عودة صفقات الاستحواذ بعروض متدنية إهدار لقيمة أصول الشركات
تاريخ النشر: 25th, May 2024 GMT
4 محاور تعزز ريادة الشركة
«إنه ليس جمال المبنى الذى تنظر إليه، لكنه بناء الأساس الذى يصمد أمام اختبار الزمن والعقبات» هكذا تقول الحكمة، وكذلك أنت، كن كالذى يبنى جسرا نحو الوصول لأحلامك، وكن كالنجم الذى يتألق فى الظلام، يملك الطموح، ويضىء طريقه نحو قمة النجاح.. لا تعتبر الصعاب عائقا، بل اجعلها تحديات تعزز من قوتك وتطورك، لا تقيد نفسك بما تعتقد أنك قادر عليه، بل اكتشف إلى أى مدى يمكنك أن تصل.
. كذلك محدثى مثل الفراشة يصعد عالياً بعد كل تحول فى حياته، ولا ينتظر الأفضل بل يسعى إليه، التفاؤل والأمل من السمات المميزة فى مسيرته.
المستقبل ملىء بالمخاوف لكنه يستحق التجربة، فكن واثقاً أن كل مجهود وله ثمرة نجاح ولكن يحتاج للصبر، على هذا الأساس جعل أهدافه أمام عينيه دائما.
سامح ناصف رئيس مجلس إدارة شركة الأهرام للسمسرة فى الأوراق المالية.. يقيس نجاحه بالتأثير الإيجابى الذى يتركه فى حياة الآخرين، يسعى إلى أن يكون نسخة أفضل من نفسه كل يوم، التفاؤل والأمل أساس مسيرته.
واجهة المنزل علامة مميزة، التصميم يعكس بشكل واضح الشكل الهندسى الداخلى للمكان، اختيار الألوان لا يقل أهمية عن اختيار أى قطعة من الديكور، الألوان البيج توحى بالراحة والهدوء، اللوحات مصممة بصورة أكثر أناقة وجاذبية، فهى عبارة عن 4 لوحات تضم مجموعة من المراكب الشراعية المعبرة عن الانطلاق للمستقبل، وأخرى ترسم مناظر طبيعية مزيجا بين الأشجار والمياه.. ديكورات عبارة عن مجسمات لمجموعة من تراث البلدان التى زارها فى رحلاته.
الشمس تصل إلى كل أركان المكان، لترسم لوحة جمالية، تكتمل بألوان الأثاث التى تمنح هدوء، وطاقة إيجابية، على بعد أمتار تبدو غرفة مكتبه أكثر بساطة، كل ما تحتويه مكتبه من عدة أرفف تضم مجموعة كبيرة من الكتب والمجلدات النادرة، منها ما يتعلق بمجال عمله فى البيزنس والاقتصاد، وما يختص بمجال دراسته القانونية، وأيضاً كتب شاملة ومتنوعة.
مكتبه يبدو أكثر تنظيما، مجموعة من الصور العائلية والشخصية تزين سطح المكتب، كل يوم ينتهى يعمل على تقييم نفسه ويحاسبها، إذا وقع فى خطأ يتعلق بالعمل، هذا ما تضمه سطور قصاصاته الورقية، أجندة ذكريات تقص محطات مسيرته، ومغامراته فى بلاط سوق المال، بدأ افتتاحيتها بكلمات شكر لوالده وعمه بقوله «أنتما نعمة لا ندركها، فأنتما الأمان والسند، وأنتما من وضعتما حجر المبادئ التى نسير عليها».
ثقته بنفسه مفتاح نجاحه، واضح فى تحليله، رؤية دقيقة للمستقبل، مختلف فى طريقة تفكيره، يبدى التحفظات إذا تطلب الأمر ذلك، يقول إن «الاقتصاد الوطنى تعرض لأزمات متتالية، لكن نجح فى تجاوزها، مما اضطر الدولة إلى إجراءات إصلاحية سريعة، اتخذت مرحلتين، الأولى عام 2016، وعلى أثرها شهدت الاستثمارات تدفقات كبيرة، من المستثمرين الأجانب والعرب، لكن لم تتمكن الحكومة من استكمال الإصلاحات بسبب المتغيرات الخارجية، التى كان لها تداعياتها السلبية على الاقتصاد، وترتب عليها مجموعة من المتغيرات، أفقدت الاقتصاد استقراره، نتيجة شح فى العملة الصعبة، بسبب تراجع الموارد الدولارية، وكل ذلك دفع الحكومة إلى إجراءات إصلاحية جديدة لإعادة الاقتصاد إلى التعافى والتقدم».
واضح وصريح فى تفسيراته للأحداث عندما يتحدث عن الإجراءات الإصلاحية الأخيرة للإصلاح الاقتصادى، يؤكد أن الحكومة تأخرت فى الإعلان عن هذا الإجراء، خاصة أن هذا التأخير تسبب فى ارتباك اقتصادى، نتيجة عدم وجود حصيلة دولارية، يمكن الاعتماد عليها، حيث وصل سعر الدولار إلى 70 جنيهاً، وكذلك ارتفاع معدلات التضخم إلى أرقام كبيرة، دفعت الحكومة إلى تحرير سعر الصرف، مع رفع أسعار الفائدة منعا للدولرة، ووسط ذلك كان مشروع رأس الحكمة الذى غير من ملامح الاقتصاد، فى ظل تدفقات دولارية، ساهمت فى تعافى الاقتصاد، وتحوله من التعافى إلى النمو، لكن ذلك يتطلب أن يتم توجيه هذه التدفقات والحصيلة إلى مشروعات قصيرة الأجل تحقق عوائد سريعة مثل التصنيع والتصدير، لذلك على الحكومة أن تستوعب دروس تجربة تحرير الصرف عام 2016 حينما لم توجه حصيلة التدفقات فى مسارها الصحيح.
- بهدوء وتفكير إيجابى يجيبنى قائلا إن «المشروعات القومية القائمة على التصنيع والتصدير من شأنها أن تحقق نموا للاقتصاد، مع القدرة على العمل على تراجع أسعار السلع بما يسهم فى أن يلمس رجل الشارع التعافى والتحسن فى الاقتصاد فى ظل تحقيق معادلة الاكتفاء الذاتى من السلع الاستراتيجية».
القدرة على التعامل مع المواقف الصعبة، والأزمات من السمات المكتسبة من والده، لذا تجده دقيقا وصادقا فى تحليلاته، يتبين ذلك من حديثه عن القطاعات التى استفادت من تحرير سعر الصرف، ومنها المجالات القائمة على التصدير، بالإضافة إلى أنه فى ظل الظروف التى يمر بها الاقتصاد يتوقع أن يتم تخفيض معدلات سعر الفائدة، والذى يسهم مع اتخاذ قرار بشأنها فى نشاط حركة الاقتصاد، والتوسع فى المشروعات الاستثمارية.
لا يخشى التغيير، يعتبره جزءا لا يتجزأ من رحلة مسيرته، ونفس الحال عندما يفسر المشهد فى عملية الاقتراض الخارجى، ودوره فى زيادة أعباء الديون على الاقتصاد، خاصة فى ظل ارتفاع الديون التى وصلت إلى 168 مليار دولار، والبديل فى هذا الصدد يقوم على الشراكة وحق الانتفاع، وإسنادها للقطاع الخاص سواء الأجنبى أو المحلى، بما يحقق عوائد تتناسب مع حجم الاقتصاد.
الإيمان بالعمل والإخلاص فيما يقوم به سلاح قوته وثقته بنفسه، تجده حينما يفسر المشهد بالسياسة المالية تجده غير راضٍ عنها، بسبب عدم عدالة المنظومة الضريبية وتطبيقها، وهو ما يسهم فى تطفيش الاستثمارات والمستثمرين الأجانب، وكذلك إحجام المستثمرين المصريين عن التوسع فى مشروعاتهم الاستثمارية، وهذا يتطلب رؤية طويلة تقوم على استقرار فى التشريعات، مع وضوح الرؤية، حتى يستطيع المستثمر إعادة الثقة فى الاقتصاد، مع أيضاً تقديم المحفزات الضريبية، والتسهيلات لمنظومة الاقتصاد غير الرسمى، بما يعمل على تشجيعه وإلحاقه بمنظومة الاقتصاد الرسمى، بما يحقق للدولة موارد كبيرة من حصيلة هذا القطاع الذى يجب العمل على حصره، من أجل أن يصب فى مصلحة الاقتصاد.
تكون صانعا لمستقبلك بعلمك وإرادتك، هذا ما يميزه عن أبناء جيله، تجد فى حديثه عن ملف الاستثمار الأجنبى المباشرة، أكثر اهتماما، على اعتبار أن المستثمرين الأجانب يبحثون عن فرص استثمارية، تتطلب تذليلا للعقبات، وتقديم مزيد من المحفزات للمستثمرين، وهذا لن يتحقق سوى بعودة وزارة الاستثمار، حتى تتمكن من استقطاب مزيد من رؤوس أموال للأجانب.
- علامات ارتياح ترتسم على ملامحه قبل أن يجيبنى قائلاً إن «هذا الإجراء فى حاجة إلى مجموعة من المحفزات الضريبية، والتيسيرات فى الأرض واستقرار فى القوانين، والعمل على ثبات القوانين التشريعية».
رحلته بين التجارب والمحطات المهمة أصقلت خبراته، تكون رؤيته فى ملف المزيد من تأسيس المناطق الحرة، ذات القانون الخاص، والتى تسمح بالعديد من الاستثمارات الأجنبية، بما يعمل على خدمة الاقتصاد الوطنى، وتوفير العملة الصعبة، بحيث يتم فصل مقدم الخدمة عن متلقى الخدمة، بالإضافة أيضاً إلى أن القطاع الخاص لا يزال قاطرة غير مستغلة، يحتاج إلى منافسة عادلة، مع سرعة تخارج الحكومة من أمام القطاع الخاص حتى يستطيع تحقيق دوره فى التنمية.
مسيرته مصدر إلهام، ويضىء له دروب الصعاب، نفس الحال حينما يتحدث عن برنامج الطروحات التى غير مساره من الطرح للقاعدة العريضة من المستثمرين إلى مستثمر استراتيجى نتيجة الاحتياج للعملة الصعبة، وهو غير متوافر فى السوق المحلى، حيث إن الهدف كان المستثمر الأجنبى، وليس المحلى، لكن مع استقرار المشهد فى سعر الصرف باتت البورصة فى حاجة إلى طروحات قوية، ستحقق نجاحات كبيرة، فى تغطيتها نتيجة لرغبة المستثمرين فى الإقبال على عملية الطروحات لتوافر السيولة.
- حالة من الصمت والهدوء تسيطر على الرجل قبل أن يجيبنى قائلا إن «عودة عمليات الاستحواذ بعروض متدنية على أصول شركات البورصة، غير مناسبة لهذه الشركات، وإهدار لقيمتها، حيث إن مثل هذه الاستثمارات الخاصة بالشركات كبيرة للغاية، وليس من السهل التفريط فيها».
لديه طاقة إيجابية، وتفكير أكثر عمقا، تجد ذلك حاضراً أكثر عند حديثه عن متطلبات سوق المال، من منتجات وأدوات مالية مهمة وطرح شركات ذات وزن نسبى كبير فى السوق، تستطيع تعويض ما تم شطبه من شركات كبيرة، فى ظل توافر السيولة».
سعادته لا تعتمد على ما يحدث، بل على طريقة تفكيرك فيما يحدث، لذلك تجده قادراً على تحمل المسئولية والقيادة، ويتبين ذلك فى الطفرات المحققة مع مجلس الإدارة فى ملف الشركة، بتحقيق نمو 40% خلال العام الماضى 2023، مع تحقيق نمو فى العملاء الأفراد والمؤسسات».
يسعى دائما إلى اكتشاف الفرص، وفرصته مع مجلس الإدارة تبنى استراتيجية ومستهدفات مهمة، تتركز على 4 محاور تتمثل فى استكمال تطوير البنية التكنولوجية، بتطوير وتحديث برامج موبايل أبلكيشن»، واستكمال توسيع قاعدة العملاء الأفراد والمؤسسات، والعمل المستمر على تدريب الكوادر بالشركة.
يستطيع الوقوف بقوة وكبرياء ويدفع دائما أولاده للسعى والاجتهاد، لكن يظل شغله الشاغل الوصول مع مجلس الإدارة بالشركة إلى ريادة السوق، فهل ينجح فى تحقيق ذلك؟
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الأوراق المالية
إقرأ أيضاً:
صفقات أمريكية لمصر بـ2024 تثير التساؤلات.. رقم كبير لمنظومة صواريخ وأسلحة فتاكة
أقرّت حكومة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، بـ3 صفقات سلاح أمريكية إلى مصر خلال 2024، إحداها مطلع العام، والثانية خلال أيلول/ سبتمبر، والثالثة بالشهر الجاري، وذلك قبل 30 يوما من مغادرة بايدن للبيت الأبيض، وبالتزامن مع حرب الإبادة الدموية التي ترتكبها دولة الاحتلال الإسرائيلية ضد 2.3 مليون فلسطيني بقطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
والجمعة الماضية، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية عن صفقات بيع مصر معدات عسكرية بـ5.35 مليار دولار، تتمثل في شراء معدات وتجهيزات لتجديد 555 دبابة من طراز "ايه1أم1 أبرامز" الأمريكية الصنع بقيمة 4.69 مليار دولار، في صفقة تتولاها شركة "جنرال داينامكس لاند سيستمز".
كذلك، توفر الصفقة نفسها التي تمّ الكشف عنها، مجموعة أدوات تحسين رؤية السائق، وأجهزة تصويب لنظام التصوير الحراري (TIS)؛ وقاذفات قنابل الدخان M250؛ وناقل الحركة للدبابات X-1100؛ وقطع الغيار، ومعدات دعم.
ووفق موقع "الدفاع العربي"، فإن "ايه1أم1 أبرامز"، دبابة القتال الرئيسية في أمريكا منذ دخولها الخدمة العسكرية عام 1980، ومصممة للتحرك عبر التضاريس المفتوحة، ويصفها خبراء بأنها الأقوى في العالم.
وذكرت "وكالة التعاون الدفاعي"، (دسكا)، التابعة للبنتاغون، أن مصر الدولة الوحيدة إلى جانب أمريكا التي تنتج الدبابة "أبرامز"، بنسبة 40 بالمئة من مكوناتها، والباقي من المصانع الأمريكية.
"صواريخ هلفاير وستينغر"
أكّد بيان الخارجية الأمريكية الموجّه للكونغرس الأمريكي، أيضا، أن الصفقة الثانية المقررة للقاهرة تشمل 2183 صاروخ جو-أرض من طراز "هلفاير" بقيمة 630 مليون دولار، وذلك إلى جانب صفقة ثالثة تتمثل في ذخائر موجّهة بقيمة 30 مليونا، بحسب بيان "وكالة التعاون الأمني الدفاعي".
وفي أيلول/ سبتمبر الماضي، أعلنت الخارجية الأمريكية عن صفقة عسكرية مع الحكومة المصرية بقيمة 740 مليون دولار تتضمن صواريخ "720 ستينغر"، للاستخدام على المركبات على أنظمة أفنغر، وهي صواريخ أثبتت نجاحها في أوكرانيا بمواجهة القوات الروسية في الحرب القائمة منذ منذ شباط/ فبراير 2022.
كذلك، في 10 كانون الثاني/ يناير الماضي، أقرّت واشنطن صفقة عسكرية لمصر، بشراء هياكل إضافية للمركبات التكتيكية الخفيفة لتحديث ذلك الأسطول، من طراز (REV1-B) مع محركات ديزل بقوة 190 حصانا تمت ترقيتها إلى محركات بشاحن توربيني بقوة 205 حصان، وذلك بتكلفة تقديرية تبلغ 200 مليون دولار، ما يعزز قدرات مصر المستقبلية بحسب بيان "وكالة التعاون الأمني الدفاعي"، حينها.
وفي أغلب بيانات الخارجية الأمريكية عن صفقات السلاح للقاهرة، تشير إلى 3 نقاط أولها: دعم أهداف السياسة الخارجية والأمن القومي الأمريكي بتحسين أمن دولة صديقة، وثانيها: تحسين قدرة مصر على مواجهة التهديدات الحالية والمستقبلية، وثالثها تبدو لطمأنة دولة الاحتلال الإسرائيلي بأن: "الصفقة لن تغير من التوازن العسكري الأساسي بالمنطقة".
وتشهد مبيعات السلاح الأمريكية لمصر خلال عهد السيسي، رواجا كبيرا، وفي أيار/ مايو 2022، وافقت وزارة الدفاع الأمريكية على بيع مصر معدات عسكرية بقيمة 2.56 مليار دولار، في صفقة كبيرة ضمت طائرات نقل عملاقة من طراز "شينوك 47-إف"، وأنظمة رادار لسلاح الدفاع الجوي بالجيش المصري.
ورغم العلاقات الوطيدة بين الحكومات الأمريكية خلال فترة حكم دونالد ترامب الأولى (2016- 2020) وجو بايدن (2020- 2024) مع نظام السيسي (2014- 2030)، فشلت مساعي حكومة القاهرة للحصول على 46 طائرة أمريكية من ظراز (إف-15)، بل إن واشنطن أوقفت صفقة طائرات "سوخوي-35" لمصر عام 2021.
"توقيت مثير"
يتزامن الإعلان عن الصفقات العسكرية الأمريكية الثلاثة الجديدة لمصر، الحديث عن قرب عقد اتفاق بين الفلسطينيين ودولة الاحتلال الإسرائيلي بمشاركة وأدوار مصرية، لإنهاء حرب قد أودت بحياة أكثر من 45 ألف فلسطيني.
كما يقوم الحليف الأمريكي الداعم للنظام العسكري في مصر، ومنذ خريف 2023، باستهداف أهداف تابعة لجماعة الحوثيين في اليمن، التي تشن هجمات صاروخية ضد أهداف الاحتلال الإسرائيلي والسفن التجارية المارة نحوها عبر مضيق باب المندب، ما أثر على حركة الملاحة بقناة السويس.
كما تأتي الصفقات بعد أيام من انهيار جيش نظام بشار الأسد المخلوع في سوريا وهروبه لروسيا في 8 كانون الأول/ ديسمبر الجاري، وتولي المعارضة السورية زمام أمور البلد العربي الذي تمتلك فيه واشنطن مواقع وقواعد عسكرية هامة.
كما تأتي الصفقات في توقيت تعاني فيه مصر من أزمات مالية واقتصادية طاحنة، وتنتظر حكومتها تمرير صندوق النقد الدولي مراجعته الرابعة لاقتصادها لصرف الشريحة الخامسة البالغة 1.3 مليار دولار من قرض المليارات الثمانية الذي أقره الصندوق للقاهرة، العام الماضي.
إلى ذلك، يرى مراقبون أن سماح بايدن بهذه الصفقات التي تصل لـ6.3 مليار دولار في العام الجاري وحده، على الرغم من وصفه السابق للسيسي بـ"ديكتاتور ترامب المفضل"، وتعليق بعض المعونات العسكرية شريطة تحسين ملف حقوق الإنسان؛ يعد تخليا من الإدارة الأمريكية عن مواقفها السابقة، وتبديلها إلى دعم نظام السيسي، وذلك لأدواره في حرب غزة.
"وضع مصر العالمي"
كان تقرير معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام "سيبري" الصادر في آذار/ مارس 2022، قد أكّد أن مصر ضمن الدول العشر الأولى في العالم الأكثر استيرادا للأسلحة، خلال الفترة ما بين (2017- 2021)، حيث احتلت المرتبة الثالثة عالميا بعد الهند والسعودية.
ومنذ العام (2016 حتى 2020)، تشير تقديرات "سيبري" إلى شراء القاهرة سلاح بأكثر من 34 مليار دولار، فيما مثلت واردات مصر نحو 5.8 بالمئة من حجم واردات السلاح العالمية، لروسيا منها 41 بالمئة، وفرنسا 28 بالمئة، ولأمريكا 8.7 بالمئة.
وبحسب ما يعرضه "سيبري" من بيانات جاء الإنفاق العسكري المصري لعام 2013 (4359.8 مليار جنيه)، وفي 2014 (5085.1 مليار جنيه)، وبـ2015 (5475.5)، وفي 2016 (4513)، وللعام 2017 (2765.6 مليار جنيه)، وبـ2018 (3119.6 مليار جنيه)، وفي 2019 (3743.7 مليار جنيه)، وبعام 2020 (4505.4 مليار جنيه)، وخلال 2021 (5165.4)، وفي 2022 (4645.9)، وبالعام 2023 (3164.6 مليار جنيه).
لكن تقرير "سيبري" الصادر في نيسان/ أبريل 2024، خلا من اسم مصر كأحد دول العالم والأقطار العربية والإفريقية من حيث زيادة الإنفاق العسكري، ما يشير إلى تراجع الإنفاق العسكري المصري وعمليات شراء السلاح في البلاد رغم انتعاشها بسنوات حكم السيسي، ورغم تفاقم أزمات المنطقة العربية وزيادة التوترات في البحر الأحمر والشرق الأوسط وفي محيط مصر جنوبا وشرقا.
ووضع موقع "غلوبال فاير باور" الأميركي في تقديراته لعام 2023 الجيش المصري بالمرتبة 11 من حيث الإنفاق العسكري، فيما تراجع في التصنيف العالمي من المرتبة التاسعة بالسنوات السابقة إلى المرتبة 15 في 2024، بحسب تصنيف الموقع الصادر في أيار/ مايو الماضي.
أما بخصوص الصفقات التي عقدها الجيش المصري خلال حكم السيسي، علق رئيس النظام في 14 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، قائلا: "تسليح الجيش ليس بسبب الحرب الدائرة الآن"، مشيرا لأهمية الحفاظ "على قوة الدولة الشاملة، العسكرية والاقتصادية والثقافية"، وضرورة بقاء "الجيش والشرطة بأعلى جاهزية وقدرة لحماية الدولة ومقدراتها".
وحول دلالات عقد واشنطن هذا الكم من صفقات السلاح مع القاهرة في عام واحد وفي نهاية حكم بايدن، وبالتزامن مع تغييرات بإقليم الشرق الأوسط، وتحمل موازنة الدولة المصرية مبالغ جديدة في وقت تعاني العجز والاعتماد على الاقتراض الخارجي، وأهمية تلك الأسلحة للجيش المصري، واستخداماتها، ومدى تفردها بها في المنطقة، تحدث خبراء مصريون.
"لماذا نشتري بالمليارات؟"
من الناحية العسكرية، تحدث الخبير العسكري المصري وضابط الجيش المصري السابق، عمرو عادل، قائلا إن "مصر تمتلك ما يزيد عن 5300 دبابة منها ما يساوي 1200 دبابة (إم وان أي وان)، والجاهزية للقتال ما يقرب من 3500 دبابة طبقا لتقدير موقع (جلوبال فايرباور).
وفي حديثه لـ"عربي21"، أكد أن "هذا العدد يعد من أكبر القوى المدرعة في الشرق الأوسط"، ملمحا إلى أن "(مصنع 200 الحربي)، قادر على إنتاج هذه الدبابة بنسبة تصل لـ90 بالمئة".
ويرى عادل، أن "التعاقد على 500 دبابة (إم وان) ليس له أي معنى بين العقلاء، فأنت تمتلك قوة مدرعة هائلة، كما أنك تستطيع إنتاج 90 بالمئة منها، فلماذا تشتريها بالمليارات؟".
وأضاف: "كما أن الصاروخ (هيلفاير)، أصبح استخدامه في عمليات الاغتيال بعيدا عن العمليات العسكرية، وذلك يتوافق مع التوجه العام للمؤسسة العسكرية التي أصبحت فرق اغتيالات أكثر منها قوات مسلحة لحماية الدولة".
وتابع: "كذلك الذخائر الموجهة والعربات الخفيفة يمكن استخدامها في مجال ما يسميه النظام مكافحة التمردات"، موضحا أنه "ربما الصواريخ (ستينجر) هي الصفقة التي يمكن أن تشكل إضافة للجيوش الحقيقية".
ويرى أن "المدهش هو حجم صفقة الدبابات"، مؤكدا أنه "لا يمكن قبولها في ظل تخمة (الجيش المصري) بها، ووجود مصنع لإنتاجها".
وفي الجانب السياسي، لفت السياسي المصري ورئيس المكتب السياسي للمجلس الثوري المصري، إلى أن "هناك الكثير من صفقات السلاح تتم لتحريك المخزون الأمريكي؛ وكذلك للحصول على عمولات الصفقات من الجانبين؛ وليس بالضرورة أن تكون رد فعل للأحداث المتلاحقة".
واستدرك بقوله: "المؤكد أن كمية الفساد والسرقات داخل النظام السياسي المصري، أصبحت لا تخفى على أحد، ولم تعد الأزمات الطاحنة تُنتج خجلا لدى كبار اللصوص في النظام المصري".
ويعتقد أن "ما حدث في سوريا، يؤكد أن الجيوش يمكن أن تنهار بشكل مفاجئ وسريع، وأن كل السلاح الموجود قد يتحول لأهداف سهلة في لحظات الانهيار".
وختم بالقول: "بالتأكيد ما حدث في سوريا يثير الانزعاج الشديد لدى النظام في مصر، وكذلك حلفائها في المنطقة والعالم، كما أكدت أحداث سوريا أن قدرة الاستبداد على الاستمرار أصبحت محل شك، ولابد من التعامل المبكر معها، قبل أن تتكرر أحداث سوريا في بلاد أخرى".
"في السياق الجيوسياسي"
في تعليقه على ما يثيره البعض من أن تلك الصفقات هي مكافأة من بايدن المغادر للبيت الأبيض إلى السيسي، تقديرا لدوره في حرب غزة، قال الباحث السياسي المصري، عمار فايد: "لا أحب مصطلح مكافأة؛ لأنه يضع المسألة في إطار شخصي محدود، بينما الأهم هو النظر لهذه الخطوة في سياق جيوسياسي أوسع".
وفي حديثه لـ"عربي21"، أضاف: "مصر حليف للولايات المتحدة من خارج حلف الأطلسي (الناتو)، وهو تصنيف أمني وعسكري متقدم يشير لشراكة استراتيجية، هذه الشراكة تأسست حول اتفاقية (كامب ديفيد) 1978".
وأوضح أنها "تطورت لاعتبارات تتعلق بدور مصر الأمني في المنطقة وتعاونها في مسائل مثل مكافحة (الإرهاب)، وأمن الحدود مع الاحتلال، فضلا عن الامتيازات اللوجستية المقدمة للجيش الأمريكي من حيث أولوية العبور في قناة السويس".
ولفت إلى أنه "قبل سنوات كانت أهمية هذه الشراكة محل تساؤل، في ظل تسارع خطى دمج الاحتلال في النظام الإقليمي من خلال (اتفاقيات إبراهام)، وتزايد اعتماد واشنطن على دول الخليج وتراجع تأثير مصر إقليميا؛ لكن مع طوفان الأقصى، استعادت هذه الشراكة حيويتها، وظهر واضحا لواشنطن وتل أبيب أهمية الشراكة الأمنية مع مصر".
ويرى أنه "من جانب مصر، مازالت العلاقة مع واشنطن استراتيجية، وليس هناك توجه لإضعافها لمصلحة أي قوة أخرى"، موضحا أنه "لا يشمل ذلك استمرار اعتماد مصر العسكري والأمني على واشنطن، ولكن أيضا الأهمية الاقتصادية لذلك".
وبين أنه "على الرغم من تصدر الصين الشراكة التجارية مع مصر، فإن الشراكة مع الولايات المتحدة تضمن استمرار وصول مصر لمؤسسات التمويل والاستثمار الدولية (الغربية بالأساس) والتي تقع جميعها تحت تأثير النفوذ الأمريكي والأوروبي".
وبخصوص توقيت الصفقات الثلاث الأخيرة، قال الباحث المصري، "لا يمكن فصل التوقيت عن مفاوضات مصر مع الاحتلال بخصوص الترتيبات الأمنية في الشريط الحدودي (محور صلاح الدين - فيلادلفيا)".
وألمح إلى أن "واشنطن تعمل مجددا كوسيط بين الجانبين لتلبية متطلبات الأمن الإسرائيلي مع احتواء المخاوف المصرية"، مرجحا أن "هذا يشمل تزويد مصر بالمزيد من الأسلحة وبرامج التدريب العسكري والأمني لتأكيد التزام واشنطن تجاه مصر".
ووفق ملاحظة فايد، فإن "حجم الصفقة يؤكد أن الاعتماد المصري العسكري على الغرب عموما سيظل أكبر بكثير من التعاون مع روسيا والصين"، مشيرا إلى أنه "بعد أن تصدرت روسيا لسنوات قليلة واردات مصر العسكرية إلى درجة الحديث عن شراء طائرات مقاتلة من الجيل الخامس".
وأكد في نهاية حديثه، أن "هذا المنحنى يسجل تراجعا مستمرا منذ حرب أوكرانيا، نتيجة العقوبات الغربية والضغوط الأمريكية على دول المنطقة للحد من تطوير التعاون العسكري مع روسيا والصين، فضلا عن كون روسيا حاليا مستنفرة عسكريا وتوجه مصانعها لتلبية احتياجات جيشها في أوكرانيا".