أزمة النيجر: تكدس في مطار نيامي وقمة لحسم تدخل «إيكواس» عسكريا
تاريخ النشر: 2nd, August 2023 GMT
شهدت أزمة النيجر تطورات متسارعة، وواصل الأجانب، صباح اليوم، اصطفافهم في مطار نيامى، لمغادرة البلاد استجابة لحملة إجلاء دعت إليها فرنسا وإيطاليا وأسبانيا، بينما بدأ قادة المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا «إيكواس»، قمة مطولة تمتد ثلاثة أيام لحسم موقفهم من «التدخل عسكريا» لردع انقلاب النيجر.
قالت وزارة الخارجية الفرنسية، اليوم، إنها أجلت 350 فرنسيا وأشخاصا من النيجر و10 دول أخرى، لافتة إلى رحلتين أخريتن بعد ظهر الأربعاء، في حين اعتبر بيان للخارجية الأمريكية، أن وضع النيجر «آمن ولا داعى للإجلاء».
أخبار متعلقة
ماذا يحدث في النيجر؟.. انقلاب بنكهة شعبية يتحدى «الاستعمار الجديد» (تقرير)
عقوبات اقتصادية لإنهاء الانقلاب فى النيجر.. ومظاهرات مؤيدة لعزل الرئيس
الكرملين يدعو أطراف أزمة النيجر لضبط النفس والعودة للشرعية.. واتهامات لموسكو بمساندة الانقلاب
مطار نيامي مزدحم بالراغبين في المغادرة استجابة لمبادرة إجلاء فرنسية
في سياق متوازٍ، اجتمع المجلس العسكرى الحاكم، مع كبار مسؤولى الخدمة المدنية في اللباد، لبحث سبل تسيير أمور البلاد، بعدما اتهموا فرنسا بتجاوز القواعد التي أقروها لإغلاق حدود بلادهم في حين أعلنوا فتح مجالهم الجوى لـ 5 بلدان، في ظل مواصلة باريس إجلاء رعاياها، واعتبار واشنطن أن وضع النيجر «آمن» ولا يستدعى الإجلاء.
وقال المتحدث باسم المجلس العسكرى الحاكم، أمادو عبدالرحمن، أمس في بيان بثه التلفزيون الرسمى:«لاحظنا أن الشريك الفرنسى يتخطى قواعد إغلاق الحدود، من خلال هبوط طائرة عسكرية من طراز A401 في مطار نيامى الدولى، السادسة والنصف من صباح الخميس، متجاوزا بذلك البيان رقم 3».
تظاهرات مؤيدة للانقلاب على رئيس النيجر - صورة أرشيفية
وأكد أمادو، فتح حدود البلاد البرية ومجالها الجوى لـ 5 بلدان (بوركينا فاسو ومالى وليبيا وتشاد والجزائر).
ودعمت بوركينا فاسو ومالي الانقلاب في حين أدانته ليبيا والتزمت تشاد دور الوسيط، وحذرت الجزائر من التدخل العسكرى، داعية إلى العودة للمسار الدستورى.
وبالتزامن، أعلن قادة الجماعة الاقتصادية لغرب ووسط أفريقيا «إيكواس»، عقد قمة طارئة ثانية، تمتد ما بين اليوم الأربعاء حتى الجمعة، في أبوجا عاصمة نيجيريا، لبحث موقفهم من انقلاب النيجر، حسب ما أعلنت المنظمة الإقليمية مساء الثلاثاء.
وتأتى القمة قبيل انتهاء 7 أيام منحها قادة «إيكواس» لقادة الانقلاب لإعادة الرئيس المعزول محمد بازوم، إلى منصبه قبل أن مواجهتهم بـ «تدخل مسلح»، وعقوبات اقتصادية.
قادة انقلاب النيجر شكلوا «مجلسا عسكريا حاكم»معلنين عزل الرئيس بازوم
وتشهد النيجر توترات سياسية، منذ بدء الحرس الجمهورى، الإنقلاب على، بازوم، الأربعاء الماضى، دعمها الجيش، بدعوى أن ذلك حقنا للدماء ودرءا للانقسام في البلاد، التي تشهد حالة غضب شعبى من إدارة بازوم، ويصفه معارضوه بأنه «حليف قوى الاستعمار».
بدأت فرنسا، أمس الأول، حملة إجلاء للرعايا الأوروبيين من النيجر، بعدما لحقت مالى وبوركينا فاسو، غينيا في دعم الانقلاب، وحذرت عبر بيان مشترك من أن أي تدخل عسكرى أجنبى في نيامى، أو اعتداء على سيادتها سيكون بمثابة «إعلان حرب»، في خطوة تكتيكية لحماية الانقلاب على الرئيس، محمد بازوم، وتصعيد لدعم «تغيير النظام» في النيجر. وسط مخاوف من تزايد التوتر الداخلى في البلاد التي تشهد مظاهرات مؤيدة لعزل الرئيس وتكهنات بأن أي تدخل عسكرى سيؤدى إلى اتساع رقعة الصراع في منطقة غرب ووسط أفريقيا في التي تدار معظم بلدانها من قبل حكومات عسكرية أعقبت 9 انقلابات ناجحة في العقدين الماضيين، بينها 3 أعلنت رسميا دعم انقلاب النيجر (غينيا ومالى وبوركينا فاسو).
المصدر: المصري اليوم
كلمات دلالية: زي النهاردة شكاوى المواطنين أزمة النيجر انقلاب النيجر زي النهاردة انقلاب النیجر
إقرأ أيضاً:
خطاب الفوضى- كيف تحوّل الصراع السياسي في السودان إلى حرب لغوية مفتوحة؟
شهد السودان بعد انقلاب الجيش في أكتوبر 2021 انحدارًا غير مسبوق في مستوى الخطاب السياسي، حيث لم تقتصر التفاهة والانحدار اللغوي على الإسلاميين فحسب، بل شملت أيضًا القوى المدنية بمختلف تياراتها، إضافة إلى المؤسسة العسكرية التي حاولت تبرير استحواذها على السلطة عبر خطاب يقوم على التخويف والتبرير السياسي المراوغ. يعكس هذا التدهور أزمة أعمق في الفكر السياسي السوداني، حيث أصبح الخطاب أداةً للتعبئة العاطفية والتخوين بدلًا من أن يكون وسيلةً للحوار العقلاني وبناء التوافق الوطني.
الخطاب السياسي كأداة للهيمنة والإقصاء
لم يعد الخطاب السياسي في السودان وسيلةً لنقل الأفكار أو النقاش الموضوعي، بل تحول إلى سلاح لإقصاء الخصوم وإحكام السيطرة السياسية. الإسلاميون، الذين وجدوا أنفسهم خارج السلطة بعد ثورة ديسمبر 2019، استخدموا خطابًا دينيًا متشددًا، متهمين القوى المدنية بالعمالة للخارج والسعي لتدمير هوية البلاد الإسلامية. في المقابل، لم يكن خطاب القوى المدنية أكثر نضجًا؛ إذ لجأت إلى التخوين المتبادل وانقسمت بين مناصري الانقلاب ومعارضيه، مما أضعف موقفها وسهّل على العسكر الاحتفاظ بالسلطة.
الكتلة الديمقراطية التناقض بين الخطاب والممارسة
برزت الكتلة الديمقراطية، التي ضمت قوى سياسية وحركات مسلحة مثل حركة العدل والمساواة وجيش تحرير السودان، كلاعب رئيسي في المشهد السياسي بعد الانقلاب. هذه الكتلة سعت في البداية إلى تبرير الانقلاب واتهام قوى الثورة بالفشل في الحكم، لكنها عادت لاحقًا لتبني خطابًا مدنيًا يطالب بعودة الديمقراطية، رغم دعمها السابق للحكم العسكري. هذه الازدواجية أضعفت موقفها السياسي وكشفت عن غياب رؤية واضحة، حيث بدت مواقفها محكومة بالمصالح المرحلية أكثر من المبادئ الديمقراطية.
خطاب العسكر التخويف والتبرير السياسي
من جهته، لجأ الجيش إلى خطاب يركز على حماية الأمن القومي والاستقرار، محاولًا تصوير الانقلاب كخطوة ضرورية لإنقاذ البلاد من الفوضى. استخدم القادة العسكريون لغة التخويف من "الفراغ السياسي" و"الانزلاق نحو الفوضى" لتبرير بقائهم في السلطة. كما عمل الإعلام الرسمي على الترويج لرواية مفادها أن الجيش هو الضامن الوحيد لوحدة السودان، متجاهلًا حقيقة أن الانقلاب هو الذي أدى إلى تفاقم الأزمة السياسية.
مقارنة بين خطاب الإسلاميين، القوى المدنية، والعسكر
الفاعل السياسي
أبرز سمات الخطاب
الإسلاميون خطاب ديني متشدد، تخوين الخصوم، تصوير المدنيين كعملاء للغرب
القوى المدنية (الكتلة الديمقراطية) تناقض في المواقف، خطاب مزدوج بين دعم الانقلاب والمطالبة بالديمقراطية
المؤسسة العسكرية خطاب التخويف، تبرير الانقلاب، احتكار الوطنية
تأثير الخطاب السياسي على المشهد العام
ساهم هذا الخطاب المشوه في عدة نتائج خطيرة-
إضعاف فرص التحول الديمقراطي - لا يمكن بناء دولة مدنية في ظل خطاب يقوم على التخوين والإقصاء.
تعميق الانقسامات داخل القوى المدنية- التشرذم أضعف موقف القوى المناهضة للانقلاب وأطال أمد الأزمة.
إفقاد الجماهير الثقة في النخب السياسية- عندما يصبح الخطاب السياسي مجرد شعارات خاوية، يفقد المواطنون إيمانهم بالعملية السياسية برمتها.
كيف يمكن تصحيح المسار؟
لإصلاح الخطاب السياسي، لا بد من -وقف حملات التشويه المتبادل: الحوار بين القوى المختلفة ضرورة لإنهاء حالة الاستقطاب.
إعادة تعريف الأولويات - التركيز على القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد والأمن بدلاً من الصراعات الأيديولوجية.
ضبط الإعلام السياسي- يجب أن يكون الإعلام منصة توعوية بدلاً من أداة للتحريض والتضليل.
إن تفاهة الخطاب السياسي في السودان اليوم ليست مجرد أزمة لغوية، بل انعكاس لأزمة سياسية وفكرية أعمق. وكلما استمر هذا الانحدار، زادت صعوبة الوصول إلى حل سياسي حقيقي يعيد الاستقرار إلى البلاد.
المطلوب اليوم هو خطاب سياسي مسؤول، يعكس التحديات الحقيقية التي تواجه السودان، بدلاً من الاكتفاء بإعادة إنتاج نفس المفردات التخوينية والمواقف المتناقضة.
zuhair.osman@aol.com