«القوة المشتركة» تنفي التفاوض مع «الدعم السريع» بشأن الفاشر
تاريخ النشر: 26th, May 2024 GMT
القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح، أكدت أنها ستظل تقاتل إلى جانب الجيش السوداني، وأنه لا مجال للتفاوض مع قوات الدعم السريع.
الفاشر: التغيير
نفت القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح، ما تم تداوله عن أن بعض قياداتها تفاوض قوات الدعم السريع للخروج من الفاشر بشمال دارفور وغيرها، ووصفته بأنه شائعة مغرضة تبثها “المليشيا” ودعاية رخيصة هدفها بث الهلع.
وشهدت الفاشر طيلة الاسبوع الماضي معارك عنيفة بين الجيش السوداني والقوات المتحالفة معه ضد الدعم السريع والمليشيات المساندة له، أدت إلى مقتل وإصابة المئات من المواطنين العزل.
ومنذ بدايات مايو الحالي، تصاعدت المعارك العنيفة بين الطرفين، واستخدمت خلالها الأسلحة الثقيلة والخفيفة، وشهدت الفاشر عدة اشتباكات منذ اندلاع الحرب في 15 ابريل 2023م، وهي آخر معاقل الجيش في دارفور بعد سيطرة “الدعم” على نيالا، الضعين، زالنجي والجنينة.
وقال المتحدث باسم القوة المشتركة الرائد أحمد حسين مصطفى في بيان، السبت، إنه “بعد الهزائم التي تلقتها” بدأت أدوات الدعاية الحربية لمليشيا الدعم السريع بث “إشاعات مغرضة”، مفادها أن بعض قيادات القوات المشتركة تفاوضها للخروج من الفاشر وغيرها وذلك لبث الرعب في نفوس المواطنين ورفع معنويات بقايا جنودها الهاربين.
وأكد عدم صحة “الإشاعات المغرضة”، وأن “جميع قيادات القوة المشتركة في الخطوط الأمامية لقيادة المعارك من أجل حماية المدينة والمدنيين”، وأن هذه الشائعات يجب أن لا تنطلي على أحد.
وقال البيان إن القوات المشتركة تقاتل “بشراسة” منذ بداية معارك الفاشر قبل أسبوعين “من أجل حماية المدينة والمدنيين من وحشية المليشيا الإرهابية”، وتمكنت من سحق القوى الرئيسية التي ظلت تحشد لها المليشيا منذ شهور لاجتياح الفاشر، وأنها الآن تتعامل بكل احترافية مع بقايا القوة التي تحاول اختراق المدينة من حين لآخر وتعمل على تدوين المدينة بالأسلحة الثقيلة من خارجها.
وشدد على أن القوات المشتركة ستظل جنباً لجنب مع القوات المسلحة السودانية والقوة الشعبية للدفاع عن النفس {قشن} والمقاومة الشعبية والميارم للقتال ببسالة، وأنه “لا مجال للتفاوض مع من يقتلون الأبرياء وينهبون ممتلكات المواطنين ولا يعرفون قيم الإنسانية”.
الوسومالجيش الدعم السريع الفاشر القوة الشعبية للدفاع عن النفس القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح المقاومة الشعبية الميارم دارفورالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الجيش الدعم السريع الفاشر القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح المقاومة الشعبية دارفور القوة المشترکة الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
القوة الخفية التي هزمت “حميدتي”
منذ انطلاق الرصاصة الأولى في الخرطوم يوم 15 أبريل 2023، كان واضحاً أن محمد حمدان دقلو (حميدتي) لم يقرأ المشهد العسكري والسياسي جيداً، أو قرأه بعين الوهم لا ببصيرة الواقع وبواطن الحقائق.
راهن الرجل على انقلاب خاطف وسريع يمكنه من وضع السودان في قبضته، لكنه لم يدرك طبيعة القوة الخفية في الدولة السودانية، تلك الدولة التي تبدو في ظاهرها ضعيفة ومفككة وآيلة للزوال، وذات مؤسسات هشة قابلة للانهيار السريع، لكنها أثبتت مراراً أن لديها عناصر قوة خفية لا تظهر إلا في مواجهة التحديات الكبرى.
عناصر القوة الخفية في الدولة السودانية:
• قوة المجتمع في التناصر والتعاضد ومقاومة الظلم والعدوان.
• قوة المؤسسات العسكرية والأمنية في تراكم خبراتها، وعمق تأهيلها المهني ، وروح الثبات والصبر على تحقيق الأهداف، وهي سمات تميز ضباطها وجنودها.
• قوة وجسارة الشباب بمختلف انتماءاتهم السياسية في مواجهة التحديات والمخاطر، سواء في الحروب أو التظاهرات.
• مستوى الوعي السياسي القادر على فضح النوايا الشريرة المغطاة بالشعارات التجميلية.
• العمق التاريخي لنضالات الشعب السوداني، الممتد منذ الممالك المسيحية، مروراً بمملكة الفونج، والثورة المهدية، واللواء الأبيض.ما فعلته قوات حميدتي أنها استفزت مكامن القوة الخفية في الدولة السودانية، فوجدت نفسها في مواجهة مختلف الطيف القبلي والجهوي والثقافي والسياسي والعسكري. ونتيجة لذلك، تشكّل تيار وطني عريض وغير مسبوق، عابر للانتماءات.
هذا التيار الوطني ضمّ:
• شيوخ ورجال الدين والطرق الصوفية مثل عبد الحي يوسف، شيخ الزين محمد أحمد، شيخ الكباشي، والمكاشفية، والختمية، وقساوسة كنيسة ماري جرجس وغيرهم.
• الفنانات مثل ندى القلعة، إيمان الشريف، ميادة قمر الدين وغيرهن.
• المفكرين من مختلف التيارات، من الإسلاميين مثل أمين حسن عمر، عبد الوهاب الأفندي، التجاني عبد القادر، وحسن مكي، إلى اليساريين والليبراليين مثل البروفيسور عبد الله علي إبراهيم، د. محمد جلال هاشم، د. عشاري أحمد محمود، د. معتصم الأقرع، د. صلاح بندر، والروائي عبد العزيز بركة ساكن وغيرهم.
• المقاتلين من الحركات المسلحة في دارفور، وقوات “كيكل”، و”برأوون”، و”غاضبون”، و”المستنفرين”، وشباب الأقباط، و”ميارم الفاشر”، و”مرابطات الشمالية ونهر النيل”، والشيخ موسى هلال.
كل هؤلاء وغيرهم تصدوا لحماية الدولة السودانية والدفاع عن وجودها.
حميدتي، الذي كان بالأمس شريكاً في السلطة، متمتعاً بقوتها ونفوذها، ظن أنه قادر على اختطاف الدولة، لكنه نسي أن القوة وحدها لا تكفي، وأن شرعية البندقية لا تدوم طويلاً. فالرهان على الدعم الخارجي، والتحالفات المصلحية، واستراتيجية “الأرض المحروقة”، لن يحقق له أهدافه، بل سيؤدي إلى عزله وإنهاء وجوده في الفضاء العام.
فشل مشروع انقلاب حميدتي على الدولة السودانية لم يكن مفاجئاً، بل كان حتمياً، لأن أي انقلاب يفتقر إلى عمق سياسي، ورؤية استراتيجية، وحاضنة شعبية، لا يعدو كونه مغامرة متهورة باهظة التكلفة.
منذ اللحظة الأولى، كان واضحاً أن حميدتي يخوض معركة بلا غطاء وطني، وبلا ظهير سياسي يمتلك الخبرة والذكاء، وبلا أفق بعيد. اعتمد على القوة اللحظية العارية، لكنه واجه الحقيقة القاسية: القوة الخفية في المجتمع كانت أكبر من قوته العسكرية.
اليوم، وبعد ما يقارب العامين من الحرب، لم يبقَ لحميدتي سوى أطلال مشروع متهالك، وتحالفات تتآكل، وساحة تتسع لنهاية مأساوية.
فالتاريخ لا يرحم من ظنوا أن البنادق تصنع شرعية، ولا يغفر لمن توهموا أن الدعم الخارجي وحده يمكنهم من حكم الأوطان.