عربي21:
2025-02-07@09:32:31 GMT

محمد عبد القدوس..عمنا الذي أحبنا وأحببناه

تاريخ النشر: 26th, May 2024 GMT

حين قررت الكتابة عن أستاذي وصديقي (متعدد الصفات والأبعاد) محمد عبد القدوس؛ جالت بخاطري عشرات القضايا الأخرى التي تستحق الكتابة عنها، لكنني وجدت أن محمدا أكثر استحقاقا في هذه اللحظة، حيث احتفل قبل أيام بعيد ميلاده السابع والسبعين وسط عدد محدود من زملاء المهنة؛ تقدمهم نقيب الصحفيين خالد البلشي.

وفي تقديري أن محمدا يستحق أعلى تكريم من نقابة الصحفيين، وهي بصدد عقد مؤتمرها العام السادس في ذكرى (يوم الصحفي) 10 حزيران/ يونيو وهو اليوم الذي كان محمد نفسه أحد أبرز صانعيه، من خلال عضويته بمجلس نقابة الصحفيين (المجلس الذي أسقط في العام 1996 قانونا انتقص من حقوق وحريات الصحفيين كان البرلمان قد أصدره وأقره الرئيس الأسبق مبارك)، ومن خلال ترؤسه للجنة الحريات في النقابة، وهي اللجنة التي قادت معركة الحريات ليس في نقابة الصحفيين فقط بل في مصر عموما، حيث احتضنت كل أصحاب المظالم من عمال وفلاحين وصيادين وموظفي ضرائب ومعلمين.

. الخ.. الخ.. (أتمنى أن يجد نقيب الصحفيين شكلا مناسبا لتكريم عمنا عبد القدوس في يوم الصحفي).

محمد عبد القدوس، أو "عمنا" كما يخاطب زملاءه ويخاطبوه، هو صحفي وكاتب، من مواليد 20 أيار/ مايو 1947، وهو نجل الأديب الراحل إحسان عبد القدوس وحفيد الصحفية والفنانة الراحلة فاطمة اليوسف (روز اليوسف)، أول سيدة تؤسس صحيفة في مصر تحولت لاحقا إلى مؤسسة صحفية متعددة الإصدارات.. هو الأرستقراطي ابن العز الذي لم يخلد لحياة الرفاهة والدلع، في تقديري أن محمدا يستحق أعلى تكريم من نقابة الصحفيين، وهي بصدد عقد مؤتمرها العام السادس في ذكرى (يوم الصحفي) 10 حزيران/ يونيو وهو اليوم الذي كان محمد نفسه أحد أبرز صانعيه، من خلال عضويته بمجلس نقابة الصحفيين (المجلس الذي أسقط في العام 1996 قانونا انتقص من حقوق وحريات الصحفيين كان البرلمان قد أصدره وأقره الرئيس الأسبق مبارك)، ومن خلال ترؤسه للجنة الحريات في النقابة، وهي اللجنة التي قادت معركة الحريات ليس في نقابة الصحفيين فقط بل في مصر عموماوإذا كان والده هو من كتب رواية "لن أعيش في جلباب أبي" التي صار عنوانها أحد "الكليشيهات" الشبابية للتعبير عن الاستقلال عن الآباء، فإن محمد عبد القدوس نفسه رغم أنه يحب والده كثيرا ويقول فيه شعرا، سلك طريقا مخالفا له، وإن جمعتهما مهنة الصحافة التي انتقلت إليهما من الجدة (فاطمة اليوسف).

فالمعروف أن الأب أديب متنوع، ناصر ثورة 23 يوليو 1952 وكان صديقا شخصيا للرئيس الراحل جمال عبد الناصر، يخاطبه باسم الدلع "جيمي"، لكن الأخير لم يعد يقبل هذه الطريقة بعد أن صار حاكم البلاد، فقلب له ظهر المجن. أما الابن فقد انتمى مبكرا لجماعة الإخوان المسلمين، وجاهر بانتمائه لهم في وقت أخفى كثيرون غيره انتماءهم لمخاوف أمنية، وقد تم القبض عليه في اعتقالات أيلول/ سبتمبر 1981 الشهيرة، وفي لقاء للأدباء مع الرئيس السادات عقب تلك القرارات جرى حديث بينه وبين إحسان عبد القدوس، وألمح له إلى أنه إذا تعهد بإثناء محمد عن طريقه وانتمائه للإخوان فإنه سيفرج عنه، لكن الوالد الليبرالي رفض مؤكدا أن محمد شخص بالغ، وأنه حر في اختيار طريقه وتحمل تبعاته.

هو أحد رموز الجيل الذهبي للشباب في مصر، أو ما يعرف بجيل السبعينات، الذي قدم لمصر نخبة من القيادات السياسية والفكرية والدينية، منهم عبد المنعم أبو الفتوح، وعصام العريان، وحمدين صباحي، وأحمد بهاء الدين شعبان، ومجدي حسين، وأبو العلا ماضي، وحلمي الجزار، ومحيي الدين عيسى، وأحمد عبد الله رزة، وفريد زهران، وياسر برهامي، وإسماعيل المقدم.. إلخ، وهذا الجيل هو الذي قاد النقابات المهنية، كما قاد العمل الحزبي قبل وبعد ثورة يناير وحتى الآن، لكنه الآن يرتحل في ظل حالة انسداد سياسي لم تسمح له بتسليم الراية لجيل جديد.

في القضايا الكبرى ذات الاهتمام الأكبر كان محمد عبد القدوس ولا يزال من أبرز رموزها، إذا نظرنا إلى القضية الفلسطينية ممثلة الآن في طوفان الأقصى وتبعاته فإن محمد كان ولا يزال من كبار المدافعين عن الحق الفلسطيني، ومن أكبر المناهضين للتطبيع. نتذكر هنا أنه قاد مظاهرة ضد أول مشاركة لإسرائيل في معرض الكتاب المصري عام 1985، وظل على مدار عقود في طليعة المشاركين بل الداعين للمظاهرات والفعاليات المناهضة للتطبيع.

في مجال الحريات العامة والديمقراطية، أصبح "الميكروفون" الصغير الذي لازمه دوما رمزا للحرية، يظهر ذلك في الأفلام الدرامية والتسجيلية، هو الميكروفون الذي كانت تنطلق منه الهتافات في كل المظاهرات التي شهدتها مصر منذ النصف الثاني من الثمانينات وحتى ثورة يناير، حيث لم يفارق الميكروفون صاحبه في الميدان رغم تعدد الميكروفونات الأخرى.

كان محمد أحد الآباء المؤسسين لثورة يناير عبر الكثير من المناشط والفعاليات التي نظمها من خلال لجنة الحريات بنقابة الصحفيين التي رأسها لأطول فترة، أو من خلال لجنة الدفاع عن سجناء الرأي التي أسسها مطلع التسعينات بالتعاون مع شخصيات سياسية وإعلامية متنوعة
لقد كان محمد أحد الآباء المؤسسين لثورة يناير عبر الكثير من المناشط والفعاليات التي نظمها من خلال لجنة الحريات بنقابة الصحفيين التي رأسها لأطول فترة، أو من خلال لجنة الدفاع عن سجناء الرأي التي أسسها مطلع التسعينات بالتعاون مع شخصيات سياسية وإعلامية متنوعة (كنت واحدا منهم)، وضمت أيضا الوزيرين السابقين (الناصري) كمال ابو عيطة، و(الإخواني) صلاح عبد المقصود، ورئيس حزب الوسط المصري أبو العلا ماضي، ونائبه السجين حاليا عصام سلطان، وآخرين. نتذكر هنا ذلك المشهد المهيب أمام نقابة الصحفيين يوم 26 كانون الثاني/ يناير 2011، حيث اندلعت مظاهرة في اليوم الثاني للثورة، وأمسك رجال الشرطة بمحمد عبد القدوس حتى يوقفوا هتافاته وميكروفونه، لقد أمسكوه بطريقة غير لائقة، وسحلوه على الأرض. وبالمناسبة حاولوا تكرار الشيء نفسه معي بعده في نفس المظاهرة لكنني كنت مسالما، أبلغتهم بأنني سأسير معهم حيث أرادوا دون مقاومة.

حين انتصرت ثورة يناير بعد إطاحتها بمبارك وكبار معاونيه شعر عبد القدوس بأنه أدى ما عليه تقريبا، ووفى لشعبه، فشعر براحة ضمير، وظن أن من حقه أن ينعم ببقية عمره بهدوء بعد أن تجاوز سن التقاعد في حينه (الآن هو 77 عاما)، لكن أنى له ذلك، إذ لم تستمر نعمة الحرية سوى عامين ونصف العام لتنقض خفافيش الظلام مجددا على الثورة وما أنتجته من حرية وديمقراطية، وليدخل محمد في سلسلة من الأمراض (ندعو الله له بالشفاء)، وليفقد الكثير من أصدقائه المقربين الذين أصبحوا نزلاء السجون أو المنافي، أو حتى القبور. وكم تؤثر بي -وكثير من الزملاء الذين اضطروا لمغادرة مصر بعد انقلاب الثالث من تموز/ يوليو 2013- تلك الاتصالات الهاتفية منه للاطمئنان علينا في غربتنا، وحين أعتذر منه عن عدم اتصالي خوفا عليه فإنه يرفض ذلك مؤكدا أنه يفعل ما يراه صحيحا تجاه أصدقائه وزملائه مهما كانت التبعات.. إنه النبيل الكريم الذي لم يتغير أو يتلون.. ولم يفرط أو يتطرف، ولا يزال يحمل قلب شاب رغم بلوغه السابعة والسبعين.. كل عام وأنتم بخير يا عمنا وعم كل الصحفيين.

twitter.com/kotbelaraby

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الصحفيين الحريات مصر شخصيات مصر حريات صحفيين شخصيات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة رياضة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة نقابة الصحفیین لجنة الحریات من خلال لجنة ثورة ینایر کان محمد أن محمد فی مصر

إقرأ أيضاً:

نقابة الصحفيين تدعو لتشكيل جبهة دولية موحدة ضد تصريحات ترامب: امتداد لرؤية استعمارية للإدارة الأمريكية

أعربت نقابة الصحفيين المصرية عن رفضها الشديد وإدانتها المطلقة للتصريحات العنصرية والعدوانية غير المسئولة وغير المنضبطة الأخيرة للرئيس الأمريكي، التي تتحدث عن السيطرة على قطاع غزة وتهجير الشعب الفلسطيني، وتشير النقابة إلى أن هذه التصريحات تعيدنا إلى عصور الاستعمار البغيض، وتعد امتدادًا للسياسات الإمبريالية للسيطرة على مقدرات الشعوب، وطمس هويتها الوطنية، فضلًا عن كونها تمثل عدوانًا صارخًا ليس على حقوق الفلسطينيين وحدهم، بل على حقوق جميع الشعوب في تقرير مصيرها، مما ينذر بتفجير الأوضاع في المنطقة والعالم.

وترى النقابة أن تصريحات ترامب لا تقف فقط عند كونها دعوة واضحة لتصفية القضية الفلسطينية، واعتداءً على حقوق الفلسطينيين المشروعة، بل هي امتداد لرؤية استعمارية للإدارة الأمريكية الجديدة تمهد لحقبة من عدم الاستقرار العالمي، وترسم سيناريو استعماريًا جديدًا تحدد من خلاله أمريكا منفردة شكل المنطقة والعالم مما يشكل خطرًا حقيقيًا على الأمن والسلم الدوليين، وهو ما لا يمكن السكوت عنه، أو قبوله.

وتؤكد أن هذه التصريحات لا تنفصل عن سلسلة من التصريحات السابقة، التي عكست نزعة ترامب التوسعية والعنصرية ونزوعه نحو السيطرة، مثل الحديث عن استيلاء الولايات المتحدة على غرينلاند، والتهديدات بشأن قناة بنما، وإعلانه المتكرر  أن كندا يجب أن تكون الولاية الأمريكية الحادية والخمسين.

إن هذا النهج الاستعماري والتصريحات العدوانية يعيد للأذهان المواقف العنصرية للقادة النازيين والفاشيين قبل اندلاع الحرب العالمية الثانية، مما يستدعي تحركًا دوليًا مشتركًا، وردًا حاسمًا قبل أن تشعل حربًا عالمية جديدة يدفع ثمنها العالم وشعوبه.

وتؤكد النقابة أن تمسك ترامب بتصريحات تهجير الفلسطينيين، وإمكانية تحقيقها يؤكد أنها ليست مجرد تصريحات عبثية، بل هي خطة صهيو أمريكية ممنهجة، ودعوة واضحة لتصفية القضية الفلسطينية، وشرعنة لجرائم الحرب، وهو ما يمثل أيضًا انتهاكًا صارخًا للقوانين الدولية وحقوق الإنسان، التي تعتبر تهجير أي شعب قسرًا جريمة حرب بحد ذاتها. وهو ما لا يمكن مواجهته ببيانات الشجب والإدانة، بل يتطلب تحركًا عمليًا على مختلف المستويات لمواجهته، والتصدي له بكل الطرق المشروعة.

وتشدد النقابة على دعمها الكامل للدولة المصرية في رفضها لمثل هذه التصريحات، وكذلك دعمها لكل المواقف العربية والدولية الداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني، وترى أن أي محاولة لتهجير الفلسطينيين تمثل جريمة ضد الإنسانية لن نقبل بها، أو نصمت إزاء أي تحركات تؤدي إلى تقويض السيادة الفلسطينية، وحقوق الشعب في إقامة دولته المستقلة.

وفي هذا السياق، تدعو نقابة الصحفيين المصرية النقابات المهنية، والقوى الفاعلة في مصر إلى تنظيم تحركات مشتركة، بدءًا بمؤتمر تضامني يُعقد في مقر النقابة، للاتفاق على خطوات تصعيدية واضحة تعبر عن الرفض القاطع لهذه السياسات، وتبعث برسالة قوية إلى المجتمع الدولي بأن هذه المخططات لن تمر.

كما تناشد النقابة المجتمع الدولي، والقوى الحية في العالم لتشكيل جبهة دولية موحدة، تضم جميع الأطراف المتضررة من هذه التوجهات الاستعمارية، للعمل على مواجهة هذه السياسات الإمبريالية، ولضمان تحقيق العدالة والسلام في القضية الفلسطينية، باعتبارها مفتاح الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.

وتطالب النقابة الإدارة الأمريكية بالتراجع الفوري عن هذه التصريحات العدوانية، محذرة من أن استمرار هذا الخطاب المتطرف لن يؤدي إلا إلى مزيد من التوتر والصراعات، ويضع الولايات المتحدة في مواجهة مباشرة مع الشعوب الحرة، التي ترفض الاستبداد والهيمنة.

إن نقابة الصحفيين المصرية إذ تعلن موقفها الصارم تجاه هذه التصريحات، تؤكد أن القضية الفلسطينية ستظل قضية مركزية للعالم العربي، ولا بديل عن منح الشعب الفلسطيني حقه في إقامة دولته المستقلة، وأن أي محاولات لطمس حقوق الشعب الفلسطيني ستواجه بمقاومة شعبية وسياسية وقانونية على كل المستويات، ولن يسمح لها بأن تصبح أمرًا واقعًا مهما كانت الضغوط، أو التهديدات.

مقالات مشابهة

  • السبت.. نقابة الصحفيين تُطلق مشروع التحول الرقمى لتطوير الخدمات النقابية
  • السبت المقبل.. "الصحفيين" تُطلق مشروع التحول الرقمي لتطوير الخدمات النقابية
  • بإشراف قضائي كامل.. فتح باب الترشح لانتخابات نقابة الصحفيين 9 فبراير
  • فتح باب الترشح لانتخابات نقابة الصحفيين الأحد المقبل
  • فتح باب الترشح لانتخابات نقابة الصحفيين 9 فبراير الجاري.. والجمعية العمومية 7 مارس المقبل
  • فتح باب الترشح لانتخابات نقابة الصحفيين 9 فبراير.. والعمومية 7 مارس
  • فتح باب الترشح لانتخابات نقابة الصحفيين 9 فبراير.. والجمعية العمومية 7 مارس
  • خارجية نقابة الصحفيين تستضيف سفيرة النرويج بالقاهرة في ندوة حول العلاقات الثنائية
  • نقابة الصحفيين تدعو لتشكيل جبهة دولية موحدة ضد تصريحات ترامب: امتداد لرؤية استعمارية للإدارة الأمريكية
  • نقابة الصحفيين اليمنيين تطالب بحماية صحفي نجا من ثلاث محاولات اغتيال جنوب البلاد