الاعتراف الأوروبي بفلسطين.. هل يحول إسرائيل إلى كيان منبوذ دولياً ؟
تاريخ النشر: 26th, May 2024 GMT
هستيريا الانتقام قد تُغرق حكومة الكيان بالعزلة:
تغيران تاريخيان مهمان في ملف القضية الفلسطينية مثلا انتكاسة سياسية ودبلوماسية كبيرة لحكومة الكيان الاسرائيلي بعدما قدما الأدلة القاطعة على أن إسرائيل في طريقها إلى التحول لدولة منبوذة على المستوى الدولي، الأول إعلان 3 دول أوروبية الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة والثاني اعلان المدعي العام بالمحكمة الجنائية الدولة تقديمه طلبا إلى المحكمة بإصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه بتهم ارتكاب جرائم حرب.
الثورة / أبو بكر عبدالله
على الرغم من وجود 144 بلدا في العالم تعترف بالدولة الفلسطينية المستقلة على قاعدة «حل الدولتين» إلا أن إعلان كل من إسبانيا والنرويج وإيرلندا الاعتراف رسميا بالدولة الفلسطينية المستقلة كان قرارا تاريخيا حظي بترحيب دولي واسع النطاق في مقابل غضب إسرائيلي هستيري.
ذلك أن قرار الدول الثلاث التي تعتبر من الدول الأكثر تأثيرا في الاتحاد الأوروبي، انطوى على اعتراف كامل بأن فلسطين دولة ذات سيادة واقعة تحت الاحتلال كما انطوى على دعوة بإنهاء الاحتلال ورفض سياسة الاستعمار الاستيطاني فضلا عما انطوى عليه من ابعاد قانونية داعمة للقضايا المنظورة أمام محكمة الجنايات الدولية بارتكاب جيش الاحتلال الاسرائيلي جرائم إبادة جماعية في عدوانه على قطاع غزة.
ورغم التحذيرات والضغوط التي مارستها حكومة الكيان من اجل ثني هذه الدول من الاعتراف بالدولة الفلسطينية حسمت العواصم الأوروبية الثلاث قرارها التاريخي معلنة رفع العلم الفلسطيني في أوسلو ومدريد وفي مبنى البرلمان « لينسر هاوس بايرلندا، مجرد دخول قرار ا لاعتراف بالدولة الفلسطينية حيز التنفيذ يوم 28 مايو الجاري.
وغداة إعلان الدول الثلاث الاعتراف رسميا بالدولة الفلسطينية شرعت حكومة الكيان بإجراءات انتقامية عقابية، بتطبيق القرار الصادر عن الكنيست الإسرائيلي في مارس 2023، القاضي بإلغاء ما سمي «قانون فك الارتباط» في قطاع غزة وشمالي الضفة الغربية المحتلة، في خطوة فتحت الطريق أمام آلاف المستوطنين للعودة إلى المستوطنات التي تم اجلاؤهم منها، بما فيها ثلاث مستوطنات شمالي الضفة الغربية كانت حكومة الكيان فككتها في وقت سابقا وأخضعتها للسيطرة العسكرية دون السماح للفلسطينيين بالعودة.
والقانون المشار اليها تضمن خطة أحادية نفذتها حكومة الاحتلال عام 2005 وتم بموجبها إجلاء آلاف المستوطنين من جميع مستوطنات قطاع غزة، ومن ثلاث مستوطنات شمالي الضفة الغربية، وتحولت بموجبه المستوطنات شمالي الضفة إلى مناطق عسكرية مغلقة، غير أن القانون خضع للتعديل العام الماضي بما سمح للمستوطنين العودة وإنشاء بؤر استيطانية جديدة.
لم تقف الإجراءات الإسرائيلية عند هذا الحد بل ذهبت إلى التصعيد أكثر بإعلانها إلغاء القانون كليا، في خطوة بدت متوافقة مع التوجهات الإرهابية التي أعلنتها حكومة الاحتلال بتدمير قطاع غزة على رؤوس سكانية وتهجيرهم، وأنها حكم السلطة الوطنية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وإخضاع الأراضي الفلسطينية للاحتلال من جديد بما فها الضفة الغربية التي تعتزم دولة الاحتلال تحويلها إلى محيط استيطاني ضخم وتفكيك أوصالها الشمالية لمناطق معزولة لمنع أي مساع لإقامة دولة فلسطينية وأكثر من ذلك فتح الطريق أمام المستوطنين لبناء بؤر استيطانية غير قانونية وفقا لقواعد القانون الدولي.
مخاوف إسرائيلية
لم يكن قرار حكومة الكيان إلغاء قانون فك الارتباط هو رد الفعل الانتقامي الوحيد، إذ أعلنت بوضوح عزمها إنهاء حكم السلطة الوطنية الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وإعلان حرب اقتصادية شاملة عليها من خلال فرض عقوبات اقتصادية ومالية على السلطة الوطنية ووقف تحويل أموال الضرائب اليها فضلا عن إلغائها تصاريح كبار الشخصيات لمسؤولي السلطة الفلسطينية بشكل دائم وفرض عقوبات مالية إضافية عليهم».
والأدهى من ذلك أن حكومة اليمين المتطرف وضعت مستقبل نتنياهو رهنا بأنهاء السطلة الفلسطينية وضرب البنية التحتية للسلطة الفلسطينية وحلها ومحاكمة قادتها، في عمل إرهابي صرف تجاوز طابع التهديد إلى الفعل بعد إعلان وسائل إعلام إسرائيلية أن حكومة الكيان أرسلت فعلا رسائل لكل من فرنسا وبريطانيا بشأن إجراءاتها المنتظرة بشأن ما اعتبرته قرارات صعبة بحق السلطة الوطنية الفلسطينية وهستيريا القرارات الصهيونية لم تكن بعيدة عن التحولات التي شهدها العالم لمصلحة القضية الفلسطينية بعد التورط الإسرائيلي بمجازر الحرب المرتكبة في قطاع غزة، ولا سيما قرار الدول الأوروبية الثلاث الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة، والذي جاء في إطار زخم عالمي مؤيد لحقوق الشعب الفلسطيني في الحرية وحقه في أن يكون له دولة مستقلة على قاعدة حل الدولتين.
زاد من ذلك أن القرار الأوروبي جاء بعد أيام قليلة من إعلان المدعي العام في المحكمة الجنائية الدولية إصدار مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه على خلفية تورطهم في جرائم حرب في قطاع غزة.
والعنصر الهام في الموقف الأوروبي أنه جاء ليكمل الحلقات المفقودة في الملف الذي تقوده حاليا المحكمة الجنائية الدولية، خصوصا وأن «نظام روما الأساسي» الذي تعمل المحكمة تحت مظلته ادخل «جريمة العدوان» في نطاق اختصاصات المحكمة، وهو النص الذي لم يطبق من قبل تجاه ما ترتكبه حكومة الاحتلال من مجازر بحق الشعب الفلسطيني كونه يحدد « جريمة العدوان» بشن دولة هجوماً مسلحا واسع النطاق على دولة أخرى ذات سيادة ومعترف بها دوليا.
هذا الأمر حسم بشكل نهائي بعد أن حصل مدعون من المحكمة الجنائية على شهادات أجروها سابقا مع عاملين في أكبر مستشفيين في غزة، فتحت الطريق أمام المدعي العام للمطالبة بإصدار مذكرات اعتقال للمطلوبين في حال سافر أحدهم إلى إحدى الدول الأعضاء في نظام روما الأساسي وعددها يناهز الـ 124 دولة بينها جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، ستكون ملزمة باعتقالهم وتسليمهم إلى المحكمة مجرد إرسال أمر الاعتقال إلى سلطات الدولة المعنية.
هذا الأمر أثار مخاوف واسعة في أوساط حكومة الاحتلال ورئيس وزرائها المطلوب دوليا بنيامين نتنياهو بعد أن بدت عاجزة تماما عن مواجهة التوجهات الأوروبية بالاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة واحتمالية أصار المحكمة الجنائية مذكرات اعتقال بتهم التورط في جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية.
والأهم من ذلك أن خيارات سفر أي مسؤول إسرائيلي إلى الدول المصادقة على نظام روما الأساسي، أصبح ضيقة للغاية بعد إعلان العديد من الدول الأوروبية احترامها لسلطة المحكمة الجنائية واختصاصاتها.
وهذا الأمر أعلنه بوضوح مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الذي أكد أن المحكمة الجنائية مؤسسة دولية مستقلة والدول المصدقة على نظامها ملزمة بتنفيذ قراراتها، وتأكيده أن قرارات المحكمة ستكون بالنسبة للدول الموقعة على ميثاقها ستكون ملزمة بتنفيذ قراراتها.
مكاسب فلسطينية
حالة الاستنفار التي أعلنتها حكومة الكيان غداة قرار الدول الأوروبية الثلاث الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة، كشف مدى شعورها بالقلق من التحولات الجديدة التي منحت القضية الفلسطينية زخما دوليا قد يمكنها من مواجهة الصلف الإسرائيلي في المسرح الدولي على طريق نيل الشعب الفلسطيني حقوقه التاريخية والقانونية المشروعة.
السبب في ذلك أن الخطوة التي أعلنتها كل من النرويج وإيرلندا وإسبانيا ستمنح الدولة الفلسطينية فرصا جديدة لزيادة التمثيل الدبلوماسي وملء فجوة الأنشطة الدبلوماسية الفلسطينية في هذه الدول التي تُعد من أكثر الدول المؤثرة على سياسات الاتحاد الأوروبي،
ومن جانب آخر ستعزز من مشروعية قيام الدولة الفلسطينية على الصعيد الدولي كونها حملت إقرارا بأن كل الشروط القانونية متوفرة لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة، وهو تحول هام من شأنه أن يساعد في التأثير على الرأي العام الأوروبي وحمله على المطالبة بتسوية عادلة للقضية الفلسطينية تتفق مع مقتضيات القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية.
أكثر من ذلك أن إعلان الدول الثلاث الاعتراف بفلسطين دولة مستقلة، سيزيد من حجم الإجماع الدولي لحصول فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، وهو ما سيقود في المستقبل إلى إلزام مجلس الأمن بإصدار قرارات تمنح فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة بما سيقود إلى قرارات أخرى تلزم إسرائيل بإنهاء الاحتلال للمناطق التي احتلها عام 1967 والعمل على الانسحاب منها وإنهاء حربها الوحشية في قطاع غزة بصورة فورية.
ورغم أن بعض دول الاتحاد الأوروبي الـ 11 التي اعترفت بفلسطين سابقا لم تقم بتفعيل قرارها الاعتراف بالدولة الفلسطينية بفتح المجال للتمثيل الدبلوماسي الفلسطيني الكامل، إلا أن التوقعات تُرجح أن يكون الموقف مختلفا مع إسبانيا والنرويج وإيرلندا استنادا إلى الحيثيات التي تضمنها البيان المشترك لهذه الدول.
والتضييق الذي ستواجهه حكومة الكيان الإسرائيلي بفعل اعتراف ا لدول الأوروبية الثلاث بفلسطين دولة مستقلة لن يكون الوحيد، ففي حال صدور مذكرة الاعتقال من المحكمة الجنائية الدولية بحق المسؤولين الإسرائيليين، فإن الدول الأوروبية ستنصاع حتما لقرارات المحكمة باعتقال أي مسؤول إسرائيلي من بين المطلوبين حال دخل أراضيها، ما سيزيد من عزلة دولة الكيان على المستوى الدولي، في حين أن مجريات النظر في القضية ستنعكس حتما على عمليات تصدير الأسلحة إلى إسرائيل وستحول أي أنشطة من هذا النوع إلى جريمة قانونية دولية وفقا للقواعد القانونية المتبعة في المحكمة الجنائية.
عواقب وخيمة
ثمة موقف دولي يتشكل يشير إلى أن الخطوات التصعيدية التي اتخذتها حكومة الكيان لم تكن سوى عمل انتقامي من دولة احتلال وحكومة حرب متطرفة صارت بحكم سياساتها الإرهابية وجرائمها في قطاع غزة تشعر أنها منبوذة على المستوى الدولي في ظل تحديها العلني لقرارات الشرعية الدولية وإفصاحها عن مساعيها إبقاء فلسطين دولة خاضعة للاحتلال بكل ما يحمله من ارهاب وجرائم حرب وتقويض للأمن الدولي.
لكن المرجح أن الصلف الإسرائيلي سيوقع حكومة الكيان في مأزق قانوني دولي، فالإجراءات الانتقامية بالقضاء على حكم السلطة الوطنية الفلسطينية وعودة المستوطنات ستعني بالنسبة لدول العام تقويضا كاملا لحل الدولتين المعترف به دوليا، وتحديا صارخا لقرار مجلس الأمن 2334 الذي يحث على تجميد الأنشطة الاستيطانية.
وأكثر من ذلك رفض إسرائيل تنفيذ التزاماتها تجاه القانون الدولي واتفاقية جنيف الرابعة، ولائحة لاهاي لعام 1907 وانتهاكا لاتفاق أوسلو الموقع قبل 30 عاما والذي يلزم حكومة الكيان باتخاذ كافة الإجراءات الضامنة لحماية حقوق المدنيين في الضفة الغربية.
وما فعلته حكومة الكيان مؤخرا تجاه سياساتها الاستيطانية لم يكن جديدا، فمشروع الاستيطان ظل قائما حتى في ظل عدم تنفيذها قرار الكنيست الصادر العام الماضي، إذ أنها عززت سياستها الاستيطانية قبل سنوات طويلة ببنائها جدار الفصل العنصري الذي لبي طموحات اليمين المتطرف بإعادة تشكيل الخارطة الجغرافية لأراضي الضفة الغربية التي يسمونها «يهودا والسامرة».
الفارق أن القرار الجديد سيدفع سلطات الاحتلال رسميا إلى تنبي مشاريع لتأهيل البنية التحتية للمستوطنات ومصادرة المزيد من الأراضي وتفكيك الخارطة الجغرافية لمدن الضفة الغربية وهدم البيوت وتهجير السكان وتدفق المزيد من المستوطنين بكل ما يحملونه من عنف وإرهاب كان في الشهور الماضية موضع إدانات عالمية.
وثمة عواقب وخيمة على الطريق، فالردود الإسرائيلية الانتقامية بحق السلطة الوطنية الفلسطينية ستعمل بلا شك إلى إشعال الأوضاع في الضفة بما يعنيه ذلك من تقويض لأمن المنطقة ككل، في ظل احتمالية اتخاذ السطلة الوطنية خطوات مضادة على شاكلة تحويل السلطة إلى دولة استنادا على الاعتراف الدولي بفلسطين كدولة مستقلة، فضلا عن سحب الاعتراف بدولة إسرائيل.
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: الاعتراف بالدولة الفلسطینیة المستقلة الدولة الفلسطینیة المستقلة السلطة الوطنیة الفلسطینیة الأوروبیة الثلاث الاتحاد الأوروبی المحکمة الجنائیة الدول الأوروبیة الثلاث الاعتراف حکومة الاحتلال الضفة الغربیة مذکرات اعتقال حکومة الکیان فلسطین دولة دولة مستقلة فی قطاع غزة من ذلک أن فی الضفة
إقرأ أيضاً:
أبرز عقوبات إسرائيل الجماعية بحق فلسطينيي الضفة والقدس
بينما ينصّ القانون الدولي الإنساني على عدم معاقبة أي شخص عن مخالفة لم يرتكبها، وسعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي من سياسة العقاب الجماعي ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ بدء العدوان على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ولئن تجاوز الاحتلال مختلف الأعراف والقوانين الدولية في حرب الإبادة على قطاع غزة بذريعة الرد على هجوم 7 أكتوبر، فإن حجم الانتهاكات والعقوبات الجماعية في الضفة الغربية تزايد بشكل ملحوظ، وفق خبراء ومنظمات حقوقية ودولية ولا يقل خطوة عما يجري في غزة.
لا تقتصر العقوبات على ما يمارسه جيش الاحتلال، إنما يرافقها قرارات من الكنيست الإسرائيلي، ومن ذلك إبعاد عائلات أسرى نفذوا عمليات ضد الاحتلال عن مدينة القدس، واعتداءات وصلت حد تهجير تجمعات فلسطينية بأكملها.
ووفق معطيات رسمية فلسطينية، تجاوز عدد الشهداء 930 شهيدا وعدد الجرحى حاجز 7 آلاف في الضفة الغربية منذ بدء العدوان على غزة.
وفق خبير القانون الدولي وحقوق الإنسان معين عودة، فإن كل القوانين المحلية والدولية في العالم ترفض العقاب الجماعي بالكامل، وفي حالة إسرائيل والفلسطينيين "بات واضحا للعيان، خصوصا بعد اتفاق وقف النار في غزة (19 يناير/كانون الثاني الماضي)، أن إسرائيل قررت عقاب جميع الفلسطينيين في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية".
إعلانولفت، في حديثه للجزيرة نت، إلى أن القانون الدولي يرفض العقاب الجماعي حتى لو أخطأ أحد الأفراد في مجتمع معين، وأن يقتصر العقاب على الشخص ذاته، موضحا في الوقت ذاته أن "السكان الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس الشرقية محميون حسب اتفاقية جنيف الرابعة ويمنع على القوة المحتلة، إسرائيل، ممارسة أي نوع من العقاب الجماعي ضد هؤلاء الأفراد وهذه التجمعات".
وذكر من الانتهاكات التي يمكن اعتبارها عقابا جماعيا هدم البيوت دون منح الفلسطينيين بديلا آخر، وتقييد حرية الحركة، والإغلاقات والحواجز واستمرار تقطيع الطرق، والفصل بين محافظات الضفة وبين الضفة والقدس.
وقال عودة إن "العقاب الجماعي قد يصل إلى مستوى جريمة حرب"، موضحا أن "التجويع لا يطبق فقط في غزة، بل في الضفة أيضا حيث يحرم الناس من الذهاب للعمل والحصول على قوت يومهم، مما أدى لرفع أسعار التنقل والبضائع، وهذا يندرج تحت التجويع".
وفي ظل "تعتيم إعلامي على ما يجري في الضفة والقدس"، يقول عودة إن الاحتلال يواصل تنفيذ اعتقالات كبيرة والهدم الجماعي للبيوت واقتحام المدن والقرى والمخيمات دون أي سبب عسكري واضح.
وأشار إلى ما تتعرض له القدس "من هدم للبيوت وتهديد للمقدسيين وإبعادهم عن المسجد الأقصى وعن مدينتهم، كل هذه الأمور محرمة وممنوعة ومرفوضة حسب اتفاقية جنيف الرابعة وحسب الأعراف والقوانين الدولية".
وشدد على أهمية توثيق هذه الانتهاكات ونشرها إعلاميا، معتبرا أن معركة إسرائيل الرئيسية توجد في الضفة، التي يتربص بها خطر ضم مساحات شاسعة منها.
فيما يلي نستعرض أبرز أشكال العقاب الجماعي الممارس من قبل الاحتلال بالضفة الغربية، استنادا إلى تقارير مؤسسات حقوقية فلسطينية وجهات دولية:
إعلاناحتجاز جثامين الشهداء
تشير معطيات الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء إلى استمرار سلطات الاحتلال في احتجاز جثامين ورفات 672 شهيدا في الثلاجات ومقابر الأرقام منذ عام 1967، بينهم 70 شهيدا أسيرا و259 شهيدًا منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، وبالتالي حرمان عائلاتهم من إلقاء نظرة الوداع عليهم ودفنهم وفق الشريعة الإسلامية.
الاعتقال التعسفي
طالت الاعتقالات منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 أكثر من 14 ألفا و400 فلسطيني بالضفة، وآلافا في قطاع غزة، وفق هيئة شؤون الأسرى ونادي الأسير الفلسطينيين.
كما اتسعت ظاهرة اعتقال الفلسطينيين رهائن، بحيث يتم اعتقال آباء وأمهات أو أشقاء أو أحد أقارب من تسميهم سلطات الاحتلال "مطلوبين" لحين تسليم الملاحَقين أنفسهم.
ويواصل الاحتلال منع ذوي الأسرى، وهم نحو 9500 أسيرا بعد أن كانوا 5250 أسيرا قبل 7 أكتوبر، من زيارتهم أو التواصل معهم.
الحواجز والبوابات
تقول هيئة مقاومة الجدار والاستيطان إن سلطات الاحتلال تقطع أوصال الضفة بقرابة 900 حاجز عسكري ملموس ومأهول وبوابة حديدية تقيد حرية الحركة والتنقل، بما في ذلك حركة المرضى والطواقم الطبية والتعليمية والتجارية.
الهدم والتهجير
منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وحتى 6 مارس/آذار الجاري هدمت قوات الاحتلال في الضفة 3261 منشأة بذريعة عدم الترخيص أو كإجراء عقابي، مما أسفر عن تهجير أكثر من 7 آلاف فلسطيني وتضرر قرابة 607 آلاف آخرين، وفق معيطات الأمم المتحدة.
ومن بين المنشآت المهدمة 67 منشأة هدمت كإجراء عقابي لذوي فلسطينيين اتهموا بتنفيذ عمليات ضد الاحتلال.
في حين يشير مركز معلومات فلسطين "معطى" إلى تدمير أكثر من 500 منزل ومنشأة بشكل كامل أو جزئي خلال العملية العسكرية في مخيم جنين، و632 منزلا ومنشأة في مخيمي طولكرم ونور شمس.
إعلانوبين الأول من يناير/كانون الثاني 2023 و31 يناير/كانون الثاني 2025، وثّق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية تهجير 2275 فلسطينيًا، من بينهم 1117 طفلًا، في شتى أرجاء الضفة الغربية بسبب تزايد عنف المستوطنين والقيود المفروضة على الوصول.
ووفقًا لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، فقد تم تهجير أكثر من 37 ألفا و400 فلسطيني معظمهم من مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس للاجئين.
تدمير البنية التحتية
تسبب عمليات الاحتلال شمالي الضفة في تدمير عشرات الكيلومترات من شبكات الصرف الصحي والمياه والكهرباء والشوارع.
ووفق معطيات للأمم المتحدة، طال التدمير في مخيم جنين ما يزيد عن 3.3 كيلومترات من شبكات الصرف الصحي و21.4 كيلومترا من أنابيب المياه، وخاصة داخل مخيم جنين والمناطق المحيطة به، وأكثر من 5 آلاف متر من الطرق.
كما تضرر بشدة 8.4 كيلومترات من شبكات الصرف الصحي وشبكات تصريف مياه الأمطار، و15 كيلومترًا من أنابيب المياه في مخيمي نور شمس وطولكرم، وأكثر من 4 كيلومترات من البنية التحتية للمياه والصرف الصحي في محافظة طوباس.
استهداف القطاع الصحي
وفي القطاع الصحي لفت المكتب الأممي إلى أن 61% فقط من المنشآت في الضفة الغربية تعمل بكامل طاقتها، مما يتسبب في تأخير تقديم خدمات الرعاية الصحية الأساسية.
وقد دعت منظمة أطباء بلا حدود في فبراير/شباط الماضي إسرائيل إلى التوقف "عن استخدامها غير المتناسب للقوة والقوة المميتة في الضفة الغربية مما يؤدي إلى مقتل المدنيين وإصابتهم".
كما طالبتها بأن "توقـف العنف ضد الطاقم الطبي والمرضى، والهجمات على المرافق الطبية وجميع الإجراءات التي تعيق الكوادر الطبية".
إعلانواعتبرت المنظمة "العقبات التي تحول دون وصول الفلسطينيين إلى الرعاية الصحية من قبل القوات الإسـرائيلية جزءًا من نظام أوسع من العقاب الجماعي الذي تفرضه إسرائيل تحت ستار حملتها القمعية على المسـلحين الفلسـطينيين".
تعطل العملية التعليمية
وفق الأمم المتحدة تضرر التعليم بشدة في الضفة الغربية، إذ اضطُر أكثر من 600 ألف طالب وطالبة إلى التعلم من منازلهم لمدة وصلت إلى ثلاثة أيام في الأسبوع طيلة العام المدرسي 2023-2024.
في حين تقول الأونروا إن أكثر من 5 آلاف طفل يحرمون من الذهاب إلى مدارسها شمالي الضفة.
طرد العمال
منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2027 تمنع إسرائيل نحو 220 ألف عامل فلسطيني من العودة إلى أماكن عملهم داخل الخط الأخضر، وفق معطيات الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين.
أصدر وزير داخلية الاحتلال الإسرائيلي "موشيه أربيل" يوم أمس الأربعاء، قرار إبعاد عن مدينة القدس بحق 3 أسرى محررين من المدينة، هم: زينة بربر، ومحمد أبو الهوى، وتسنيم عودة.
يذكر أن بربر وعودة تحررتا ضمن المرحلة الأولى من صفقة "طوفان الحرية" بين المقاومة في غزة والاحتلال الإسرائيلي.… pic.twitter.com/6so07aOIXO
— الجزيرة نت | قدس (@Aljazeeraquds) February 13, 2025
إلغاء الإقامة الدائمة للمقدسيين
في فبرير/شباط 2024 قررت سلطات الاحتلال سحب "الإقامة الدائمة"، وهي الصفة التي تطلقها سلطات الاحتلال على المقدسيين، من المقدسي ماجد الجعبة، وأيضا من نواب بالمجلس التشريعي ووزير.
كما أصدرت عشرات أوامر الإبعاد عن المسجد الأقصى ومن القدس إلى خارجها مما تسبب في تشتت عشرات العائلات.
وكان آخر المبعدين الأسيرة المحررة زينة بربر والأسير محمد أبو الهوى والأسيرة تسنيم عودة، في وقت تواصل فيه حجب حق لمّ شمل عائلات أحد الوالدين من الضفة الغربية.