هل تقر تركيا قانونا لتنظيم العملات الرقمية؟
تاريخ النشر: 26th, May 2024 GMT
إسطنبول- شهدت العملات الرقمية توسعا كبيرا على مستوى العالم في السنوات الأخيرة، حيث باتت تجذب المزيد من المستثمرين بفضل ميزاتها العديدة، مثل السرعة والأمان وقلة التكاليف المرتبطة بالمعاملات.
ومع تزايد الاعتراف الدولي بالعملات الرقمية باعتبارها مصدرا للقيمة وأداة للاستثمار أصبحت هذه العملات جزءا لا يتجزأ من النظام المالي العالمي.
وفي هذا السياق، تشهد تركيا طفرة غير مسبوقة في عدد المتداولين في العملات الرقمية المشفرة، حيث أعلن وزير المالية التركي محمد شيمشك الأسبوع الماضي أن عدد الحسابات الشخصية في منصات العملات الرقمية قفز من 1.2 مليون في عام 2022 إلى 18 مليون حساب خلال العام الجاري.
وأضاف شيمشك أن هناك 8.6 ملايين شخص يستثمرون في سوق الأوراق المالية و12 مليونا يتداولون في أسواق رأس المال، مشيرا إلى أن هذه الأرقام تعتبر مهمة، ولا سيما أن عدد المستثمرين في سوق الأوراق المالية كان 1.9 مليون شخص في عام 2020.
شيمشك أشار إلى أن البنك المركزي التركي ووزارة التعليم يعملان على إدراج محو الأمية المالية في المناهج الدراسية (غيتي)وأشار شيمشك إلى أن البنك المركزي التركي ووزارة التعليم يعملان على إدراج محو الأمية المالية في المناهج الدراسية.
وبحسب صحيفة "ذا كوبيسي ليتر" الأسبوعية الأميركية، تمتلك تركيا أكبر حصة عالمية في ملكية البيتكوين بنسبة 8.3%، تليها فيتنام ونيجيريا وفنزويلا.
قانون جديد لتنظيم العملات المشفرةويستعد البرلمان التركي الخميس المقبل لمناقشة مشروع قانون جديد قدمه حزب العدالة والتنمية الحاكم يتضمن تنظيمات شاملة للأصول المشفرة ومقدمي خدماتها، بهدف حماية العملاء من المخاطر المرتبطة بهذا السوق.
ويأتي هذا المشروع بعد دراسة مستفيضة للتجارب العالمية في هذا المجال، ويشتمل على تعريفات للأصول المشفرة وإجراءات تأسيس وتشغيل مقدمي خدمات الأصول المشفرة بإذن من هيئة سوق رأس المال.
وينص المشروع على أن الأسعار ستكون بشكل حر على المنصات، مع وضع قواعد تضمن الشفافية والمنافسة العادلة، كما يفرض على مقدمي الخدمات الاحتفاظ بسجلات آمنة ويمكنها تتبّع عمليات تحويل الأصول المشفرة.
وتشمل التنظيمات أيضا ضرورة حصول مقدمي خدمات الأصول المشفرة على موافقة من البنك المركزي التركي وامتثالهم لمعايير مجلس البحوث العلمية والتكنولوجية، بالإضافة إلى تحديد العقوبات على الأنشطة غير المرخصة، والتي قد تصل إلى السجن والغرامات المالية، كما يلزمهم بدفع رسوم خدمة سنوية تقدر بنسبة 1% من إيراداتها للبنك المركزي.
تقييدات سابقةوكانت المصارف التركية حذرت عملاءها مطلع العام الجاري من احتمال إغلاق بطاقات الائتمان الخاصة بهم في حال شرائهم الذهب أو العملات الأجنبية أو المشفرة عبرها، بهدف الحد من الأقساط الشهرية وتقليل استخدام بطاقات الائتمان في إطار مكافحة التضخم.
وكشفت هيئة التنظيم والرقابة المصرفية عن زيادة استخدام بطاقات الائتمان في يناير/كانون الثاني 2024 بمعدل 155% مقارنة بالشهر نفسه من العام 2023، حيث بلغ حجم الإنفاق عبر هذه البطاقات خلال ديسمبر/كانون الأول 2023 نحو 1.2 تريليون ليرة (نحو 39 مليار دولار).
المصارف التركية حذرت عملاءها مطلع العام الجاري من احتمال إغلاق بطاقات الائتمان الخاصة بهم في حال شرائهم الذهب أو العملات الأجنبية أو المشفرة عبرها (غيتي)ونهاية أبريل/نيسان 2021 حظر البنك المركزي التركي استخدام العملات والأصول المشفرة في شراء السلع والخدمات، مشيرا إلى أضرار محتملة "غير قابلة للإصلاح" ومخاطر كبيرة في تلك التعاملات.
التأثير على الاقتصادوسجلت معدلات التضخم في تركيا ارتفاعا جديدا لتصل إلى 69.8% في أبريل/نيسان الماضي على أساس سنوي مقارنة بـ68.5% في الشهر الذي قبله، وذلك بالتزامن مع سياسة التشديد النقدي التي تتبعها الحكومة التركية بهدف كبح جماح التضخم.
وأعلنت الحكومة الأسبوع الماضي عن خطة تمتد لـ3 سنوات تهدف إلى خفض الإنفاق العام، في محاولة للخروج من دوامة التضخم.
وفي هذا السياق، تبرز الحاجة لضبط وتنظيم تداول العملات المشفرة، باعتبارها إحدى الأدوات المالية التي تحتاج إلى تنظيم صارم لضمان استقرار الأسواق المالية وحماية الاقتصاد التركي من التقلبات الشديدة.
وبشأن ارتفاع عدد الحسابات الشخصية التركية في منصات العملات الرقمية، لفت الباحث الاقتصادي في جامعة غازي بأنقرة محمد العبادلة في حديثه للجزيرة نت إلى أن الارتفاع يعود إلى ميل فئة الشباب للمجازفة وعدم أخذ المخاطر المالية بجدية، إذ إنهم عادة ما يسعون إلى تحقيق أرباح كبيرة في وقت قصير دون حساب المخاطر.
وتطرق العبادلة إلى دورات العملات الرقمية، متوقعا ارتفاعات كبيرة للعملات حتى الانتخابات الأميركية، مع ارتفاع الأسواق، قبل أن تدخل هذه الأخيرة في سلسلة تصحيحات تنهي السوق الصاعد في نهاية الربع الرابع من 2025، مما سيؤدي إلى هبوط كبير في الأسعار وانصراف الشباب عن التداول.
وأوضح أن تأثير زيادة استخدام العملات الرقمية على الاقتصاد التركي يتمثل في إحداث أزمة السيولة، حيث تنجرف الأموال ورؤوس الأموال بعيدا عن المشاريع الحقيقية نحو مشاريع التداول، مما يؤدي إلى فقدان الاقتصاد الأيدي العاملة والعقول الشابة التي يمكن أن تسهم في التنمية الاقتصادية.
وأضاف أن الأرباح الناتجة عن التداول يكون تأثيرها شخصيا على المتداولين ودوائرهم المقربة، في حين يعود تأثير المشاريع الحقيقية بالفائدة على المجتمع ككل ويساهم في تحريك عجلة الاقتصاد.
وبيّن العبادلة أن تداول العملات الرقمية يسهم في زيادة الثروة الشخصية للمتداولين على حساب زيادة ثروة أفراد المجتمع بشكل عام، مما يؤدي إلى ظهور فجوات كبيرة بين طبقات المجتمع.
إجراءات احترازيةوأعاد مشروع القانون الجديد إلى الأذهان قصة الشباب التركي فاروق فاتح أوزير صاحب منصة "ثوديكس"، والذي عُرف باسم "أكبر محتال في تاريخ تركيا".
فاروق فاتح أوزير صاحب منصة "ثوديكس" والذي عُرف باسم "أكبر محتال في تاريخ تركيا" (الأناضول)وكانت المحكمة التركية قضت في 31 مارس/آذار 2022 على الشاب التركي بالسجن لمدة 11 ألفا و196 سنة، بالإضافة إلى غرامات مالية ضخمة تجاوزت 26 مليار ليرة تركية بتهمة الاحتيال الخطير وتأسيس منظمة إجرامية.
وتعود الأحداث إلى فرار أوزير خارج تركيا بعد أن أعلنت شركته -التي ضمت 400 ألف مشترك باستثمارات تصل قيمتها إلى ملياري دولار- أنها ستوقف تعاملاتها لمدة 5 أيام لإجراء إصلاحات تقنية.
ومع هذا الإعلان بدأ المواطنون في تقديم الشكاوى للجهات الحكومية، مما أدى إلى فتح تحقيق انتهى بجلب أوزير من ألبانيا لمحاكمته.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات البنک المرکزی الترکی العملات الرقمیة بطاقات الائتمان إلى أن
إقرأ أيضاً:
عالم أزهري: العملات المشفرة مخالفة للشريعة الإسلامية وتمثل تهديدا اقتصاديا وأخلاقيا
نظم جناح الأزهر الشريف بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته السادسة والخمسين، اليوم الأربعاء، ندوة بعنوان "العملات الرقمية والمراهنات الإلكترونية .. رؤية شرعية وقراءة اقتصادية"، حاضر فيها أ.د/ فياض عبد المنعم، أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة بجامعة الأزهر ووزير المالية الأسبق، أ.د/ أبو اليزيد سلامة، مدير عام إدارة شئون القرآن الكريم، وأدار الندوة الإعلامي القدير حسن الشاذلي.
قال أ.د/ فياض عبد المنعم، أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة بجامعة الأزهر ووزير المالية الأسبق، أن البيتكوين والعملات الرقمية المشفرة من الظواهر الاقتصادية الحديثة التي تحمل العديد من المخاطر، ورغم الفرص التي قد توفرها، فإنها تفتقر إلى الرقابة المركزية، مما يجعلها عرضة للمضاربات وتقلبات حادة تهدد استقرار الاقتصاد، كما تساهم في تعزيز الأنشطة غير القانونية مثل غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتشكل خطرًا على الأفراد بسبب غياب الضمانات التقليدية، مبينًا أنه من الضروري التعامل مع هذه العملات بحذر وتنظيمها لضمان حماية الأفراد والاقتصاد، لأنها باتت تشكل تحديات معقدة على الصعيدين الشرعي والاقتصادي، ويترتب عليها نتائج اقتصادية سلبية، حيث تساهم في زيادة القمار وتعميق الفقر لدى بعض الأفراد.
دعاء استقبال شهر شعبان .. 18 كلمة تحقق الأمنيات وهذه أفضل 110 أدعية جامعة للخيراتدار الإفتاء: بعد غد الجمعة أول أيام شهر شعبان 1446 هـ 2025 م
ومن الناحية الشرعية، أوضح الدكتور فياض أن المعاملات الرقمية المشفرة، يجب أن تدرس بعناية وفقًا للضوابط الشرعية، خاصةً فيما يتعلق بالربا والتعاملات التي قد تتعارض مع مبادئ الإسلام، مثل المراهنات الإلكترونية، معتبرًا أنها تتعارض بشكل صريح مع الشريعة الإسلامية التي تحظر القمار بكل أنواعه، وهو ما يتطلب ضرورة تبني ضوابط صارمة في التعامل مع هذه القضايا لضمان تحقيق التوازن بين الفوائد الاقتصادية والالتزام بالمبادئ الشرعية.
من جانبه أوضح أ. د/ أبو اليزيد سلامة، مدير عام إدارة شئون القرآن الكريم، أن العالم شهد في الآونة الأخيرة تطورًا واسعًا في استخدام العملات المشفرة والمنتجات المالية الرقمية، وشهد ثورات تكنولوجية غيرت وجه التاريخ، مما يتطلب من الجميع مواكبة التطورات والتعامل معها، ويفرض العديد من التحديات الجديدة، نظرًا لأن هذه التعاملات الرقمية الجديدة، تأتي مع قواعد معقدة ومتعددة، وهناك خطر من تعارض المصالح الخاصة والعامة في استخدامها، حيث تُستثمر أموال ضخمة يصعب مراقبتها والتحكم فيها، بالإضافة إلى أن منصات التداول الخاصة بها غالبًا ما تكون خارج النظام الرسمي، ويترتب على ذلك أن التداول بهذه العملات يرتبط بأنشطة مضاربات ومراهنات، تهدد المدخرات الشخصية وتساهم في إهدارها.
وأكد مدير عام إدارة شئون القرآن الكريم، في سياق حديثه عن العملات الرقمية المشفرة والممارسات المرتبطة بها مثل البيتكوين، أن هذه العملات لا يعلم مصدرها ولا قيمتها على وجه اليقين والتي من الممكن في أي لحظة أن تذهب بمال الإنسان ومدخراته، ولذلك لا يجوز التعامل بهذه العملة حتى توضع لها الضوابط المحكمة التي تجعلها عملة موثوق فيها، موضحًا أن المؤسسات الدينية في مصر تحرم التعامل مع هذه العملات، نظرًا للمخاطر والمضاربات التي تتضمنها، والتي لا تتوافق مع شروط التعامل النقدي الطبيعي، كما نبه إلى أن هذه العملات تمثل تهديدًا للاقتصاد الوطني، وتؤثر سلبًا على العملة المحلية، والاستثمار في هذه المعاملات الرقمية عالي المخاطر، محذرًا من خطورة التداول بالعملات المشفرة والمراهنات الإلكترونية، ليس فقط لكونها مخالفة للشريعة الإسلامية، ولكن أيضًا لأنها تمثل تهديد اقتصادي وأخلاقي يستدعي التدخل العاجل.
ويشارك الأزهر الشريف -للعام التاسع على التوالي- بجناحٍ خاص في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ 56 وذلك انطلاقًا من مسؤولية الأزهر التعليمية والدعوية في نشر الفكر الإسلامي الوسطي المستنير الذي تبنَّاه طيلة أكثر من ألف عام، ويقع جناح الأزهر بالمعرض في قاعة التراث رقم "4"، ويمتد على مساحة نحو ألف متر، تشمل عدة أركان، مثل قاعة الندوات، وركن للفتوى، وركن الخط العربي، فضلًا عن ركن للأطفال والمخطوطات.