مشاركون بمنتدى الجزيرة: ميزان العدالة الدولية بغزة فضح الغرب وأميركا
تاريخ النشر: 26th, May 2024 GMT
الدوحةـ اتفق مشاركون في منتدى الجزيرة الـ15 بالدوحة على أن اختلال ميزان العدالة الدولية في الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، يفضح الغرب وأميركا في ظل الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت بحق الفلسطينيين.
وشددوا على أن مجلس الأمن الدولي يخضع للحكومات الغربية وأميركا، وأن هناك ازدواجية دولية في المعايير عند النظر إلى الفلسطينيين الذين أصبحوا رهائن في وطنهم.
ويرى المشاركون، في المنتدى الذي يعقد على يومين تحت عنوان "تحولات الشرق الأوسط بعد طوفان الأقصى"، أن قرار المحكمة الجنائية الذي صدر باعتقال قادة الاحتلال الإسرائيلي وقادة المقاومة الفلسطينية خرج بأيدٍ مرتعشة، حيث شهد ضغوطا أميركية لاستثناء الكثير من الأسماء ووضع أسماء أخرى.
وفي الجلسة الثالثة من أعمال المنتدى تحت عنوان "العدالة الدولية في ميزان الحرب الإسرائيلية على غزة"، أكد مدير "المرصد الأورو-متوسطي لحقوق الإنسان" رامي عبده، أن الغرب والولايات المتحدة ينظرون إلى الديمقراطية بنظرة مختلفة حسب كل قضية، وأن الدعوى المرفوعة من جنوب أفريقيا "بشأن تهم للكيان الإسرائيلي بارتكابه جرائم إبادة جماعية في عدوانه المستمر ضد الفلسطينيين، لها رمزية مهمة".
ورأى عبده، أن قرار المحكمة الجنائية الذي صدر باعتقال قادة الاحتلال الإسرائيلي وقادة المقاومة الفلسطينية خرج بصورة شائنة، حيث كانت القائمة تضم نحو 25 من مسؤولي الاحتلال وتم تقليصها، في المقابل تمت إضافة أسماء من قادة حماس ومنهم خالد مشعل الرئيس السابق للمكتب السياسي لحركة حماس.
وقال عبده في حديث للجزيرة نت، إن قرارات محكمة العدل الدولية إلزامية ولا تحتاج المصادقة من مجلس الأمن ولا يلغي قرار المحكمة إلا قرار محكمة، وإن الدول الأعضاء في المحكمة ومعاهدة روما، ملزَمة بأن تعتقل قادة الاحتلال الإسرائيلي، "ولكننا نتخوف من أن تكون هناك ضغوط أميركية وغربية تمنع التعاطي مع هذه المذكّرات".
واعتبر عبده أن رفع دعوى جنوب أفريقيا بعد شهرين ونصف من الحرب الإسرائيلية على غزة، شكل ضغطا كبيرا على المجتمع الدولي الذي كان يرفض وصف ما يحدث في غزة بالإبادة الجماعية، لافتا إلى أن العرض الجنوب أفريقي كان شاملا لكافة التجاوزات والممارسات الدولية والأممية المعتادة.
وعمليا، لم يكن إقناع وسائل الإعلام الدولية بأن ما يحدث في قطاع غزة إبادة ضد الإنسانية وإبادة جماعية بحق الفلسطينيين سهلا على الإطلاق، بالرغم من الدلائل المادية التي قُدمت لهم، وفقا لعبده.
بدورها، اعتبرت أستاذة القانون العام في "جامعة كيب تاون" الجنوب أفريقية كاثلين باول، أن القانون لعب دورا مهما في النضال الفلسطيني في الكثير من القضايا مثل تقرير المصير والدفاع عن النفس، إلا أنه لم يُحدث فارقا لصالحها.
وأضافت أن التركيز على القضية الفلسطينية في دعوى جنوب أفريقيا أضعف موقف إسرائيل، ففي كل مرة للنزاع تحصل ادعاءات مضادة، لكن هذه المرة وجدت المحكمة الدولية أن الحجج الإسرائيلية بشأن الأشخاص الذين تنقلهم خارج غزة غير كافية.
وشددت على أن رفع جنوب أفريقيا الدعوى القضائية جعل القضية تحظى بوضع واهتمام كبيرين في المجتمع الدولي، لكن أضافت "نأمل أن تكون هناك مذكرات اعتقال بحق قادة هذه الجرائم".
وأشارت إلى أنها لا تدري لماذا لم تلتحق الدول العربية بركب جنوب أفريقيا في الدعوى القضائية؟، خاصة أن أي دولة منضمة للاتفاقية من حقها أن تكون جزءا من هذه الدعوى.
من جانبها، قالت المحامية والناشطة الفلسطينية لميس الديك، إن الهندسة الاجتماعية والسياسية والثقافية التي تعرض لها الفلسطينيون من جانب الاحتلال الإسرائيلي أدت إلى تمزيقهم، ونزع الصفة الإنسانية عنهم، ووصفهم بالإرهابيين.
وقالت الديك للجزيرة نت، إن الفلسطينيين يعانون من مشروع قاسٍ، وإن "تشريعات الإرهاب الدولية التي تلصق بفلسطين والفلسطينيين تعمل على تغذية فكرة الإبادة، وهو ما ظهر في تبرير الكثيرين على الصعيد الدولي لـ"حادثة" قصف المستشفى المعمداني، وغيرها من المجازر التي ارتكبت في قطاع غزة".
ورأت أن مسألة اعتقال قادة الاحتلال الإسرائيلي أثناء سفرهم، قد تخضع لممارسات عدة تتعلق بقوانين الدول وممارساتها المختلفة، وكذلك للضغوط الأميركية والغربية التي ساهمت في تقليص القائمة.
ومن جانبه، رأى المقرر السابق للأمم المتحدة المعني بحقوق الإنسان بالأراضي الفلسطينية المحتلة، ريتشارد فولك، أن الاحتجاجات الطلابية في العالم تؤكد أن ما تقوم به إسرائيل في قطاع غزة يُعد من الناحية الأخلاقية إبادة جماعية وإبادة ضد الإنسانية.
وقال فولك -في مداخلة عبر الفيديو كونفرانس- إن محكمة العدل الدولية مؤسسة تتبع إجراءات معقدة للوصول إلى النتائج المرجوة، وإنه عندما ننظر إلى القانون فليس هناك أمر يدعو إلى المصداقية في فتح تحقيق لما يحدث في غزة، خاصة في ظل وجود عنصر معيق بصورة دائمة.
وأضاف أنه عندما يتم تجاوز كل هذه المعوقات والوصول إلى قرار من المحكمة، فإننا وقتها نكون قد تجاوزنا الزمن، وأن القرارات التي تم التوصل إليها لا تتوافق مع الوضع الراهن، مما يجعلها بلا قيمة وعدالة متأخرة.
وأشار إلى أنه بعد القرارات التي اتخذتها محكمة العدل الدولية، فإن الامر الآن متروك لمجلس الأمن الدولي للعمل على إنفاذ ما توصلت إليه المحكمة الدولية من أحكام وقرارات.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات قادة الاحتلال الإسرائیلی ضد الإنسانیة جنوب أفریقیا قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
الإبادة المستمرة خلف القضبان.. قراءة في يوم الأسير الفلسطيني 2025م
في السابع عشر من أبريل من كل عام، يقف الشعب الفلسطيني وأحرار العالم لإحياء “يوم الأسير الفلسطيني”، باعتباره محطة كفاحية تمثل نضال الأسرى وصمودهم داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي، ويعد هذا اليوم أيضًا مناسبة لتسليط الضوء على واحدة من أبشع الجرائم المستمرة في العصر الحديث والمتمثلة في جريمة الاعتقال السياسي الممنهج والإبادة الصامتة خلف القضبان. ولكن في عام 2025، يأتي هذا اليوم وسط واقع مأسوي يتجاوز الوصف، حيث تحوّلت الزنازين إلى مسالخ بشرية، وغرف التحقيق إلى ساحات للإعدام غير المعلن، بينما تواصل العدالة الدولية غيابها تحت ركام الصمت والتواطؤ.
منذ بدء العدوان على غزة في السابع من أكتوبر 2023م، استُشهد 63 أسيرًا داخل المعتقلات، بينهم 40 من قطاع غزة، في ظل تعتيم إعلامي كامل ورفض سلطات الاحتلال الكشف عن هوياتهم أو تسليم جثامينهم. هذه الأرقام ليست مجرد إحصائيات، بل هي دليل قاطع على اعتماد الاحتلال سياسة القتل البطيء، خارج ساحة المعركة، داخل جدران يُفترض أن تحكمها القوانين الدولية التي تحوّلت إلى مسارح للموت الممنهج.
الجرائم التي تُرتكب بحق الأسرى ليست مجرد تجاوزات فردية، بل هي جزء من منظومة تعذيب متكاملة: ضرب وحشي، صعق بالكهرباء، تجويع متعمد، حرمان من المياه والعلاج، اعتداءات على النساء، الأطفال، المرضى، وكبار السن، وإذلال مستمر، لم تقتصر منظومة الاحتلال الإسرائيلي على سجونها المعروفة فحسب، بل أعادت تفعيل معسكرات سرية مثل “سديه تيمان” و”عناتوت” و”عوفر” كمراكز تعذيب بعيدة عن أي رقابة، حيث تُمارس فيها أبشع انتهاكات حقوق الإنسان.
اليوم، ووفقًا لمؤسسات الأسرى، يتجاوز عدد الأسرى 9900، ولا يشمل ذلك المئات من معتقلي غزة الذين تعرضوا للاختفاء القسري. من بينهم 29 أسيرة، من ضمنهن طفلة، وحوالي 400 طفل دون 18 عامًا، كما ارتفع عدد المعتقلين الإداريين إلى أكثر من 3498، اذين يُحتجزون دون تهمة أو محاكمة، استنادًا إلى ما يُسمّى “الملفات السرية”، في تحدٍ سافر لقواعد العدالة. بالإضافة إلى ذلك، تم تصنيف 1747 أسيرًا كـ”مقاتلين غير شرعيين”، وهو ما يسقط عنهم الحماية القانونية.
وفي ذات الوقت، تصاعدت أعداد الأسرى المرضى والجرحى، حيث تُستخدم الأمراض كأداة للتعذيب الجماعي، بعد أن تحوّلت السجون إلى بؤر للأوبئة نتيجة الإهمال في النظافة، ومنع الاستحمام، والتكدس، وغياب الرعاية الطبية. الجرب والجلديات ما هي إلا أمثلة صارخة على هذه الجرائم.
رغم هذه الظروف المأساوية، تبقى مقاومة الأسرى الفلسطينيين رمزًا حيًا للإرادة والكرامة، فبالرغم من قسوة المعاناة والتعذيب، لا يزال الأسرى يشعلون جذوة الأمل والمقاومة، متحولين إلى مشاعل للحرية، إنهم يعيشون يوميًا في مواجهة الموت، ويثبتون أن العدالة ستحقق في النهاية.
إن العالم اليوم يتفرج على هذه المعاناة، متخيلين أن صمتهم قد يحميهم من تبعات الحقائق المؤلمة التي تحدث خلف القضبان، ولكن، في الواقع، يصبح هذا الصمت مشاركة في الجريمة، وجزءًا من التحمل غير المبرر للعذابات المستمرة.
إن استمرار معاناة الأسرى الفلسطينيين ليس مسألة محلية أو إقليمية فحسب، بل يمثل قضية إنسانية تتطلب من المجتمع الدولي أن يتجاوز حدود الصمت والتواطؤ. على المؤسسات الدولية أن تتحرك ليس فقط عبر البيانات والشجب، بل بفرض عقوبات حقيقية على الاحتلال، ومحاكمة مسؤولي الاحتلال على جرائمهم ضد الإنسانية.
إن الصمت عن هذا الوضع يعني التواطؤ في إبادة شعب بأسره، واستمرار مأساته في ظل الاحتلال. لكن الأسرى الفلسطينيين ليسوا مجرد أرقام أو أسماء في قوائم، بل هم رموز للكرامة والنضال، هم المعركة الحية من أجل الحرية في وجه الظلم. وعليه، يبقى يوم الأسير الفلسطيني، في عام 2025م وما بعده، دعوة لإعادة إحياء الأمل بأن العدالة ستُنتصر، وأن صوت الأسرى سيظل مدويًا حتى تتحقق الحرية.