ما دلالة سماح مصر للأفراد بشراء أدوات الدين لتمويل عجز الموازنة؟
تاريخ النشر: 25th, May 2024 GMT
تستعدّ مصر لاتخاذ خطوة هامة في سوق المال٬ عبر منح شركات السمسرة القدرة على تلقّي أوامر الأفراد لبيع وشراء أذون الخزانة الحكومية. وذلك في إطار استراتيجية أوسع لزيادة إصدارات أدوات الدين المحلية بنحو 33 في المئة، لتصل إلى 2.709 تريليون جنيه، خلال السنة المالية المقبلة.
ويهدف هذا التحرك إلى توسيع قاعدة المستثمرين المحليين، ودعم خطط الحكومة في تمويل مشروعاتها، وسد عجز الموازنة المتنامي.
وأذون الخزانة هي ديون قصيرة الأجل تصدرها الحكومة لتمويل عجز الموازنة (91 يوما، 273 يوما، 364 يوما)، ويصدرها البنك المركزي، نيابة عن وزارة المالية، وتشتريها البنوك المحلية ويتم تحديد قيمة الفائدة على الأذون من خلال العرض والطلب.
تكلفة باهظة وزيادة كبيرة في الدين
يكلف ارتفاع الفائدة 1 في المئة ميزانية الدولة 70 مليار جنيه، وهذا يفاقم من عجز الموازنة العامة.
ووفقًا لوكالة بلومبيرغ الاقتصادية، فقد أصدرت مصر أدوات دين بقيمة 71.6 مليار دولار خلال أول 4 أشهر من 2024، بزيادة قدرها 57 في المئة على أساس سنوي.
كذلك، تعتزم وزارة المالية المصرية زيادة إصداراتها من أدوات الدين المحلية بنحو 33 في المئة إلى 2.709 تريليون جنيه خلال السنة المالية المقبلة.
وتعكس هذه الأرقام الحاجة المتزايدة للدولة، إلى مصادر تمويل لدعم مشروعاتها وتمويل عجز الموازنة ومواجهة التحديات الاقتصادية.
استثمار أم اقتراض
يرى البعض أن السماح للأفراد بتداول أذون الخزانة الحكومية يُعزز من مشاركة الأفراد في السوق المالي. ويتيح للأفراد فرصة تنويع محفظتهم الاستثمارية، حيث يمكنهم الاستثمار في أدوات مالية منخفضة المخاطر مثل أذون الخزانة، مما يوفر لهم بديلاً عن الأسهم والعقارات.
بالنسبة للحكومة فإن إدخال الأفراد في سوق أذون الخزانة المصرية قد يزيد من عدد المستثمرين في هذا القطاع، مما يعزز من قدرة الدولة على تمويل احتياجاتها المالية من خلال مصادر محلية بدلاً من الاعتماد على القروض الخارجية.
ويرى الخبير الاقتصادي، ممدوح الولي، أن "هناك علاقة بين السماح للأفراد بتداول أذون الخزانة واعتزام وزارة المالية المصرية زيادة إصداراتها من أدوات الدين المحلية، وزيادة عدد المستثمرين المحليين في أذون الخزانة٬ يمكن أن يدعم خطط الحكومة لزيادة إصداراتها من أدوات الدين، مما يقلّل الاعتماد على التمويل الخارجي".
وأكد في تصريحات لـ"عربي21": أن "الاقتراض وتوسيع قاعدته ومصادره هو في نهاية المطاف ديون تضاف إلى موازنة الدولة وتزيد الأعباء عليها ويدفعها المواطن في نهاية المطاف، على شكل زيادة في أسعار الرسوم والخدمات ورفع الدعم، هي دائرة مفرغة من إدمان واستدامة الاقتراض".
واستبعد الولي أن "تستطيع مصر الخروج من بوتقة الاقتراض لعقود مقبلة في ظل الممارسات الاقتصادية والسياسية الحالية" معتبرا أن "التوسع في قاعدة المستثمرين في أذون الخزانة ليس استثمار حقيقي، بل قروض جديدة".
كم يكلف رفع الفائدة مصر؟
ومنذ بداية العام رفعت مصر الفائدة 8 في المئة إلى أكثر من 27 في المئة ما زاد من شهية المستثمرين الأجانب للاستثمار في أدوات الدين وحققت خلال شهري آذار/ مارس ونيسان/ أبريل الماضيين حوالي 571 مليار جنيه ما يعادل (12.1 مليار دولار).
وتُقدر وزارة المالية بند الفوائد في موازنة عام 2024-2025 بنحو 1.83 تريليون جنيه (حوالي 39 مليار دولار) تمثل 70 في المئة من جملة الإيرادات العامة للدولة البالغة نحو 2.63 تريليون جنيه، متأثرة برفع متوسط سعر الفائدة إلى حوالي 25 في المئة بدلا من 18.5 في المئة.
وبذلك تصل نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في مصر إلى 90 في المئة، في نهاية السنة المالية 2024-2025، وفق بعض التقديرات الرسمية.
كذلك، ستؤدي إلى ارتفاع العجز الكلي للموازنة العامة للدولة خلال العام ذاته إلى 7.27 في المئة من الناتج المحلي ليسجل 1.24 تريليون جنيه، مقابل 6.96. في المئة متوقعة خلال العام المالي الحالي.
تداعيات سلبية على الاقتصاد والاستثمار
أرجع استشاري تطوير وتمويل المشروعات القومية والأوقاف الاستثمارية، علاء السيد، رغبة الحكومة في السماح للأفراد بيع وشراء أذون الخزانة الحكومية إلى أن "إذن الخزانة واحدا من أهم وأسرع وأقصر أدوات الدين الحكومية، حيث كانت تصدر لحاملها بعد تلقي عروض من البنوك والشركات مرتين كل أسبوع، وتقبل أدنى العروض عائدا (تعدى حاليا 26 في المئة ويتوقع أن يتعدى متوسط العائد المرجح 32 في المئة، في الموازنة الجديدة).
وأضاف السيد، في حديثه لـ"عربي21": "أذون الخزانة في مصر أربعة آجال بالأيام هي: (91 يوما و 182 يوما و 273 يوما و 364 يوما )، لذلك تعتبر أداة مالية قصيرة الأجل (أي لمدد أقل من سنة)، ويتم التعامل بها في أسواق المال الثانوية والتداول عليها بيعاً وشراءاً، كما أن العائد يصرف مقدما ويخصم منها ضرائب تعادل 20 في المئة".
وتابع: "غالبا ما تستهدف الحكومة من إصدارها لأذون الخزانة سداد أذون خزانة اقترب موعد سدادها أو سداد أقساط ديونها التي حلت آجالها أو خدمة الدين (يعني بالبلدي: تلبيس طواقي!)، أو تمويل عجز ميزانيتها".
هذه الخطوة، بحسب السيد، "تكشف شدّة احتياج الدولة لمزيد من القروض وهو يسحب المجتمع في مصر لمزيد من المعاملات المحرمة من جهة وإغراء أصحاب الأموال بأرباح غير حقيقية سهلة بدلا عن الاستثمار الحقيقي وتوليد الوظائف وتنشيط اقتصاد البلاد ودفع عجلة التنمية للأسف الشديد. خطط وسياسات وقرارات الحكومة المصرية التي تسببت في إغراق مصر في الديون وتعريضها للإفلاس والتفريط في أصولها لا تزال عشوائية ولا تقدم أي حلول للأزمة الاقتصادية ولا تواجه مشاكل مستعصية كارتفاع معدلات الفقر والتضخم والغلاء وارتفاع الأسعار والبطالة".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي اقتصاد اقتصاد دولي اقتصاد عربي اقتصاد عربي مصر أذون الخزانة عجز ديون الاقتصادية مصر اقتصاد ديون عجز أذون خزانة المزيد في اقتصاد اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد عربي اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة سياسة اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة وزارة المالیة أذون الخزانة تریلیون جنیه عجز الموازنة أدوات الدین فی المئة
إقرأ أيضاً:
من سيصمد في معركة عض الأصابع التجارية بين أمريكا والصين؟
قال كبير مراسلي أمريكا الشمالية في شبكة "بي بي سي"،جون سودوورث، إن الحرب التجارية الأمريكية الحالية لم تعد مواجهة متعددة الجبهات مع العالم، بل تحولت إلى صراع مباشر بين الولايات المتحدة والصين، في ساحة مألوفة للرئيس دونالد ترامب.
ومع أن بعض الرسوم الجمركية الانتقامية التي فُرضت على دول متعددة جُمّدت مؤقتًا لمدة تسعين يومًا، إلا أن الرسوم العامة بنسبة 10 في المئة لا تزال قائمة، بينما واجهت الصين، التي تمثل نحو 14 في المئة من واردات الولايات المتحدة، إجراءات أكثر قسوة، وصلت فيها الرسوم إلى 125 في المئة.
وبرر ترامب هذا التصعيد برد بكين المحتمل بفرض رسوم نسبتها 84 في المئة على السلع الأميركية، واصفًا الخطوة بأنها تعكس "قلة احترام".
وبالنسبة له، فإن هذا التصعيد هو محاولة لاستكمال ما لم يُنجز خلال ولايته الأولى، بهدف إعادة صياغة النظام التجاري العالمي الذي اعتبر الصين مركزه الصناعي.
ويرى ترامب أن من الواجب قلب المفهوم السائد القائل إن تعميق العلاقات التجارية مع الصين هو مصلحة بحد ذاتها.
ويعود جذور هذا التوجه إلى ما قبل صعود ترامب السياسي، حين كانت معظم القوى العالمية ترى في توسيع التجارة مع الصين فرصة للنمو والربح، من خلال توفير سلع منخفضة التكلفة وتعزيز سلاسل التوريد العالمية.
وكانت الصين قد بدأت، بدعم من الدولة، تنفيذ خطة "صُنع في الصين 2025" لتزعم قطاعات صناعية استراتيجية، ما أثار قلقًا متزايدًا لدى صناع القرار في واشنطن.
ترامب، الذي دأب خلال حملته الانتخابية على اتهام الصين بتقويض الاقتصاد الأميركي، أطلق شرارة الحرب التجارية في ولايته الأولى، ما أدى إلى كسر الإجماع التقليدي بشأن العلاقات الاقتصادية بين البلدين.
ومع أن الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن احتفظ بمعظم الرسوم الجمركية المفروضة، إلا أن التأثير على بنية الاقتصاد الصيني كان محدودًا.
ووفق سودوورث، فقد نجحت الصين في تعزيز موقعها، حيث تنتج اليوم 60 في المئة من السيارات الكهربائية في العالم، وتهيمن على 80 في المئة من بطاريات تلك السيارات، معظمها من شركات محلية.
ومع عودة ترامب إلى المشهد بتصعيد جديد في الرسوم الجمركية، تواجه التجارة العالمية واحدة من أعنف الهزات في تاريخها الحديث.
ويثير هذا المشهد تساؤلين محوريين بحسب سودوورث: هل ستقبل الصين التفاوض؟ وإذا قبلت، فهل ستوافق على تقديم تنازلات كبيرة تشمل إصلاح نموذجها الاقتصادي القائم على التصدير؟ من الصعب التنبؤ برد بكين، نظرًا لطبيعة النظام السياسي الصيني ورؤيته للتنمية الاقتصادية كجزء من مشروع سيادي وطني.
كما أن سيطرة الحزب الشيوعي على المعلومات تجعل من غير المرجح أن تنفتح الصين أمام الشركات الأجنبية بالشكل الذي تطالب به واشنطن.
ويبقى هناك سؤال ثالث موجه إلى الولايات المتحدة نفسها: هل ما زالت تؤمن بالتجارة الحرة؟ إذ يشير ترامب مرارًا إلى أن الرسوم الجمركية ليست فقط وسيلة لتحقيق هدف، بل هي سياسة اقتصادية بحد ذاتها، تهدف إلى حماية الصناعة المحلية وزيادة الإيرادات.
وفي حال رأت الصين أن واشنطن تسعى من خلال هذه الإجراءات إلى تحقيق مكاسب داخلية لا تفاوض بشأنها، فقد تجد أن لا جدوى من المحادثات.
وهو ما قد يُفضي إلى مواجهة طويلة الأمد على الهيمنة الاقتصادية بين القوتين العظميين، في مشهد عالمي جديد يحمل في طياته الكثير من المخاطر.