عربي21:
2024-12-22@13:13:21 GMT

هل الوحدة اليمنية في خطر؟

تاريخ النشر: 26th, May 2024 GMT

الثاني والعشرون من أيار/ مايو يوم فارقٌ في تاريخ اليمن المعاصر، ففي هذا اليوم من عام 1990 توحد شطرا اليمن وتأسست الجمهورية اليمنية، التي وضعتها الحرب المستمرة منذ نحو عقد على المحك وبات النكوص عن هذا الإنجاز التاريخي مسارا منفصلا على طاولة الحل السياسي للأزمة اليمنية، مُعززا بالتوافقات والاتفاقات التي تشير بوضوح إلى ضلوع أطراف إقليمية في استهداف الوحدة اليمنية.



الوحدة اليمنية كحدث جيوسياسي تمت قراءته في المحيط الإقليمي كمهدد محتمل، لهذا جرى الاستثمار في الصراع حول السلطة الذي نشب في أعقاب الانتخابات البرلمانية في 27 نيسان/ أبريل عام 2003، بين شريكي الحكم: المؤتمر الشعبي العام والحزب الاشتراكي اليمني، وتغذية التوجه نحو إعادة النظر في الوحدة برمتها، وهو أمر تصاعد إلى مرحلة الانسداد السياسي بعد النجاح في إجراء حوار أفضى إلى اعتماد "وثيقة العهد والاتفاق" في شباط/ فبراير 1994، في القصر الملكي في العاصمة الأردنية عمان.

التهديد الأبرز لكيان الدولة اليمنية يأتي اليوم من مشروعين سياسيين مدججين بالسلاح ومتحكمين بالجزء الأكبر من الجغرافيا والسكان، أحدهما يقوده الحوثيون وغايته إعادة إحياء دولة الإمامة الزيدية؛ مع ميل نحو تكريس نموذج سلطوي أكثر تعقيدا يستلهم نموذج الجمهورية الإسلامية الإيرانية. أما المشروع الثاني فهو دولة غير واضحة الملامح في جنوب اليمن بقيادة المجلس الانتقالي؛ الذي يشكل إلى جانب جماعة الحوثي الاستثمار الجيوسياسي الإقليمي الأكثر عدائية للدولة اليمنية ونظامها الجمهوري وللوحدة اليمنية
بعد ذلك بنحو عقد من الزمن بدا أن التوجه لإعادة اليمن إلى سابق عهده من التشطير وتعدد الوحدات السياسية، هو المحرك الأبرز للتدخل الإقليمي الخشن في الأزمة اليمنية والذي تطور من مجرد دعم عملية مغامرة لتقويض السلطة الانتقالية التوافقية؛ إلى التدخل العسكري واسع النطاق، الذي أخرج اليمنيين كلية من دائرة التحكم بالأزمة وبقرار الحرب وحولهم عمليا إلى أطراف مرتهنة أو مشلولة، ويعمل معظمها بالوكالة ولديها الاستعداد الكامل لتقويض الوحدة وإن كان البديل التجزئة والمجهول السياسي.

وبسبب هذا التوجه والمال السياسي الذي يعززه، تحول أعظم إنجاز وحدوي عربي قابل للحياة، إلى "مكسر عصا"، تتبارى الخلايا الإلكترونية والناشطون والكتاب المحسوبون على المخطط الإقليمي التدميري؛ إلى التحريض عليه والتسقيط من مكانته التاريخية وتحميله وزر كل ما حدث ويحدث في اليمن.

ومع ذلك لم تنجح الإيحاءات السياسية التي يتم تصديرها عبر أكثر الوسائل الإعلامية تأثيرا إلى وعي اليمنيين؛ إلا في جذب قطاع محدود من السكان في جنوب البلاد، في حين بَقَيَتْ الكتلةُ الديموغرافيةُ الضخمةُ متمسكة بالوحدة اليمنية، ولم تفقد إيمانها بالإنجاز الوطني العظيم الذي تمثله.

التهديد الأبرز لكيان الدولة اليمنية يأتي اليوم من مشروعين سياسيين مدججين بالسلاح ومتحكمين بالجزء الأكبر من الجغرافيا والسكان، أحدهما يقوده الحوثيون وغايته إعادة إحياء دولة الإمامة الزيدية؛ مع ميل نحو تكريس نموذج سلطوي أكثر تعقيدا يستلهم نموذج الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

أما المشروع الثاني فهو دولة غير واضحة الملامح في جنوب اليمن بقيادة المجلس الانتقالي؛ الذي يشكل إلى جانب جماعة الحوثي الاستثمار الجيوسياسي الإقليمي الأكثر عدائية للدولة اليمنية ونظامها الجمهوري وللوحدة اليمنية.

تكمن الإشكالية الكبرى التي اكتنفت هذا الإنجاز في أن الذين حازوا شرف تحقيقه لم يكونوا من صنف الآباء التاريخيين والقيادات الملهمة، بل أشخاص سجلّهم السياسي والقيادي مثقلٌ بالأرزاء والتجاوزات والعمل خارج الأجندة الوطنية، ولطالما تصرفوا مع الوحدة والدولة التي أنتجتها باعتبارهما مكسب سلطوي جهوي وحزبي.

تجلى هذا الأمر بشكل واضح وقوي وفعال في سلوك علي عبد الله صالح، رئيس الجمهورية العربية اليمنية السابقة، الذي تسلم رئاسة الدولة الجديدة، وقام باستغلال الحركة الإسلامية في ترويض واحتواء الحزب الاشتراكي اليمني الذي كان يقود جمهورية اليمن الديمقراطية، وفتح قنوات اتصال نشطة مع القادة الجنوبيين في شمال اليمن والمهجر، وهم يمثلون إرث النزاع السياسي والسلطنات والمشيخات (وحدات سياسية ذات سيادة محدودة كانت تخضع للحماية البريطانية في جنوب اليمن)، وغذّى النزعة الانتقامية لديهم في محاولة لتسويد قواته التي سيخوض بواسطتها معركة إقصاء الحزب الاشتراكي اليمني من السلطة في صيف 1994.

وفي المقابل، كان الحزب الاشتراكي اليمني يستمد نفوذه السياسي من مئات الآلاف من منتسبيه في شمال اليمن، وزاد على ذلك أن بدأ ببناء شبكة نفوذ وتحالفات سياسية غير مجدية؛ في أوساط القيادات الاجتماعية والمرجعيات الزيدية أملا في تعززي موقفه أمام شريكه في الوحدة، غير أن انتخابات 27 نيسان/ أبريل 2003 البرلمانية ونتائجها حولت الحزب إلى قوة سياسية ثالثة، مع فارق أنه كان لا يزال يحتفظ بالإمكانيات العسكرية للدولة الجنوبية، ومع ذلك ظل عاجزا عن التعامل مع الاستهداف الأمني المتتالي والمباشر لقياداته وكوادره الذين توزع دمهم بين عناصر مجهولة أو متطرفة.

تحول هذا الحدث المجيد إلى عملية توحيد معمدة بالدم عكست بكل وضوح الأنانية السلطوية الجهوية المقيتة والأحقاد السياسية المتراكمة، وهو أمر لم يحصن الوحدة بل دفع بها إلى أن تتحول كما نشاهد اليوم؛ إلى تركة مهدرة وسلعة رخيصة في بازار المزايدات السياسية الحمقاء
لقد افتقد الزعماء الذين وقعوا على "وثيقة العهد والاتفاق" الناتجة عن الحوار الوطني للمصداقية والنزاهة الوطنية، فقد انفضوا بعد توقيع الوثيقة وهم يضمرون النوايا السيئة، فاتجه زعيم الحزب الاشتراكي اليمني ونائب رئيس الجمهورية علي سالم البيض نحو العاصمة السعودية الرياض، ومنها بدأ جولة خليجية، وسط تساؤلات عن مغزى تلك الجولة، في حين عاد صالح وحلفاؤه إلى صنعاء ليحدث التحول الأسوأ في الموقف الأمني والعسكري بعد استهداف المعسكرات الجنوبية في كل من مدينة عمران شمال العاصمة صنعاء، ومدينة ذمار جنوب العاصمة، وسرعان ما أفضى هذا التحول الخطير إلى حرب شاملة عُرفت بحرب صيف 94.

لقد انتصر الطرف الشمالي في تلك الحرب، لكنه تقاسم ذلك الانتصار مع قطاع لا بأس به من الجنوبيين الموتورين من الجمهورية الجنوبية ومن الحزب الاشتراكي اليمني الذي كان يحكمها. لذا لا يمكن النظر إلى ما حدث في صيف 94 إلا باعتباره تقويضا للنموذج المثالي للوحدة اليمنية؛ الذي جمع بين الاستحقاق التاريخي والتطلع الوطني والفخر الإنساني، فقد تحول هذا الحدث المجيد إلى عملية توحيد معمدة بالدم عكست بكل وضوح الأنانية السلطوية الجهوية المقيتة والأحقاد السياسية المتراكمة، وهو أمر لم يحصن الوحدة بل دفع بها إلى أن تتحول كما نشاهد اليوم؛ إلى تركة مهدرة وسلعة رخيصة في بازار المزايدات السياسية الحمقاء.

twitter.com/yaseentamimi68

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه اليمن الوحدة اليمن الوحدة الانفصال سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحزب الاشتراکی الیمنی الوحدة الیمنیة فی جنوب

إقرأ أيضاً:

فتح الانتفاضة: نبارك العملية النوعية والجريئة التي نفذها أبطال اليمن في قلب “يافا”

 

الثورة نت/..

باركت حركة فتح الانتفاضة في فلسطين المحتلة، العملية البطولية التي نفذتها القوات المسلحة اليمنية التي استهدفت عميق كيان العدو الصهيوني في يافا “تل ابيب” المحتلة.

وقالت الحركة في بيان لها اليوم الخميس: “نبارك العملية النوعية والجريئة التي نفذها أبطال اليمن في القوات المسلحة باستهداف قلب “تل أبيب”، نصرة ومساندة للشعب الفلسطيني”.

وأكدت أن العملية الصاروخية اليمنية كشفت زيف المنظومة الأمنية والعسكرية عند الكيان الصهيوني وكشفت أيضا التطور النوعي في أداء الجيش اليمني.

وأشارت إلى أن جبهات الإسناد ترسل رسائل من نار للعدو الصهيوني وحلفائه بأنها لن تترك غزة وحيدة وشعب فلسطين أمام هذه الإبادة الجماعية التي يرتكبها العدو الصهيوني.

وأضافت: إن “مشاركة إخواننا في اليمن الشقيق والعزيز في الدفاع عن إخوانهم في فلسطين يأتي في إطار الرد الطبيعي على دعم إدارة بايدن والحكومات الغربية”.

واختتمت حركة فتح بيانها بالتأكيد على أن اليمن أثبت أن قضية فلسطين والمسجد الأقصى المبارك هي القضية المركزية للأمة العربية والإسلامية، وأن المقاومة هي السبيل الوحيد لمواجهة الغطرسة الصهيونية والغربية ضد أمتنا.

مقالات مشابهة

  • محافظ عدن طارق سلام: اليمن بقيادة السيد عبد الملك الحوثي بات البوصلة التي تتجه نحوها أنظار العالم
  • اليمن يُدين حادثة الدهس التي وقعت في ألمانيا
  • طارق صالح يناقش مع بن دغر ''الإنتهاء من اعداد البرنامج السياسي'' لتكتل الأحزاب اليمنية
  • ‏وسائل إعلام إسرائيلية: الجيش الإسرائيلي يبدأ التحقيق في أسباب عدم اعتراض الصاروخ الذي أطلق من اليمن
  • اليمن يشارك في الدورة الثامنة عشر بعد المائة لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية
  • معهد أمريكي: ما الذي يمكن أن يخلفه سقوط الأسد من تأثير مباشر على اليمن؟ (ترجمة خاصة)
  • اليمن يستبق هجوماً ” إسرائيليا” أعد له منذ أسابيع وفق قادة صهاينة.. “إسرائيل ” تتخبط.. المفاجآت اليمنية لا تكاد تنتهي
  • فصائل المقاومة الفلسطينية تشيد بالضربة الصاروخية اليمنية وتدين العدوان الصهيوني على اليمن 
  • فتح الانتفاضة: نبارك العملية النوعية والجريئة التي نفذها أبطال اليمن في قلب “يافا”
  • فصائل المقاومة تبارك عملية القوات المسلحة اليمنية على يافا المحتلة وتدين العدوان الصهيوني على اليمن (إنفوجرافيك)