وزير الأوقاف: التعامل مع الفضاء الإلكتروني بأدواته ضرورة ملحة
تاريخ النشر: 26th, May 2024 GMT
ألقى الدكتور محمود عبد الخالق الفخراني مساعد وزير الأوقاف لشئون الامتحانات والتدريب كلمة نيابة عن أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف بالمؤتمر العلمي الدولي الذي تقيمه الجامعة المصرية للثقافة الإسلامية بكازاخستان تحت عنوان: "الخطاب الديني في الفضاء الإلكتروني.. التحديات والحلول"، بحضور سماحة الدكتور/ نوريزباي تغانولي رئيس الإدارة الدينية لمسلمي كازاخستان والمفتي العام، اسقاكوف قانات نائب وزير الثقافة والإعلام بجمهورية كازاخستان، وأ.
وهذا نص كلمة وزير الأوقاف:
إن وزارة الأوقاف المصرية تسعى دائمًا إلى تعزيز العلاقات الوطيدة بين البلدين الشقيقين : مصر وكازاخستان، ودعم وسائل التعاون في المجالات ذات الاهتمام المشترك وخاصة في مجال تبادل المعارف والثقافات، وتعد " الجامعة المصرية للثقافة الإسلامية " بكازاخستان حلقة وصل عظيمة؛ لتعميق الروابط الثقافية بين البلدين، لنشر الفكر الوسطي المستنير.
ومما تحرص عليه هذه الجامعة العريقة، إقامة المؤتمرات الدولية التي تعالج قضايا مجتمعية ؛ لتسهم بدورها في وضع الحلول المناسبة لها، وتكسب الأجيال الخبرات اللازمة ؛ حتى يصبح لديهم الرؤية المتكاملة لتحقيق إبداعات ملموسة تنتفع بها البشرية.
فإن رقي الأمم مرتبط بما تنتجه عقول أبنائها من ابتكارات نافعة وإبداعات مثمرة في كافة المجالات.
فقد خلق الله -سبحانه وتعالى- الإنسان، وجعله خليفة في الأرض؛ ليعمرها، ويستثمر طاقاتها، قال تعالى: (هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا)، وقد أنعم الله علينا بنعم لا تحصى، قال تعالى: (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا)، ومن أجلِّ هذه النِّعم نعمة العقل والسمع والبصر، قال تعالى: (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)، ومن هذه النعم العظيمةأيضًا نعمة الفراغ قال -صلى الله عليه وسلم-: "نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ" فيجب علينا أن نغتنم وقت فراغنا ونعمل عقولنا ؛ للنظر في حقائق الكون، والوصول إلى قوانينه؛ للاستفادة بها في عمارة الأرض؛ حيث يقول سبحانه: (قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) فقد حثَّ القرآن على إحكام النظر، وإجادة التفكير في خَلق الله؛ لتحقيق الابتكار المثمر، والإبداع النافع.
وفي العصر الحالي أصبح التعامل مع الفضاء الإلكتروني بأدواته ضرورة ملحة ومصلحة معتبرة لمواكبة التطور التكنولوجي ومتغيرات العصر عن علم وخبرة وبصيرة، فهذه الأدوات وسائل ذات أثر بالغ في بناء الوعي بصفة عامة، وقضايا الخطاب الديني بصفة خاصة؛ مما يتطلب الوقوف عندها بدقة لتعظيم الإفادة من إيجابياتها، وتفادي مخاطرها، والتغلب على تحدياتها، وبخاصة ما يتصل بتقنيات الذكاء الاصطناعي وتوظيفه في خدمة المجال الدعوي.
وقد ضرب لنا نبينا الكريم - صلى الله عليه وسلم- أعظم المثل في استخدام مهارات التواصل الدعوي بمختلف أنواعها المتاحة في عصره، للنفاذ إلى عقل المتلقي وقلبه، وإثارة اهتمامه وانتباهه، ومن هذه المهارات: استخدام لغة الجسد الرصينة المتزنة، كتغيير وضع الجسد لإثارة الانتباه، والإشارة إلى القلب أو اللسان، واستخدام لغة الأرقام، والرسم التوضيحي، والأمثلة التوضيحية.
ونوَّع - عليه الصلاة والسلام- وسائل وأساليب الدعوة ما بين الحديث الشريف، والخطبة، والموعظة، والوصية، والرسالة، بما يؤكد حرصه -صلى الله عليه وسلم- على إبلاغ الرسالة بلاغًا مبينًا، وإقامة الحجة واضحة وبيِّنة جلية لا لَبْسَ فيها بكل الوسائل والأساليب المتاحة في عصره -صلى الله عليه وسلم-، وهو ما يُحمِّلنا أمانة الاقتداء به -صلى الله عليه وسلم- باستنفاد وسعنا في استخدام وسائل التواصل وسائر التقنيات الحديثة المتاحة في عصرنا لإبلاغ رسالة ديننا بلاغًا مبينًا.
وإن سائر وسائل الاتصال الإلكتروني والذكاء الاصطناعي وسائر التقنيات الحديثة التي يمكن أن نستخدمها في كل ما يخدم العلم، مع التأكيد على أهمية التحصين الفكري والأخلاقي المستمر ضد ما يعرف بانحرافات الفضاء الإلكتروني.
ولأهمية هذا الموضوع عقد المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بمصر المؤتمر الرابع والثلاثين تحت عنوان: "الفضاء الإلكتروني والوسائل العصرية للخطاب الديني بين الاستخدام الرشيد والخروج عن الجادة" في سبتمبر العام الماضي، بحضور دولي واسع من وزراء الأوقاف والشئون الدينية، والمفتين، والعلماء، والمفكرين، والمثقفين، والبرلمانيين، والإعلاميين، والكتاب، من مختلف دول العالم، وقد أجمع المشاركون في ختام أعمال المؤتمر على إصدار وثيقة القاهرة لتعزيز أخلاقيات التعامل مع الفضاء الإلكتروني والوسائل العصرية للخطاب الديني، لتكون نبراسًا يُستضاء به في هذا المجال، تحت عنوان : "وثيقة القاهرة لأخلاقيات التعامل مع الفضاء الإلكتروني".
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: وزير الأوقاف الأوقاف الجامعة المصرية للثقافة الإسلامية بكازاخستان كازاخستان التحديات والحلول الجامعة المصریة للثقافة الإسلامیة التعامل مع الفضاء الإلکترونی صلى الله علیه وسلم وزیر الأوقاف
إقرأ أيضاً:
إفطار الصائم عبادة عظيمة
امتدح ربنا، جل وعلا، عباده الأبرار بإطعام الطعام رجاء ثواب الله ورضاه، قال سبحانه: (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا)، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأن هذه الفضيلة من خير خصال الإسلام، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم: أَيُّ الإِسْلَامِ خَيْرٌ؟ قَالَ: «تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ»، وبيّن صلى الله عليه وسلم أنّ في إطعام الطعام وقاية ونجاة من النار، فعن عَدِيَّ بْن حَاتِمٍ، رضي الله عنه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ». ومن صور إطعام الطعام تفطير الصائمين.
وإن فطار الصائمين من العبادات العظيمة التي حثّ عليها النبي صلى الله عليه وسلم ورتّب عليها أجراً كبيراً، فجعل أجر المطعم كأجر الصائم، فعَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الجُهَنِيِّ، رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا».
وكان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو لمن أكرم الصائمين بالإفطار، فعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَفْطَرَ عِنْدَ أَهْلِ بَيْتٍ قَالَ: «أَفْطَرَ عِنْدَكُمُ الصَّائِمُونَ، وَأَكَلَ طَعَامَكُمُ الْأَبْرَارُ، وَتَنَزَّلَتْ عَلَيْكُمُ الْمَلَائِكَةُ»، فلو لم يكن لإفطار الصائمين فضل وأجر، لما اختار النبي صلى الله عليه وسلم هذا الدعاء لمن أفطر على موائدهم وأكل من طعامهم! ويحصل تفطير الصائم بأدنى شيء، إلا أن أكمله إشباعه، لأنه يحصل به المقصود من تقوية الصائم على العبادة، واستغناؤه في تلك الليلة.
وإفطار الصائم في شهر رمضان وغيره يعزز قيم التسامح والتآزر، ويزيد روابط المحبة بين الناس، وهو نوع من أنواع الجود والخير، والمؤمن العاقل من يبادر إلى فعل الخيرات التي تضاعف أجره وثوابه وخصوصاً في شهر رمضان، وقد «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ، وَأَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ»، وورد أن كثيراً من الصالحين كانوا يحرصون على إطعام الطعام ويعتبرونه من أفضل العبادات، وربما آثر بعضهم غيره بفطوره وهو صائم طلباً للأجر والثواب، «وكان ابنُ عمرَ لا يفطرُ إلا مع اليتامَى والمساكينِ».
ونخلص مما سبق إلى أن تفطير الصائمين من أجمل صور التعاطف والمحبة والرحمة في المجتمع، وهو من أجلّ القربات وله أجر عظيم يساوي أجر الصائم نفسه.
كل معروف صدقة
كما حث النبي صلى الله عليه وسلم على بذل المعروف، والمعروف اسم جامع لكل ما ندب إليه الشرع من وجوه الإحسان وفعل الخير، وقد أمر الله بفعله، وحث عليه النبي، صلى الله عليه وسلم، ووعد فاعله بالثواب العظيم في الدنيا والآخرة، فينبغي على المؤمن ألّا يحقر من المعروف شيئاً، وأن يحرص على صنع المعروف وبذل الإحسان للناس.
يقول الله في محكم تنزيله: (لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا)، «سورة النساء: الآية 114». يقول الله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)، «سورة الحج: الآية 77».
وقد جعل الله صُنع المعروف صدقة لفاعله، قال رسول الله: «كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ»، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «كُلُّ سُلاَمَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ، كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ، يَعْدِلُ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، وَيُعِينُ الرَّجُلَ عَلَى دَابَّتِهِ فَيَحْمِلُه عَلَيْهَا، أَوْ يَرْفَعُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ، وَالكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا إِلَى الصَّلاَةِ صَدَقَةٌ، وَيُمِيطُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ». وصور المعروف كثيرة وعديدة، فينبغي على المسلم أن ينافس فيها ويحرص عليها، كي ينال ثوابها وأجرها، وألّا يقلل من قيمة أي خيرٍ يفعله.
وصية
أوصى النبي أحد أصحابه فقال: «عَلَيْكَ بِاتِّقَاءِ اللَّهِ، وَلَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا، وَلَوْ أَنْ تُفْرِغَ لِلْمُسْتَسْقِي مِنْ دَلْوِكَ فِي إِنَائِهِ، أَوْ تُكَلِّمَ أَخَاكَ وَوَجْهُكَ مُنْبَسِطٌ»، وهي وصيته للنساء أيضاً، فقد قال: «يَا نِسَاءَ الْمُسْلِمَاتِ، لَا تَحْقِرَنَّ جَارَةٌ لِجَارَتِهَا، وَلَوْ فِرْسِنَ شَاةٍ».
أي: لا تستصغرنَّ شيئاً تقدمْنَهُ هبة أو هدية، فهو من المعروف الذي يُديم الودّ ويؤلف بين القلوب. ومن قدّم معروفاً في الدنيا أثابه الله به في الآخرة، قَالَ رسول الله: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا، نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ، يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا، سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ».
حديث
عن أبي هريرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه».
فتوى
ورد إلى مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي سؤال: «صليت الظهر في الدوام وبعد رجوعي نمت ولم أستيقظ إلا عند المغرب فصليت العصر والمغرب، فهل صومي صحيح»؟
فأجاب المجلس «صومك صحيح، لأن النوم عن الصلاة لا يؤثر على صحة الصوم، ولكن ينبغي للصائم اغتنام شهر رمضان في الإكثار من الأعمال الصالحة، ومن أهمها المحافظة على أداء الصلاة في وقتها، قال الله تعالى: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى، وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ)، «سورة البقرة: الآية 238».
قال ابن مسعود رضي الله عنه: «سَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: الصَّلَاةُ عَلَى وَقْتِهَا»، (متفق عليه).