انهيار مفاوضات الجيش السوداني والحركة الشعبية- شمال بشأن الممرات الإنسانية يزيد من مخاوف اتساع دائرة انعدام الأمن الغذائي في المناطق الملتهبة.

كمبالا: التغيير

على نحو غير متوقع للمجتمع المحلي والدولي، انهارت المفاوضات بين الجيش السوداني والحركة الشعبية لتحرير السودان- شمال بشأن الممرات الإنسانية، وعطلت إيصال المساعدات للمتضررين، التي كان يعول عليها الكثير من السودانيين لإيقاف المجاعة التي تهدد حياتهم.

ويتخوف مراقبون من أن يؤدي عدم الاتفاق حول الممرات الإنسانية إلى مفاقمة أزمة المجاعة التي تطل برأسها وتحاصر المدنيين خاصة في المناطق الملتهبة التي تشهد عمليات عسكرية أو المحاصرة بواسطة القوات المتحاربة.

تبادل الاتهامات

وتبادل الطرفان الاتهامات بعرقلة وصول المساعدات الإنسانية للمتضررين في مناطق الصراع بعد أكثر من عام على حرب 15 أبريل 2023م.

وقالت الحركة شمال بقيادة عبد العزيز الحلو، إن الجيش كان يرغب من خلال المفاوضات الأخيرة في إيصال تعيينات عسكرية لفرقه المحاصرة في كردفان وليس إغاثة المدنيين.

وعقد الجيش والحركة الشعبية، الأسبوع الماضي جولة مفاوضات بشأن إيصال المساعدات الإنسانية إلى مناطق في كردفان والنيل الأزرق، بيد أن الجولة انهارت الأحد الماضي وأعلنت الوساطة تعليقها لأجل غير مسمى.

فيما حمل وفد الجيش السوداني، الحركة الشعبية مسؤولية تعليق المفاوضات باصرارها على مشاركة قوات الدعم السريع في مفاوضات إيصال المساعدات.

واتهم الحركة الشعبية بالتماهي مع الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبتها قوات الدعم السريع في حق الشعب السوداني، وأعرب عن الأسف لتعنت الحركة ورفضها التوقيع على وثيقة المساعدات الإنسانية، وانهيار جولة التفاوض الناتج عن عدم التزام وفد الحركة بموجهات لجنة الوساطة- حسب تعبيره.

أهداف الجيش

وقال المتحدث باسم الوفد المفاوض للحركة الشعبية جاتيقا أموجا دلمان لـ(التغيير”)، إن السبب في تعليق المفاوضات هو أن وفد حكومة بورتسودان لا يريد إيصال المساعدات الإنسانية إلى المواطنين، وكان هدفه هو التوقيع على وقف العدائيات وإقامة جسر جوي يمكنه من إيصال الأسلحة والذخائر والتعيينات لجنوده المحاصرين في رئاسات الفرق الثلاث، الفرقة (14) كادقلي والفرقة (22) بابنوسة والفرقة العاشرة أبو جبيهة.

وأضاف أن دخول الإغاثة بدون اتفاق مبرم، تم بالفعل وفي نوفمبر 2023م دخلت (8) شاحنات إغاثة تتبع لبرنامج الغذاء العالمي إلى كادقلي والحركة الشعبية باعتبارها الطرف المسيطر على طول الطريق بين الدلنج وكادقلي، قامت بتأمين القافلة ذهابا وإيابا دون اتفاق مبرم مع أي جهة، لذلك المنظمات تدخل بدون اتفاق، فقط تعمل مذكرة تفاهم مع الفصيل المسيطر على الأرض، بغرض تأمين القوافل الإنسانية.

وأشار إلى أنه قبل تعليق المباحثات وفشلها، حشد الجيش السوداني قوات بأعداد كبيرة وآليات عسكرية بمنطقة دلامي، ومهمة هذه القوات بحسب ما توفر لهم من معلومات هي بدء عمليات عسكرية وفتح الطريق الرابط بين الدلنج وكادقلي مما يؤكد أن حكومة بورتسودان تفضل الحلول العسكرية على غيرها.

واعتبر المتحدث باسم الحركة، أن اتهام الحركة بأنها اقحمت العلمانية في مباحثات جوبا غير صحيح، لأن ما تم في جوبا هو اجتماع تشاوري لمناقشة بند واحد هو إيصال المساعدات الإنسانية، ولكن يبدو أن حكومة بورتسودان تعاني من (علمانية فوبيا)- على حسب تعبيره.

وقال دلمان، إن لجنة الوساطة بذلت جهوداً جبارة وقدمت مرافعة إنسانية وأخلاقية، وأوضحت بأن السودان كله يعاني من أزمة إنسانية وصلت مرحلة الكارثة، وأكدت أن دولة جنوب السودان فتحت كافة حدودها لاستقبال السودانيين دون شرط لإدخال أي مساعدات إنسانية ولأي منطقة في السودان “وهذا موقف إنساني نادر فعلته حكومة جنوب السودان، ولم تتعامل مع حكومة بورتسودان بالمثل”.

ويحتفظ الجيش السودان برئاسة الفرقة الـ14 في مدينة كادقلي، ورئاسة الفرقة الـ22 في بابنوسة، ورئاسة الفرقة الـ10 في أبو جبيهة، بيد أن هذه الفرق ظلت معزولة عن بعضها البعض ويخضع بعضها لحصار عسكري من قوات الدعم السريع وأخرى من الحركة الشعبية برئاسة عبد العزيز الحلو منذ قيام حرب 15 أبريل.

أجسام مصنوعة

وفي السياق، أدان التحالف الديمقراطي للعدالة الاجتماعية في مؤتمر صحفي ببورتسودان، الاثنين، استمرار إغلاق المسارات الانسانية والتعنت من القيادة السياسية لحركة الشعبية لفتحها.

وقال إن إغلاق المسارات جريمة ضد الإنسانية والمحكمة الجنائية ليست ببعيدة، واستغرب التحالف لمن يتحدثون عن الدعم السريع كطرف ثالث ويشار إلى توقيع اتفاق معه أو يوقف التفاوض بسببه وهو متهم بارتكاب جرائم تطهير عرقي ضد قومية المساليت وانتهاكات واسعة في كل السودان.

وناشد التحالف قيادة الجيش الشعبي بالانحياز للشعب وغوث أهلهم وإنقاذهم من المجاعة.

وطالب الطرفين بضرورة فتح المسارات وعدم إعاقة قوافل الإغاثة، وأما عملية نقلها فستتم بواسطة وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية بعد تسهيل حكومة جمهورية جنوب السودان.

فيما اتهم المتحدث باسم الحركة الشعبية جاتيقا دلمان، ما وصفها بالأجسام الهلامية مثل كيان النوبة “وهلمجرا”، بأنها واجهات أسسها نظام البشير بغرض التشويش على مواقف الحركة الشعبية، والآن شمس الدين كباشي قام بتأسيس عدة واجهات سياسية واجتماعية مهمتها التشويش على مواقف الحركة والإساءة لقيادتها وكادرها، وقال: “نحن مركزين مع الأعداء الحقيقيين، هذه الأجسام سراب يحسبها ظماء السياسة ماء”- على حد قوله.

أهداف سياسية

وأكد المحلل السياسي د. عبد الرحمن أبو خريس، أن ملف المساعدات الإنسانية يجب ألا يتم ربطه بالمكاسب السياسية لأن المواطنين يعانون من مجاعة حقيقة أدت إلى وفاة العشرات.

وقال لـ(التغيير)، إن تمسك الجيش السوداني والحركة الشعبية لتحرير السودان بمواقفهما تسبب في فشل جولة المفاوضات الأخيرة.

وأضاف أن الجيش السوداني كان يريد توقيع اتفاق ثنائي يقضي بوقف العدائيات في جنوب كردفان وجبال النوبة حتى يقفل جبهة القتال في جبال النوبة، بينما تمسكت الحركة الشعبية بأن يكون الاتفاق شاملاً لكل أطراف الصراع وأن تصل المساعدات جميع مناطق السودان.

وأكد أن الطرفين يريدان من خلال تلك المفاوضات تحقيق أهداف سياسية وعسكرية عن طريق ملف المساعدات الإنسانية “وهذا ينافي لكل الأعراف المواثيق الدولية”.

يذكر أن الجيش السوداني تقدم خلال جولة المفاوضات بورقة تضمنت مقترح وقف عدائيات لتمرير مساعدات إنسانية فقط لولايات جنوب وغرب كردفان والنيل الأزرق عبر ممرات برية وجوية مع وجود جهة رقابية هي حكومة جنوب السودان.

واقترح وفد الجيش مناطق كادقلي في جنوب كردفان والأبيض في شمال كردفان بجانب بلدة الكرمك في إقليم النيل الأزرق كمعابر برية وجوية لإيصال المساعدات.

الوسومالجيش الحركة الشعبية ـ شمال الدعم السريع السودان النيل الأزرق جاتيقا أموجا دلمان دارفور عبد العزيز الحلو عمر البشير كردفان

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الجيش الحركة الشعبية ـ شمال الدعم السريع السودان النيل الأزرق دارفور عبد العزيز الحلو عمر البشير كردفان المساعدات الإنسانیة الممرات الإنسانیة إیصال المساعدات والحرکة الشعبیة حکومة بورتسودان الحرکة الشعبیة الجیش السودانی الجیش السودان الدعم السریع جنوب السودان

إقرأ أيضاً:

روسيا تسلم لبنان 24 طنا من المساعدات الإنسانية

أعلنت وزارة الطوارئ الروسية أنه بناء على تعليمات من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ووزير الطوارئ الروسية، ألكسندر كورينكوف، قامت طائرة خاصة بإيصال أكثر من 24 طنًا من الشحنات الإنسانية، شملت أغذية وأدوية حيث وصلت إلى مطار بيروت الدولي صباح اليوم الخميس.

ووفقا لوكالة أنباء سبوتنيك الروسية فأن المساعدات سلمت للجيش اللبناني بحضور السفير الروسي لدى بيروت ألكسندر روداكوف، وممثل عن قائد الجيش اللبناني العميد طوني عبود، حيث شكر عبود الدولة الروسية على مساعداتها الإنسانية للشعب والدولة اللبنانية.

يذكر أن هذه ليست أول شحنة مساعدات إنسانية تقدمها روسيا إلى لبنان، حيث ذكرت وزارة الطوارئ الروسية أنه منذ بداية المهمة الإنسانية، قامت أربع طائرات خاصة تابعة لوزارة الطوارئ الروسية بنقل 100 طن من المواد الغذائية والأدوية والمستلزمات الأساسية إلى الجمهورية اللبنانية.

اقرأ أيضاًقائد الجيش اللبناني: لا عودة إلى الوراء ولا خوف علينا

أول تعليق من حزب الله على الاتفاق لوقف إطلاق النار بلبنان

بصواريخ موجّهة.. حزب الله يستهدف جنودًا إسرائيليين في جنوب لبنان

مقالات مشابهة

  • السودان: تسجيل حالات اسهالات مائية واشتباه بحمى الضنك في غرب كردفان
  • الخارجية الفلسطينبة: تسييس إدخال المساعدات إلى قطاع غزة يعمق المجاعة فيه
  • الخارجية: تسييس المساعدات الإنسانية يعمق المجاعة وامتداد لحرب الاحتلال
  • روسيا تسلم لبنان 24 طنا من المساعدات الإنسانية
  • عضو السيادي الفريق أول ركن كباشي يؤكد حرص الحكومة على إحلال السلام ووقف معاناة الشعب السوداني
  • التقى المبعوث السويسري.. كباشي يؤكد حرص الحكومة على إحلال السلام ووقف معاناة الشعب السوداني
  • بن جفير: سيطرة الجيش الإسرائيلي على المساعدات الإنسانية لسكان غزة ضرورة
  • قال ان محاولات الحركة الشعبية جناح الحلو والدعم السريع لا تهزمنا ابدًا .. والي جنوب كردفان يخاطب اسود كتيبة الاستطلاع الخاصة
  • تحذير أممي من كارثة إنسانية في شمال غزة بسبب الحصار وعرقلة المساعدات
  • الحركة الشعبية تدعو لإعادة توزيع الاستثمارات الصناعية بناء على نتائج إحصاء 2024