حروب السودان حقيقة الرعب وهم الانتصار

خالد فضل

العام 1988م, والوقت أوان امتحانات في جامعة جوبا (في جوبا), كنا مجموعة من الزملاء/ات نقف أمام بوابة داخلية الطالبات بعد أن أوصلنا زميلاتنا إليها, نبرمج لمذاكرة يوم باكر, وموعد إطفاء مولد الكهرباء يضايقنا, والأوضاع موترة للغاية, ثمّ أخبار مزعجة عن اجتياح قوات الجيش الشعبي لأطراف مدينة جوبا, وروايات الرعب تنتشر بسرعة النار في الهشيم؛ ورواية تقول إنّ غارة ستقع لأخذ طالبات شماليات كرهائن, أخرى تتحدث عن خطف موظفة وطالب يسكنان في حي طرفي, ثالثة ورابعة, يبدأ بها اليوم ويختتم بنقيضها, الثابت الوحيد هو الرعب الذي يجتاح الجميع.

الجيش كان قد استجاب لتلك الروايات فيما يبدو فأقام نقطة ارتكاز في طرف داخلية الطالبات وقد كانت الداخلية تقع وسط حشائش الخريف الكثيفة والأشجار الباسقة, وصدف وجود (قطية) في طرف السور الخارجي للداخلية لا أعرف غرضه للأمانة, ربما سكنا للخفير أو شيء من هذا القبيل؛ لكنه كان مهجورا ويستغله بعض الأطفال المشردين الذين كانوا يقتاتون على بقايا طعام سفرة الطالبات (الكرتة), وينامون داخل القطية في غير أوقات الوجبات الثلاث. أثناء وقوفنا المتعجل ذاك إذ بزخات من الرصاص تمرّ من فوق رؤوسنا وتستقر وسط تلك الأحراش داخل سور الداخلية, ودعنا زميلاتنا على عجل والرعب القاتل يملأ قلوبنا كلنا, ولم ننم جيدا ليلتنا تلك. في الصباح, كانت الرواية المأساوية تقول الحقيقة المريرة, أحد أولئك الأطفال أصابته الطلقة النارية وأردته قتيلا, زملاؤه الصغار باتوا ليلتهم تلك والرعب قد ملأ مسام أجسادهم الهزيلة, والجندي الذي أطلق الرصاص وهو مذعور عندما سمع (خشخشة القش) ظنّ أن الرواية قد صدقت وأن الخوارج كما كان يطلق على الجيش الشعبي يومذاك قد اقتحموا الداخلية لتنفيذ (مخططهم العنصري الخائن العميل… إلخ), وقد أدى ذلك الجندي واجبه وحقق الانتصار المتوهم, فيما الحقيقة أنّ الانتصار لمن بقي حيا من أولئك الأقران المرعوبين قد تحقق ولو جزئيا يوم ابرمت اتفاقية السلام الشامل بين الجنود والخوارج في 2005م. لماذا تبدو يوميات حرب السودان المستعرة منذ الاستقلال متشابهة حد تطابق الوقائع, لقد كنت يومها شابا دون الثالثة والعشرين من عمري بقليل, وهآنذا أعيش لأترقى لمصاف (شيخ) بينه والستين شهور!! والرعب حقيقة بينما الانتصار في الحرب وهم كبير.

مرّة أخرى بعدعشرين سنة من عام اغتيال الطفل المشرد ذاك, هاجمت قوات حركة العدل والمساواة يقيادة د. خليل إبراهيم (عليه الرحمة) العاصمة – سابقا – الخرطوم, وساد الرعب, وكنا حينها في دار صحيفتنا طيبة الذكر أجراس الحرية, زميلنا منعم سليمان (بيجو) كان عالقا في نواحي أم بدّة, وصلنا منازلنا بصعوبة, والرعب يجتاح الجميع, وما تلا تلك الغزوة من ممارسات بغيضة من جانب الأجهزة القمعية للدولة, قتل وتعذيب واعتقال وتفتيش واتهام (بالتعاون مع العدو) على السحنة, إنّه انتصار آخر زائف تحقق, فيما الرعب حقيقة ما تزال شاخصة. ومرة أخرى نعود للعام2020م واتفاق (فندق السلام روتانا )المعروف تمويها بتتفاق جوبا, وحركة العدل حققت انتصار المناصب عبره فيما الرعب ما يزال يسود, وفرقة العمليات في جهاز الأمن, يوم حققت النصر بسيادة الرعب جاء شباب/ات الثورة بالسلمية يهتفون يا العنصري المغرور كل البلد دارفور فطاردهم الرعب وما يزال. يوم 25أكتوبر2021م, وانتصار البندقية الزيف على وعد الحقيقة الصادق في صراع الأزل بين الشر والخير الحق والباطل, وإشاعة الرعب هو سلاح الجبناء دوما.

وفي رعب 15أبريل 2023م المستمر منذ ذاك الصباح الكالح وحتى يوم الفجائع هذا في مدينة الحوش والقرى من ريفها إلى شمال دارفور وما بينهما من مجازر الجنينة وصفع محمد صديق وإطلاق الرصاص على الأسير, وروايات روايات شاب لهولها الولدان, من وهم انتصار الجنجويد, إلى غرور الزيف بانتصار كتائب الموت والبراميل المتفجرة وغارات الطائرات وسلخ الأسرى بعد ذبحهم وبقر الأحشاء وأكل الكباد واغتيال المحامي صلاح, إنه الرعب يسود ويعم كل الأنحاء حقيقة ماثلة, والعودة لسلطة البطش والقمع وجهاز تحصين (المغتصبين) وزيف الانتصار الواهم صياح (الأشاوس) و(المستنفرين) (الله أكبر)!!

 

 

الوسومالجيش السوداني الخرطوم الدعم السريع العدل والمساواة جوبا حروب السودان

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الجيش السوداني الخرطوم الدعم السريع العدل والمساواة جوبا حروب السودان

إقرأ أيضاً:

مصر أكتوبر يحذر من حروب الشائعات ويؤكد ضرورة مواجهتها بسلاح الوعي

أكد المهندس أحمد حلمي، نائب رئيس حزب مصر أكتوبر، أن الدولة المصرية في ظل الجمهورية الجديدة بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، تمثل نموذجًا متميزًا يركز على تمكين الشباب في جميع المجالات وعلى كافة الأصعدة. وأضاف أن تمكين الشباب لم يكن ليحدث لولا وجود إرادة سياسية قوية قادرة على دعم الشباب بالتأهيل والتمكين.

مصر أكتوبر: كلمة الرئيس السيسي في الكتدرائية رسالة تأكيد على المواطنة والوحدة الوطنيةمصر أكتوبر: حضور الرئيس قداس عيد الميلاد رسالة قوية للعالم

وأشار خلال حواره على قناة "إكسترا نيوز" إلى أن الدولة قطعت شوطًا كبيرًا في تحقيق التمكين الفعلي للشباب، وهو ما أصبح واضحًا من خلال تولي عدد كبير منهم مناصب قيادية على مستوى الحكومة والمحافظات والمجالس النيابية.

وأضاف أن حزب مصر أكتوبر لديه خطة طموحة تستهدف افتتاح عدد من الأمانات، من بينها أمانة الشرقية، وأمانة الدقهلية، وأمانة أخرى في كفر الشيخ سيتم افتتاحها قريبًا. وأوضح أن العمل جارٍ على تطوير الهيكل الداخلي للحزب من خلال تشكيل الأمانات النوعية والجغرافية على المستويين المركزي والمحلي.

وحذر أحمد حلمي من حرب الشائعات، مشيرًا إلى أنها تمثل أحد أكبر التحديات التي تواجه الشباب، حيث تؤثر بشكل كبير على ثقة الشباب في الدولة ومؤسساتها. كما حذر من مخاطر الإرهاب الفكري وتأثيره السلبي على أمن المجتمع.

وقال: "نتصدى للشائعات من خلال الحقائق والتوعية، ولا بد من إعداد شباب مدرب على أساليب التفكير النقدي، وأن يكون على دراية كاملة بآليات الرصد السياسي وتحليل المشكلات والرد عليها. وبالتالي، فإن أهم أسلحة مواجهة الشائعات هو سلاح الوعي".

مقالات مشابهة

  • السفير حسام زكي: سوريا تواجه تحديات كبرى فيما يتعلق بالسيادة على الأرض ووحدة الدولة
  • وزير المالية السوداني: اتفاقية جوبا للسلام شاملة وليست لفئة محددة
  • وزير المالية السوداني: اتفاقية جوبا شاملة كل البلاد وليست لجهة أو فئة محددة
  • «الشائعات وحروب الجيل الرابع لتعزيز الوعي المجتمعي» في ندوة لمستقبل وطن بقنا
  • جنوب السودان تعلن عودة الإنتاج النفطي غدا
  • أوهامُ الصهاينة في الانتصار على محور المقاومة.. أسباب تُضعف التصعيد ضد اليمن
  • نجوم العراق .. النفط يحقق الانتصار على ضيفه الميناء
  • مصر أكتوبر يحذر من حروب الشائعات ويؤكد ضرورة مواجهتها بسلاح الوعي
  • قائد الثورة يصف تفكيك شبكة التجسس بـ(الانتصار المهم)
  • ترامب الجديد: لا حروب.. بل صفقات تغير وجه الشرق الأوسط