الجزيرة:
2024-09-30@11:55:08 GMT

توتر متواصل.. هل يفقد الإسرائيليون الثقة بجيشهم؟

تاريخ النشر: 26th, May 2024 GMT

توتر متواصل.. هل يفقد الإسرائيليون الثقة بجيشهم؟

تشهد إسرائيل استقطابا متزايدا بين السياسيين اليمينيين والقادة العسكريين والأمنيين، على خلفية التنافس السياسي على قيادة الدولة وتقرير مساراتها، وتباين نظرة الطرفين إلى السياسة المحلية والعالمية.

ويسهم هذا الاستقطاب في تراجع ثقة الجمهور الإسرائيلي بالمؤسسة العسكرية (الجيش)، كما تظهر بعض استطلاعات الرأي، وأسهمت الحرب الجارية في غزة في زيادة حدة هذا الاستقطاب ووصوله إلى مستوى غير مسبوق من التراشق العلني بين الطرفين.

وظهر ذلك في المؤتمر الصحفي لوزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت في 15 مايو/أيار 2024 والذي جاهر فيه بمعارضة توجهات بنيامين نتنياهو بشأن غزة ما بعد الحرب، قائلا إنه سيعارض أي حكم عسكري إسرائيلي للقطاع، لأنه سيكون دمويا ومكلفا وسيستمر أعواما، وهو ما قابله ردود غاضبة من كل من رئيس الوزراء ووزراء اليمين مثل إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش.

ويشكل الصدع الداخلي التاريخي جزءا أساسيا من هذه الأزمة، في حين يسهم التباين الإسرائيلي الأميركي بشأن التعامل مع الحرب في تشجيع معارضي نتنياهو على التصعيد إلى هذا المستوى.

الجيش والسياسة الإسرائيلية

وفي هذا الشأن تناولت ورقة بحثية لأستاذ العلوم السياسية الأميركي غاي زيف، نشرت في عدد ربيع 2024 من مجلة العلوم السياسية الفصلية، وضع العلاقات المدنية العسكرية في دولة الاحتلال، وجذور التباين الفكري والسياسي التي تعود إلى فترة مبكرة من نشوء الدولة.

واستند البحث إلى تحليل محتوى مجموعة متنوعة من وسائل الإعلام، كالصحف الإسرائيلية، ووكالات الأنباء، والخدمات السلكية واللاسلكية، إضافة إلى إجراء مقابلات شخصية مع خبراء في الديمقراطية الإسرائيلية، فضلا عن بيانات استطلاعات للرأي.

وتشير الورقة البحثية إلى مركزية دور الجيش في السياسة الإسرائيلية، "وإحكام قبضته على التفكير الإستراتيجي والنشاط الدبلوماسي لإسرائيل"، بفعل انتصاراته في حروب (1948، 1956، 1967)، وأن الرقابة المدنية على الجيش الإسرائيلي لم تكن قوية على الإطلاق.

وعلى الرغم من تأسيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي عام 1999 كهيئة تنسيقية، على غرار نظيره في الولايات المتحدة، ملحقا برئيس الوزراء والحكومة ومكلفا بإصدار تقييمات وتوصيات بشأن سياسة الأمن القومي، فإنه لم يكن له تأثير يذكر، في حين استمرت هيمنة مديرية التخطيط في الجيش على التخطيط الإستراتيجي.

وفي مسار معاكس وبطيء، أسهمت النكسات التي تعرض لها الجيش، كحرب 1973 إلى اهتزاز الثقة به وتشوه سمعته، وهو الأمر الذي استمر في حروب لاحقة لم يتمكن من تحقيق نتيجة حاسمة فيها، كاجتياح لبنان واحتلال جنوبه الذي تحول إلى "فيتنام الإسرائيلية" وصولا إلى الانسحاب منه عام 2000.

كما عجز عن تحقيق نتيجة حاسمة في حرب لبنان عام 2006، وانسحابه من غزة عام 2005 ثم سيطرة حركة حماس عليها وإطلاقها الصواريخ منها، وعجز الجيش عن تحقيق حسم في حروب الأعوام 2008-2009، 2012، 2014، 2021.

كما كان لتبني الجيش مشروع اتفاق التسوية السلمية، وصولا إلى توقيع اتفاق أوسلو، ثم فشل هذا المسار دورا أيضا في توجيه اللوم الشعبي والنخبوي إليه.

تنافس على السلطة

وفي دافع آخر للاستقطاب المدني-العسكري، يبرز وجود تقليد يدخل بموجبه قادة الجيش معترك السياسة عقب تقاعدهم، وينافسون للوصول إلى رئاسة الوزراء في دولة الاحتلال، فيما يصفه الباحث غاي بـ"هبوط كبار الضباط بالمظلات إلى السياسة بعد التقاعد".

وفي هذا نجد أن 19 من رؤساء أركان الجيش الـ23 دخلوا معترك السياسة، وكان 3 من رؤساء وزراء دولة الاحتلال الـ13 وهم إسحاق رابين، وإيهود باراك، وأرييل شارون، جنرالات متقاعدين، وكان "رابين وباراك" رئيسي أركان للجيش.

وهذا التقليد يجعل القادة الحاليين والمتقاعدين خصوما محتملين لسواهم من السياسيين غير العسكريين، وخصوصا القوميين الشعبويين، وهو ما يدفع إلى تبادل النقد والتحشيد المبكر للتنافس السياسي المستقبلي، مما يسهم في نزع الشرعية عن قيادات الجيش وتصويرهم كنخبة يسارية منعزلة عن المجتمع واهتماماته كما اعتاد اليمين على وصفهم.

تباين سياسي وديني

وبالفعل يظهر جنرالات الجيش ميلا إلى تشكيل أحزاب الوسط أو يسار الوسط وفقا للباحث، مما يجعلهم منافسين تقليديين لليمين واليمين المتطرف، ولعل ذلك يعود إلى ميل الجيش تاريخيا إلى العلمانية، وسيطرة نهج عملي براغماتي على عمله.

وفي حين كان هذا الأمر مستقرا في الجيش، فقد عمل المتدينون على تغييره عقب هزيمة عام 1973، التي رأوا أنها ناتجة عن عدم استعداد الضباط والجنود غير المتدينين للتضحية.

ولتغيير تركيبة الجيش تم فتح المسار الديني لدخوله عبر الـ"يشيفوت هسدر"، وهي معاهد لاهوتية جمعت بين دراسة التوراة في مدرسة دينية مع الخدمة العسكرية، والـ"ميشينوت"، وهي أكاديميات ما قبل الخدمة العسكرية التي تهدف إلى إعداد المجندين الدينيين قبل خدمتهم.

وفي الوقت الحالي يلتحق قرابة نصف الرجال المتدينين القوميين في سن التجنيد بواحدة من العشرات من "يشيفوت هسدر" أو "مشينوت"، فيما يعد رئيس الأركان الحالي "هرتسي هاليفي" أول رئيس أركان متدين للجيش منذ تأسيسه.

هرتسي هاليفي يعد أول رئيس أركان متدين للجيش منذ تأسيسه (الجزيرة) صعود الشعبوية الإسرائيلية

وفي حين يلجأ القادة الشعبويون حول العالم إلى تسييس الجيش لفرض سيطرتهم على المجتمع، فإن الحالة في دولة الاحتلال معكوسة، إذ يلجأ هؤلاء إلى تحجيم نفوذ الجيش للتمكن من فرض أجندتهم السياسية.

ويوضح غاي السمات الأساسية التي تميز اليمين الراديكالي الشعبوي، وهي: مزيج من القومية وكراهية الأجانب مع الاعتقاد أن الدول يجب أن يسكنها حصريا أعضاء الأمة، والتي تعتبر العناصر الغريبة بمثابة تهديد للأمة المتجانسة، إضافة إلى الإيمان بمجتمع منظم بشكل صارم، حيث يتم معاقبة أي انتهاك لأحكام السلطة بشدة.

وبذلك فإن القومية الشعبوية الإسرائيلية تستبعد الأفراد الذين ليسوا من العرق اليهودي، مثل الفلسطينيين، وتمنح الشعب اليهودي الحق الحصري في دولة الاحتلال، بما في ذلك الأراضي المحتلة بعد عام 1967، مع السعي إلى توسيع نطاق القانون اليهودي "الهلاخا"، الذي من شأنه أن يحول الدولة إلى "ثيوقراطية يهودية".

والشعبوية في السياق الإسرائيلي "تنظر إلى وسائل الإعلام، والمجتمع المدني، والجامعات، وخاصة السلطة القضائية، باعتبارها مؤسسات تسيطر عليها مجموعات نخبوية يسارية قوية تتلاعب ببقية المجتمع وفقا لمصالحها الضيقة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات فی دولة الاحتلال فی حین

إقرأ أيضاً:

الجيش الإسرائيلي: وقت الحوثيين سيأتي .. بعد إنجاز هذه المهمة!!

الجيش الإسرائيلي: وقت الحوثيين سيأتي .. بعد إنجاز هذه المهمة!!

مقالات مشابهة

  • شهداء ومصابون في قصف إسرائيلي متواصل على قطاع غزة
  • ‏الجيش الإسرائيلي: اعتراض طائرة مسيرة دخلت المياه الاقتصادية الإسرائيلية في الشمال
  • قصف إسرائيلي متواصل.. وفاة عائلة من 17 شخصًا في غارة شرق لبنان
  • صادرات النفط العراقية لأمريكا: هل هي مؤشر على استقرار أم توتر؟
  • إعادة افتتاح بوابة المنطقة الخضراء: هل تعكس استقرارًا أم توترًا مستمرًا في بغداد؟
  • شهداء وإصابات في قصف إسرائيلي متواصل على قطاع غزة
  • الجيش الإسرائيلي: وقت الحوثيين سيأتي .. بعد إنجاز هذه المهمة!!
  • خامنئي: ليعلم الإسرائيليون أنهم أقل شأنا من أن يسببوا ضررا كبيرا للبنية القوية لحزب الله في لبنان
  • الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل (حسن نصرالله) زعيم حزب الله اللبناني
  • هيئة البث الإسرائيلية: الجيش تأكد من وجود حسن نصر الله في المقر المركزي لحزب الله بالضاحية الجنوبية قبل قصفه