بغداد اليوم - بغداد

وجه نخبة من المعماريين العراقيين نقداً لاذعاً إلى الإجراءات غير المسبوقة التي اتخذتها الإدارات الرسمية المتعاقبة المشرفة على العاصمة بغداد، والهدم المتواصل لمبانيها التراثية، حتى غدت بغداد مدينة أسمنتية يطلى وجهها كل يوم بألوان لا تليق بعراقتها ومكانتها وعمرها الذي تخطى الـ 1000 عام.

ومن بين أبرز المشغولين بهذه الظاهرة المهندس ومصمم المدن العراقي تغلب الوائلي الذي يوجه لوماً شديداً لأمانة بغداد جراء ما يصفه بالفوضى التي ترافق إعادة إعمار بغداد من دون عناية بتاريخها، والتفريط بتراثها والمعايير المعتمدة التي يقول إنها "تفتقد الدقة والمعرفة بالتاريخ، وغياب الحرفية في أسلوب وطرق التعامل مع مبانيها التاريخية والتراثية معاً".

ويتهم الوائلي علناً أمانة بغداد بأنها المسؤولة عن التفريط بممتلكات ومباني العاصمة، وبأنها "ستخرب وجه المدينة التاريخي الذي يمتد لقرون سحيقة، باستخدام الطلاء الرخيص واللجوء إلى صنفرة السطوح وأمور أخرى كثيرة، ليسوغوا صرف مبالغ هائلة على أعمار".

وحول قيمة بغداد وإرثها المعماري يقول أستاذ الهندسة بـ "جامعة بغداد" خالد السلطاني، "تمتلك المدن التاريخية امتيازاً إضافياً بالقياس إلى الحواضر المعاصرة، فبغداد من تلك المدن التي ينطوي مشهدها على مآثر تاريخية مهمة إضافة إلى كونها مدينة معاصرة، وهذا الازدواج الوظيفي لبغداد يحتم علينا ألا نعزل أو نهمل ذلك الجانب التاريخي المهم من خصوصية المدينة، بل نبقيه كشاهد تاريخي يثري المشهد ويجعل منه مصدراً لاجتراح مقاربات تصميمية تنتمي إلى روح المكان، مما يجعل المشهد الحضري قريباً إلى ذائقة السكان، ويبعد من المدينة حال التغريب الكامنة في مخططات غالبية المدن المعاصرة".

ويؤكد أستاذ الهندسة، "نحتاج إلى وقفة متأنية ونظرة عميقة وشاملة لفهم مقاصد التخطيط الحضري، مثلما نحتاج إلى احترام الضوابط والقوانين التي تراعي حرمة تلك المآثر وقيمتها في ذلك المخطط، وبغير ذلك فإننا مقبلون على حال لن نستطيع معها الحفاظ على تلك المآثر، كما لا يمكن لوجودها أن يضيف شيئاً إيجابياً إلى مخطط مدننا العريقة".

إحسان فتحي، وهو معماري ومخطط ومتخصص في الحفاظ على التراث، يرى أن "المناطق التاريخية في بغداد، وهي الرصافة والكرخ والكاظمية والأعظمية، كانت بنسيجها العمراني المتراص والكثيف حتى العشرينيات من القرن الماضي تشكل مساحة إجمالية قدرها نحو سبعة كيلومترات مربعة، وتتكون من آلاف البيوت التقليدية ذات الأفنية الداخلية المفتوحة، والبيوت المميزة المطلة مباشرة على نهر دجلة، ومئات من المساجد والأضرحة والأسواق والخانات والحمامات التاريخية المميزة بطرازها المعماري البغدادي".

ويستدرك، "لكن هوية المدينة التاريخية العظيمة التي كانت مركز العالم الإسلامي لنحو 500 عام بدأت تتعرض للتغيير والتدمير من خلال عمليات التطوير والتحديث العمراني التي تسارعت في المناطق التاريخية منذ ثلاثينيات القرن الماضي".

ويؤكد فتحي أن "كل هذه المشاريع الحديثة والشوارع العريضة دمرت وشوهت مناطق بغداد التاريخية بدرجة كبيرة، بل تشير آخر المسوح إلى أن ما تبقى من نسيج بغداد التاريخي حالياً لا يتجاوز 15 في المئة من مساحتها التاريخية الأصلية، وحتى هذه البقايا الآن مهددة بالإزالة أو الانهيار بسبب الإهمال الكلي وانعدام الصيانة، وعلى عكس ما حصل في عدد من مدن العالم التاريخية، وحتى في مدن عربية في تونس والمغرب، حيث تم المحافظة على المدن القديمة وأسوارها وبواباتها، وسمح للعمران الحديث أن يشيد خارجها وليس داخلها إلا في حالات استثنائية جداً".

ويذهب فتحي إلى الحديث عن الظاهرة الأخطر التي تعانيها بغداد، وهي "الغياب شبه الكامل لأي نوع من السيطرة البلدية على تنظيم العمران في بغداد، فلقد انتشرت خلال الأعوام الـ 10 الأخيرة ظاهرة تقسيم قطع الأراضي السكنية السابقة، والتي كانت مفرزة أساساً على مساحات تراوحت ما بين 600 و 200 متر مربع، إلى قطع صغيرة جداً بعضها لا يزيد على 50 متراً مربعاً، وبدأنا نرى تجار العقار يشترون بيوت الأعظمية والمنصور و العطيفية والكرادة وأي مكان متاح آخر ليقسموا الـ 600 متر إلى 10 أدوار سكنية، في تجاهل كامل وتحد صارخ للقوانين السارية غير النافذة التي تحدد المساحة الصغرى المسموح بها بـ 200 متر مربع".

ويوضح، "إذا اعتبرنا أن عدد سكان مدينة بغداد حالياً هو 8 ملايين نسمة، وأن مساحتها ضمن الحدود البلدية حوالى 900 كيلو متر مربع، فإن الكثافة السكانية تبلغ حوالى 8850 شخصاً لكل كيلومتر مربع، وهذا الرقم عالٍ في الحقيقة إذا ما قارناه بالمدن المشابهة الأخرى".

ويعتقد فتحي أن "بغداد، هذه المدينة التاريخية العظيمة التي صمدت أكثر من 1250 عاماً حتى الآن، تترنح حالياً تحت ضربات ساحقة تأتيها من جهات عدة لا تكترث لوجودها أصلاً، فهي تصارع الموت بكل معنى الكلمة.

المصدر: اندبندنت

المصدر: وكالة بغداد اليوم

كلمات دلالية: متر مربع

إقرأ أيضاً:

صحة غزة: الاحتلال يرتكب 7 مجازر وعدد الشهداء يتجاوز الـ44 ألفًا

ذكرت وزارة الصحة بقطاع غزة، اليوم "السبت"، أن قوات الاحتلال الإسرائيلي ارتكب 7 مجـ.ازر جديدة ضد العائلات في قطاع غزة.

وأوضحت أنه وصل من ضحايا هذه المجـ.ازر للمستشفيات 120 شهيدًا و 205 إصابات خلال الـ (48 ساعة الماضية).

ووفق ذلك ارتفع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع إلى  44,176 شهيدا و104,473 مصابا منذ 7 أكتوبر 2023.

ياتي ذلك فيما قالت منظمة الصحة العالمية (تابعة للأمم المتحدة)، إن هجوم المسيرات على مستشفى كمال عدوان شمال قطاع غزة ألحق به أضرارا بالغة.

وأضافت المنظمة، أن أربعة من العاملين في المستشفى أصيبوا بالهجوم، إلى جانب مرافقين للمرضى.

وأوضحت أن كل أنواع الرعاية الصحية وطواقم الإسعاف يجب ألا تستهدف أبدا".

وأكدت المنظمة أنها ترى استهدافا للمرافق الصحية في غزة وهذا انتهاك للقانون الدولي".

وأشارت إلى أن الأمم المتحدة تصر على المطالبة بوقف إطلاق النار في غزة.

كانت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة حذرت في وقت سابق الجمعة، من أن مستشفيات القطاع كاملة "ستتوقف عن العمل أو تقلص من خدماتها خلال 48 ساعة القادمة بسبب عرقلة الاحتلال إدخال الوقود للقطاع".

مقالات مشابهة

  • بمساحة 25 ألف متر مربع.. وزير التموين ومحافظ الغربية يتفقدان الصومعة الإماراتية بطنطا
  • طرح 60 وحدة سكنية للبيع بالمزاد العلني في مدينة العبور اليوم الأحد 24 نوفمبر 2024
  • إخلاء عدد من المباني في هذه المناطق بعد ورود اتصالات تحذير للسكان!
  • الرئيس الكولومبي: هدف حرب الإبادة التي تمارسها “إسرائيل” في غزة منع قيام وطن للفلسطينيين
  • صحة غزة: الاحتلال يرتكب 7 مجازر وعدد الشهداء يتجاوز الـ44 ألفًا
  • الفرق بين المحكمتين "الجنائية والعدل" الدوليتين.. خبير قانوني: الإبادة الجماعية القصد منها تدمير جماعة وطنية أو إثنية
  • منظمات حقوقية تطالب هولندا بوقف تصدير الأسلحة إلى الكيان الصهيوني
  • سعر الجنيه الذهب يتجاوز 30 ألف جنيه
  • قناة إسرائيلية: هذا الخلاف المركزي المتبقي قبل التوصل إلى اتفاق مع لبنان
  • وزير الصناعة والتجارة يترأس بمراكش تدشين المنصة اللوجستية لمجموعة “بيم”