الانتصار مع قطاع لا بأس به من الجنوبيين الموتورين من الجمهورية الجنوبية ومن الحزب الاشتراكي اليمني الذي كان يحكمها. لذا لا يمكن النظر إلى ما حدث في صيف 94 إلا باعتباره تقويضا للنموذج المثالي للوحدة اليمنية؛ الذي جمع بين الاستحقاق التاريخي والتطلع الوطني والفخر الإنساني، فقد تحول هذا الحدث المجيد إلى عملية توحيد معمدة بالدم عكست بكل وضوح الأنانية السلطوية الجهوية المقيتة والأحقاد السياسية المتراكمة، وهو أمر لم يحصن الوحدة بل دفع بها إلى أن تتحول كما نشاهد اليوم؛ إلى تركة مهدرة وسلعة رخيصة في بازار المزايدات السياسية الحمقاء.

twitter.com/yaseentamimi68

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه اليمن الوحدة اليمن الوحدة الانفصال سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحزب الاشتراکی الیمنی الوحدة الیمنیة فی جنوب

إقرأ أيضاً:

القبيلة اليمنية … استهدافها في الماضي ودورها في الحاضر والمستقبل

د. فهد عبدالحميد المروني

فقط بمجرد نظرة تأمل فاحصة ومتجردة سيدرك المتابع والراصد للتطورات الاجتماعيه والثقافيه في أوساط المجتمع وحتى داخل الأسرة اليمنيه الواحده ، أن هناك تحولات كبرى صنعتها ثورة وعي وفكر وثقافة وهي التي نتج عنها الكثير من المتغيرات العميقة والاستراتيجية على المستوى الثقافي والتوعوي ويمكن للدارس لها أن يتوصل إلى العديد من القناعات حول طبيعية وشكل هذا المتغير الكبير..

على ضوء ذلك  يمكن التوصل إلى استنتاجات ونتائج في غاية الأهمية ومن أهم وأبرز هذه الاستنتاجات هو الجزم بسلامة وصوابية هذا التوجه والذي هو في الواقع أتى ويأتي امتدادا طبيعيا لنهج وتوجه وسلوك قادة عظام حملتهم الاقدار مسؤليه النهوض بهده الامه ووضعها في الموضع الصحيح والمكانة التي اراد الله أن تكون بمستوها  في زمن كاد طغيانه وظلمه وانهيار قيمه يودي بها الى حيث سقط الاخرين وذابوا في اتجاه اجباري وفي مسلك خطه وخطط له واعده ونفذه أعداء الله وأعداء البشرية.
ودور وفاعلية القبيله اليوم في اليمن أفضل شاهد على هذا المسار الايجابي وهذه الثورة الفكريه والاجتماعيه التي صنعت ملامح القادم من المستقبل…

لقدكانت القبيله في الماضي عرضة لاستهداف النظام السياسي .واداة مسخره لتوجه النظام وخياراته الخاصة..
وكانت الفتن والحروب والتناحر بين القبل مع بعضها .

كان هناك حروب وصراعات وبين الافخاذ والمفاصل القبليه داخل القبيله الواحده وفي حالة من التناحر والاقتتال والمشاحنه جزء من هذا التوجه الذي كانت السلطه تغذيه وتدفع بجمرها الى باروده..

تلك حقائق ومشاهد يعرفها الجميع وعانى منها الكل وكانت أحد مظاهر تلاعب السلطة وادارتها للوضع بناء على سياسة فرق تسد ،

حيث بلغ السفه السلطوي والحقد البغيض لدى النظام حدودا جعلت أصحاب القريه الواحده في عداء وشقاق وخصام حتى على مستوى الأسرة وبين الأخ وأخيه

ووصلت حالة العداء والكراهية والتنافس السلبي إلى مستوى أصبح فيه كبار المشائخ والأعيان والمشائخ الصغار داخل كل عزلة قادة حروب وصراعات بينية ورؤوس حربة ومنصات حرب واقتتال أكرهوا عليه وجروا إليه بطرق مباشرة وغير مباشرة

تلك كانت بعض خصائص تلك العينه من الحكام الذين أنفقوا الكثير من المال العام على اشعال الفتن واشغال الناس ببعضهم وتسخير مال الأمه لتمويل صناعة الفتن والحروب ….

لكن حين وجدت السلطة التي طلعت من جوف المعاناة والحرمان ومن جبهة التصدي للطغيان الاستبداد .

حين وجدت القيادة التي خاطبت الناس ودعتهم إلى ما يحفظهم ويصون حقوقهم .. ويوحد صفوفهم ..تغيرت الموازين وانقلبت المعايير التي شهدتها القبيله وسادت فيها حقب وأزمنة طويلة وما ان تغيرت أستبشر بها الناس وبدت لهم في البداية وكأنها أشبه بالأحلام ..

حين هيئ الله للامة قادة أعلام بداؤ بانفسهم وأهليهم وشكلوا النماذج الأرقى للانسان بكماله الايماني أتجه العامة هذا الاتجاه ..

وتسابقوا للظفر بهذا المجد اوبجزء منه بروحيه العاشق ومشاعر المحب ، وبمصداقيه المؤمن ويقينه…

لقدهبت القبيله بكل جوارحها الى ساحات الكرامه والعزة والثبات .. وقدمت القبيله أغلى ماتملك وهو المال والولد والنفس السوية ..

وضربت اليمن اعظم الامثلة والشواهد عل الالتزام بقيم الاسلام وروحية الايمان . ونفسيه الساعي الى الله لا لشي .الا لكسب رضوانه والفوز بنعمائه وألطافه .. والظفر يوم الخوف الأكبر بأمان الله وبجواره.ِ

انه السباق الى الجنة التي قال السيد العلم قائد الثوره حفظه الله ان الجنة بكل نعيمها هي جزء من رضا الله ..فذهب الناس بحثا عن هذا الرضاء بكل رضاء ويقين..

حين يحكم الشعوب قادة تؤازرهم السماء وترعاهم الطاف الله.. تتغير معادلات الأرض . وتتحول الاتجاهات . وتتخذ الشعوب مسارات قاداتها ونهجها .. ويعم الخير الجميع..ويحصد الكل مغانم هذه الثمار الربانيه..

بقادة كهولاء يتغير العالم وتنقلب طاولاته .. ويذهب الزمن نحو الأفضل .وتغدو القناعات ايمان راسخ وثبات لاحدود له ..

بقادة كما قاداتنا سيصنع الانسان اليمني باذن الله تاريخا جديدا وسيصنع مجدا ونصرا عظيما .. وسيحفر اسمه في قلب التاريخ.. ومنه ومن خلاله تنطلق قوافل العزة والمجد الى خارج حدود البلد لتصنع للعالم بأجمعه العز والمجد الذي تنشده الانسانيه وتحلم به الشعوب ..وليس ذلك على الله بعزيز ..

وكيل أول محافظه ذمار..

مقالات مشابهة

  • ندوة في ببروكسل: تشرذم القوى السياسية اليمنية يطيل الحرب ويعزز هيمنة الحوثيين
  • السوداني: حكومتنا تشكلت بظروف شهدت عزوفا عن الانتخابات وتراجع الثقة بالنظام السياسي
  • التوترات العسكرية تتصاعد في مأرب اليمنية ومؤشرات على عودة الحرب
  • عاجل | مصدر أمني للجزيرة: اعتقال العميد عاطف نجيب رئيس فرع الأمن السياسي في درعا في عهد نظام المخلوع
  • القبيلة اليمنية … استهدافها في الماضي ودورها في الحاضر والمستقبل
  • الصحفيين والإعلاميين: خلال لقاء محافظ الدقهلية كلنا خلف الرئيس في جميع القرارات السياسية التي تحافظ على الأمن القومي
  • أخنوش يلتقي وزير الخارجية اليمني معبرا عن دعم المغرب ل"وحدة الجمهورية اليمنية"
  • خلال استقباله لوزير الخارجية اليمني..أخنوش يؤكد دعم المغرب الثابت لوحدة واستقرار وسيادة الجمهورية اليمنية
  • خبير إيطالي: رحيل الدبيبة فرصة لكسر الجمود السياسي
  • الأمم المتحدة: الأسر اليمنية تعاني الجوع وظروف إنسانية قاسية