جلسات تعريفية وورش تفاعلية وزيارات ميدانية في الأسبوع الأول من برنامج القيادات الإعلامية العربية الشابة
تاريخ النشر: 26th, May 2024 GMT
شهد الأسبوع الأول من برنامج القيادات الإعلامية العربية الشابة بنسخته السادسة، والذي ينظمه مركز الشباب العربي، تحت رعاية سمو الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان، رئيس المركز ، أكثر من 20 فعالية ومحاضرة وورشة عمل، قدمها مختصون ومسؤولون في مؤسسات إعلامية لـ 53 شاباً وشابة من 16 دولة عربية، في مركز إبداع دبي بأبراج الإمارات، وبالتعاون مع الجامعة الأمريكية في دبي، وشبكة (سي إن إن) العربية، ومجموعة “وارنر برذرز.
خلفان بالهول: الذكاء الاصطناعي سيكون له تأثيراً كبيراً في تغيير أشكال الإعلام
واستضاف مركز الشباب العربي، سعادة خلفان جمعة بالهول، الرئيس التنفيذي لمؤسسة دبي للمستقبل، في جلسة حوارية لمنتسبي البرنامج، وحاوره عبدالله النعيمي، في مركز إبداع دبي بأبراج الإمارات، وأكد سعادته، أن مستقبل دبي قائم على فكر استشراف المستقبل، مستحضراً رؤية ودور صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي حفظه الله، في تنمية الطاقة الإيجابية الموجودة لدى الشباب، ونظرته إلى المستقبل، مشيراً إلى أن دبي هي مدينة المستقبل، وتواكب التطورات التقنية والذكاء الاصطناعي، وذلك بفضل القيادة الرشيدة التي تملك نظرة بعيدة للمستقبل ويظهر هذا جليا من خلال المشاريع الرائدة، وتمكين أصحاب المبادرات.
وحول شكل الإعلام المستقبلي، قال سعادته إن حجم التغير والتطور في الذكاء الاصطناعي سيكون له تأثيراً كبيراً في تغيير أشكال الإعلام، وأن النظرة الشاملة حول ذلك إيجابية ، مقدماً عدداً من الأمثلة التي يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحققها في أدوار المذيعين والمحررين وكافة الوظائف في مختلف قطاعات الإعلام والصحافة، وأكد على ضرورة الاستثمار في الإنسان، في ظل التطورات التقنية وأدوات الذكاء الاصطناعي، وضرورة أن يتكيف معها في سبيل تحقيق الإنجازات، في كافة مجالات الحياة وخاصة قطاع الخدمات.
الشارقة تستقبل أعضاء برنامج القيادات الإعلامية الشابة
وزار أعضاء البرنامج مدينة الشارقة للإعلام” شمس”، واطلعوا على أحدث التجارب والممارسات والخدمات المقدمة لدى “شمس” وشاركوا في العديد من الجلسات التخصصية، قدم الجلسة الأولى سعادة الدكتور خالد عمر المدفع، رئيس مدينة الشارقة للإعلام “شمس”، والجلسة الثانية عبد الله الشرهان، مدير قسم الإعلام الجديد، وكما زار منتسبي البرنامج هيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون، وتعرفوا على أقسام الهيئة وآلية العمل في غرف الأخبار، والقناة الرياضية، والتقوا خلالها بمجموعة من المذيعين.
“سي إن إن” تستضيف منتسبي برنامج القيادات الإعلامية الشابة
التقت كارولين فرج، نائب رئيس شبكة CNN للخدمات العربية، رئيس تحرير موقع CNN بالعربية، بالشباب والشابات المشاركين في برنامج القيادات الإعلامية العربية الشابة، واعتبرت هذه الفرصة مرحلة مهمة وأساسية في حياتهم المهنية، وتحدثت عن رواية القصص الإخبارية وخاصة الإنسانية وضرورة بأن يحصل الصحفي على إجابات لكل الأسئلة، حتى تكتمل الرسالة المهنية والمراد منها، والتأكد دائماً من أن الحقيقة تأتي أولاً وضرورة إيصالها إلى الجمهور المستهدف، مؤكدة على أهمية العمل بروح الفريق ، وضمن مساحة تسمح بالتعبير عن أصوات الناس والفئات المهمشة والوصول لهم في كافة أماكن وجودهم.
وقدمت سامية عايش، صحافية ومدربة في مجال الصحافة الرقمية والابتكار في غرف الأخبار في شبكة CNN للخدمات العربية ، ورشة عمل بعنوان “الصحافة بين الرقمية والبصرية”، وأوضحت الفروقات بين صناع المحتوى والصحفيين، وأن كل صحفي قد يكون صانع محتوى ولكن ليس بالضرورة أن يكون العكس، منوهة إلى ضرورة احترام أخلاقيات مهنة الصحافة والنشر، وشملت الورشة الحديث البودكاست والفودكاست والفرق بينهما تبعا لأولويات المشاهدين والجمهور، وأنجز أعضاء البرنامج خلال الورش عدد من التقارير الصحفية باستخدام “صحافة الموبايل”، كما وزار منتسبو البرنامج، مقر الشبكة في مدينة الإعلام بدبي، واطلعوا عن كثب على آلية عمل غرفة الأخبار وكيفية إعداد ونشر القصص الإخبارية، وتعرفوا على الاستديو الرئيسي المجهز بأحدث المعدات التقنية “ذاتية العمل” من تدخل بشري، ويستخدم لتسجيل الأخبار والبرامج العربية التي تبث عبر المنصات الرقمية ومواقع التواصل الاجتماعي.
زيارة وارنر برذرز. ديسكفري ومنصة “بلينكس”
وزار أعضاء البرنامج مجموعة “وارنر برذرز. ديسكفري”، وقدم السيد أحمد أبو العزم مدير الموارد البشرية، نبذة عن أهم الإنتاجات الإعلامية والبرامج المتخصصة في مواضيع الأطفال والترفيه، بالإضافة إلى الحديث عن القنوات المدرجة تحت اسم المجموعة في المنطقة العربية والشرق الأوسط، في السياق نفسه زار فريق البرنامج منصة “بلينكس”، وتعرفوا على أبرز التقنيات الحديثة الموجودة، وكما اطلعوا على طبيعة عمل المنصة والتي تسلك نهجاً حديثاً في طرح القصص الإخبارية على اختلافها؛ بالإضافة إلى إنتاج المحتوى المتنوع على المنصة ووسائل التواصل الاجتماعي.
الجامعة الأمريكية في دبي تقدم محاضرات وورش عمل
عقدت الجامعة الأمريكية في دبي، سلسلة محاضرات وورش عمل للمشاركين ، وقدّم الدكتور نزار عندري، أستاذ مشارك في كلية محمد بن راشد للإعلام في الجامعة الأمريكية بدبي، محاضرة بعنوان “دروس من السينما الكلاسيكية” وبين خلالها كيف استطاعت السينما التركيز على القضايا العالمية وقدرتها على إحداث التغيير من خلال الإعلام، وكيفية التعلم من السينما الكلاسيكية، بالإضافة إلى التاريخ التعبيري الإنساني ومعالجة قضايا الإنسانية من خلال تقديم رؤية إيجابية، بشأن التفكير بالصفات الإنسانية والتغلب على الجدلية الموجودة في بعض القضايا.
وكما قدم المحاضر في الجامعة الأمريكية بدبي، روزبيه كافي، ورشة عمل عن أسس وآلية بناء الأفلام الوثائقية وكيف يمكن للهوية الفنية والمهنية للشخص أن تشكل إلهاماً في بناء الأفكار وبالتالي تحقيق الإبداع في العمل، والذي من شأنه أن يؤثر على الشخص نفسه والآخرين، ونفذ المشاركون تمارين عملية في نهاية الورشة خلصت إلى طرح أفكار لأفلام وثائقية.
“لينكدإن” يقدم لمنتسبي البرنامج أسس بناء الهوية الشخصية
وقدمت الصحافية في موقع “لينكدإن”، نبيلة رحال، ورشة عمل لمنتسبي البرنامج، بعنوان (بناء الهوية الشخصية على موقع “لينكدإن”)، وبينت خلالها العلامة التجارية والمهنية للموقع، بالإضافة إلى تطوير الحسابات الشخصية وبناء الشبكة المهنية وتعزيز المشاركة، بما يلبي الاستفادة من كل الميزات التي يقدمها الموقع ومنصته التعليمية، وكيف يمكن جذب الشركات وأصحاب الأعمال من خلال الاطلاع على حساب شخصي قوي ومهني، أو من خلال البحث عن فرص عمل ودورات متخصصة لتنمية المهارات.
صناعة المحتوى والتسويق الرقمي
من جهته، قدَّم أنس المرعي الرئيس التنفيذي لشركة “سوشيال ستيشن” ومستشار ومختص في المحتوى الرقمي على وسائل التواصل الاجتماعي، ورشة عمل عن وسائل التواصل الاجتماعي بعنوان “أبجديات من العالم الرقمي”، وبين خلالها الأسس القائمة عليها، بواسطة أدوات الذكاء الاصطناعي، وعرض تحليلاً لاهتمامات الجمهور بشأن المواقع الإخبارية في دولة الإمارات، وكما عرف بالإستراتيجيات الرقمية والخاصة بالمحتوى، وأبرز الأدوات في العالم الرقمي، وتأثيرها على عملية التسويق بالمحتوى للمنتجات والخدمات المختلفة.
البرنامج يستمر حتى 6 يونيو
ويهدف برنامج القيادات الإعلامية العربية الشابة، إلى بناء جيل من القادة الإعلاميين وصناع المحتوى في العالم العربي، من خلال امتلاك كافة المقومات والمهارات “الخضراء” في ظل تطور أدوات الذكاء الاصطناعي وتقنياته، وما لذلك من أهمية في تطوير المحتوى والإنتاج الإعلامي في العالم العربي، مع ترسيخ الارتباط بالهوية واللغة العربية.
وسيشارك فريق القيادات الإعلامية، في عدد من الفعاليات والمنتديات الإقليمية في الإمارات، أبرزها منتدى الإعلام العربي في دبي، ويستمر عمل البرنامج حتى السادس من شهر يونيو القادم، وسيشارك الشباب في ورش عمل وزيارات ميدانية للمؤسسات الإعلامية العربية والدولية في دولة الإمارات، بالإضافة إلى لقاءات مع مسؤولي عدد من المؤسسات وصناع القرار، بهدف الاطلاع على نماذج وتجارب إعلامية لخبراء من كافة الدول العربية ومن مختلف تخصصات الإعلام وفنون الاتصال.
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: برنامج القیادات الإعلامیة العربیة الشابة التواصل الاجتماعی الجامعة الأمریکیة الذکاء الاصطناعی بالإضافة إلى ورشة عمل من خلال فی دبی
إقرأ أيضاً:
الإعلام والذكاء الاصطناعي.. تغطية الأزمات وثورة الخوارزميات
(2-1)
هزاع أبوالريش (أبوظبي)
في هذا التحقيق، تستقصي «الاتحاد» جوانب من فرص زيادة فاعلية ورفع مهنية وتأثير وانتشار واستدامة رسالة الإعلام، من خلال توظيف استخدامات الذكاء الاصطناعي في التحقيقات الإنسانية، بتوفير البيانات الضرورية واستقاء المعلومات من المصادر الرئيسة، بغرض إثراء وإغناء التغطيات الخبرية للأزمات الإنسانية. وإنجاز مادة الرسالة الإعلامية والقصة الخبرية بمصداقية وموثوقية، وكشف جوانب التزييف وعدم الدقة الخبرية -إن وُجدت- في بعض الروايات أو البيانات، حيث يبرز هنا استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي بصورة كبيرة كمصدر لا ينضب لتعزيز جودة وفرص انتشار التحقيقات الصحفية، وتحفيز دورها وحضورها الإيجابي خلال مواكبتها للكوارث والأزمات الإنسانية.
لعل من أبرز تطلعات اللحظة المهنية الإعلامية الجديدة اليوم، وخاصة أثناء تغطية أخبار الأزمات والكوارث والتدخلات الإنسانية الناجمة عنها، ما برز مؤخراً من تطلع متنامٍ لدى كثير من الإعلاميين لتوظيف الممكنات الفنية والمهنية الجديدة التي يتيحها الذكاء الاصطناعي في تحقيقات العمل الإنساني بشكل خاص، وذلك لما يتيحه من فرص غير محدودة لجمع المعلومات وتحليل البيانات الضخمة، وقراءة واستشراف المشكلات المستقبلية في تحقيقات العمل الإنساني، وهو ما من شأنه رفع أداء التغطية الصحفية، وتسريع التطور وتحسين استدامة النشر الإعلامي، وصولاً إلى مزيدٍ من الارتقاء بوعي الجمهور ومستويات تلقيه لرسالة التحقيقات الإعلامية الإنسانية.
وقد أبرز كل هذا أهمية تعزيز استدامة وانتشار رسائل الإعلام، وجعل الذكاء الاصطناعي رافعة تقنية فنية جديدة لها، وخاصة ما يتعلق منها بإنجاز التحقيقات الإنسانية، حيث يمكن توظيف مختلف أدوات الذكاء الاصطناعي (AI)، لتعزيز الإسهامات الإعلامية المستدامة، وزيادة التأثير والفعالية في هذا النوع بالذات من القصص الخبرية ذات الأهمية البالغة لبُعدها الإنساني من جهة، ولصعوبة إنجاز الرسالة الإعلامية فيها عادة لاعتبارات ومصاعب وظروف لوجستية صرف من جهة أخرى.
وهي ظروف ومصاعب يمكن للذكاء الاصطناعي تعزيز قدرة الإعلام على احتوائها وتجاوزها ومن ثمّ أداء دوره المهني، وإيصال رسالته الإنسانية، بفاعلية، في مختلف الظروف وفي مختلف أنحاء العالم.
ومن هذا المنظور يبرز الذكاء الاصطناعي كمصدر لا ينضب لإثراء التحقيقات الصحفية، ومعالجة المعلومات، وتحليل البيانات الكبيرة بطريقة سريعة ومن مصادر كثيرة، مع إمكانية التقصي والتحري والتحقق من صحة البيانات، والأحداث على الـ«مباشر»، لحظة وقوعها و«في الوقت الحقيقي» (IRT).
وهو ما من شأنه تعزيز فرص تقديم التقارير الدقيقة والقصص الخبرية الحية والمحيّنة مع تواتر وسيلان الأحداث خاصةً خلال فترات وتحديات الأزمات الإنسانية.
ولا شك أن توظيف الإعلام لاستخدامات الذكاء الاصطناعي في التحقيقات الإنسانية يزيد فرص إمكانية اكتشاف واستشراف وقوع المشكلات الإنسانية، من الأساس، باستخدام تحليلات الخوارزميات التنبئية لكشف أنماط الأزمات المحتملة مثل المجاعات، أو النزاعات المسلحة، قبل وقوعها.
كما أتاحت لوسائل الإعلام أيضاً طيفاً واسعاً من الفرص لنشر الوعي أثناء التدخلات الإنسانية السريعة، وذلك عن طريق بث رسائل وإرشادات المحتوى الإعلامي الموجّه، بالاستخدام الأمثل لتقنيات أتمتة تحرير النصوص الإعلامية والإرشادات الإعلانية، والترجمة الفورية، والدفع بالروبوتات كإيقونات إعلامية جذابة لتقديم التقارير الإعلامية ونشر الإرشادات بشكل أكثر سرعة واستدامة.
ومن شأن كل هذا زيادة القدرة الفائقة لوسائل الإعلام على تغطية القضايا والحالات الإنسانية، وتعزيز توجيه المحتوى الذي يستقطب اهتمام الجمهور المستهدف في الوقت المناسب.
وساعدت خوارزميات الذكاء الاصطناعي أيضاً في تخصيص رسائل التوعية والتحقيقات الإنسانية بناء على نوعية الجمهور والمواقع الجغرافية المستهدفة، لضمان توصيل المعلومات لمن يحتاجون إليها في الوقت المناسب.
ولا شك في أن كل هذه الفرص التقنية والمهنية التي يتيحها ويفتح آفاقها الذكاء الاصطناعي تمثل إضافة حقيقية لرفع مستويات جودة القصص الخبرية، خلال تغطيات الأزمات الإنسانية، وهذا يوفر الكثير من الجهد والتكلفة على المؤسسات الإعلامية.
وبالقدر نفسه تتيح هذه الممكنات الفنية والمهنية أيضاً فرص مساعدة فعالة للمتضررين من الكوارث والأزمات والحالات الإنسانية الاستثنائية، وذلك لما أتاحته لصناعة المحتوى الإعلامي من سعة اطلاع دائم على الأحداث، وانتشار سريع، وتوفير لحظي للتقارير الدقيقة والموثوقة مع ما يترتب على ذلك من سرعة استجابة المجتمع الدولي بمد يد المساعدة والإغاثة للمتضررين، فضلاً عما لكل ذلك من أهمية بالغة في تمكين المجتمعات المعنية نفسها من اتخاذ القرارات المدروسة والاستجابة للأزمات الإنسانية، وتقليل التكاليف المادية والأوعية الزمنية للاستجابة الفعالة.
تحديات مهنية وأخلاقية
ولكن مع كل هذه الفوائد العظيمة المعززة لفعالية الرسالة الإعلامية، بشكل عام، من خلال استخدامات الذكاء الاصطناعي في التحقيقات الإنسانية، إلا أنه تلزم أيضاً الإشارة إلى وجود تحديات مهنية وأخلاقية في استخدامه في التحقيقات الإنسانية، بشكل خاص، لعل من أبرزها وأظهرها مشكلات احتمال التعدي على خصوصية الأفراد، وإمكانية إساءة الاستخدام لتمرير روايات قد لا تخلو من التضليل والتزييف، وكذلك إمكان استغلال التكنولوجيا لترسيخ صور نمطية أو تحيُّزات معينة، وعدم الوعي بأهمية تحقيق التوازن بين الاستخدام الفعال للتكنولوجيا والحفاظ على الأخلاقيات المهنية بصفة عامة، وهذا أمر حيوي وجوهري في الرسالة الإعلامية لضمان الالتزام بمعايير الموثوقية والمصداقية.
وفي مجمل القول، فإن الذكاء الاصطناعي يفتح الآن آفاقَ طفرةٍ متقدمة وثورة قائمة جديدة في آليات عمل وسائل الإعلام، ومستويات إنتاجية الجسم الصحفي، وصولاً إلى تحقيق استدامة نجاح الإعلام في أداء رسالته الإنسانية، بنشر الوعي، خاصة خلال التحقيقات الإنسانية.
هذا فضلاً عما يتيحه من فعالية وسرعة في تعزيز القدرة الفائقة لوسائل الإعلام على التفاعل السريع مع الأخبار والأحداث والأزمات الإنسانية، ومواكبتها في وقتها الحقيقي، مما يسهم بالتالي في نشر التوعية وحشد الجهود للتعامل مع الأزمات بسرعة ودقة فائقة.
وتكاد آراء خبراء الإعلام والمختصين في مجال الذكاء الاصطناعي، تتفق على أن ثورة الخوارزميات تفتح آفاق عصر إعلامي جديد بإمكانات واعدة وصاعدة، وتزداد فعاليةً وجودة ومهنية مع شروق شمس كل يوم جديد.
وتستحق آراء خبراء الإعلام والمختصين في مجال الذكاء الاصطناعي أن نتحول إليها، لأن لديهم ما يقولونه، في هذا المقام.
تعزيز مهارات الابتكار
بداية، تدعو الدكتورة ابتسام المزروعي، رئيسة مجلس إدارة مبادرة الأمم المتحدة «الذكاء الاصطناعي من أجل التأثير الإيجابي»، مستشارة للذكاء الاصطناعي في الاتحاد الدولي للاتصالات- سويسرا، إلى ضرورة إطلاق مبادرات في العالم لتعزيز مهارات الابتكار لدى الشباب، بحيث يكون ابتكاراً مسؤولاً، يضمن استخدام الذكاء الاصطناعي في تعزيز جودة الحياة، وزيادة فرص التنمية والازدهار، مشيرة إلى أن الذكاء الاصطناعي يوفر فرصاً هائلة في مجال رفع الجودة والابتكار، ولكنه قد يأتي معه أيضاً بتحديات ومسؤوليات تتطلب تعاوناً وتنسيقاً دولياً لضمان استخدام هذه التقنيات بشكل مسؤول ومستدام.
وفي هذا السياق، أُطلقت مبادرة «الذكاء الاصطناعي من أجل المصلحة العامة» في عام 2024، بهدف تطوير شبكة عالمية من الداعمين الملتزمين بتمويل وتوفير الموارد لأنشطة الذكاء الاصطناعي حول العالم، مع التركيز على تحقيق أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر للأمم المتحدة.
مستقبل العمل الإعلامي
وبدوره، تحدث الدكتور سعيد الظاهري، مدير مركز الدراسات المستقبلية- جامعة دبي، مؤكداً أن مسارات التغيير نتيجة حتمية لطفرة الذكاء الاصطناعي، وخاصة فيما يتعلق بتعريف مستقبل العمل الإعلامي، لافتاً إلى أن الذكاء الاصطناعي «لن يغير فقط ما نفعله، بل سيغير أيضاً الطريقة التي نتعامل بها مع ما نفعله».
وأشار الظاهري إلى أن من أهم النتائج الإيجابية لتطبيقات الذكاء الاصطناعي تسريع التحول الرقمي عبر تكثيف الاعتماد على البيانات، وتغيير طبيعة الوظائف، وخاصة مع ظهور وظائف جديدة واختفاء وظائف تقليدية. ومن المتوقع أيضاً أن يدعم الذكاء الاصطناعي عملية صنع القرار، من خلال توفير تحليلات للبيانات أكثر عمقاً ودقة.
وأشار الظاهري إلى بعض المخاوف التي قد يطرحها الذكاء الاصطناعي، كخطر زيادة الفجوة الرقمية بين الدول، وتفاقم التحيُّزات والمعلومات المغلوطة والتزييف العميق، وانتهاك حقوق الملكية الفكرية، وكذلك بعض التحديات المتعلقة بالاستدامة، في ظل استهلاك مراكز البيانات لكميات هائلة من الطاقة والمياه، ما يدفع باتجاه زيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة في تشغيل مراكز البيانات، مختتماً، بضرورة حوكمة الذكاء الاصطناعي، من أجل ضمان استخدامه بطريقة مسؤولة وشفافة، ما يستوجب تعاوناً دولياً لوضع معايير وتشريعات لضمان حوكمة الذكاء الاصطناعي، ووضع معايير عالمية تضمن حقوق الإنسان، وتتجنب التحيُّزات التقنية.
رؤى واستراتيجيات
من جانبه، أوضح حمد المطيري، باحث في التكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي، أن من المهم أن تكون ثمة علاقة قوية بين المعنيين في مجال الإعلام والعاملين والخبراء في الذكاء الاصطناعي، بحيث يكون هناك توافق كبير بين الرؤى والاستراتيجيات والخطط التنفيذية التي تسهم في تطبيق وتوظيف الذكاء الاصطناعي في مجال الإعلام، لكي يكون أكثر فاعلية وإيجابية وحيوية بما يتماشى مع القضايا الإنسانية الراهنة.
ويضيف: بلاشك يوجد جانبان للذكاء الاصطناعي في الإعلام، جانب مظلم وآخر إيجابي مُشرق، فالمظلم أن هناك الكثير من الإشكاليات التي بدأت تظهر حالياً على الساحة في مجال تزييف البيانات والمعلومات المغلوطة، ما يجعل من الصعوبة بمكان تتبعها خلال تصفحك المجال الرقمي، فبالإضافة إلى كثرة وجود التقنيات المختلفة التي يمكن أن تساهم في تزييف الحقائق، مما يسبب ضرراً بالغاً في الجانب المهني الإعلامي، هذا مع صعوبة التحقق من مدى صحة المعلومة وحقيقتها، فكل هذا بحاجة إلى قوانين وتشريعات وتفاصيل دقيقة تقنّن وتؤطّر وجوده وانتشاره. وبعد ذلك تأتي مسألة التنفيذ والتطبيق.
وفي الجانب الآخر، يقول المطيري، إنه مع استخدام التقنيات الحديثة والمتطورة من خلال الذكاء الاصطناعي في معالجة البيانات، فقد بدأت تظهر لنا حقائق ربما كان الإنسان لا يستطيع إظهارها بالتحليل «العادي»، ولكن عمليات التحليل المعقدة التي تتم على الوسائط السمعية والبصرية والمواد الإعلامية توضح الكثير من الحقائق التي قد تساعد متخذي القرار على توظيف الأرقام والبيانات والإحصاءات التي تسهم في بناء الكثير من الأفكار البناءة والتصورات الإعلامية التي تخدم الفكرة والرسالة.
وتابع المطيري: لقد أصبح دور الذكاء الاصطناعي في مجال الإعلام محسوساً في تعزيز المحتويات وإظهارها بالشكل الصحيح والمناسب، بالإضافة إلى الاستباقية من الناحية الإيجابية، كون السبق الإعلامي من أهم مؤشرات الإعلام الناجح والمتمكن في الوصول لأكبر عدد ممكن من الجمهور.
واختتم المطيري: علينا التركيز على أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، وكيف يمكننا التأثير عليه لإنتاج مواد إعلامية ذات جودة عالية، وبحيث نتحكم فيها وفي توجهها ونتائجها. وهنالك كثير من الأمور التي يمكن أن نناقشها في هذا الجانب، سواء منها التحديات أو الإشكاليات أو كيفية إيجاد الفرص، ومن ثم تحويلها إلى حلول ممكنة، تساعدنا في الارتقاء بمستويات أداء المنظومة الإعلامية، من خلال توظيف الذكاء الاصطناعي.
التزييف العميق!
من جهة، يقول جمال يوسف الصوالحي، أستاذ مساعد في قسم الهندسة الكهربائية، بجامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا: باستخدام التكنولوجيا يمكن التحقق من المعلومات بشكل مفصل وواسع، إذ من خلالها أصبح الوصول إلى المعلومة ممكناً بشكل أدق وأسهل.
وبالإضافة إلى ذلك، يمكن للباحث في القضايا الإنسانية نقد المعلومة والتثبت من صدقيتها وموثوقيتها بطرق فنية ومهنية عدة، ولكن من المهم أيضاً هنا التنبيه على ضرورة عدم أخذ المعلومات من برامج الذكاء الاصطناعي عرَضاً، من دون تدقيق، وبشكل أعمى، إذ لابد من تحليلها وعرضها على طرق التثبت والنقد، قبل الوثوق فيها أو استخدامها.
وأضاف الصوالحي: الحال أن الذكاء الاصطناعي يفتح آفاقاً جديدة وواسعة من ناحية استخدامه في سياق إنتاج القصص الخبرية والتحقيقات الإنسانية، ومع مرور الزمن أتوقع أن يكون سقف استخداماته مرتفعاً، وربما مفتوحاً، لا يحده سوى قدرة الإنسان على التخيل. وبناء على هذا، فمن المهم جداً أن تضع الجهات المسؤولة التشريعات المناسبة لتنظيم استخدامه، وتقليل مخاطر استخدام هذه الأنظمة بطريقة مضرة أو غير مفيدة للفرد والمجتمع.
وفيما يخص الإعلام، من المهم حالياً الوعي بالتحديات المتعلقة بهذا الجانب، وفي مقدمتها كيفية منع ما يعرف بالتزييف العميق، إذ بإمكان هذه الأنظمة تقمص شكل وصوت شخصية مهمة مثلاً والتكلم بلسانها، مما قد يخلق أزمة كبيرة قد تصل حتى إلى المستوى الدولي.